يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه كبار قادة القوّة البرّية

2019

كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه كبار قادة القوّة البرّية

عدد الزوار: 101

كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه كبار قادة القوّة البرّية في جيش الجمهوريّة الإسلاميّة_17/04/2019 م

 


بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين، سيّما بقية الله في الأرضين.

أرحّب بكم كثيراً أيّها الإخوة الأعزاء، القادة المجاهدون الخدومون بالمعنى الحقيقي للكلمة، ويجب أن نبارك لكم جميعاً، لقائد الجيش المحترم، ولقادة القوى والمسؤولين الرفيعي المستوى في جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولكلّ عناصر هذا الجيش الخدوم، نبارك لكم يوم الجيش والتألّقات المتنوعة للجيش التي كانت بحمد الله مدعاة للفخر في مختلف المجالات. وبالتأكيد، هذا التبريك لا يختصّ بكم وحدكم، إنّما هو أيضاً تبريك لعوائلكم، لأنّهم هم أيضاً يتحمّلون الجهود والمشاقّ إلى جانبكم، بالأخصّ زوجاتكم اللواتي لولا تعاونهنّ وتعاطفهنّ معكم ومواكبتهن ومرافقتهن لكم لما استطعتم أن تحقّقوا هذه النجاحات في هذه الأعمال الصعبة الملقاة على عواتقكم، أو لكنتم، بالحدّ الأدنى، تلكّأتم وتعثّرتم في جزء من هذه الأعمال؛ خاصّة أنّه كلّما كانت المسؤوليّات أعلى كانت جهود العوائل أكبر. بلّغوا سلامنا لزوجاتكم وعوائلكم وتبريكاتنا بمناسبة يوم الجيش، وأيضاً النصف من شعبان والأعياد الشعبانية، وكذلك عيد النيروز.

.. بإذن الله حصون الرعيّة
حسناً، كلمة حضرة اللواء حيدري كانت كلمة جيّدة جدّاً وقد أوضح بصورة صحيحة وجه «أشِدّاءُ على الكفّار» ووجه «رُحَماءُ بَينَهُم» (1). لقد كان هذا تصوّراً حسناً جداً لواقع الجيش في الوقت الحاضر. القوّات المسلّحة هي بلا شكّ من المظاهر والعناصر الأساسيّة للاقتدار الوطني. وحتماً، ليس الأمر كذلك في سائر البلدان. ففي الكثير من البلدان لا تشكّل القوات المسلّحة عنصر اقتدار للشعوب، بل هي عنصر اقتدار للسلطات والدكتاتوريّات وما شابه، وإذا اقتضى الأمر أحياناً أن يقمعوا الشعب قمعوه، حتّى في الأماكن التي وصل ادّعاء الحرّية والديمقراطية فيها عنان السماء، ولكم أن تلاحظوا أيام السبت في باريس الآن! أمّا في بلادنا، فبفضل الإسلام وببركة التعاليم الإسلامية ـ وهذا أيضاً ما علّمنا إيّاه الإسلام ـ «الجُنودُ بِإذنِ اللهِ حُصونُ‌ الرَّعية» (2) أنتم حصن الشعب وحصن لكلّ أبناء الشعب. وهذا الحصن ليس في زمن الحرب فقط. ففي زمن الحرب تذهبون وتصنعون من صدوركم دروعاً، وتواجهون المخاطر في مقابل العدوّ المهاجم، وتستخدمون أساليب متنوعة من وحي العلم والتجربة من أجل أن تقمعوا العدوّ وتصدّوه وتجبروا المهاجم على التراجع. هذا فيما يتعلّق بالحرب. إذاً، هنا أنتم حصن الرعية وسورها حقّاً.

وكذا الحال في زمن السلم؛ في غير هذه الحوادث الطبيعية التي سأتطرق للكلام عنها، فحتّى لو لم تكن هناك حوادث طبيعية وكانت القوات المسلّحة متمركزة في مقراتها ومعسكراتها فإنّها تشكّل مصدر طمأنينة لأبناء الشعب. عندما يشعر الشعب أنّ هناك في البلد قوّة برّيّة كفوءة، وقوّة جوّيّة كفوءة وقوة بحريّة كفوءة، ودفاعات كفوءة، جاهزة كلّها وعلى أهبة الاستعداد فسوف يشعر بالطمأنينة والسكينة. وأعداء الشعب الإيراني يعارضون هذا أيضاً. تلاحظون أنّهم أحياناً يقولون أموراً سواء عن الجيش أو عن الحرس الثوري أو حول العلاقات فيما بينهما، من أجل أن يصوّروا التشكيلات الداخلية للقوات المسلّحة على أنّها مضطربة وبذلك يبثّوا الاضطراب بين الناس. هذا هو الهدف. إذاً، في زمن السلم أيضاً، يشكّل وجود القوات المسلّحة وجاهزيّتها في مقرّاتها ومعسكراتها ودوائرها ونقاط تمركزها مصدر طمأنينة للشعب.

ثم نصل إلى الحوادث الطبيعية؛
تلاحظون أنّ وجود الجيش وحضوره وباقي القوات المسلّحة في زلزال كرمانشاه كان وجوداً حيويّاً مصيريّاً، أي إنّهم لو لم يحضروا حقاً في تلك المناطق الأساسيّة التي ضربها الزلزال ولو لم يهرعوا لمساعدة الناس، لكانت خسائرنا ـ ما عدا الدمار بأنواعه ـ أضعاف ذلك بالتأكيد. هذا عن زلزال كرمانشاه. وفي هذا السيل الأخير، أنا حتماً أصدرت أوامري للقوات المسلّحة بالذهاب إلى هناك، لكنّني أعلم ولديّ إطلاع بأنّ هناك قسماً مهمّاً من القوات المسلّحة ـ الجيش والحرس وغيرهم ـ كانوا حاضرين في الميدان حتّى قبل أن أصدر أوامري. لقد حضر الجيش في محافظة گلستان قبل لجنة الأزمة، وقبل أن تصل لجنة الأزمة إلى هناك، كان الجيش حاضراً هناك، وهذا هو معنى «حُصُونُ‌ الرَّعِية». ولم يكن هذا الحضور مجرّد حضور بالآلات والوسائل والمعدّات وما إلى ذلك، إنّما كانت أجسامهم وأبدانهم وقدراتهم الجسمية أيضاً في خدمة الشعب. ينحني عقيد في الجيش ليضع شيخ مسنّ قدمه على ظهره ويركب الشاحنة! لاحظوا، هذه أشياء تبقى في الذاكرة، ولا ينساها التاريخ، هذا ما شاهده الشعب الإيراني، هذا ما تعنيه عبارة «حُصُونُ‌ الرَّعِية». وهذا يعني أن الجيش عندما يرفع شعار «الجيش فداء للشعب» فهو صادق في هذا الكلام، وهو يعمل. هذه قيم موجودة ومشهودة.

مراكز الجيش؛ مظاهرٌ للقيم الإسلاميّة
حسناً، ثمّة نقطة أخرى هي أنّ جيش الجمهورية الإسلامية بفضل الجمهورية الإسلامية، ليس مجرّد آلات ومعدّات وتجارب وعلوم وفنون، إنّما يوجد في جوانب من الجيش مظهر للقيم الإسلامية، وتشكّل الكثير من نقاط الجيش ومراكزه واجهات ومظاهر للقيم الإسلامية، سواء في جامعات الجيش، أو في معسكراته، أو في مراكزه الإدارية وأماكن تمركزه، هناك اهتمام بظواهر الدين واهتمام بأعمال الشريعة واهتمام بتقديم الخدمة. هذه أمور تعبّر عن نفسها في الجيش. إنّني لا أصدر حكماً عامّاً فليس الكلّ على شاكلة واحدة. المهمّ هو أن تكون لدينا نماذج يمكن للمرء أن يرفعهم عالياً ويشير إليهم. يمكن للمرء أن يقدّم للشعب عباس بابائي أو صياد شيرازي أو أمثالهم، يمكنه أن يقدّمهم للأمة الإسلامية ويقول إنّهم كانوا على هذا النحو؛ هذا هو التزامهم، وتلك هي تضحياتهم، وذاك تواضعهم، وهذا هو فرارهم من الشهرة. في فترة من الفترات أردنا أن نختار قائداً للقوة الجوّية وكانت هناك ثلاثة خيارات مطروحة: الشهيد ستاري، والشهيد بابائي، وشخص آخر لا أذكر من هو، وكان ذلك في زمن رئاستي للجمهورية. وقد أحلت الأمر إليهم أنفسهم وقلت إنّني لا أختار ـ على ما أذكر أنّني طلبت منهم، ولا أذكر بالتحديد، فقد مضى على ذلك زمن طويل ـ أن اجتمعوا أنتم واختاروا أحدكم، فاجتمعوا واختاروا. بالتأكيد، كان المألوف آنذاك أن يكون قائد القوّة الجوّية طيّاراً، ولم يكن الشهيد ستّاري طيّاراً، بل كان كادراً تقنيّاً، لكنّهم اختاروه، وقالوا إنّنا اخترناه لهذا السبب وهذا السبب. كان يمكن للشهيد بابائي مثلاً الذي أتذكّر الآن اسمه، أو ذلك الشخص الآخر الذي لا أذكر اسمه، أن يشير إشارة بسيطة ليفهم المرء أنّه راغب في أن يكون قائداً، وكان يمكن أن يحصل هذا الأمر بسهولة، لأنّه بالتالي كان طيّاراً، والطيّارون في القوة الجوية آنذاك كانت لهم الإمكانيّة الكبرى، أي الحظّ الأوفر في القيادة، لكنّهما لم يشيرا أيّ إشارة إلى ذلك. هذه أمور على جانب كبير من الأهمية، وغالباً ما لا تراها الأعين التي لا ترى سوى ظواهر الأمور، ولا تذكرها الألسنة البعيدة عن التفكير والتعمّق، لكنها موجودة وقائمة. لقد كنت في أوساط الجيش لفترات طويلة واجتمعت بالكثير من رجاله وعاشرتهم وخبرت هذه الأمور فيهم، هذه أحوال وحقائق موجودة في الجيش، هذا الجيش جيش مهمّ ومحترم جداً، وهذا هو معنى الجيش العقائدي، وعليكم أنتم القادة أن تعزّزوا هذه الحالة وتكرّسوها.

هذا الجيش مصدرُ فخر لنا
الجيش اليوم بيد رجال متديّنين ثوريّين، أي إنّ هؤلاء السادة الذين هم الآن في قيادة الجيش، هم في الغالب شباب الجيش الثوريّين الذين دخلوا الجيش بعد الثورة. حتماً يوجد عدد قليل من زمن ما قبل الثورة، لكنّ أغلبهم ممّن التحقوا بالجيش بعد الثورة. إن زمام هذه التشكيلات الكبيرة وهذه المؤسّسة الهامّة بيدكم، فعزّزوا الجيش بهذا الاتّجاه ما استطعتم إلى ذلك سبيلاً. إنّ جيشنا اليوم متديّن أكثر من أيّ وقت مضى، وهو أيضاً أكثر كفاءة من أيّ وقت مضى، أي ما من شكّ في هذا أبداً، والحقّ يُقال. والذين تعوّدوا أن يهينوا الشعب ويكرّموا خونة الشعب، يكرّرون دوماً أنّ رضا خان هو الذي شكّل الجيش الحديث. حسناً، لكم من الوقت استطاع هذا الجيش الحديث المقاومة مقابل هجوم الأجانب؟ وكم من أفراد هذا الجيش الحديث ثبتوا في هذا الكفاح وضحّوا بأرواحهم؟ ليحسبوا وليعدّوا لنرى، لم يستطيعوا المقاومة حتّى ليوم واحد، أمّا هذا الجيش فقد قاوم لثمانية أعوام في حرب منظّمة، وصمد ونشط وعمل. لقد شهدنا ذلك، ورأينا أعمالهم وأفعالهم وتحرّكاتهم وجهودهم التي تحمّلوها. هذا هو الواقع. هذا الجيش أكثر علماً وتجربة، وأرفع معنويّة بكثير، وأفضل من حيث القدرات المتنوعة، وأكثر تديّناً وتعبّداً وأمانة، وهذا بفضل الجمهورية الإسلامية، هذه الجمهورية الإسلامية التي خرّجت الجيش بهذا النحو وهو مصدر فخر بحمد الله.

إنّ الجيش والقوّات المسلّحة اليوم، لا يهتمّان بالمصالح الوطنية وحسب، إنّهما يؤمّنان المصالح الوطنية، لكنّ بركات قوّاتنا المسلّحة وخيراتها اليوم تصل إلى الكثير من البلدان الأخرى. تصوّروا، لو لم تدخل قوّاتنا المسلّحة ـ الجيش والحرس ـ في الكفاح ضدّ داعش ما كان حال المنطقة اليوم؟ بالتأكيد، لقد قامت البلدان بما عليها من أعمال، لكن من يمكنه تجاهل دور القوّات المسلّحة للجمهورية الإسلامية؟ لاحظوا لو أنّها لم تدخل كيف كان حال الشعوب في البلدان الجارة لنا ـ جيراننا ـ وبيد من كانت الحكومات فيها؟ أي إنّ القوات المسلّحة للجمهورية الإسلامية توزّع بركاتها وتقسّم النعم التي حباها الله بها فيما بينها وبين الآخرين، وخيراتها تصل إلى الجميع، ونتمنّى أن تستمر هذه الحال ويعمّ خيركم العالم إن شاء الله.

حذارِ القيام بما يقوّي معنويات العدوّ
شيء مهمّ أعتقد أنه كان في الجيش ولا يزال، وسوف يتعزّز أكثر إن شاء الله ـ وقد أشار إليه اللواء حيدري ـ هو اتّحاد القوّات المسلّحة، أي أنتم والحرس يجب أن لا تنفصم عرى الاتحاد والوحدة فيما بينكما. لقد كانت خطوة جميلة تلك التي قام بها هؤلاء السادة بعد الخطوة القبيحة للأمريكيّين ضدّ الحرس، حيث قاموا وذهبوا إلى الحرس ومدّوا لهم يد الأخوّة، كانت هذه خطوة جدّ جميلة وصحيحة، ومثل هذه الخطوات تغضب العدوّ جداً، وأيّ عمل تقومون به ويغضب العدوّ فهو جيّد، وأيّ عمل ينتهي لمصلحة العدوّ فهو سيّئ، مهما كان ذلك العمل، وسواء كان صادراً عن معمّم مثلي، أو يرتدي الزيّ العسكري مثلكم، لا فرق في ذلك. ينبغي عدم القيام بما يزيد من جرأة العدوّ ويرفع من معنويّاته. من أهم أساليب الحرب في العالم اليوم الحرب النفسيّة ـ بالتأكيد كان الأمر هكذا دوماً، لكنّه اليوم أكثر ـ بأن يضعفوا معنويّات الخصم. [هذا] الرجيل، بلده مديون بآلاف المليارات من الدولارات، ويعاني الناس فيه التعاسة والمعضلات، وتجتاحه السيول والعواصف ـ كالإعصار الذي حدث قبل سنوات في كارولينا ولم يستطيعوا معالجة الأمور لعدّة سنوات ـ لديهم هذه المعضلات وإذا به يجلس ويطلق الترّهات والهذر والخزعبلات ضدّ الجمهورية الإسلامية والشعب الإيراني ومسؤولي البلاد، وينسب لإيران ما يليق بهم هم، هكذا هو العدوّ. إنّه يريد إضعاف معنويات الخصم. هم يعلمون ما هو الواقع، ويعلمون مشكلاتهم ومعضلاتهم وتعاساتهم، ويرون الحركة العظيمة السريعة للشعب الإيراني. هذا العمل الذي يجري الآن في قضيّة السيول في عدّة محافظات هو عمل استثنائي، والحقّ أن اللّسان والبيان عاجزان عن وصفه بشكل صحيح، فالجيش بنحو، والحرس بنحو، والتعبئة بنحو، وكلّ أبناء الشعب بنحو، ورجال الدين وطلبة العلوم الدينية بنحو، عدّة آلاف من طلبة العلوم الدينية توجّهوا إلى تلك المناطق، وتوجّه أيضاً عدّة آلاف من طلبة الجامعات لمساعدة الناس بأيد خالية، والكثير منهم لا قدرة لهم، والإمكانات المالية التي وفّرها الناس لهذه الأعمال والنشاطات، هذه أشياء عجيبة، هذه الحالات إمّا لا نظير لها في العالم أو إنّها نادرة جدّاً، هذه أعمال تدلّ على الحراك العظيم للشعب الإيراني. العدوّ يرى هذا، لكنّه لا يرى من المصلحة الاعتراف به، لذلك [تراه] يجلس ويطلق الترّهات من أجل إضعاف المعنويّات. ومن هذا الجانب، عليكم أن لا تقوموا بما يعزّز ويقوّي معنويات الخصم والعدوّ، ويضعف معنويات الأصدقاء. لا ينبغي لأي فرد أن يقوم بذلك. عليكم أن تراعوا ذلك في الإعلام، وفي الأقوال، وفي التصريحات وفي الأعمال.

الجيش بحمد الله جيش جيّد، ونتمنى أن تقوموا بالأعمال بنحو أفضل يوماً بعد يوم، وأن يرتفع مستوى التخصّص عندكم باستمرار، وأن يتحسّن أداؤكم على الدوام، وأن تتراكم تجاربكم دون انقطاع، وأن تكون التقارير التي ترفع للمسؤولين الأرفع مستوىً تقارير دقيقة وواقعية. على كلّ الأجهزة والمؤسّسات أن تتنبه إلى هذه النقطة وهي أن ترفع تقارير دقيقة، لأن التقارير صانعة للقرارات، فينبغي تزويد صانع القرار بتقارير صحيحة ليتمكّن من اتّخاذ القرار الصائب. نشكركم جميعاً، ونتمنى لكم التوفيق والتأييد إن شاء الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

1 ـ سورة الفتح، شطر من الآية 29 .
2 ـ نهج البلاغة، الكتاب رقم 53 .

 

2019-04-22