يتم التحميل...

كما "عاشوراء؛ الثورة الإسلامية إزدادت على الأيام قوة وحضورا

الثورة الإسلامية

كما "عاشوراء؛ الثورة الإسلامية إزدادت على الأيام قوة وحضورا

عدد الزوار: 24

من كلمة الإمام الخامنئي في عوائل الشهداء بمحافظة فارس  02/05/2008
كما "عاشوراء؛ الثورة الإسلامية إزدادت على الأيام قوة وحضورا
أعزائي مضت سنوات طوال على ذلك العهد. الكثير منكم أيها الشباب لم تشهدوا فترة الدفاع المقدس، ولدى بعضكم ذكريات مبهمة عنها. مضي الزمن يبعد الإنسان عن الأحداث لحظة بعد لحظة. بعض الحوادث تنسى؛ كموجة ضعيفة يطلقها سقوط حجر في حوض ماء... إنها موجة موجودة لكنها تضعف لحظة بعد أخرى ولا تمضي دقيقة حتى لا يعود لها أي أثر، بيد أن بعض الأحداث على العكس من ذلك فلا ينال منها مضي الزمن بل يعمقها ويكرسها. من نماذج ذلك واقعة عاشوراء. في يوم عاشوراء لم يعلم أحد ما الذي حدث، ولم يكن واضحاً لدى أحد عظمة تلك الواقعة وعظمة الجهاد الذي خاضه فلذة كبد الرسول وأصحابه وأقاربه، وكذلك هول فاجعة قتل أبناء الرسول وأحفاده. معظم الذين كانوا هناك لم يدركوا هم أيضاً هذه الحقائق. الذين كانوا في جبهة العدو كانوا ثملين غافلين مغتربين عن ذواتهم إلى درجة لم يفهموا معها ما الذي حصل. ثملوا من الدنيا والغرور والشهوات والغضب والحيوانية فلا يدركون ما يحدث في عالم الإنسانية. أجل، زينب أدركت الأمر جيداً، وكذلك سكينة، وسائر النساء والفتيات المظلومات. كان هذا خاصاً بيوم عاشوراء. ولكن مع كل يوم مضى على يوم عاشوراء - يوم الثاني عشر في الكوفة، وبعد أسابيع في الشام، وبعد أسابيع أخرى في المدينة، وبعد مدة في كل العالم الإسلامي - برزت عظمة وأهمية هذه الواقعة بسرعة كبيرة جداً. ولم تمض سنتان حتى سقط الطاغية المتفرعن الذي سبب الواقعة، ولم تمض سنوات حتى سقطت تلك العائلة، وحلت عائلة أخرى من بني أمية محلها. ولم تمض سوى عدة عقود من الزمن حتى انقرضت تلك العائلة أيضاً. اقترب العالم الإسلامي يوماً بعد يوم من مدرسة أهل البيت وانشد إليها وتعشقها. واستطاعت هذه الواقعة ترسيخ أركان العقيدة والمدرسة الإسلامية على مدى التاريخ. لولا واقعة كربلاء لما اطلعنا اليوم على مبادئ الإسلام وأصوله، وربما لم يكن قد طرق أسماعنا من الإسلام سوى اسمه. ذلك الدم المقدس وتلك الواقعة الكبرى لم تصغر أبداً ولم تبهت ولم تضمحل، وليس هذا وحسب، بل ازدادت قوة وبروزاً وتاثيراً يوماً بعد يوم. هذا نموذج ساطع بارز.

وكذلك هو الحال بالنسبة لثورتكم وشهادة شهدائكم. كانت حدثاً يشبه الزلزال في بدايته. قال كثير من المحللين إنها زلزال يمضي ويُنسى. لكن هذا لم يحصل، بل حصل العكس. مفاهيم الثورة الإسلامية تترسخ اليوم في أعماق قلوب الشعوب المسلمة أكثر فأكثر. وهذا ليس كلامي بل هو حصيلة تحليلات الذين يعد الشعب الإيراني والثورة الإسلامية أعدى أعدائهم. هم من يقولون هذا ويشهدون به. حين ترونهم يهددون ويعربدون ضد الشعب الإيراني فهذا بسبب هذه التحليلات. يخافون؛ يرون أن هذا الحدث لم ينطفئ؛ وهذه الموجة لم تبهت بل هي آخذة بالاتساع والبروز والتعمق باستمرار؛ لذلك يخافون.

ذات يوم تصوروا أن الثورة في هذا البلد قد انتهت. والسبب هو أن بضعة أفراد غافلين أو جهلاء قالوا: إن الثورة انتهت، أو قالوا: لا تعاودوا ذكر الشهداء، أو قالوا: ينبغي إيداع الإمام في متحف التاريخ، وكلمات من هذا القبيل. وصدقهم أولئك المجانين الذين أرادوا من هذه الكلمات صياغة تحليلات تنفع سياساتهم. تصوروا أن الثورة انتهت. وحين ينظر الإنسان اليوم يرى آثار اليأس في كلامهم وتحليلاتهم. إنهم خائفون من شعب إيران، وعظمتها، واستقلالها، ومواهبها الشابة.

إنهم يعادوننا لتمسكنا بإستقلالنا وسعينا للنهوض ببلدنا
لماذا تشعر جماعة في العالم بالخطر والتهديد من التطور العلمي لشعب أو بلد؟ لماذا؟ لأنهم احتكاريون؛ لأنهم طلاب سلطة وهيمنة؛ لأنهم افترضوا إيران طعماً وفريسة. أرادوا ابتلاع هذا البلد بمصادره وموقعه الجغرافي الممتاز دفعة واحدة. لكن يقظة الشعب الإيراني، وصحوتهم، ومواهبهم، وتألقهم العلمي لا يسمح بذلك. لذلك يغضبهم تطوركم التقني وطاقاتكم النووية، وتقدمكم العلمي. نعم، يفرحون لو كان الشعب الإيراني لا أبالياً وشبابه غير مكترثين لا ينشدون العلم والعمل والإنتاج والإبداع، بل يقضون أوقاتهم في اللهو واللعب. هذا ما يريدونه؛ لا يريدون مدينة شيراز مركزاً يشهد تطوراً علمياً - وقد قلت إن مدينتكم شيراز في مقدمة مدن البلاد ومحافظاتها من حيث التقدم الصناعي، وقد اشتهر شبابكم ورجالكم ونساؤكم عالمياً في بعض الفروع العلمية - هذا ما يريدونه. لا يريدون لجامعاتنا وحوزاتنا العلمية ومختبراتنا ومرافقنا الإنتاجية أن تزدهر. يرغبون أن يسود حياة الناس الاختلاط بين البنات والبنين والعلاقات الشهوانية، والغفلة، والتسلية وما شاكل. هذا ما يريدونه. واعملوا أنتم بعكس هذا. هذا هو سبب غضب أمريكا والصهيونية وكل هذه الدعايات.

يقول البعض: يا سيدي لِمَ تستفزون عداء أمريكا لكم؟ لو أردنا أن لا نستفز عداء أمريكا لوجب أن ننام ونترك العمل والسعي والمفاخر. عندئذ ستشكرنا أمريكا. هذه هي أمريكا. فهل يرضى الشعب الإيراني بمثل هذا؟ إنهم لا يعادوننا لأن المسؤول الفلاني في بلادنا قال كذا وكذا، أو أن سياستنا سارت بالطريقة الفلانية. كلا، إنهم يعادوننا بسبب يقظة الشعب الإيراني. حيثما كانت اليقظة شنت هجمات أشد من قبل أعداء هذا الشعب. الموضع الذي ترشح منه اليقظة ويفرز منه الوعي والتحفز والاستعداد لدى شباب شعبنا يعادونه أكثر. يعادون عوائل الشهداء. والحمد لله أن عوائل الشهداء في شيراز على هذه الشاكلة. لاحظوا أي توثب وشعور بالفخر يسود هذه الأجواء. وهذا هو الصحيح. افخروا.
 

2017-03-09