يتم التحميل...

الشباب وحدهم القادرون على تحقيق أهداف الثورة ماديا وروحيا

الشباب

الشباب وحدهم القادرون على تحقيق أهداف الثورة ماديا وروحيا

عدد الزوار: 26

من كلمة الإمام الخامنئي بمناسبة عقد اللقاء السنوي للاتحادات الإسلامية. الزمان: 19/2/1386هـ. ش ـ 21/4/1428هـ.ق ـ 9/5/2007م.
الشباب وحدهم القادرون على تحقيق أهداف الثورة ماديا وروحيا

الشباب أدوا دورا فاعلا في الثورة وما تلاها
إنّ للشباب دائماً أهمية خاصة في حياة الأمم والبلدان، ولكن هذه الأهمية تتضاعف عند الظروف الحساسة.

فمثلاً عندما يخوض بلد أو شعب نضالاً أو يواجه تحدّياً عسكرياً مع الأعداء، فإن دور الشباب يصبح أكثر أهمية وبروزاً، وكذلك عندما يتسلّق بلد سلّم المجد نحو ذرى العلم والعمل والخبرة والسياسة والاجتماع، فإن دور الشباب يغدو أكبر أهمية وحتمية من أي وقت آخر في تاريخ الأمم والشعوب.

لقد اجتازت بلادنا لحظات حساسة في كل ما تلى انتصار الثورة من مراحل زمنية، وكان للشباب دوره البارز وتأثيره الفاعل ونشاطه المتوقّد في جميع تلك المراحل.

الحكم الطاغوتي حول بلادنا بتاريخها الحضاري إلى بلد متخلف
إنّ سيطرة السياسات الاستعمارية والاستبدادية والمُلك الوراثي العضوض للأسر والحكومات الغاصبة والجائرة على مدى نحو ثلاثة قرون قد أدّى ببلادنا إلى التخلّف عن قافلة التطور العلمي, مع ما نتميّز به من طاقة وإبداع، وهذا التخلّف العلمي أدّى بنا بدوره إلى التخلّف الاقتصادي والثقافي والعسكري وسواها من أنواع التخلّف المقيت.

إنّ إيران تحتل موقعاً استراتيجياً حساساً على خارطة العالم، وإنّ بلداً يتمتع بمثل هذا الموقع الجغرافي والطاقات والمصادر الطبيعية والإنسانية والمعدنية من شأنه أن يكون واحداً من أكثر البلدان تقدّماً وثراءً في العالم، إلاّ أنّ الحكومات القاجارية والبهلوية كانت تتحوّل دائماً إلى حكومات متخلّفة وعميلة وفقيرة وضعيفة تتسم بالذل وترتع في الهوان.

لقد حدث هذا في تاريخنا. فمن الذي يتحمّل وزر ذلك؟ إنهم الحكام الفاسدون وغير الأكفّاء بالدرجة الأولى, وهم الذين باتوا عملاء للسياسات الاستعمارية الغربية بمجرد نزولها إلى الساحة.

إنهم لم يكونوا على شيء من الهمّة والعزة، ولم يكونوا يهتمّون إلاّ بحياتهم الشخصية, وبما يحفظ لهم سيادتهم وسيطرتهم.

إنهم في مقدمة من يتحمّل هذا الوزر، ولاسيّما سلسلة السلاطين القاجاريين والبهلويين.

إنّ من حق الشعب الإيراني أن يأخذ بتلابيب هؤلاء يوم القيامة, وأن يشتكي إلى الله ظلمهم وجورهم, وأن يقيم عليهم دعوى مشحونة بالخوف والإرهاب، وأن يصرّح قائلاً: هؤلاء هم الذين حوّلوا بلادنا الغنية العظيمة بتاريخها الحضاري الفريد إلى بلاد متخلّفة فقيرة ضعيفة تعاني من الحقارة والذل والآمال الضائعة، وهي التي كان من حقّها أن تُحسب في عِداد دول العالم المتقدمة, أو أن تتصدّر القائمة في المرتبة الأولى.

شخصيات عظيمة أضاءت بوارق الأمل في سماء إيران المعتمة
فماذا حدث بعد ذلك؟ في خلال هذه المئة، أو المئة والعشرين سنة الأخيرة، والتي مازال القسم الأخير منها ممتدّاً حتى الآن، استيقظت الضمائر، وظهرت شخصيات عظيمة أضاءت بارقة الأمل في السماء المظلمة المخيّمة على هذه البلاد، فكانت صحوات ونهضات نذكر منها على سبيل المثال: حركة المعارضة التي تزعّمها الميرزا الشيرازي ضد الشركة المسمّاة (رژى) والتي كانت تبتلع البلاد رويداً رويداً؛ عازمة على أن يكون مصير إيران كمصير الهند في السيطرة الاستعمارية عليها.

ومن ذلك أيضاً صيحات آية الله المدرس في باحة المجلس الوطني آنذاك, والتي كان يعارض بها سياسات رضاخان، وسوى ذلك من الشخصيات والحركات التي عارضت تلك الاتفاقية الخائنة, والتي كانوا يريدون بموجبها وضع البلاد تحت السيطرة الإنجليزية.

لقد أضاءوا بوارق الأمل في أجواء إيران، وأشعلوا شموع الرجاء في الأفئدة، فازداد عزم الشعب قوةً ورسوخاً.

إنّ هؤلاء كانوا روّاد النهضة، فقيّض الله للشعب الإيراني قائداً إلهياً ذا عزم وإرادة كالإمام الخميني (رض) الذي سار خلفه الشباب، وكان ذلك التحوّل الكبير والأساسي، وتحطّمت قضبان ذلك السجن الرهيب الذي كان يعاني منه الشعب الإيراني.

ومع ذلك فالطريق طويل ما بين انتصار الثورة وبين بلوغ الأهداف المنشودة. إنه طريق مليء بالتحدّيات الصعبة؛ وهو ما يتطلّب الهمّة والقوة والنشاط والخلاّقية وتراكم الخبرات المختلفة.

الشباب وحدهم القادرون على تحقيق أهداف الثورة في التقدم والقيم السامية
إنّ الشباب وحدهم هم القادرون على تحقيق ذلك؛ بفضل معنوياتهم العالية ونشاطهم المتدفّق.

إنهم عادةً ما يعيدون إلى الأذهان مرحلة الدفاع المقدس، وهو أمر صحيح، فلقد كنا نعجب من تلك الجموع المترامية من الشباب المتطوعين, الذين كانوا يتنافسون بشدة وحماس في الالتحاق بالخطوط الأمامية لجبهات القتال دفاعاً عن استقلال بلادهم, باذلين أغلى ما لديهم في التصدّي لذلك الهجوم العسكري الشرس.

الجمهورية الإسلامية نموذج للرفاهية في ظل المعنويات
غير أنّي أريد أن أتحدّث معكم حول أمور وتحدّيات أخرى لا تقلّ شأناً عن مرحلة الدفاع المقدس: لقد رفع الشعب الإيراني لواء الحاكمية المعنوية والدينية في سماء البشرية. وهذا أمر بالغ الأهمية. صحيح إنّ نفوس الناس باتت تهفو للأمور المعنوية في الكثير من بلدان العالم، ولاسيّما الدول الغربية، بعد أن أضجرتهم الحياة المادية ـ وإن كانوا لا يعرفون ما هي تلك المعنويات على وجه التحديد ـ وأخذ الشباب الضائع يبحث عن شيء أرفع من تلك اللذائذ المادية الفارغة التي اعتاد عليها.

إنّ الشباب في الغرب المادي بات يتطلّع إلى المعنويات، ولكن تلك القوى الغاشمة التي تدير العالم تسيطر على اقتصاده، أي أولئك الناهبين الذين تُطلقون عليهم اسم الاستكبار العالمي، يحولون دون الشعوب من شقّ الطريق نحو الأهداف المعنوية.

إنّ ثمّة رغبة، ولكنّ العراقيل موجودة أيضاً.

في مثل هذا العالم نجد أنّ الجمهورية الإسلامية بشعبها وموقعها الجغرافي الحساس وشبابها وثرواتها المادية والمعنوية قد رفعت لواء المعنويات عالياً خفّاقاً كما يعلم الجميع، وهي تقول: أريد أن أصل بالبشرية إلى شاطئ السعادة والرفاهية والأمان والتقدم العلمي والاستقلال في ظل الحياة المعنوية. وقد أثبتت أنّ ذلك أمر ممكن, إلاّ أنّ الاستكبار العالمي يعتبر ذلك ادعاءً مبُالَغاً فيه؛ لأنه سوف يُبطل جميع فلسفاتهم, ويضع علامة تساؤل أمام كافة أساليبهم.

الشباب المؤمن المفعم بالأمل قادر على بلوغ ذرى التقدم العلمي
إذا ما استطاع هذا الشعب بلوغ ذرى التقدّم العلمي فإنه سوف يفتح أفقاً واسعاً أمام شعوب العالم للانطلاق نحو الحياة المعنوية. ولهذا فإنهم يخادعون ويعارضون ويبثّون الدعايات المغرضة ويوجّهون أنواع الإساءات, ويستغلّون الضغوط الاقتصادية والسياسية حتى لا يحقق هذا الشعب أهدافه، سوى أنّ عزمنا وعزم شعبنا هو عزم راسخ، ولسوف نواصل المسيرة، وهنا تتضح أهمية دور الشباب.

إنّ ذلك الشباب المؤمن المفعم بالأمل الذي يثق بنفسه وبطاقاته وقدراته وإبداعاته, والذي يتدفّق نشاطاً وقوة وحيوية يستطيع أن يقوم بدور بارز في تحمّل هذه المسؤولية العظيمة وبلوغ تلك الطموحات السامقة.

 

2017-03-08