يتم التحميل...

المظهر الحقيقي لصبر "المسؤولين" هو الثبات على مبادئ الثورة وأهدافها

الثورة الإسلامية

المظهر الحقيقي لصبر "المسؤولين" هو الثبات على مبادئ الثورة وأهدافها

عدد الزوار: 22

من كلمة الإمام الخامنئي في مسؤولي الدولة  09/09/2008
المظهر الحقيقي لصبر "المسؤولين" هو الثبات على مبادئ الثورة وأهدافها
ما نريد قوله إلى جانب هذه الفكرة هو أن من نماذج عدم الصبر التي نبديها عن أنفسنا أو نلاحظها لدى الآخرين أحياناً عدم الصبر إزاء حفظ مبادئ الثورة وأهدافها. وهذه القضية برأيي أهم من كل شيء. الاتجاه العام للنظام الإسلامي مما يجب الإصرار والثبات عليه. يكتسب الصبر هنا معناه أكثر من أي مكان آخر.

لاحظوا أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، أنتم مسؤولو النظام ومدراؤه.. أنتم النخب السياسية والثقافية والاجتماعية لهذا النظام، أو أن جماعة من النخبة مجتمعة هنا. معظم مسؤولي البلاد مجتمعون الآن هنا. لماذا أصبحنا مسؤولين في هذا النظام؟ هل كنا نروم منذ البداية تشكيل حكومة ودولة نكون رؤساءها ومسؤوليها ووزراءها ونوابها؟ هل كان هذا هو القصد؟ كلا، لو كان هذا هو القصد وجب أن أقول إن الجهود التي يبذلها كل واحد منا - إن كانت بهذه النية - ستعود كلها هباءٌ منثوراً.. لا قيمة لها.. لا أجر لها عند الله تعالى.. تزول بزوال العمل.. بل تزول بزوال المسؤولية. اختلافنا عن سائر الجماعات التي تغيّر نظاماً في البلدان الأخرى وتتولى السلطة والمسؤولية هو أننا جئنا لنوفر مجتمعاً إسلامياً.. جئنا لنعيد إنتاج الحياة الإسلامية الطيبة لبلادنا ولشعبنا ونؤمِّنها لهم. ولو أردنا النظر بأفق أوسع، لقلنا بما أن إعادة إنتاج الحياة الإسلامية الطيبة في بلادنا بوسعها أن توفر نموذجاً صالحاً للعالم الإسلامي فقد جئنا في الواقع لنلفت العالم الإسلامي إلى هذه الحقيقة وهذه الشجرة الطيبة.. هذا ما جئنا من أجله.. لم يكن الهدف سوى هذا. والآن أيضاً ليس الهدف سوى هذا.

النظام الإسلامي نظام يقوم على أسس الإسلام. حيثما استطعنا إقامة الوضع والبنية الحالية لنظامنا على أساس الإسلام سيكون ذلك ممارسة إيجابية منشودة، وحيثما لم نتمكن من ذلك يجب أن تصب مسعاينا باتجاه إقامة الأوضاع على أسس الإسلام ومبانيه .. ينبغي عدم تخطي الإسلام. هذا هو هدفنا.

وهذا هو سر عداء الاستكبار لنا. لأن الإسلام والنظام الإسلامي والحكومة الإسلامية والمجتمع الإسلامي يعارض الظلم والاستكبار والتعدي على حياة الناس.. يعارض الاعتداء على الشعوب.. يعارض تفرعن السلطة.. يعارض الاستبداد الدولي كما يعارض الاستبداد الداخلي للبلدان. وهذه المعارضة ليست معارضة قلبية وحسب، إنما هي معارضة على المستوى العملي تعبّر عن نفسها وتبرز إلى الواقع الخارجي أينما اقتضت الضرورة. هم يعلمون هذا، وهو معروف عن الجمهورية الإسلامية، لذلك فإن أهل الاعتداء والتطاول على مصادر وثروات الآخرين وأهل الاستكبار والتفرعن في تعاملهم السياسي يعادون نظام الجمهورية الإسلامية طبعاً.

قلت يوماً أمام السادة المحترمين إنه من الخطأ القول إننا لا نتفاهم مع القوى الكبرى ومع أمريكا. ليس هنالك عدم تفاهم. هم يعرفوننا جيداً، ونحن نعرفهم جيداً. نحن نعرف طبيعة الاستكبار ونزعاته. نعرف أنهم يغطّون قبضاتهم ومخالبهم الدامية بظاهر مخملي ناعم.. هذا ما نعلمه ونراه. لم ننخدع أبداً بما يستعملونه من عطور وربطات عنق وملابس أنيقة.. لقد رأينا باطنهم، وقد أفصحوا هم أنفسهم عن باطنهم.. في غوانتانامو، وفي أبي غريب، وفي العراق، وفي أفغانستان، وفي القصف والغطرسة والتدخل في كل شيء والفئويات الرامية لنهب الثروات حتى من شعوبهم وليس من الشعوب الأخرى وحسب. إنهم ينهبون حتى من شعوبهم.. هكذا هي الشركات. نحن نعرفهم وهم يعرفوننا. يعلمون أن الجمهورية الإسلامية التي جاءت بالثورة وجاء بها الإمام معناها الجمهورية المناهضة للظلم والاستكبار والطمع والاعتداء وكنـز الثروات وما إلى ذلك مما ذكره القرآن. هم يعلمون هذا ولذلك يعارضوننا.

هذا هو نظامنا. وأنا وأنتم المسؤولين في هذا النظام سيكون المظهر الحقيقي لصبرنا هو الصبر على هذه المبادئ والأسس. يجب أن لا تتركوا الساحة. إذا أثاروا الضجيج والصخب في العالم حول القصاص الإسلامي، أو الاقتصاد الإسلامي، أو شكل الحكومة الإسلامية، أو حول دستوركم - ومن الممكن أن يفعلوا ذلك ويثيروا الضجيج - يجب أن لا تنهزموا وتتراجعوا، كلا، اصمدوا على مبادئكم. مبادئكم هي العبودية لله وخدمة خلقه ومعاداة أعدائه وأعداء عباده. هذه هي شعاراتنا. يقوم نظام الجمهورية الإسلامية على هذه الأسس. إنه نظام عقلاني علمي. يجب أن تسود العقلانية جميع أركان هذا النظام من أعلى مراتبه إلى أدناها. لكن العقلانية لا تعني الاستسلام والهزيمة. العقلانية من أجل التقدم واكتشاف السبل المؤدية إلى مزيد من التوفيق في تحقيق الأهداف.

البعض يروم الانتقاص من مبادئ الثورة ومبانيها باسم العقلانية والاعتدال وتحاشي الصخب والمتاعب الدولية. هذا غير ممكن، وهو دليل نفاد الصبر والتعب. أحياناً ينسبون هذا التعب إلى الجماهير والحال أنهم هم المتعبون. يقولون إن الجماهير تعبت.. كلا.. الجماهير تفرح وتبتهج حينما تشعر أن مسؤولي البلد يعلنون انتماءهم للإسلام وعبوديتهم لله بكل فخر واعتزاز. هذه الجماهير مسلمة، وحركتها كانت من أجل هذا. أليس هؤلاء الناس هم أنفسهم الذين صنعوا الثورة؟ ماذا كانت شعارات الثورة؟ أليس هؤلاء الناس هم الذين أداروا الحرب بكل مظلومية طوال ثمانية أعوام؟ هؤلاء الناس هم الذي أداروا الحرب. هل أدارها أناس آخرون؟ من الذي نهض بهذه الأعمال الكبرى سوى الجماهير التي نهضت بها في هذا البلد؟ قبل البارحة نقل التلفاز قول الإمام حول المرحوم آية الله طالقاني ولاحظنا أن كلام الإمام من أوله إلى آخره، وكل كلمة فيه كان دقةً وحكمةً (رحمة الله ورضوانه عليه).. ذكر في كلمته للجماهير نقطة فحواها: لاحظوا ماذا قال الناس في تشييع جثمان طالقاني؟ قالوا (يا نائب نبينا مكانك خالٍ). عزاؤهم لنائب نبيهم. القضية قضية نيابة الرسول.. استفاد الإمام هذه النقطة من كلام الناس وطرحها علينا، وهي صحيحة. الناس ملتزمون بالإسلام. فضلاً عن رعاية الناس والبقاء إلى جانبهم والإخلاص لهم والعمل من أجلهم والاهتمام لآرائهم ومشاعرهم وعواطفهم، حينما يشاهدكم الناس أنتم مسؤولي الجمهورية الإسلامية تفخرون وتعتزون بانتمائكم للإسلام ومناهضتكم للاستكبار والاستبداد، وتفخرون من جهة ثانية بخدمة الناس ومواكبتهم والاستئناس بهم والتودد إليهم وطلب المساعدة منهم في القضايا المختلفة فسيرضى الناس طبعاً وسيحبون ذلك المسؤول.. هذا هو واجبنا. ليس من حقنا التراجع عن شعارات الثورة والإسلام. هذا معناه نفاد الصبر.. إنه نفاد صبر يجب عدم القبول به. الالتزام بهذه الشعارات يتعارض وإرادة الأعداء ، ولا يتعارض إطلاقاً مع مسيرة البلاد نحو التقدم بالمعنى الحقيقي للكلمة، وقد حاولوا دائماً الإيحاء بهذا والقول إذا كنتم إسلاميين فلن يمكنكم التقدم وبلوغ المراتب الرفيعة من الرفاه المادي والتقدم العلمي.. كلا.. الأمر على العكس تماماً.. لقد كان تقدمنا كبيراً.

ألاحظ للأسف في بعض الكتابات والمطبوعات والتصريحات تشكيكاً بالنجاحات الجلية لهذا الشعب. هذا شيء يجب أن لا يقوموا به لأنه سيئ.. إنها ضربة للشعب وتثبيط له وبث لليأس في نفوس أبنائه عن طريق أقاويل خاطئة وكاذبة. من بوسعه إنكار تقدمنا العلمي اليوم؟ والدليل على أهمية هذا التقدم أنه جعلنا في كثير من الحالات ضمن البلدان القليلة المتوفرة على هذا التقدم أو الإنجاز. هل هذا بالشيء القليل؟ قبل نحو شهر أقاموا في هذه الحسينية معرضاً تضمن 51 إنجازاً علمياً تم اختياره من بين الإنجازات العلمية الجديدة. رفع أصحاب بعض المشاريع - بعضهم من القطاع الحكومي وبعضهم من القطاع الخاص - تقارير تقول إن من هذه الإنجازات ما هو غير مسبوق في البلاد ومنها ما هو غير مسبوق في العالم. كان منها إنجازان أو ثلاثة غير مسبوقة في العالم. هل يجب على المرء إنكار هذا؟! في العام الماضي أو ربما أكثر من عام بقليل - لا أتذكر التاريخ على وجه الدقة - تشكّل هنا مجمع علمي كبير حول موضوع معين ولا أريد الآن تكرار التفاصيل، وحضرت شخصيات من عدة بلدان متقدمة في العالم واطلعوا على إنجازاتنا العلمية والتقنية والبحثية المتطورة. وحينما بثوا تصريحاتهم وحواراتهم كانوا يقولون فيها لو لم نشاهد بأنفسنا لما صدقنا أن إيران توصلت إلى هذا المستوى.. هذه ليست حالة واحدة أو حالتين. موضوع الطاقة الذرية نموذج واحد فقط، وقد ذكرت مراراً أنها مجرد نموذج واحد، ولدينا من هذه القبيل نماذج عديدة تمثل تقدمنا العلمي. ما الذي يمكن إنكاره من التقدم الحاصل على مستوى العمران والتمدن وتطوير حياة الشعب ورفع مستواه، لكننا نلاحظ في بعض الكتابات للأسف تشكيكاً اعتباطياً وبذرائع واهية.

حركة الشعب الإيراني العظيمة هذه حركة لها قيمتها. ونحن بعد نحو ثلاثين عاماً من انتصار الثورة وحوالي عشرين عاماً على رحيل إمامنا الجليل وهو معلم هذه الثورة ومؤسسها نلاحظ الشعب وهو يرفع تلك الشعارات ويكررها. وشبابنا الذين لم يدركوا عهد الإمام ولم يروا الإمام ولم يدركوا فترة الحرب يمتدحون في كلامهم وفنونهم وأشعارهم تلك القمم الشمّاء التي ارتقى إليها شعب إيران.. فهل هذه أمور بسيطة يمكن إنكارها؟!
 

2017-03-09