يتم التحميل...

الثورة ستقصّر أيدي المستعمرين عن العالم الإسلامي

الثورة الإسلامية

الثورة ستقصّر أيدي المستعمرين عن العالم الإسلامي

عدد الزوار: 22

من كلمة الإمام الخامنئي في ذكرى رحيل الإمام الخميني (رض)  03/06/2008
الثورة ستقصّر أيدي المستعمرين عن العالم الإسلامي

الثورة ملك الشعب وحفظها مسؤولية الجميع
النقطة الأولى، هي أن الإمام يؤكد في وصيته أن هذه الثورة ثورة إلهية والجماهير ركنها الأساسي. أي إن الثورة ملك الجماهير. معنى هذا الكلام أنه ليس بوسع أحد - شريحة، أو فرداً، أو طبقة - ادعاء ملكية الثورة، ويجب أن لا يدعي مثل هذا الادعاء ويعتبر نفسه مالكاً لها وبقية الناس مستأجرين فيها. لو قدّر لأحد أن يعتبر نفسه مالكاً وصاحباً للثورة لكان الإمام نفسه أنسب الجميع وأجدرهم حيث تكوّنت الثورة حول محور عزيمته وإرادته وشخصيته. لكنه كان يرى نفسه لا شيئاً ويرى الله مصدر كل شيء. هذه قضية تطفح بها كلمات الإمام وقد أكدها وصرّح بها في وصيته. إذن، الجماهير هم أصحاب هذه الثورة، وثمة واجب على عاتق الجميع هو صيانة هذه الأمانة الإلهية الكبرى. على الجماهير أن يعتبروا أنفسهم حرّاس هذه الثورة. هوية الثورة ومعناها مودع في شعاراتها واتجاهاتها وقيمها ومبانيها. كان هناك دائماً في الماضي والحاضر وسيكون هناك في المستقبل أشخاص يرومون تغيير شعارات الثورة بذريعة تغيّر أوضاع العالم، أو استبعاد الشعارات الدينية والبعد الديني للثورة، أو إقصاء بعد العدالة الاجتماعية عنها، أو بعد مناهضتها للهيمنة والأجانب، أو بعد تناقضها مع الاستبداد. قد يدخلون الساحة بمحفزات وذرائع مختلفة من أجل أن يغيّروا شعارات الثورة وأهدافها. وعلى الجماهير أن يتيقّظوا ويعلموا هذا. الثورة حية بشعاراتها. الشعار الأهم المكتوب على راية هذه الثورة هو شعار الإسلامية والالتزام بمباني الدين وأصوله وقواعده؛ ومعارضة الهيمنة والاستكبار، والدفاع عن كل مظلومي العالم بصراحة وصدق. ومن جملة أفضل شعاراتها هو أنها ملك لعامة الناس، وما من شريحة أو طبقة ترجُح على الآخرين في الانتساب للثورة. شباب اليوم هم أصحاب الثورة بنفس درجة شباب فترة الدفاع المقدس. لا يتاح القول إن الذين أوجدوا الثورة أو ساهموا في إيجادها ينتسبون إليها بدرجة أكبر. لا، كان هناك أشخاص لم يشاركوا في أصل الثورة وبدايتها لكنهم خاضوا غمار الساحة ووضعوا أرواحهم على الأكف في ملحمة الدفاع المقدس. هؤلاء ينتسبون إلى الثورة بنفس الدرجة. طوال فترة العشرين عاماً التي أعقبت نهاية الدفاع المقدس نزل إلى الساحة شباب ضمنوا بقاء الثورة وحيويتها بوعيهم، وحماسهم الاستثنائي، واندفاعهم، ومحفزاتهم الإلهية، وجهودهم العلمية، والاجتماعية، والسياسية. هؤلاء أيضاً أبناء الثورة وأصحابها ونسبتهم إليها كنسبة المشاركين في صدرها الأول. وكذا سيكون الحال في المستقبل أيضاً. الشرائح الشابة والأجيال المتعاقبة لها كلها درجة واحدة من الانتساب للثورة. كلهم مشاركون في الثورة وفي واجب حفظها كأمانة.

ليعلم شبابنا اليوم وجيلنا المعاصر والشباب الذين سيأتون في المستقبل أن طريق الثورة طريق يحتاج إلى العزم والإيمان ورسوخ الأقدام. البعض لا يتحلّون برسوخ الأقدام فيعودون أدراجهم في وسط الطريق. وهؤلاء يضرّون أنفسهم طبعاً ﴿ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ﴾. الذين يعودون أدراجهم في طريق الثورة كالذين يصومون في الصيف ويحفظون صيامهم إلى أواخر النهار لكن صبرهم ينفد قبل ساعة أو ساعتين من الغروب فيفطرون، فيكون حكمهم كحكم الذي لم يصم منذ بداية النهار. إبطال الصيام في أي ساعة من ساعات النهار هو إبطال للصيام. لولا رسوخ الأقدام في الثورة وتداوم الحركة لانقطعت صلة الإنسان بالثورة. وهذا عدم وفاء للثورة. كان هناك دائماً أشخاص لم يفوا للثورة وقلّلوا انشدادهم إليها وأداروا لها ظهر المجن. وصية إمامنا هي أن ينظر شبابنا، وجماهيرنا، وأجيالنا نظرة واقعية. الأصل هو الثورة وليس الأشخاص. والحالة الثورية هي في حفظ الصلة بالثورة والعمل لها. هذه هي النقطة الأولى.

ب ــ الثورة ستقصّر أيدي المستعمرين عن العالم الإسلامي
النقطة التالية، هي إعلان الإمام في وصيته أن: هذه الثورة سوف تتسع وتنتشر، وسوف تقصّر أيدي المستعمرين عن العالم الإسلامي. هذه هي نبوءة الإمام الجليل. وحين ننظر اليوم للساحة نرى أن هذا الأمر قد حصل فعلاً. ليس انتشار الثورة من وجهة نظر الإمام عن طريق اختلاق الفتن في البلدان، وزحف الجيوش، ونشر الإرهاب - خلافاً لثورات أخرى - إنما يتم نشرها بين الشعوب عن طريق صناعة نموذج الجمهورية الإسلامية، بمعنى أن يرتفع الشعب الإيراني بنظام الجمهورية الإسلامية إلى مرتبة حين تنظر لها الشعوب الأخرى تتشوق إليها وتسير في هذا الطريق؛ عن طريق إشاعة المعارف الإسلامية والصراحة في الدفاع عن الطبقات المظلومة في العالم الإسلامي والتي سُحقت تحت أقدام الجور الاستكباري. هذا هو انتشار النظام الإسلامي الذي حصل.

شعوب العالم اليوم تنظر لشعب إيران وتستمد منه القوة والحوافز والطاقة. لقد انتشرت اليوم شعارات الشعب الإيراني المعادية للاستكبار في كل العالم الإسلامي. أي بلد من البلدان الإسلامية تذهبون له اليوم، مهما كان نظامه الحاكم، ترون شعبه ينظر بعين الاعتزاز والاحترام لشعاراتكم، وحوافزكم ومبادئكم التي رسمتموها ؛ شعارات مناهضة الظلم والهيمنة، والدفاع عن المظلومين وعن شعب فلسطين، ومعاداة الشبكة الصهيونية الأخطبوطية. هذه هي قلوب الشعوب المسلمة، وهذا هو انتشار الثورة الإسلامية. بل ترون أن شعار الطاقة الذرية الذي رفعه الشعب الإيراني - صمود شعب إيران حيال ضغوط الأعداء ومطالبته بحقه - انعكس في العالم الإسلامي إلى درجة أن ساسة البلدان المسلمة والعربية راحوا يعلنون أن الطاقة النووية أصبحت مطلباً عاماً للشعوب العربية.

يعترف أعداء الشعب الإيراني وأصدقاؤه أن الانتشار الذي تنبّأ به الإمام للثورة قد تحقق اليوم. ومن ذلك قضية فلسطين. الشعوب قلوبها تخفق لشعب فلسطين كما هو قلب الشعب الإيراني، وتعتبر الكيان الصهيوني على غرار ما يعتبره الشعب الإيراني نظاماً مصطنعاً مفروضاَ في المنطقة.

طبعاً، الحكومات لا تواكب الشعوب، وهذا هو ما يقوّي اسرائيل للأسف. ليس للكيان الصهيوني قوة وطاقة ذاتية، وليس له القدرة على الوقوف على أقدامه. هناك عاملان أبقيا على الكيان الصهيوني لحد الآن: الأول الدعم غير المشروط والوقح الذي تقدمه أمريكا لهذا الكيان المنحط، والثاني عدم دعم الحكومات العربية والإسلامية للشعب الفلسطيني. للأسف، لا تعمل الكثير من الحكومات المسلمة راهناً بواجباتها حيال فلسطين كما ينبغي، ولا تتناغم مع شعوبها. لو ضمّت الحكومات صوتها إلى صوت شعوبها ودافعت عن الشعب الفلسطيني المظلوم لتغيّر الواقع في المنطقة تغيّراً جذرياً. هذه هي الإرادة العامة للشعوب وهذا هو الانتشار الذي أخبر به إمامنا الجليل.
 

2017-03-09