يتم التحميل...

الثورة أقامت نظاما شعبيا مكان النظام الإستبدادي وأنجزت تقدما كبيرا للبلاد

الثورة الإسلامية

الثورة أقامت نظاما شعبيا مكان النظام الإستبدادي وأنجزت تقدما كبيرا للبلاد

عدد الزوار: 25

من كلمة الإمام الخامنئي في لقائه حشدًا من أهالي محافظة آذربيجان الشرقية بمناسبة ذكرى انتفاضة 29 بهمن ـ 18/2/2018

الثورة أقامت نظاما شعبيا مكان النظام الإستبدادي وأنجزت تقدما كبيرا للبلاد


أ ــ أحلت نظام السيادة الشعبية الدينية مكان النظام الطاغوتي
حول الثورة وتأثيرات الثورة: إنَّ الثورة كانت حركة كبيرة عظيمة جدًا. أنا أعتقد أننا وبعد قرابة أربعين سنة من انتصار الثورة، لم ندرك حتى الآن، أبعاد هذه الثورة وعظمتها بشكل صحيح. في المستقبل، عندما يجلسون وينظرون لهندسة الثورة من بعيد، سيتضح أكثر فأكثر ماذا كانت هذه الثورة، وماذا فعلت وماذا حدث. إن إنجازات الثورة وأفعالها كثيرة جدًا، الخدمات التي قدمتها الثورة لإيران خدمات كثيرة جدًا، فثمة لائحة طويلة جدًا في هذا الخصوص. والحال أنّ الأعداء يريدون إنكار ذلك، إلا أنّ هذه حقائق واضحة. لكن أهم عمل أساسي قامت به الثورة هو استبدال نظام سيادة الطاغوت بنظام السيادة الشعبية. وذلك انطلاقًا من التعاليم الإسلامية، وليس باستلهام آراء ومدارس هذا المُنظِّر وذاك المُنظِّر والنواقص والتعارضات الموجودة في أفكارهم. كلا؛ بل استلهام من الإسلام والقرآن «الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ»(1). إنه النظام الإلهي في مقابل النظام الطاغوتي. والجمهورية الإسلامية والثورة الإسلامية أعطت معنى للنظام الإلهي بأنه نظام السيادة الشعبية الدينية. هذا هو ما تعنيه الجمهورية الإسلامية؛ لقد بدّلت النظام الطاغوتي إلى نظام السيادة الشعبية. هذا هو أهم عمل قامت به الثورة.

1 ــ السيادة الشعبية: الشعب صاحب القرار في كل شؤون الحياة

السيادة الشعبية تعني بأنَّ الشعب هو الأصل. الأصل هو الشعب، ليس فقط في تعيين الحاكم. لأنه وبمجرد أن نقول السيادة الشعبية ينصرف ذهن الجميع إلى صناديق الاقتراع. حسنًا، هذا صحيح بدوره. تعيين رئيس الجمهورية، وتعيين خبراء القيادة وفي الواقع تعيين القائد، تعيين الأجهزة المختلفة، كل ذلك يحصل في الواقع بواسطة الشعب. هذا أمر مصيري حاسم وهو صحيح، ولكنه ليس الشيء الوحيد. الأمر المهم هو أنَّ السيادة الشعبية تعني جعل الشعب صاحب الرأي والتدبير واتخاذ القرار في كل شؤون الحياة.

2 ــ السيادة الشعبية:لا استبداد طاغوتي ولا نفوذ أجنبي
وهذا كان في النقطة المعاكسة تمامًا من الوضع الذي كان قبل الثورة في هذا البلد طوال قرون متمادية. لقد عانى هذا البلد طوال قرون متمادية من استبداد الطواغيت والسلاطين، فلم يكن للناس والشعب أي دور، وكان القرار بيد الطاغوت والطواغيت المحيطين بالطاغوت الأساسي، هؤلاء كانوا هم أصحاب القرار والرأي. أي إنه كان استبدادًا مطلقًا، وكان الناس وسيلة وأداة من أجل أن يستطيع المستبد التحكم ـ فالذي يريد أن يتحكم يجب أن يتحكم بأحد ما، فكان الشعب هدفًا للتحكم ـ كانوا يحتفظون بالشعب من أجل أن يتحكموا به. ومنذ أواسط العهد القاجاري أضيف إلى هذا الشيء مصيبة ومرض آخر:عبارة عن السلطة الخارجية والنفوذ الخارجي والاستعمار الأجنبي. لم يكن هذا الوضع في السابق، ففي زمن الصفوية وفي زمن نادر شاه والآخرين كان هناك استبداد، ولكن لم يكن هناك النفوذ الأجنبي، ولكن منذ أواسط العهد القاجاري ومن أواخر عهد ناصر الدين شاه قاجار فصاعدًا أضيفت الهيمنة الأجنبية أيضًا. أي إن نفوذ البريطانيين وهيمنتهم بدآ في إيران بشكل دقيق منذ عام 1800 ميلاديًا. دخل ممثل الحكومة الهندية ـ التي كانت حكومة بريطانية ـ إلى البلاد، وقد أشرت لهذا الموضوع بشكل مفصل في بعض المناسبات ولا أنوي التعرض لهذا الآن.

ترافق النفوذ الخارجي مع الاستبداد وأضيف إليه. أضيفت الهيمنة الخارجية إلى سلطة الطاغوت، ووصلت الأمور إلى أن السلسلة القاجارية التي كانت خاضعة بدورها لتأثير البريطانيين أُسقطت وأزيلت من قبل البريطانيين أنفسهم، وجاؤوا بسلسلة جديدة. البريطانيون هم الذين جاؤوا برضا خان إلى السلطة، ثم أزاحوه عن السلطة لسبب ما وجاؤوا بابنه مكانه، ثم تدخل الأمريكيون في أواسط الفترة وصاروا "الكلَّ بالكل" في هذا البلد الذي وفد إليه آلاف المستشارين الأمريكيين. السيادة الشعبية هي النقطة المقابلة والمعاكسة لهذا الوضع. بمعنى أنها لا تسمح بقيام استبداد؛ ولا تسمح بوجود هيمنة خارجية. هذه هي السيادة الشعبية.

3 ــ السيادة الشعبية: إحياء المواهب وتفجير الطاقات الخلاقة

وكما قلنا، فإن سيادة الشعب هذه ليست في الإدارة السياسية للبلاد فقط،.بل هي في الخدمات العامة في المدن والقرى أيضًا. وفي إحياء روحية الأعمال العظيمة والكبيرة في البلاد، والتي ترون نماذج لها ومصاديق واقعية لها في تأسيس الحرس الثوري، وفي تأسيس جهاد البناء، وفي تأسيس التعبئة. فجأة تظهر في البلاد حقيقة مثل جهاد البناء وتقوم بكل هذه الأعمال الكبيرة طوال عدة سنين. وكذا الحال بالنسبة لحرس الثورة أو التعبئة. هذا من نتائج حضور الشعب ومشاركته في تنمية وإبراز الطاقات الشعبية وتظهيرها. أي الطاقات والموارد البشرية في البلاد. والحال أنكم أنتم الشباب، لم تشهدوا ولم تروا ذلك الزمان، أمَّا الأكبر سنًا منكم، فيعلمون أنه كان يفد علينا الأطباء من الفليبين والهند وما شاكل. وليس في القرى والمناطق النائية بل حتى في المدن القريبة جدًا كان يأتينا أطباء من الفليبين مثلًا. بلدٌ كان عاجزًا إلى هذا الحد في موارده البشرية، نراه اليوم قد نهض وتطور إلى درجة أصبح معها في نفس مجال الصحة هذا قطبًا جاذبًا للعلاج في المنطقة. حيث يأتي الناس من أنحاء المنطقة لبلادنا اليوم من أجل معالجة الأمراض الصعبة ويعالَجون في مستشفياتنا على يد أطبائنا. تتفجر المواهب والطاقات الإنسانية، وفجأة تشاهدون [أيضا] أنه في المجالات العلمية الفلانية النادرة في العالم تحتل البلاد المرتبة الرابعة أو الخامسة في العالم بين أكثر من مائتي بلد. هذه هي السيادة الشعبية. السيادة الشعبية تنتج إحياء المواهب والطاقات. عندما يدخل الشعب إلى الساحة ويشارك، وعندما تمنح الثقة به، ويجري الاهتمام به ستكون هذه هي النتيجة. سوف تحيا مشاعر الثقة الوطنية بالنفس عند الشعب، عندها سوف يتقدم الناس في الميادين العلمية، وفي الميادين الصناعية، وفي العلوم الحديثة، وفي التأثير السياسي في المنطقة، هذا كله ناتج عن وجود الشعب ومشاركته وتأثيره على أحداث البلاد، وبذلك يكتسب البلد والشعب العظمة.

ب ــ الشعب أنجز تقدما كبيرا للبلاد في ظل السيادة الشعبية

لاحظوا اليوم مثلًا كيف أنَّ البلد الفلاني التابع لأمريكا والذي يبيع في اليوم الواحد عشرة ملايين برميل نفط، وتوجد في خزينته الأموال الطائلة، لكنه بلد فقير ومتخلف، ولا اسم ولا ذكر للشعب في ذلك البلد ولا دور له أبدًا. الشيء البارز في ذلك البلد هو عدد من الطواغيت على رأس الحكم ولا أثر للشعب ولا خبر عن ذلك البلد في أي مكان من العالم؛ بأن الشعب الفلاني فعل الشيء الفلاني أو قام بالحركة الفلانية والإنجاز الفلاني. أما عندما تتوافر السيادة الشعبية الدينية - مثل الجمهورية الإسلامية، مثل بلدنا العزيز- ففي النظرة العامة التي يلقيها العالم على إيران يجد أنَّ الشعب بارزٌ وذو دور أساسي، لذلك فإنَّ عداء الأعداء موجّه ضد الشعب. الأمريكيون الذين يعادوننا حاليًا لا يعادون شخصي أنا الحقير أو عدة أشخاص من رجال السياسة والحكم، بل يعادون الشعب، فالشعب هو "الكلُّ بالكل" هنا. وكل ما يغيظهم ويغضبهم أفعال الشعب وعظمة الشعب. أهمية الشعب ترتفع في السيادة الشعبية؛ بمعنى أنَّ الشعب يكتسب شخصيته ويكتسب وجهة عامة وعالمية ويحظى بعزة وحرمة شامخة. لم تكن أيّ من هذه الأمور في عهد الطاغوت، إنما توافرت في عهد الجمهورية الإسلامية ببركة الثورة.

حسنًا، نتيجة السيادة الشعبية هي تقدم البلاد، أنواع ومجالات التقدم مذهلة وخارقة للعادة حقًا. لقد أطلقنا على العقد الرابع من عمر الثورة اسم عقد التقدم والعدالة، وقد حصل التقدم في البلاد بالمعنى الحقيقي للكلمة، ولا نقول العدالة، فنحن في مجال العدالة متأخرون، وهذا مما لا شكَّ فيه، ونحن نعترف ونقرّ بذلك. خلال عقد التقدم والعدالة كان ينبغي أن نحقق نجاحًا في مجال التقدم وفي مجال العدالة أيضًا. في مجال التقدم كنا موفقين بالمعنى الحقيقي للكلمة، فقد تقدمنا حقًا، وقد تحقق التقدم في كل المجالات، ولكن في مجال العدالة يجب أن نسعى ونعمل، ويجب أن نعتذر من الله تعالى ومن الشعب العزيز. لدينا مشكلة في مجال العدالة، ولسوف نتقدم على هذا الصعيد أيضًا إن شاء الله بهمم الكفوئين المؤمنين من الرجال والنساء. ولكن في مجال التقدم المادي أنجزت؛ والحق يُقال؛ أعمال كثيرة جدًا ومهمة جدًا.

• تقدمنا كثيرا لكنّنا مقصرون في الترويج لإنجازاتنا

ليس التقدم أن يأتي الأجانب فيأخذوا أموال بلد ويبنوا له برجًا وناطحة سحاب. هذا ليس تقدمًا. البعض ينظرون إلى بعض هذه البلدان المحيطة بنا وثروتهم من النفط، ويرون أنَّ المطار هناك كذا والبرج الفلاني كذا،؛ كلا، ليس هذا تقدمًا. أن يأتي الأجانب ويأخذوا أموال بلد ويهينوا شعب ذلك البلد ويبنوا له برجًا فهذا ليس بتقدما، بل هو تخلف وتراجع وخسارة. إنَّ أعلى برج في المنطقة اليوم موجودٌ في أضعف وأعجز بلد في المنطقة! هذا ليس تقدمًا. التقدم هو أن يتمكن بلد وشعب بقدراته وإرادته وقراره وعلمه وطاقاته أن يصل بنفسه إلى الخطوط الأمامية. هذا هو التقدم، وهو ما تحقق في بلدنا والحمد لله. إننا اليوم قطب في مجال الطب والاستشفاء، ونسجل مرتبة علمية عالية في العالم، ولنا رأينا وموقفنا الأساسي في قضايا المنطقة، وحققنا مستوىً علميًا رفيعًا في المجال النووي، ومستوىً عاليًا في مجال علوم "النانو"، وكسبنا علمًا رفيعًا في مضمار "تقنيات الأحياء"، وسجّلنا مرتبة عالية في ميدان العلوم المتعلقة بالفضاء الافتراضي. هذا هو التقدم. الكثير من شبابنا ونظرًا لنبوغهم وعظمة طاقاتهم، ينتظرون حقًا مجرد إشارة للتحليق إلى القمم. نحن المسؤولون والمديرون لدينا تقصير في هذا المجال. وإلّا فإننا لو واكبنا الشباب أكثر قليلًا، لحلّق الشباب حقًّا ونبغوا في المجالات العلمية والتقنية والخدماتية والأعمال المتنوعة، كما يحلّقون عاليًا في المجالات المعنوية. لقد تقدمنا كثيرًا في مجال الأمن وفي مجال الدفاع وفي مجال الزراعة وفي مجال الصحة وفي المجال العلمي وفي مجال الطرق والمواصلات، تقدُّمنا جيد والحمد لله. لقد كان التقدم جيدًا في عقد التقدم والعدالة. وهذا كله من آثار ونتائج الثورة. وبالتأكيد، لأن إعلامنا ضعيف، فقد لا تعرف شعوب البلدان الأخرى بهذا التقدم. لكنَّ الأعداء يعلمون بالكثير من هذا. وأقولها هنا: إننا أقوياء في الكثير من المجالات، لكننا ضعفاء في الإعلام. في مجال الإعلام والإعلان والترويج لإنجازاتنا، لدينا قلة عمل وضعف وقلة إبداع! يجب أن نتقدم في هذا المجال. لكنّ أعداءنا الذين يرصدون كل قضايانا وأمورنا يرون الواقع ويشاهدون تقدم البلاد ويعلمون كم تقدم البلد وسار إلى الأمام.

وعليه، فقد أنجزت الثورة عملًا كبيرًا في البلاد: أخرجت البلاد من حال البؤس والشقاء وخلَّصت الشعب من حال الإذلال والمهانة، فشعبنا اليوم عزيز مرفوع الرأس، وهذا هو أهم نجاح لبلد ولشعب من الشعوب. والأمثلة من هذا القبيل كثيرة طبعًا، فهناك لائحة طويلة، ولكن كما قلتُ لكم ان إعلامنا ضعيف. أوصي المسؤولين أن يبادروا للإعلام والترويج، ليس بلغة المبالغة ولا بالتقارير الكلامية فقط ،بل بشكل عملي وبالأساليب الفنية، إلى تقديم تقارير صحيحة حول أنواع ومجالات التقدم في البلاد، حتى يتنبه بعض الأفراد المشككين والغافلين ـ البعض طبعًا ليسوا غافلين بل يشكّكون عن عمد ـ ولكي يعلم الناس في البلدان الأخرى أيضًا ما الذي صنعته الثورة. هذا فيما يتعلق بقضية الثورة.


1ــ سورة النساء، جزء من الآية 76.

2018-02-24