يتم التحميل...

من خصائص الثورة الإسلامية

الثورة الإسلامية

من خصائص الثورة الإسلامية

عدد الزوار: 27

من كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في جمع من الشعراء ومداحي أهل البيت المناسبة: ذكرى ولادة الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام. الزمان: 3 /03/1388 ه.ش. 20/06/1432ه.ق. 24/05/2011م.
من خصائص الثورة الإسلامية

1 ــ ذكر " الزهراء والمهدي " تحول إلى تقليد في الثورة
إحدى الخصوصيات البارزة في ثورتنا ، الذكر المكرّر المضاعف لاسم السيّدة الزهراء المبارك سلام الله عليها. والاسم المبارك لحضرة بقية الله المهدي صاحب الزمان، صلوات الله عليه. هذان الاسمان المباركان تكرّرا طيلة عصر الثورة وبمناسبات مختلفة أكثر من سائر المعارف الإلهية والمعارف الإسلامية والمعارف الشيعية؛ وهو يُعدّ بذاته ظاهرة. فقبل الثورة، لم يتكرّر هذا الاسم المبارك للزهراء سلام الله عليها بهذا القدر، لا في المحافل الدينية ولا في المحافل العامّة، ولا على لسان الشعراء والخطباء والخواص والعوام وغيرهم. كان هناك متديّنون ومجالس ومحافل وخطباء وكان يُذكر اسمها المبارك، ولكن ليس بهذه الكيفية وهذه السعة وهذه النظرة العميقة. وما كان أحدٌ ليذكر للناس مثل هذه الأمور، أي أنّنا لم نكن نطرح هذه القضية في شعاراتنا وفي كلماتنا. هذه ظاهرة إلهية وهي أمرٌ نابعٌ من القلوب وناشئٌ من العواطف والإيمان. لم يقل أحدٌ لا إمامنا الجليل، ولا قادة الثورة للمجاهدين في مرحلة الدفاع المقدّس أن يجعلوا شعار "يا زهراء" للعمليات، أو أن يكتبوا على العصبة "يا زهراء"؛ ولكن أينما نظرتم طيلة مرحلة الدفاع المقدس فإنّ الاسم المبارك للسيدة الزهراء كان يُذكر أكثر من سائر الأسماء المطهرة والمباركة، كذلك كان الأمر للاسم المبارك لحضرة بقية الله أرواحنا فداه.

في الثورة، نبع هذان الاسمان على هذا النحو وبشكل طبيعي وبدون أوامر وبدون دراسة مسبقة، من القلوب والإيمان والعواطف. وهذه علامة مباركة تشير إلى عناية سيّدة العالَمين، ذاك العنصر الإلهي الملكوتي الذي لا نظير له بلحاظ النورانية في ساحة الوجود بعد أبيها الأكرم وأمير المؤمنين عليه السلام. بعض أهل المعنى كانوا يذكرون هذا الاهتمام الخاص. نحن سمعنا من بعض الذين كانوا يقولون إنّ لسيدة العالَمين عناية خاصّة. ومثل هذا الأمر قيّمٌ جداً، وباعثٌ على الأمل؛ فهو يُطمئننا ويُثبّتنا في قلوبنا ومن أعماق أرواحنا بأنّنا سنصل إلى الأهداف النهائية، ويحكم الخطوات ويُثبِّت الأقدام. عندما يتوجّه الإنسان إلى الهدف ويُشخّصه فإنّ الوصول إليه لن يكون مجرّد أمنية أو أمل، بل يجعل الأقدام راسخة، وكذلك لا يضلّ الطريق ولن يكون هناك يمينٌ ويسار.

2 ــ عدم الانحراف عن الخط المستقيم للثورة
إحدى أهمّ خصائص ثورة إيران الإسلامية هي أنّه وطيلة هذه السنوات الاثنتين والثلاثين وبالرغم من صعوبة الطريق وبُعد المسافة ومع كلّ هذه المزاحمات والتناقضات، ومع كل هذه السياسات الجديدة المختلفة الأشكال والمتعدّدة الجوانب، فإنّ هذا الخطّ المستقيم للثورة لم ينحرف مطلقاً، فشعاراتنا هي نفس تلك الشعارات وأهدافنا هي نفس تلك الأهداف والخط هو نفس الخط والطريق هو نفس الطريق.

ببركة البيان الواضح والبليغ لإمامنا الجليل الذي هو لحسن الحظ مضبوطٌ ومسجّل لا يوجد تفسيرٌ وتأويل. فالطريق مستقيم، هذا الطريق سارت عليه الثورة. وأنا أقول لكم، ما دمنا أنا وأنتم نتقدّم بإحكامٍ ولا نحرف عيوننا عن الهدف ونتحرّك بأمل، لا يمكن لأيّة قدرة في العالم أن تسدّ علينا الطريق.

ــ الثبات على طريق الثورة أحيا الأمل في قلوي الشعوب المسلمة
ومثل هذا كان له أكبر الأثر في تفتّح براعم الأمل في قلوب المسلمين والشعوب الإسلامية. عندما تحدث ثورة يفرح الكثيرون في العالم، وعادة ما تكون جماهير الشعوب في العالم هكذا. أذكر أنّه في أيام القمع عندما هلك دكتاتور إسبانيا وبالرغم من أنّ هلاكه لم يكن له أيّة علاقة بنا، لكنّنا هنا في طهران أو في مشهد فرحنا؛ كأنّه كان بالنسبة لنا عيداً، أن يزول ذاك الدكتاتور الذي حكم إسبانيا لسنوات، أو ذاك الدكتاتور الآخر في البرتغال حيث يوجد في هذه الدول الآن ضجيجٌ كبير. الحركة، حركة عظيمة جداً عندما مات، نحن هنا فرحنا. لهذا عندما تقع الثورات فإنّ أي إنسانٍ يوجد في قلبه أمل، وأمنية وفكرة سامية ويتألّم من الوضع الموجود في بيئته ونظامه يصبح مسروراً. عندما قامت ثورتنا فرح الكثيرون. لكن في الكثير من هذه الظواهر لا يبقى هذا السرور. تقع أحداثٌ تزيل هذه المسرّات وقد يختلف الأمر؛ أحياناً يطول الأمر لعشر سنين أو عشرين سنة، وأحياناً لا يصل إلى هذه المدّة، فتصبح الطرق معوجّة.

في ستينيات القرن الميلادي الماضي وتقريباً في نفس هذه الدول الإفريقية الشمالية حدثت ثورة في مصر، وفي السودان، وفي تونس، وفي الجزائر ولكن لم يطل الأمر؛ فإمّا أنّ البساط قد سُحِب من تحت أقدام الذين كانوا على رأس الأمور وكانوا زعماء الثورة فذهبوا وأعطوا أماكنهم للعملاء، أو أنّهم أضحوا بأنفسهم عملاء، فزخارف الدنيا لا تدع للناس مجالاً للراحة، فهذه الوساوس تشغل قلب الإنسان بشكل دائم وتؤثّر فيه، فما لم يوجد درع التقوى فإنّها تؤثّر في الناس بشكل سريع وتبدّل الطرق. لهذا فإنّ الآمال التي تفتّحت على أثر الثورات أصبحت محبطة على أثر الرجعيات؛ ربيعٌ سريع الزوال وينتهي.

إنّ خاصية هذه الثورة الإسلامية العظيمة، التي قمتم بها يا شعب إيران، هي أنّها بفضل الله لم تخسر ربيعها إلى اليوم. فهذا الثبات والمثابرة والتمسّك بالقيم والأصول التي جَلَبَتها الثورة للناس، هي تلك الأشياء ذاتها التي تحيي الآمال في قلوب الناظرين في أطراف وأكناف العالم الذين ينظرون ويشاهدون. لقد حدث هذا في ثورتنا.

نحن لا نريد هنا أن نقول أنا وأنا... ونغترّ بأنفسنا وننسب إلى أنفسنا المفاخر الخاوية، فنتبجّح قائلين إنّ تلك الدولة تعلّمت منّا، وتلك الدولة تلقّت منّا الدروس، كلا، لم تتعلّم أيّة دولة من بلدنا، لكن ما نقطع بوجوده هو أنّ بذرة الأمل تلك التي نُثرت في قلوب الشعوب وزُرعت وسُقيت ونمت وأثمرت كانت ناشئة من ثبات شعب إيران. لو أنّ شعب إيران تراجع، ولو أنّنا تخلّينا عن شعاراتنا، ولو أنّنا انحنينا أمام تهديدات الاستكبار العالمي وتهويلاته وضغوطاته لكانت ورود الأمل هذه، التي نمت وترعرعت في قلوب الشعوب، ذوَت وماتت. فثباتكم هو الذي سمح لغرسات الأمل هذه أن تنمو ولهذا الأمر أن يقع؛ وهذا بالبركات المعنوية الإلهية التي حصلت لنا عن طريق أهل البيت عليهم السلام واسم الزهراء المبارك الأطهر، واسم حضرة بقية الله المبارك وعنايته بنا. يجب أن نحافظ عليها؛ ويجب أن نحافظ عليها بكل جوارحنا. علينا أن نحافظ على هذا التوجّه وهذا التوسّل وهذا الالتفات لأهل البيت عليهم السلام واعتبار كل هذا من الله وعدم الاغترار بالنفس.

 

2017-02-24