يتم التحميل...

ضرورة وجود المرأة والرجل في نظام الوجود

المرأة في القرآن والسنة

جاء في القرآن الكريم أن الله تعالى يتولى نظام الخلق. لو فرض أن المجتمع الإنساني كله رجال. فمن هذا الفرض يأتي عدمه لازماً، لأنه إذا كان الجميع رجالاً، عند ذلك لا يكون هناك جميع، لأنه إذا لم يكن هناك امرأة فالرجل لا يستطيع وحده أن يكون مبدأ ظهور النسل...

عدد الزوار: 27
جاء في القرآن الكريم أن الله تعالى يتولى نظام الخلق. لو فرض أن المجتمع الإنساني كله رجال. فمن هذا الفرض يأتي عدمه لازماً، لأنه إذا كان الجميع رجالاً، عند ذلك لا يكون هناك جميع، لأنه إذا لم يكن هناك امرأة فالرجل لا يستطيع وحده أن يكون مبدأ ظهور النسل، بناء على هذا فان المجتمع يحتاج إلى المرأة والرجل معاً وكلاهما ركن في هذا النظام الإنساني، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى إذا أصبح الرجال نساء والنساء رجالاً فان هذا السؤال يطرح أيضاً وهو لماذا يوجد فرق.

النظام القائم على القسط والعدل
منطق القرآن الكريم بشأن عمل الله هو أن الله سبحانه لا يظلم أحداً: ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا1 ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ2.

إن الله تعالى قائم بالقسط أولاً، وثانياً، لأنه قائم بالقسط فهو يدعو الناس إلى القسط والعدل، وثالثاً: يعرض للناس معيار القسط والعدل أيضاً. هذا المسائل الثلاث يبينها القرآن جيداً: ﴿شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ3.

المسألة الثانية هي ان الله تعالى أمر ودعا الناس إلى القسط والعدل: ﴿قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ4.

المسألة الثالثة انه أرسل للناس معيار تشخيص القسط والعدل مع الأنبياء.

﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ5.

هذه المسائل الثلاثة يذكرها القرآن حيث يستفاد من جمع العقل والنقل علاوة على الأدلة العقلية انه لا يوجد ظلم في نظام الخلق. بناء على هذا لا يستطيع أي شخص ان يقول إنني ظلمت، لا المرأة تستطيع أن تقول إنني ظلمت في نظام الوجود ولا الرجل يستطيع الظن أنه أعطي إليه أفضلية في نظام الوجود.

سر الفرق بين المرأة والرجل
إن ما ذكر في القرآن الكريم فيما يتعلق بالفوارق بين الكائنات هو أنه أولاً يجب إدارة الحياة بأحسن وجه، وثانياً ما لم يتحقق تسخير متقابل بين الكائنات وما لم يحصل إيجاد انسجام بين هذه الآحاد والطبقات، فإن النظام لا يدار بأحسن وجه، وقال في سورة الزخرف: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ6.

وكما أن اختلاف الطبقات والقابليات والميول والجذب والدفع ليس معياراً للفضيلة، بل الجميع هي لازم بوصفه أداة عمل حتى يتحقق تسخير متقابل وذو طرفين: ﴿لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا، كذلك الاختلاف بشأن المرأة والرجل أي أن الذي لديه قابلية أفضل، فهذه القابلية ليست علامة على فضيلة معنوية وتقرب إلى الله. إذا استطاع أن يحصل على قائدة أفضل من هذه القابلية وان يعمل بإخلاص أكثر فلديه تقوى أكثر، ويكو أقرب إلى الكمال المحض من هذه الناحية، ولكن إذا لم يستفد من هذه القابلية ولم يتقرب إلى الله سبحانه فقد تكون هذه القابلية الزائدة وبالاً عليه. فالقابليات وإن كانت فضيلة ظاهرية ولكنها ليست دليلاً على التقرب إلى الله. دليل القرب هو الإخلاص والتقوى وأمثالها.

بناء على هذا، فان هذه الفوارق هي من أجل أن تسخر مجموعة مجموعة أخرى بصورة متقابلة ومن الطرفين ولا يحق لأحد أن يسخر شخصاً آخر ولا يصبح نفسه مسخراً ولا يستطيع شخص أن يطلب من الآخرين تسخيراً من طرف واحد بامتلاك قوة وإمكانات في القابلية أو غير القابلية بل ﴿لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا أي يجب أن يكون تسخير متقابل وخدمات متقابلة حتى يدار النظام بأحسن وجه، وإذا لم يكن التسخير متقابلاً فهو استهزاء وأخذ مصالح الآخر مجاناً حيث نهى القرآن ذلك وحرّمه وأدانه بوصفه ظلماً.

بناء على هذا فان نظام الخلق يتطلب قابليات متقابلة ومتخالفة، وهذا الفرق هو من أجل التسخير المتقابل وذي الطرفين وليس التسخير من طرف واحد، وهذا التسخير المتقابل ذل الطرفين. ليس دليل فضيلة، بل إن معيار الفضيلة هو في شيء آخر وهو التقرب إلى الله.

*جمال المرأة وجلالها، الشيخ جوادي آملي، دار الهادي، بيروت ـ لبنان، ط1 1415هـ ـ1994م، ص340ـ343.

1- الكهف:49.
2- فصلت:46.
3- آل عمران:18.
4- الأعراف:29.
5- الحديد:25.
6- الزخرف:32.

2009-11-14