يتم التحميل...

الثورة الإسلامية تنتصر بجذريتها حيث أخفقت ثورات إصلاحية سبقتها

الثورة الإسلامية

الثورة الإسلامية تنتصر بجذريتها حيث أخفقت ثورات إصلاحية سبقتها

عدد الزوار: 24

من خطاب الإمام الخامنئي في الذكرى 28 لرحيل الإمام الخميني قدس سره

1396/3/14ه .ش_2017/6/4 م

الثورة الإسلامية تنتصر بجذريتها حيث أخفقت ثورات إصلاحية سبقتها

الثورة الإسلاميّة تحوّلٌ سياسي اجتماعي
أقول لكم أيّها الشباب الأعزّاء: إنّ الثورة الإسلاميّة التي قام بها الإمام العظيم، فتحقّقت الإرادة الإلهيّة على يديه وبقيادته، لم تكن مجرّد انتقال للسلطة السياسيّة، بأن نُحّيت جماعة عن رأس السلطة لتحلّ محلّها جماعة أخرى، بل إنّ الثورة كانت تحوّلًا عميقًا؛ سواءً في سياسة البلاد -حيث أحدثت تحوّلًا عميقًا على الصعيد السياسي- أم في صلب المجتمع الإيراني. فعلى الصعيد السياسي، كان هذا التحوّل بمعنى أنّه بدّل ديكتاتوريّة متوارثة، مرتبطة بالأعداء، تابعة للأجانب، كانت تحكم البلاد- بحكومة كهذه - بحكومةٍ، الأساس والاعتماد فيها على الشعب، مستقلّة وعزيزة وذات هويّة. هذا التحوّل العظيم حصل على الصعيد السياسي. وهكذا أيضًا فيما يتعلّق بصلب المجتمع، حيث كان مجتمعنا قد فقد هويّته؛ وتبدّلت إيران -مع كلّ تلك العراقة الثقافيّة، وتلك العظمة، وكلّ أولئك العلماء، والفلاسفة، وكلّ هذه المعارف الإنسانيّة العظيمة في هذا البلد- إلى مجتمع تابع للغرب وفاقد للهويّة. كان هدف الثورة تغيير هذا الوضع، بأن تبدّل المجتمع إلى مجتمع ذي هويّة، له استقلاله، وأصالته، وخلّاقيّته، وإبداعاته. فكانت الثورة الإسلاميّة تمثّل مثل هذا التحوّل الذي قاده الإمام بدعم الشعب إلى الانتصار.

عندما كان إمامنا العظيم يذكر في بياناته وخطبه تلك الأهداف، فإنّما كان في الحقيقة يطرح أهدافًا بالحد الأقصى؛ وكانت تبدو للأشخاص المشكّكين والمتشائمين بعيدة المنال، وأنّ الإمام لن يستطيع تحقيق أهداف كهذه؛ وحتّى [برأي] السياسيّين [كان الحال كذلك]. أحد السياسيّين المعروفين والمحترمين والذي بدوري أكنّ له الاحترام، قال لي: "عندما طرح الإمام مسألة الإطاحة بالنظام والسلطة في البلد، تساءلت لِمَ يطرح الإمام هدفًا كهذا؟ فهذا أمر غير ممكن ومستحيل!". أي إنّه حتّى السياسيّون المحنّكون والمجاهدون والمضحّون لم يكونوا يفكّرون بمثل هذا الشيء. لقد طرح الإمام هدفًا بحدّ أعلى. وإذا قارنتم هذا الهدف العالي السقف بهدف ثورة المشروطة (الحركة الدستورية) على سبيل المثال ـ فقد كان هدف الحركة الدستوريّة الحدّ من صلاحيّات الشاه عبر المجلس النيابي ـ أو بنهضة تأميم صناعة النفط ، والذي كان بيد الإنكليز، وجعله في تصرّف حكومتنا؛ قارنوا بين هذه الأهداف الصغيرة وذات الأسقف المتدنّية، وبين هدف الإمام الذي كان يهدف إلى ذلك التحوّل العظيم؛ فهذه الثورات التي كانت تتمتّع بالحدّ الأدنى من الأهداف لم تنتصر وأخفقت، وأما الإمام، فقد انتصر وحقق ذلك الهدف العظيم ذا الحد الأقصى. هؤلاء حقّقوا في بداية الأمر نجاحات صغيرة، لكنّهم أخفقوا فيما بعد. واستطاع الإمام أن يحقّق النصر الكامل وأن يحافظ على هذا الانتصار ويخلّده.

نزول الشعب إلى الميدان سرُّ الانتصار
وهنا سؤال يطرح، كيف استطاع الإمام أن يقود هذه الحركة العظيمة إلى الانتصار، وأن يحافظ على هذا الانتصار؟ السرّ في ذلك بحسب الموازين الظاهريّة -مضافًا بالطبع إلى الإرادة الإلهيّة- هو أنّ الإمام استطاع أن يُنزل المجتمع، وعموم أفراد الشعب وخاصّة الشباب منهم، إلى الساحة. ففي كلّ حركة، وفي كلّ بلد يَردِ فيه عموم أفراد الشعب الميدان، ويقفون فيه ويقاومون، سيبلغون هدفهم. لا تخلّف ولا تأخير في ذلك؛ ولم يثبت عكس ذلك في أيّ مرحلة تاريخيّة. لقد استطاع الإمام أن يجترح هذه المعجزة وأن يقوم بهذا العمل العظيم، وينزل عموم أفراد الشعب وخاصّة الشباب إلى الميدان، وأن يبقيهم فيه.

جاذبية الإمام الذاتية ونزول الشعب إلى الميدان
من أين حصل الإمام العظيم على قدرة كهذه؟ وهذه هي المسألة التي أريد التأكيد عليها والتي نستلهم منها الدروس في يومنا هذا. لقد كان الإمام يتحلّى بجاذبيّات شخصيّة، حيث كانت توجد جاذبيّة في شعاراته؛ وهذه الجاذبيّة كانت من القوّة بحيث استطاع أن يُنزل فئات الشعب المختلفة وخاصّة الشباب إلى الساحات. وعلى الرغم من أنّ الشابّ، سواءً في مرحلة المقارعة والنضال، أم في العقد الأوّل لانتصار الثورة، كانت تواجهه أمور جاذبيّة أخرى، وطروحات وأفكار مختلفة؛ الأفكار اليساريّة والأفكار الرأسماليّة، حيث كان هؤلاء يطلقون أفكارًا برّاقة ومتنوّعة، هذا فضلًا عن إغراءات وبريق الحياة العاديّة التي قد تواجه الشباب، والتي يمكن للشابّ أن يختارها؛ لكنّ الشباب اختاروا الإمام، وطريق الإمام، والقيام، والنضال، اختاروا الثورة؛ لِمَ؟ من أجل هذه الجاذبيّات الموجودة في الإمام.

مظاهر جاذبيّة الإمام: شخصيّته وشعاراته وأفكاره
أ ــ عناصر شخصيته
بعض هذه الجاذبيّات مرتبطة بشخص الإمام. حيث كان الإمام يتحلّى بشخصيّة قويّة جدًّا، صلبة جدًّا، يمكنها الوقوف في وجه الصعاب. وكان الإمام يتحلّى بالصراحة، صراحة القول، والصدق، فكان صادقًا في كلامه؛ وكلّ مخاطبيه كانوا يتلمّسون هذا الصدق في أقواله؛ كانت هذه جاذبيّات الإمام الشخصيّة. كما كان إيمان الإمام بالله وتوكّله عليه ظاهرًا في أفعاله وأقواله على السواء؛ فسواء أقواله وأفعاله، كانت كلٌّ منها تُظهر مدى إيمانه بالله وتوكّله عليه. كانت هذه جاذبيّات الإمام.


ب ــ "إسلامه" المحمدي الأصيل
إلى جانب هذه الجاذبيّات، كانت هناك بعض الجاذبيّات المرتبطة بالأصول التي طرحها الإمام، فمثلًا من جملة المفاهيم التي طرحها الإمام للناس، كان الإسلام؛ الإسلام الأصيل، الإسلام المحمّدي الأصيل. الإسلام الأصيل يعني الإسلام الذي ليس أسيرًا للتحجّر ، ولا للالتقاط. ففي العصر الذي كان التحجّر فيه موجودًا، وكان الالتقاط فيه موجودًا، طرح الإمام الإسلام الأصيل، فكان هذا أمرًا جاذبًا للشابّ المسلم.

ج ــ أهدافه وشعاراته
من جملة المباني الإعلاميّة وشعارات الإمام، كان الاستقلال؛ والحريّة؛ والعدالة الاجتماعيّة والعدالة الاقتصاديّة؛ كانت هذه مباني الإمام التي طرحها؛ وهذه كلّها جذّابة.

د ــ عدم ارتهانه للقوى الكبرى لا سيما أميركا
ومن جملة مباني الإمام هو الخروج من دائرة سلطة أميركا؛ وكان هذا أمرًا جاذبًا للشباب. وأنا أقول لكم: إنّ الخروج اليوم من مخالب سلطة أميركا أمر جذّاب بالنسبة إلى الشباب [حتّى] في البلاد التي لديها معاهدات طويلة الأمد مع أميركا. أي في بلد مثل السعوديّة على سبيل المثال، التي هي في خدمة أميركا. إن استطلعتم آراء الشباب -وهذا معلوم ومجرّب- سترون أنّ كلّ الشباب يمقتون الارتباط بأميركا، ويحبّون الخروج من سلطة الظالمين. كانت هذه واحدة من مميّزات [مباني الإمام]

هـ ــ أطروحته في "السيادة الشعبية"
من جملة المباني والشعارات المطروحة من قِبل الإمام، كانت مسألة السيادة الشعبيّة؛ أي أن يكون اختيار حاكميّة البلد في يد الشعب؛ أن يختار الناس ما يريدون في جميع ميادين الحياة. إحدى شعارات الإمام كانت إيمان الشعب بذاته وثقته بنفسه، أي إنّه كان يقول للشعب ويكرّر "إنّكم تستطيعون"، "إنّكم قادرون"؛ في العلم، والصناعة، والأعمال الأساسيّة، وفي إدارة البلاد، وإدارة القطاعات المهمّة في البلاد، في الاقتصاد وغيره، أنتم قادرون على الاعتماد على أنفسكم. كانت هذه جاذبيّات شخصيّة الإمام التي استطاعت أن تجذب الشباب. فجاء الشباب والتحقوا بثورة الإمام، وانتصرت الثورة.
 

2017-10-04