لا إشكال في "الفن" ما لم يكن متهتكا
النهوض والتقدم
لا إشكال في "الفن" ما لم يكن متهتكا
عدد الزوار: 203
من كلمته
في المسؤولين التنفيذيين بمحافظة فارس 07/05/2008
لا إشكال في "الفن" ما لم يكن متهتكا
يخال البعض أن الفن يعني اللاأبالية
وعدم التقيد والبعد عن الدين؛ هذا خطأ. الفن من التجليات الجميلة للخلقة الإلهية في
الإنسان. السيئ في الفن والذي أشكل عليه أهل البصائر دائماً هو التوجه الخاطئ في
الفن. السيئ هو جر الفن إلى إغواء الإنسان وتهتكه وتحلله. وإلا إذا امتزج الفن
بالروح الدينية والتوجه الديني فهو من أهم مظاهر الوجود البشري. وكذا الحال اليوم
والحمد لله. حينما ينظر المرء حالياً لشعرائنا ورسامينا ومختلف فروع الفن عندنا
يلاحظ أن إنجازاتهم ممتزجة بالروح الدينية غالباً. ما الإشكال في هذا؟ من المناسب
جداً أن يكون هنا مركز لتخريج الفنانين وتقوية الفن مع الحفاظ على التوجه الصحيح.
لا إشكال في هذا أبداً. جيد جداً الانتفاع من هذه المواهب الهائلة في هذا الاتجاه.
من الأمور المهمة في هذه المحافظة والتي يجدر أن تولى مزيداً من الاهتمام، قضية
السياحة. وبسبب وجود الحرم الطاهر للسيد أحمد بن موسى (عليه وعلى أبيه وأخيه
السلام) تكتسب هذه المدينة طابعاً سياحياً مضاعفاً؛ ثمة هاهنا مرقد ومزار. المعالم
السياحية هنا كثيرة جداً. أخال أنه لو استطاع مسؤول البلاد والمحافظة توظيف حالة
السياحة بشكل صحيح وبإعلام وتوجيه صائب فإن عائداتها ستغني المحافظة عن كل المعونات
الأخرى. قضية السياحة مهمة جداً.
• للإهتمام بالسياحة حتى لوكانت آثارا لجبابرة التاريخ
أشير هنا إلى الأبنية الأثرية المتبقية عن عصور ما قبل الإسلام: تخت
جمشيد وسائر الآثار الموجودة في هذه المحافظة. يمكن للمرء أن ينظر لهذه المعالم
الأثرية من زاويتين ينبغي الفرز بينهما. نظرة تقول إنها تعود لجبابرة التاريخ. أي
أثر منها ننظر إليه يعود بنحو من الأنحاء لأحد جبابرة التاريخ وطغاة الإنسانية.
نعم، يمكن النظر إليها من هذه الزاوية السلبية. معظم المتدينين والأفراد ذوي النفور
الطبيعي من الاستبداد والغطرسة حينما ينظرون لهذه الأبنية الأثرية من هذه الزاوية،
فلن تكون جميلة جذابة بالنسبة لهم طبعاً. ولكن ثمة جانب آخر أيضاً هو أن هذه الآثار
ثمرة أيدي الفنانين الإيرانيين والأفكار الإيرانية الراقية النيرة خلال الأعوام
والقرون الماضية. هذا هو الجانب الإيجابي من المسألة. جميع الأبنية التاريخية
الموجودة هنا أو في إصفهان أو في مناطق البلاد الأخرى هي من هذا القبيل. صحيح أن
الجبابرة استخدموها، ولكن من هم مبدعوها وموجدوها؟ أبدعها الذهن الإيراني، والأيدي
الإيرانية الفنانة، والروح الإيرانية السامية، والذوق والإبداع الإيراني. هذا فخر
للشعب. حينما ننظر من هذه الزاوية نرى أنها إيجابية؛ سواء تخت جمشيد أو المعالم
الأخرى. ركزوا عليها واعرضوها.
بعض الأشياء التي قد لا تكون باعثة على الفخر، تستخدم في العالم أحياناً باعتبارها
مفاخر تاريخية. من ليس لديهم مفاخر تاريخية يختلقونها لأنفسهم. ولدينا كل هذه
المفاخر التاريخية؛ كل هذه الأشياء التي تخول شعب إيران أن يفخر بها تاريخياً
ويضاعف بفضلها من ثقته بنفسه؛ لماذا لا نعرضها؟
يروي لي أحدهم؛ يقول: ذهبت لليونان وأخذونا إلى المناطق السياحية المختلفة ومنها
منطقة قالوا إنها المنطقة التي جاءت إليها جيوش إيران وهزمناها. يأخذون الناس إلى
صحراء قاحلة ويقولون لهم إن الإيرانيين زحفوا إليها ذات يوم وانتصرنا عليهم. يعرضون
فضاءً فارغاً، ويثبتون مادة تاريخية بواسطة فضاء فارغ. وهنا بالقرب من كازرون - كما
سمعت - يوجد تمثال فالرين امبراطور الروم يركع أمام الملك الإيراني. يمكن أن تعرضوا
هذا مقابل ذاك. توجد أشياء إيجابية كثيرة يمكن أن تعرض ماضينا.
وأقول لكم طبعاً إنني اعتقد اعتقاداً راسخاً جازماً عملياً بأن ما فعله الإيراني
بعد مجيء الإسلام لا يقبل المقارنة بما كان له طوال التاريخ القديم. إيران العهد
الإسلامي في القرون الثالث والرابع والخامس للهجرة كانت في قمة العلوم والتحضر
والسياسة والاقتصاد العالمي. لم يبلغ أي بلد في العالم - في الشرق والغرب، وفي آسيا
وأوربا - هذه المرتبة آنذاك. وكان هذا ببركة الإسلام. لم يبلغ قبل ذلك مثل هذه
الذروة. عصور الدول الإيرانية - من آل بويه إلى الغزنويين والسلاجقة وغيرهم، حتى
نصل العهد الصفوي - تمثل جزءاً من التاريخ لا يمكن مقارنته بغيره. بيد أن ذلك الجزء
القديم من تاريخ إيران هو بدوره تاريخنا. هو أيضاً إيراني، وكان على رأسه حاكماً
طاغوتياً وشاعت فيه تقاليد وطقوس باطلة خاطئة. هذه قضية أخرى لها محلها. لكن الفن
فن إيراني. على كل حال ينبغي العمل في مجال السياحة؛ سواء فيما يتصل بالمزارات
الإسلامية وتمتلكون هنا أفضلها، أو ما يرتبط برموز الأدب والفن وتمتلكون هنا
أرقاهم، أي حافظ وسعدي، أو ما يتعلق بالماضي التاريخي القديم.