بيت المال أمانة
جمادى الثانية
في كتاب لأمير المؤمنين (عليه السلام) لبعض عماله: "فَدَعِ الإِسْرَافَ مُقْتَصِداً، واذْكُرْ فِي الْيَوْمِ غَداً، وأَمْسِكْ مِنَ الْمَالِ بِقَدْرِ ضَرُورَتِكَ، وقَدِّمِ الْفَضْلَ لِيَوْمِ حَاجَتِكَ".
عدد الزوار: 350بيت المال أمانة
في كتاب لأمير المؤمنين (عليه
السلام) لبعض عماله: "فَدَعِ الإِسْرَافَ مُقْتَصِداً،
واذْكُرْ فِي الْيَوْمِ غَداً، وأَمْسِكْ مِنَ الْمَالِ بِقَدْرِ ضَرُورَتِكَ،
وقَدِّمِ الْفَضْلَ لِيَوْمِ حَاجَتِكَ".
المشهودُ والجليُّ الواضح من سيرة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) الحرصُ
الشديدُ على حفظ بيت مال المسلمين، وهذا ما كان يُعلِّمه للولاة عنده ولأصحابه
وللناس من حوله، فكان العدلُ سيرةَ الإمام مخالفا بذلك سننَ الحكّام مسجلا بذلك
قواعدَ في التعامل مع أموالِ الناس، مبينا مسلكَ الحفظِ التام له.
أولاً: يؤكّدُ الإمام على أن النظرةَ إلى كلِّ
مالٍ موجودٍ بأيدي المسؤول والمتصدي والمتولي لأمور المسلمين هو أمانةٌ، وليس هبةً
يحل له التصرف فيها كيفما شاء، والتأسيسُ للفهم الصحيح لولاية التصرف على الأموال
له أعظم الأثر على السلوك العمليّ لمن يتولى شيئا منه، فالمسؤول أمينٌ ومن فوْقه
جعل المال تحت رعايته. يقول الإمام (عليه السلام):
"وإِنَّ عَمَلَكَ لَيْسَ لَكَ بِطُعْمَةٍ ولَكِنَّهُ فِي عُنُقِكَ أَمَانَةٌ،
وأَنْتَ مُسْتَرْعًى لِمَنْ فَوْقَكَ".
وبهذا يكون المسؤول خازناً لهذا المال وليس مالكاً، فالمال لله عز وجل، ولذا أتم
الإمام كلامه بقوله: "وفِي يَدَيْكَ مَالٌ مِنْ مَالِ
اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، وأَنْتَ مِنْ خُزَّانِهِ ".
ثانياً: تأسيساً على النقطة الأولى، الأمانة
واجبة الحفظ وعلى الإنسان أن يحذر الوقوع في خيانة ما أؤتمن عليه، ولذا كان لسان
الوعيد الشديد من الإمام (عليه السلام) على مخالفة ذلك، يقول (عليه السلام):
"ومَنِ اسْتَهَانَ بِالأَمَانَةِ ورَتَعَ فِي
الْخِيَانَةِ، ولَمْ يُنَزِّه نَفْسَه ودِينَه عَنْهَا، فَقَدْ أَحَلَّ بِنَفْسِه
الذُّلَّ والْخِزْيَ فِي الدُّنْيَا، وهُوَ فِي الآخِرَةِ أَذَلُّ وأَخْزَى، وإِنَّ
أَعْظَمَ الْخِيَانَةِ خِيَانَةُ الأُمَّةِ، وأَفْظَعَ الْغِشِّ غِشُّ الأَئِمَّةِ
والسَّلَامُ".
فخيانة بيت المال المسلمين متعددة الجهات فهي خيانة للأمة لأن المال للمسلمين
وخيانة لأولياء هذا المال وهو صاحب التفويض بالتصرف في المال.
ثالثاً: التأكيد على صرف المال في موارده، فلا
يصح من الإنسان الإجحاف وعدم إعطاء الحقوق لأصحابها والحفاظ على بيت المال لا يبرر
حرمان من يستحق، ولذا خاطب الإمام (عليه السلام) أحد عماله وهو قثم بن العبّاس، وهو
عامله على مكّة: "وانْظُرْ إِلَى مَا اجْتَمَعَ عِنْدَكَ
مِنْ مَالِ اللَّهِ فَاصْرِفْهُ إِلَى مَنْ قِبَلَكَ مِنْ ذَوِي الْعِيَالِ
والْمَجَاعَةِ مُصِيباً بِهِ مَوَاضِعَ الْفَاقَةِ والْخَلَّاتِ".
رابعاً: أن يكون هذا التصرف مدروسا وصادرا عن
حكمة وحسن تقدير، ولا يكون عشوائيا وبلا تدبر ولذا خاطب الإمام بعض عماله بقوله:
"وإِنَّ عَمَلَكَ لَيْسَ لَكَ بِطُعْمَةٍ ولَكِنَّهُ فِي
عُنُقِكَ أَمَانَةٌ، أَنْتَ مُسْتَرْعًى لِمَنْ فَوْقَكَ. لَيْسَ لَكَ أَنْ
تَفْتَاتَ فِي رَعِيَّةٍ، ولَا تُخَاطِرَ إِلَّا بِوَثِيقَةٍ" أي ليس لك
أن تستبد في الناس وفي عطائهم ومنعهم كما أنه ليس لك أن تقدم على أي عمل إلا وأنت
على يقين من مكانه وصحته وفائدته، ولديك الحجّة الكافية الوافية على ذلك.
خامساً: الحذر من الإسراف، وتقدير المصرف
بالضرورة، فلا فرق بين حالتي وفرة المال أو قلته، فعلى الإنسان أن يحذر من الصرف
الزائد عن مقدار الحاجة، وطريق ذلك أن يستذكر الآخرة وأنه مسؤول عما يصدر منه من
تصرف بين يدي الله عز وجل.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
2017-03-08