يتم التحميل...

الثورة الإسلامية تحرر إيران كليا من قوى الهيمنة العالمية

الثورة الإسلامية

الثورة الإسلامية تحرر إيران كليا من قوى الهيمنة العالمية

عدد الزوار: 27

من خطاب الإمام الخامنئي في لقائه جمعًا من الطلاب الجامعيّين والممثلين لعدد من الهيئات والمنظمات الطلابية _7-6-2017


الثورة الإسلامية تحرر إيران كليا من قوى الهيمنة العالمية

المحاور الرئيسية
• تبعات نظام الهيمنة: تبعية المهيمن عليهم
• قوى الهيمنة تواجه والثورة تقاوم وتصمد

نظام الهيمنة العالمي: دول مهيمِنة ودول مهيمَن عليها
يوجد في أدبيّاتنا السياسيّة كلمة مفتاحيّة مهمّة هي "نظام الهيمنة". هذه الكلمة المفتاحيّة مليئة بالمضامين والمعاني. ماذا يعني نظام الهيمنة؟ سأقوم بجولة سريعة على الماضي والجذور حتّى نصل إلى ما نحن عليه اليوم.


نظام الهيمنة يعني نظامًا عالميًّا ذا قطبين بين الدول. هناك قطبان بين الدول مشخّصان ومتزايدان؛ هذا نظام الهيمنة. قطب مهيمن؛ وقطب مهيمن عليه. هذا هو النظام ذو القطبين. وقلت إنّه يوجد تحت هذه الكلمة المفتاحيّة، كلام كثير ليُقال؛ وقد تكلّمت خلال هذه السنوات عن هذا الأمر في بعض الأوقات؛ لكنّكم أنتم الطلّاب حين تجلسون في اللقاءات الفكريّة والتحليليّة وتفكّرون، يمكنكم أن تجدوا كلمات أكثر وأفضل لتندرج تحت هذه الكلمة المفتاحيّة.

على كلّ حال، لقد ظهر صنفان من الدول في العالم ـ وهذا منذ قرنين أو ثلاثة قرون إلى الآن على سبيل المثال ـ الدول المهيمنة والدول المهيمن عليها. والدول المهيمنة بالأساس أو الأعمّ الأغلب كانت الدول الأوروبيّة. ويوجد دلائل وأسباب لصيرورة هذه الدول دولًا مهيمنة. ما هي الخصائص التي كانت موجودة فيها حتّى آل أمرها إلى ذلك؟ هل هم يتمتّعون بميزة من حيث الخلقة؟ أم يتمتّعون بأفضليّة من حيث الذهنيّة؟ أم أنّ هناك عوامل أخرى ظهرت وأدّت إلى أن تتفوّق منطقة من العالم أو دولة من الدول على الدول الأخرى. بالنهاية، هناك دلائل وأسباب لا أريد الخوض فيها الآن، وهي ليست موضوع بحثنا. على أيّ حال، هذا ما حدث فكانت: الدول المهيمنة والدول المهيمن عليها والخاضعة.

تبعات نظام الهيمنة: تفوق وتسلط القوى المستكبرة
أ ــ ثنائية التقدّم والركود، حسنًا، لقد ظهرت ثنائيّات:
ثنائيّة التقدّم والركود. أي إنّ الدول المهيمنة حقّقت التقدّم يومًا فيومًا وبسرعة متزايدة . أي إنّ سرعة تطوّرها كانت في حال تزايد دائم . والدول الخاضعة والمهيمن عليها توقّفت وتأخّرت. وهنا يوجد ملاحظة مهمّة. لا يتصوّرنّ أحد بأنّ الدول المهيمن عليها، أي الدول الأسيويّة أو الإفريقيّة أو بعض دول أميركا اللاتينيّة، كانت هكذا منذ البداية؛ خالية من العلم والثقافة وليس لديها حضارة. لا، المسألة ليست كذلك. راجعوا كتاب نهرو "نظرة في تاريخ العالم" (1). "جواهر لال نهرو" يبيّن أنّ الهند عندما دخلها الإنكليز، كانت تتمتّع بالصناعة؛ الصناعة المتقدّمة بحسب ذلك العصر. هذا ما يذكره "نهرو" في كتابه "نظرة في تاريخ العالم" . أي كان لديها يومذاك منتوجات صناعيّة متطوّرة؛ وهكذا كانت الدول الأخرى. وحين دخل الإنكليز الهند، حالوا دون تطورّها وتقدّمها. أي إنّهم عملوا على توقّف الصناعة المحلّيّة في الهند وعلى تأخّرها، وذلك حتّى يحتاج الهنود إلى الصناعات المستوردة والمنتجات الإنكليزيّة. وقد خطّطوا لذلك أيضًا. هذا ما حصل في كلّ البلدان، ومن بينها إيران. والفرق بالطبع بين إيران والهند وبعض المناطق الأخرى أنّ الاستعمار في إيران لم يكن رسميًّا؛ كان هناك نفوذ، وليس استعمارًا. أمّا في الهند فكان هناك استعمار رسمي. وكانت ثنائيّة التطوّر والركود موجودة.

ب ــ ثنائية الابتكار والتقليد
ثنائيّة الابتكار والتقليد. أي إنّ الدول المهيمنة، كانت تأتي كلّ يوم بابتكار جديد في الحياة: في العلم، وفي الإمكانات. أمّا الدول الخاضعة والمهيمن عليها، فمن دون أن يظهر منها أيّ ابتكار واختراع، أو من دون أن تُقدّم لها إمكانيّات ذلك، كانت دومًا تقلّد. كان أولئك يبتكرون باستمرار، وهؤلاء يتفرّجون ويقلّدون.

ج ــ ثنائيّة الاستقلال والتبعيّة
ثنائيّة الاستقلال والتبعيّة؛ الاستقلال السياسي والتبعيّة؛.فبلد صغير كبريطانيا كان مستقلًّا، ومنطقة كبيرة وواسعة كشبه القارّة الهنديّة ـ الشاملة للهند وباكستان وبنغلادش الجديدة ـ كانت خاضعة لنفوذهم وتابعة سياسيًّا لهم. أو بلد مثل إيران، مع هذه العراقة الثقافيّة القديمة، كان تابعًا من الناحية السياسيّة؛ سواء في أواخر عهد القاجاريّين أم في العهد البهلوي . ولمن كان تابعًا؟ افرضوا مثالًا لبلد صغير مثل بريطانيا. أي ظهرت ثنائيّة مثل هذه؛ الاستقلال السياسي والتبعيّة السياسيّة.
د ــ ثنائية الثقة بالنفس واستلاب الإرادة

الثقة بالنفس والتأثّر. وهذه أيضًا ثنائيّة أخرى. فالبلدان المهيمنة لديها ثقة بنفسها: تتكلّم، تتوقّع، تعدّ العالم ملكًا لها. لكنّ الناس في البلدان الخاضعة والمهيمن عليها، وهي حتمًا الأكثر من حيث العدد، مبتلون بالتأثّر، والركون والخضوع وضعف النفس.

هـ ــ ثنائية تصدير الثقافة والتمثل
تصدير الرؤية الكونيّة والثقافة والعادات والتقاليد ونمط الحياة؛ واحد من لوازم وتبعات نظام الهيمنة هذا. أن تنقل هذه الدول المبتكرة والمتطوّرة والواثقة بنفسها، عاداتها وتقاليدها ورؤيتها الكونيّة إلى الدول الخاضعة. وهؤلاء [الدول الخاضعة] يقبلون منها ذلك؛ بصورة كتب، وأبحاث وأنواع وأقسام أخرى. ولكلّ واحد من هذه شواهد تاريخيّة واضحة وجليّة. وإن كنتم من أهل المطالعة وبحثتم عن هذه الأمور، ستجدونها كاملةً. مضافًا إلى كلّ هذا، خطّطوا حينذاك لاستمرار هذه الحال. أي إنّ تلك البلاد المهيمِنة وضعت برامج علميّة دقيقة لاستمرار هذه الحال. أي لتصبح أبديّة لا يمكن تغييرها. ظهرت مثل تلك الحال في العالم. وهذا ما كان عليه حال العالم في القرون الثلاثة الأخيرة.

دول تتحرر سياسيا وتبقى على خضوعها ثقافيا
بالطبع، حدثت في هذه الأثناء حوادث، واستطاعت بعض الدول أن تخلّص نفسها من هذا المستنقع. وحتمًا ليس بنحو كامل، لكن في جانب من الجوانب. على سبيل المثال، الولايات المتّحدة الأميركيّة التي كانت تحت الاستعمار البريطاني وخاضعة لسلطة الإنكليز، استطاعت أن تُحرّر نفسها من الناحية السياسيّة والاقتصادية، لكن ليس من الناحية الثقافيّة. ففي الجانب الثقافي، كانت ولا تزال متأثّرة بأوروبا. أو بلد كالهند مثلًا، استطاع أن يحرّر نفسه من الناحية السياسيّة، وأن يُخرج نفسه نسبيًّا من تحت سلطة الإنكليز في الجانب الاقتصادي، لكنّه لم يستطع أن يتحرّر من الناحية الثقافيّة. وما زال متأثرًّا بها إلى الآن. ولقد رأيت بنفسي في إحدى ساحات مدن الهند تمثالًا. سألت لمن هذا التمثال؟ قيل إنّه تمثال لقائد عسكري إنكليزي كان يحكم هذه المدينة. الأمان بالله! تنصبون تمثالًا لظالم قاومتموه لسنوات وأخرجتموه من أرضكم؟! كان تمثاله منصوبًا هناك ولربّما لا يزال موجودًا، في إحدى مناطق الهند الجنوبيّة. ورأيت شبه هذا الأمر في أفريقيا. ففي إحدى الدول الأفريقيّة ووسط غابة سياحيّة ـ كانوا قد أخذونا إليها ـ رأيت أيضًا تمثالًا، وحين سألت لمن هذا التمثال؟ قالوا إنّه تمثال لحاكم إنكليزي كان يحكم هذا البلد. وقد سمّوا الغابة باسمه! أي إنّهم لم يستطيعوا أن يُحرّروا أنفسهم في الجانب الثقافي. هذا هو حال العالم.

الثورة تحرر إيران كليا من قوى الهيمنة العالمية
حسنًا؛ لقد وقفت ثورتنا، وجمهوريّتنا الإسلاميّة أمام وضع كهذا، واستطاعت إيران أن تخرج من هذا المستنقع بشكل كامل؛ وهذا أمر مهمّ. لا يقولنّ أحد: "كيف تقولون بشكل كامل؛ وما زال الكثير من عناصر الثقافة الغربيّة حاكمًا على بلدنا". نعم، ولكن هذه خروقات. الثورة وضعت نفسها من حيث الرؤية الكونيّة، ومن الناحية الفكريّة، والثقافيّة، والاقتصاديّة، والسياسيّة، وشؤون إدارة البلاد كافّة، في مقابل الغرب. وهذا كان معنى شعار "لا شرقيّة ولا غربيّة" الذي أطلقه الإمام كشعار للجمهوريّة الإسلاميّة. لا يوجد أيّ تأثّر بالسلطة الحاكمة [المهيمِنة] على العالم. بالطبع، هو كالقانون الذي يوضع وقد يُنتهك في بعض الموارد أحيانًا. هذه مسألة؛ أمّا الكلام عن عدم وجود القانون أو وجوده، فهو مسألة أخرى. لقد أصبح قانونًا في الجمهوريّة الإسلاميّة(2): أصبح التحرّر من كلّ الأشياء التي تُفرض في نظام الهيمنة على الدولة الخاضعة والمهيمن عليها، قانونًا قطعيًّا ويقينيًّا.

قوى الهيمنة تواجه والثورة تقاوم وتصمد
لقد استطاعت الجمهوريّة الإسلاميّة أن تقاوم وتصمد. وفي الواقع، تمّ استخدام كلّ الوسائل ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة. وعلى حدّ تعبير هؤلاء الأصدقاء والشباب الأعزّاء ــ الذين تحدّثوا حول حادثة اليوم (3) وتكلّموا بنحو ممتاز ـ فلينظر الجيل الحالي والطهرانيّون ماذا يعني الإرهاب، وماذا تعني الحركة الإرهابيّة؛ ماذا يحصل عندما يُقتل شخصان أو ثلاثة، أو خمسة أشخاص مظلومين، في حادثة ما، ومن هم الأشخاص المهاجمون. لقد استمرّ هذا الوضع وكان مسيطرًا على البلاد لمدّة سنتين أو ثلاث وبنحو واسع وشامل. لقد استخدموا هذه الأساليب، من الحرب، ومن محاولات الانقلاب، ومن الإعلام، ومن الحظر، ومن جميع الوسائل ضدّ هذا النظام، وهذه الثورة، وهذه الحركة العظيمة، لكنّهم فشلوا؛ ونجحت الثورة، وسارت قدمًا وفرضت نفسها على الوضع العالمي، وشكّلت النظام الإسلامي.

فاعلية نظامنا لا تُنكر وإنجازاته اكثر من أن تحصى
يردّد البعض أنّ "النظام غير فعّال"؛ لِمَاذا؟ لأنّ الوزارة الفلانيّة عملت بنحو سيّئز كلا، لو كان النظام غير فعّال، لكان تمّ ابتلاعه وزال عشرات المرّات حتى الآن. الدليل الأكبر على فعالية وكفاءة هذا النظام وجوده وصموده واستمراره. فأن يقف نظام ما، ويقول كلمته بصراحة دون أن يهاب أحدًا، ويعلن عن مواقفه للعالم بصراحة، على الرغم من معرفته بالعداوات ـ وليس الحال أنّه غافل عنها. كلا، فأركان النظام والمجاميع الشعبيّة والرسميّة للنظام يدركون جيدًا هذه العداوات ـ وفي الوقت نفسه يقفون ويصمدون؛ فهذه مسألة بالغة الأهمّيّة. هي حادثة عجيبة جدًّا. إنّ الدليل الأكبر على فعاليّة وكفاءة هذا النظام أنّه استطاع الحفاظ على نفسه في هذا الاتّجاه.
والآن، فضلًا عن حالات التطوّر والتقدّم الكثيرة التي أشار إليها بعض الإخوة ـ وهذه إحدى وصاياي: على الشابّ المؤمن الحزب اللهي الثوري أن لا ينسى إنجازات النظام. فإنجازات النظام ليست واحدة أو اثنتين. بل هي بالآلاف. لقد أشاروا الآن على سبيل المثال، أنّه في أيّ بلد افترضتموه، فإنّه يتم توظيف الطبيب الفلاني الهندي، والفليبيني، أما عندنا اليوم، فيوجد لدينا أفضل المتخصّصين، وأحسنهم، وأكثرهم تميّزًا. هذا جانب من الجوانب، وهناك العشرات، والمئات من قبيل هذه الإنجازات والتي يجدر الالتفات والانتباه إليها.

على أيّ حال، استطاعت هذه الثورة أن تمنحنا الهويّة والهدف. وهذا أمر مهمّ. لقد وجدنا هويّتنا، وفهمنا من نحن. أدركنا أنّنا لسنا مقهورين خاضعين للسياسة العالميّة ونظام الهيمنة، ولسنا لقمة سائغة لهما. نحن أنفسنا؛ نحن نشكّل ذاتنا؛ الهويّة والهدف؛ لقد منحتنا [الثورة] الهدف والمبدأ، منحتنا الأهداف الكثيرة التي سأشير إليها فيما يلي.

قوى الهيمنة تطلق حربها على الجمهورية الإسلامية
حسنًا، لقد كُسرت هذه الدائرة السيئة والحلقة المعيوبة. لذلك تبدأ مواجهة حتمية عندما يحدث وضع كهذا. حسنًا، من هو الطرف المقابل؟ منذ أيام، قلت في مرقد الإمام (4): إنّ الدول القويّة والمقتدرة، والتيّارات البالغة التأثير، والتيّارات السياسيّة التي تأتي بالحكومات وتذهب بها في كلٍّ من أوروبا وأميركا؛ هذه التيّارات جميعها قد اصطفّت في وجه الجمهوريّة الإسلاميّة، وقد اختبرت قوّتها، ووجّهت ضرباتها. لقد بدأت في حربها:، حرب صلبة، ونصف صلبة وناعمة.

 


(1). جواهر لال نهرو، من قادة حركة استقلال الهند والمؤتمر الوطني الهندي.
(2) التّحرر.
(3) الهجوم الإرهابيّ على مجلس الشورى الإسلامي، ومرقد الإمام الخميني (قدس سرّه الشريف) والذي أدّى إلى استشهاد وجرح عدد من الأشخاص.
(4) خطابه في الذكرى السنويّة الثامنة والعشرين لرحيل الإمام الخميني (قدس سرّه الشريف).

2017-10-04