يتم التحميل...

بعض منجزات الثورة الاسلامية

الثورة الإسلامية

بعض منجزات الثورة الاسلامية

عدد الزوار: 26



1ــ الثورة ونظامها انطلقا من نقطة الصفر
لقد انطلقت الثورة الإسلامیة والنّظام المنبثق عنها من نقطة الصفر.
أولاً، کان کلّ شيءٍ ضدّنا، سواء نظام الطاغوت الفاسد الذي کان بالإضافة إلی تبعیّته وفساده واستبداده وكونه نظاماً انقلابيّاً، أوّل نظامٍ ملکيّ یتولّی الحکم في إیران علی ید الأجانب ـ ولیس بقوّته ـ أو الحکومة الأمریکیّة وبعض الحکومات الغربیّة الأخری، أم الوضع الداخلي المتأزّم بشدّة، والتأخّر المخجل على صعيد العلم والتقنیّة والسیاسة والمعنویة وکلّ الفضائل الأخری.

2 ــ بدأنا مشروعنا من دون نماذج وتجارب سابقة
ثانیاً: لم یکن أمامنا أيّ تجربة سابقة ونموذج يُحتذى، ومن البدیهيّ أنّ الثورات المارکسیّة وأمثالها لا یمکن عدّها نموذجاً لثورة انبثقت من صلب الإیمان والمعرفة الإسلامیّة. لقد بدأ الثّوار الإسلامیّون مشروعهم من دون نماذج وتجارب، ولم تتأتّ الترکیبة بین الجمهوریة والإسلاميّة، وأدوات تشکّلها وتطوّرها إلا بالهدایة الإلهیّة وبفضل القلب النیّر والفكر العظيم للإمام الخمینيّ. وكانت هذه أوّل تألّقات الثورة.

3 ــ هلع المستكبرين منها جمعهم في جبهة واحدة ضدها
عندها، بدّلت ثورة الشعب الإیراني العالم ثنائيّ القطب يومذاك إلی عالمٍ ثلاثيّ الأقطاب، ثم بسقوط الاتحاد السوفیاتيّ والدول التابعة له، وظهور أقطاب قوّة جدیدة، أضحی التقابل الثنائيّ الجدید بین الإسلام والاستکبار الظاهرة البارزة في العالم المعاصر ومحطّ اهتمام شعوب العالم. فمن ناحیة،تسمّرت علیها الأنظار الآملة للشعوب الرازحة تحت نیر الظلم، والتیارات المطالبة بالتحرّر في العالم وبعض الحکومات التائقة للاستقلال، ومن ناحیة أخری تركّزت عليها الأنظار الحاقدة والمغرضة للأنظمة التعسفیة والعتاة المبتزین في العالم. وهکذا تغیّر مسار العالم وقضّ زلزال الثورة على الفراعنة مضاجعهم، فابتدأت العداوات الشديدة، ولولا قوة الإیمان العظیمة ودوافع هذا الشعب والقيادة الربّانيّة والمؤیّدة للإمام الخمینيّ العظیم لما أمکن المقاومة حیال کلّ هذه العداوة والظلم والمؤامرات والشرّ.

4 ــ بالرغم من مشاكل الاستنزاف تقدمت بخطوات راسخة
وعلی الرغم من کلّ هذه المشاكل الاستنزافیة قطعت الجمهوریة الإسلامیة یوماً بعد یوم خطوات أوسع وأكثر ثباتاً نحو الأمام. وقد شهدت هذه الأعوام الأربعون أنواع الجهاد الأكبر والمفاخر المتألقة والتقدم المذهل في إیران الإسلامیة. ویمکن استبيان عظمة التقدّم الذي حققه الشعب الإیراني في هذه الأعوام الأربعین بصورة جيّدة، عند مقارنة هذه الحقبة بالأحقاب المشابهة لها في ثورات کبری من قبیل الثورة الفرنسیة وثورة أکتوبر السوفیتیة وثورة الهند. لقد أوصلت الإدارة الجهادیة المستلهمة من الإیمان الإسلامي والإیمان بمبدأ «نحن قادرون»، الذي علّمه الإمام الخمیني الجلیل لنا جمیعاً، إیران إلی العزّة والتقدّم علی جمیع الأصعدة.

5 ــ بدّلت النظام الاستبدادي بآخر شعبيّ يستند إلى إرادة الناس
لقد أنهت الثورة مرحلة من الانحطاط المزمن، وبدأت البلاد، التي تعرّضت خلال العهدین البهلوي والقاجاري لأّشد درجات الهوان والتخلّف، تسیر في طریق التقدّم السریع.ففي الخطوة الأولی بدّلت الثورة النظام الملکي الاستبدادي المخزيّ إلی حکمٍ شعبيّ وسیادة شعبیة، وأدخلت عنصر الإرادة الوطنیة الذي یمثل روح التقدّم الشامل والحقیقيّ، في صلب إدارة البلاد، ثم جعلت الشباب اللاعبین الأصلیین في الأحداث وأدخلتهم في ميدان الإدارة، ونقلت روحيّة «نحن قادرون» إلی الجمیع، وبفضل الحظر الذي فرضه الأعداء علّمت الجمیع الاعتماد علی القدرات الذاتيّة، فکان هذا مصدر خیرات وبرکات کثیرة:

أولاً: ضَمِنت استقرار البلاد وأمنها ووحدة أراضیها وصیانة حدودها التي تعرّضت لتهدیدات جادّة من قبل الأعداء، واجترحت معجزة الانتصار في حرب الأعوام الثمانیة وهزیمة النظام البعثي وحماته الأمريكيين والأوروبیّین والشرقیّین.

ثانیاً: أضحت الدینمو المحرّك للبلاد في میادین العلم والتقانة، وإيجاد البنی التحتیة الحیویة والاقتصادیة والعمرانیة، التي لا تزال إلى الآن ثمارها الیانعة تزداد وتتضاعف یوماً بعد آخر. فآلاف الشرکات علمیّة المحور، وآلاف المشاریع الخاصة بالبنی التحتیة والضروریة للبلاد في مجالات العمران والنقل والمواصلات والصناعة والطاقة والمعادن والصحة والزراعة والمیاه وغیر ذلك، وملایین الخرّيجين الجامعیین أو الطلاب الحالیین، وآلاف الوحدات الجامعیة في شتّی أرجاء البلاد، وعشرات المشاریع الکبرى من قبیل دورة الوقود النووي، والخلایا الجذعیة، وتقنیّات النانو، وتقنیات الأحیاء، وغیرها، وبرتب أُولی علی مستوی العالم کلّه، وازدیاد الصادرات غیر النفطیة إلی ستین ضعفاً، وزیادة الوحدات الصناعیة إلی ما یقارب العشرة أضعاف، وتحسّن جودة الصناعات عشرات الأضعاف، وتبدیل الصناعات التجمیعیة إلی تقنیات محلیة، والتمیّز الملحوظ في الحقول الهندسیة المتنوعة بما في ذلك الصناعات الدفاعیة، والتألّق في الفروع الطبیّة المهمّة والحسّاسة واکتساب موقع مرجعيّ فیها، وعشرات النماذج الأخری من التقدم، کانت کلّها حصیلة تلك الروح وتلك المشارکة وذلك الشّعور العامّ الذي حقّقته الثورة للبلاد. لقد کانت إیران قبل الثورة في درجة الصفر من حیث إنتاج العلم والتّقانة، ولم یکن لها في الصناعة من میزة سوی التجمیع والمونتاج وفي العلوم سوی الترجمة.

ثالثاً: أوصلت المشارکة الشعبیّة في القضایا السیاسیّة، من قبیل الانتخابات ومواجهة الفتن الداخلیّة والمشاركة في المواقف والمراحل الوطنیّة ومقارعة الاستکبار إلی الذّروة، وزادت بنحوٍ ملحوظٍ، الأنشطة الاجتماعیة من قبیل المساعدات والنشاطات الخیریة التي کانت قد انطلقت منذ ما قبل الثورة. وبعد الثورة صار الناس یشارکون بشوق فیما یشبه السباق لتقدیم الخدمات في الحوادث الطبیعیة والنواقص الاجتماعیة.

رابعاً: ارتقت الثورة بمستوی التفكير السیاسي لأبناء الشعب ونظرتهم للقضایا الدولیّة بنحو مذهل. وأخرجت عملیات التحلیل السیاسي وفهم القضایا الدولیة في موضوعات من قبیل، جرائم الغرب وخصوصاً أمریکا، وقضیة فلسطین والظلم التاریخي الذي حلّ بشعبها، وقضیة إشعال القوی المستكبرة للحروب وممارساتها الخبيثة وتدخّلاتها فی شؤون الشعوب وما إلی ذلك، أخرجتها من كونها محصورة بشریحة محدودة ومعزولة تُعرف بالمستنیرين، فانتشرت مثل هذه الاستنارة بین عموم الشعب وفي کلّ البلاد وعلی مستویات الحیاة كافّة، وأضحت مثل هذه القضایا واضحة ممکنة الفهم حتّی للأحداث والیافعین.

خامساً: رجّحت کفّة العدالة في توزیع خیرات البلاد العامة. وعدم رضايَ عن فاعلیة العدالة في البلاد، لكون هذه القیمة السامیة (العدالة) یجب أن تتألق کجوهرة فريدة علی جبين نظام الجمهوریة الإسلامیة، وهو ما لم یحصل بعد، ینبغي أن لا یُفهم منه عدم حصول شيءٍ من أجل تکریس العدالة. والواقع أن حصيلة الکفاح ضد اللاعدالة خلال هذه العقود الأربعة لا یمکن مقارنتها بأيّ حقبة أخری في الماضي. ففي نظام الطاغوت کانت أکثر الخدمات ومداخيل البلاد تختص بفئة صغیرة من سکان العاصمة أو أمثالهم في مناطق أخری من البلاد. وکان أهالي معظم المدن وخصوصاً المناطق النّائیة والقری والأریاف في نهایة القائمة وغالباً ما کانوا محرومین من احتیاجاتهم الأولیة والأساسیة والخدميّة. وتُعدّ الجمهوریة الإسلامیة من أنجح الحکومات والدّول في العالم في نقل الخدمات والثروة من المرکز إلی کلّ أنحاء البلاد، ومن مناطق المرفّهین في المدن إلی مناطق المحرومین. وإنّ الإحصائیات والأرقام الکبری لمدّ الطرق وبناء البیوت وتشیید المراکز الصناعیة وإصلاح الشؤون الزراعیة وإیصال الکهرباء والماء وإنشاء المراکز العلاجیة والوحدات الجامعیة وبناء السدود ومحطات الطاقة الكهربائيّة وما إلی ذلك، في أقصی مناطق البلاد لهي أرقام تبعث علی الفخر والاعتزاز حقاً؛ ولا شكّ أن کلّ هذا لم ینعکس في الإعلام الناقص للمسؤولین، ولم تعترف به ألسنة الخصوم الخارجیین والداخلیین، إلا أنه واقع قائم وموجود وهو حسنة للمديرين الجهادیین المخلصین عند الله وعند الناس. وبالطبع، فإنّ العدالة المتوقعة في الجمهوریة الإسلامیة التي ترغب في أن تعرف باتّباعها للحکومة العلویة، هي أکثر من هذا بکثیر، وأعین الأمل في تحقیقها مسمّرة علیکم أیها الشباب، وهو ما سوف أتطرّق له في تتمّة حديثي.

سادساً: رفعت من مستوی المعنویة والأخلاق في أجواء المجتمع العامة بشکل ملحوظ. وإنّ سلوك الإمام الخمیني وسيرته طوال فترة الکفاح وبعد انتصار الثورة کان له السهم الأوفر في إشاعة هذه الظاهرة المبارکة. لقد تولی- ذلك الإنسان المعنوي العارف الورع المنزه عن زخارف الحياة والمظاهر الماديّة - رئاسةَ بلاد أرصدةُ إیمان شعبها ذات جذور عمیقة للغایة. ومع أن ید التطاول للإعلام المروّج للفساد والتحلّل طوال [حقبة] العهد البهلوي قد وجّهت لهذه الأرصدة ضربات شدیدة، وجلبت مستنقعاً من الأدران الأخلاقيّة الغربیة إلی داخل حیاة الطبقة المتوسطة وخصوصاً الشباب، إلا أن التوجّه الدیني والأخلاقي في الجمهوریة الإسلامیة اجتذب القلوب الموهوبة والنورانیة، ولا سیما الشباب، فتغیرت الأجواء لصالح الدین والأخلاق. وقد ترافق جهاد الشباب في المیادین الصعبة بما في ذلك ساحة الدفاع المقدّس مع ذکر الله والدعاء وروح الأخوّة والإیثار، وأحيا أحداث صدر الإسلام ووضعها نصب أعین الجمیع. وقد ضحّی الآباء والأمهات والزوجات بفعل شعورهم بالواجب الدیني بأحبّائهم الذین سارعوا إلى جبهات الجهاد المتنوعة، وبعد ذلك عندما واجهوا جثامینهم الدامیة أو أجسادهم الجريحة أرفقوا المصیبة بالشکر. وعمرت المساجد وسادت الأجواء الدینیة بشكل غیر مسبوق. وامتلأت طوابیر الاعتکاف بآلاف الشباب والأساتذة والطلبة الجامعیین والنساء والرجال، کما امتلأت طوابیر المخیمات الجهادیة وجهاد البناء وتعبئة البناء بآلاف الشباب المتطوّعین المضحّین. وازدادت الأعمال العباديّة من الصلاة والحج والصیام والمشي للزیارة والمراسم الدینیة المختلفة والإنفاقات والصدقات الواجبة والمستحبة في کلّ مکان وخصوصاً بین الشباب، وهي إلی الیوم فی ازدیاد وازدهار مطّرد من حیث العدد والنوعیة. وقد حدث هذا کلّه في زمن تسبّب فیه الانحطاط الأخلاقي المتزاید للغرب وأتباعه، ودعایاتهم الهائلة لجرّ الرجال والنساء إلی مستنقعات الفساد، بانعزال الأخلاق والمعنویة في مناطق کثیرة من العالم، فکانت هذه معجزة أخری للثورة ونظامها الإسلامي الفعّال والرّیادي.

سابعاً: برز أكثر ـ ويوماً بعد يوم ـ رمز الصمود العظیم والمجید والمهیب بوجه العتاة والمستبدّين والمستکبرین في العالم وعلی رأسهم أمریکا الناهبة المجرمة. فطوال هذه الأعوام الأربعین کان عدم الاستسلام وحراسة الثورة وعظمتها وهیبتها الإلهیة ورأسها الشامخ المرفوع مقابل الحکومات المتکبرة والمستکبرة، کان دوماً سمة معروفة لإیران والإیرانیین وخصوصاً شباب هذا البلد. وقد اعترفت القوی الاحتکاریة في العالم، والتي وجدت حیاتها دوماً في التطاول علی استقلال باقي البلدان وسحق مصالحها الحیویة لأجل أهدافها المشؤومة، اعترفت هذه القوی بعجزها مقابل إیران الإسلامیة الثوریة. واستطاع شعب إیران في أجواء الثورة المحيية؛ أولاً طرد عمیل أمریکا والعنصر الخائن للشعب من البلاد، وبعد ذلک وإلی الیوم حال بکل قوّة واقتدار دون عودة هیمنة القوى العالمیّة على البلاد.

بيان الإمام الخامنئي الموجّه إلى الشباب: "الخطوة الثانية للثورة الإسلاميّة" 11 ـ 02 ـ 2019

2019-09-23