يتم التحميل...

الأرستقراطية والبيروقراطية أخطر آفات الثورة

الثورة الإسلامية

الأرستقراطية والبيروقراطية أخطر آفات الثورة

عدد الزوار: 25

من كلمة الإمام الخامنئي في لقائه حشدًا من أهالي محافظة آذربيجان الشرقية بمناسبة ذكرى انتفاضة 29 بهمن ـ 18/2/2018

الأرستقراطية والبيروقراطية أخطر آفات الثورة

وحول معرفة الآفات التي تهدد الثورة ولأن الوقت بدأ يدهمنا ونحن نقترب من الظهر، أقول عبارات مختصرة. من أخطر آفات كل الثورات هو الرجعية. ما معنى الرجعية؟ معناها أن تضعف وتتراخى هذه الحركة التي بدأتها الثورة وكان الشعب يسير فيها بطاقة ثورية وبسرعة، تتراخى في بعض المواضع ثم تتوقف ثم تعود أدراجها إلى الوراء. هذه هي الرجعية. الرجعية معناها العودة إلى الوراء. كل الثورات الكبرى التي نعرفها في التاريخ: كالثورة الفرنسية والثورة الروسية والثورات التي وقعت في البلدان الإفريقية وبلدان أمريكا اللاتينية وأماكن أخرى، ابتليت تقريبًا من دون استثناء بهذه المصيبة في السنين الأولى من عمرها. أما أن تمضي أربعون سنة ولا يمس شعارات الثورة أي تغيير، فهذا ما لم يحدث في أيٍّ من هذه الثورات.

1 ــ من تجليات الرجعية: الارستقراطية والاعتماد على الأجنبي
لقد استطعنا الحفاظ على هذه الشعارات. ولكنْ هناك خطر، ومن واجبي أن أذكر الخطر لشعبنا العزيز. إذا تحركنا نحو الأرستقراطية فهذا مسير باتجاه الرجعية، وإذا وقعنا في أسر رغبات الطبقات المرفّهة والجشعة في البلاد بدل الاهتمام بالطبقة الضعيفة المحرومة، فستكون هذه حركة نحو الرجعية. وإذا اعتمدنا على الأجانب بدل الاعتماد على الشعب وعقدنا الأمل على الأجانب، فستكون هذه مسيرة رجعية، وهذا ما يجب ألّا يحدث.

2 ــ إذا نسينا أهداف الثورة فلن يبقى ثورة
يجب على نخب المجتمع أن ينتبهوا ويحذروا، يجب على مديري ومسؤولي المجتمع أن ينتبهوا. على مديري البلاد أن يراقبوا ويحذروا بشدة، وعلى الشعب أن ينظر ويتابع سلوكنا وسلوك المديرين والمسؤولين بكل حساسية ودقة, الأمر يحتاج إلى حساسية عالية. الرجعية أمر خطير جدًا. إذا وقعت الرجعية فمعنى ذلك أن أولئك الأشخاص الثوريين السابقين ما زالوا على رأس الحكم، لكنهم غيّروا خطهم واتجاههم وغيّروا الدرب. وكأن الثورة حصلت ليذهب أولئك ونأتي نحن مكانهم. الثورة لم تحدث لأجل هذا. الثورة تغيير في المسار والطريق، الثورة تعني تحديد أهداف سامية والتحرك والسير نحوها. فإذا نسينا هذه الأهداف فلن تكون الثورة ثورة!

3 ــ قيام "نظام الدولة" لا يعني انتهاء مرحلة الثورة
يتخيل البعض أن الثورة كانت سنة 57 هـ.ش. [1979م] فقط وانتهى الأمر. هذا خطأ. الثورة بدأت سنة 79م ولم تنته. كانت بداية التغيير وبداية الحركة الإصلاحية في المجتمع في سنة 79؛ وقعت في الثاني والعشرين من بهمن [11 شباط] وبدأت من هناك. هذه الحركة يجب أن تتعمق وتتسع وتنمو وتزداد عقلانية بشكل تدريجي، لا أن تتوقف. فلا يكون الوضع بحيث إننا إذا قلنا إن فلانًا إنسان ثوري، يتكون عنه انطباع سلبي في الأذهان، أو إذا قلنا إن فلانًا ثوري فيعني ذلك أنه إنسان غير مفكر أو عشوائي فوضوي مثلًا. كلا، ليس الأمر كذلك. نعم، نظام إدارة البلد محترم، ودستور البلاد محترم، يجب مراعاة كل الأصول الدستورية، فالثورة تم تشكيلها في هذا القالب، لذلك ينبغي احترام هذا القالب، فهذا أمر لازم.

4 ــ الثورة هي النظام الثوري؛ النظام الإسلامي
وأنْ نتصور أنَّ الثورة تحفظ معناها من دون النظام فهذا خطأ آخر. وفي الجهة المقابلة أنْ يتصور البعض أن الإنسان يجب أن ينتهج أسلوب الاعتراض والنقد وما شاكل مقابل كل شيء، ومقابل كل الأحداث وكل مؤسسات النظام الإسلامي باسم الثورة، فهذا غير صحيح أيضا. الثورة تعني النظام الثوري؛ هذا النظام الإسلامي، نظام "الأمة والإمامة". يجب أن يكون نظام سيادة الشعب الدينية بأهداف الثورة وبحركة ثورية وباتجاه ثوري. هذا ما يجب أن يكون ويحدث. حسنًا، لحسن الحظ، الثوريون ليسوا قلة لدينا، وهم كثر. والثورة بين أبناء الشعب، الحمد لله الثورة هي عملة رائجة عندنا. وبين المسؤولين أيضًا أنصار الثورة ليسوا قلة بالمعنى الحقيقي للكلمة. يجب ألّا تزول هذه الحساسية والدقة.

• الأرستقراطية حركة مضادة للثورة
في إحدى زياراتي لأحد البلدان الإفريقية في زمن رئاسة الجمهورية، وكانت قد مضت عدة سنوات على انتصار الثورة في ذلك البلد؛ سبع أو ثماني سنوا. وكان رئيس الحكومة في ذلك البلد من ذوي البشرة السوداء، هو قائد الثورة، وكان قد أصبح رئيس حكومة بلاده. لاحظت أنَّ رئيس البلاد الذي نحن في ضيافته كان سلوكه في بلاده يشبه سلوك ذلك الجنرال البرتغالي الذي كان يحكم ذاك البلد قبل الثورة. السلوك نفس السلوك. ظاهر هذا البلد هو أنه كان في السابق تحت الاستعمار الإسباني أو البرتغالي، وطبعًا كان هناك سياسي عسكري برتغالي حكم هذا البلد لسنين. والآن فإن سلوك هذا السيد الذي هو رئيس الثورة هو سلوكٌ شبيهٌ بسلوك ذلك الجنرال! حسنًا، أي ثورة هذه؟ هكذا كانت نظرته للناس ونظرته لمن حوله وتعامله مع الآخرين. الجمهورية الإسلامية بعيدة كل البعد عن هذه الحال. كانت بعيدة عنها لحد الآن والحمد لله، وستكون بعيدة عنها بعد الآن أيضًا.

إن ارستقراطية المسؤولين وسعيهم وراء الامتيازات وعدم اكتراثهم لبيت المال وعدم اهتمامهم بالطبقة المستضعفة، هذه حركات مضادة للثورة. كل مؤسسات النظام وإداراته يجب أن تتحرك وتسير ونظرها متّجه نحو أهداف الثورة.

2018-02-24