يتم التحميل...

إتباع بالرسول ألأكرم (ص) سبيل الهداية والكمال

تربية دينية (مناسبات)

إتباع بالرسول ألأكرم (ص) سبيل الهداية والكمال

عدد الزوار: 25

من كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في ذكرى المولد النبوي الزمان: 10/2/2012م
إتباع بالرسول ألأكرم (ص) سبيل الهداية والكمال

الرسول ألأكرم مظهر الكمالات الإنسانية
نحن المسلمون، ولأجل أن نكتشف طريق الهداية، يكفي أن نتعرّف على شخصية النبيّ. فباعتقادنا أنّ على كلّ البشرية الاستفادة من وجود النبيّ، وهم يستفيدون. ولكن من هو أولى بالاستفادة، نحن الأمّة الإسلامية. فهذا الموجود العظيم صاحب الخلق العظيم والشخصية التي أعدّها الله تعالى لأجل أعظم رسالة عبر تاريخ البشرية، حيث يقول الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ الله عزّ وجلّ أدّب نبيّه، فأحسن أدبه، فلمّا أكمل له الأدب، قال: إنّك لعلى خلقٍ عظيم، ثمّ فوّض إليه أمر الدين والأُمّة ليسوس عباده"1، فقد ربّى الله تعالى هذه الشخصية العظيمة وأعدّها ومنحها كل ما يلزم لهذا العمل التاريخيّ العظيم، وأودع ذلك في وجوده المطهّر والمقدّس، ثمّ وضع على عاتقه هذا الحمل الثقيل للرسالة التاريخية. لهذا، فإنّ هذا اليوم، الذي هو يوم 17 ربيع الأوّل، يوم ولادة النبيّ المكرّم، لعلّه يمكن القول إنّه أعظم عيدٍ للبشرية طوال تاريخها، حيث أهدى الله تعالى مثل هذا الإنسان العظيم لها، ولتاريخ البشر، وقام هذا العظيم بمستلزمات هذا العمل.

الإقتداء بالرسول ألأكرم طريق الهداية والكمال
اليوم، نحن المسلمون، لو ركّزنا على شخصية النبيّ الأكرم، ودقّقنا وأردنا أن نستخلص الدروس، لكان الأمر كافياً لديننا ودنيانا. لأجل استعادة عزّتنا، فإنّ النظر إليه والتعلّم وأخذ الدروس منه يكفينا. فقد كان مظهر العلم، ومظهر الأمانة، والأخلاق، والعدالة، فماذا يحتاج البشر؟ هذه هي احتياجات البشرية. هذه الاحتياجات لم تتغيّر على مرّ تاريخ البشرية. فجميع هذه التحوّلات والتطوّرات في حياة البشر، منذ بداية الخلقة وإلى اليوم ـ حين تغيّرت الأوضاع والأحوال الحياتية، وتعرّضت أنماطها إلى العديد من التغييرات ـ فإنّ مطالب البشر الأساسية لم تتغيّر. فمنذ البداية وإلى يومنا هذا، كان البشر يبحثون عن الأمن، والاستقرار والعدالة والأخلاق الحسنة، والارتباط الوثيق بمبدأ الخلقة.

هذه هي الحاجات الأساسية للبشر التي تنبع من فطرتهم. ومظهر جميع هذه الأشياء هو النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم. نحن الأمّة الإسلامية اليوم، بحاجة إلى كل هذه الخصائص. فالأمّة الإسلامية اليوم بحاجة إلى التقدّم العلمي، وإلى الثقة، والطمأنينة بالله وإلى العلاقات السليمة والأخلاق الحسنة فيما بيننا، حيث ينبغي أن نتعاطى مع بعضنا بعضا بأخوّة وبالصفح والحلم، والتجاوز. والنبيّ الأكرم هو مظهر جميع هذه الخصائص. فعلمه وحلمه وتجاوزه ورحمته وتودّده للضعفاء، وعدالته بالنسبة لكلّ أفراد المجتمع، كل هذه ظهرت فيه، فلنتعلّم من النبيّ، ونحن بحاجة إليها. إنّنا اليوم بحاجة إلى الاطمئنان بالله تعالى، والثقة به وبمواعيده. فقد وعدنا الله تعالى وقال إنّكم إذا جاهدتم وسعيتم، فإنّه تعالى سيوصلكم إلى الأهداف والمقاصد، في ظلّ الصمود والثبات. ففي مقابل الشهوات الدنيوية، لا ينبغي أن نضعف ونتراجع، وفي مقابل المال والمنصب والوساوس النفسانية المختلفة لا ينبغي أن نشعر بالضعف، بل نصمد. هذه هي الأشياء التي توصل البشر إلى أوج الكمال، وتمنح أي شعب عزّته وأي مجتمعٍ سعادته الواقعية. فنحن بحاجة إلى هذه الأمور، ومظهر هذه الأشياء كلّها هو نبيّنا.

حياة الرسول (ص) جهاد من أجل الإنسان
هذه هي حياة النبيّ المكرّم، وتلك هي طفولته وشبابه قبل البعثة. لقد كانت أمانته بحيث إنّ كلّ قريش وكلّ عربيّ كان يعرفه، لقّبه بالأمين. فإنصافه بالنسبة للأشخاص، ونظرته العادلة بالنسبة للأفراد، كانتا بحيث أنّهم إذا أرادوا وضع الحجر الأسود في مكانه، حين تنازعوا فيما بينهم (قبائل العرب وطوائفها)، اختاروه ليحكم بينهم، في حين أنّه كان ما زال شابّاً. فهذا ما يشير إلى إنصافه بالنسبة للجميع، وكان الجميع يعلم ذلك. كانوا يعتبرونه صادقاً وأميناً. هذه هي مرحلة شبابه، ثم جاءت مرحلة البعثة فكانت مرحلة التجاوز والجهاد والصمود، فكلّ الناس في ذلك الزمان واجهوه ووقفوا في مقابله وتحرّكوا ضدّه. كلّ هذا الضغط، طيلة السنوات الـ الثلاثة عشرة في مكّة، أيّ سنواتٍ صعبة كانت؟! وقف النبيّ وكان صموده الذي أوجد المسلمين المقاومين والصامدين ممن لم تؤثّر فيهم كل الضغوط. هذه دروس لنا. ثمّ تمّ تشكيل المجتمع المدنيّ، ولم يحكم أكثر من عشر سنوات. لكنه شيّد بناءً ؛ شكّل طوال القرون المتمادية قمّة البشرية في العلم، وفي التمدّن، وفي التقدّم المعنوي، وفي التقدّم الاخلاقي، وفي الثروة، وقد كان هذا المجتمع نفسه, مجتمعا أسّسه الرسول وأرسا دعائمه.

 


1- أصول الكافي، ج1، ص266، ح4.


 

2017-03-16