يتم التحميل...

فرادة الثورة الإسلامية

الثورة الإسلامية

فرادة الثورة الإسلامية : شعب ينتصر بدمه على سيف الطاغوت وينجز إستقلاله في طريقة نحو التقدم

عدد الزوار: 23

من كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء جمعٍ من القوّات المسلّحة لمنطقة الشمال وعوائلهم ــ الزمان: 19/9/2012م.
فرادة الثورة الإسلامية : شعب ينتصر بدمه على سيف الطاغوت وينجز إستقلاله في طريقة نحو التقدم

العناوين الرئيسية
الشعب الإيراني وزمن الكفاح الصعب
فرادة الثورة الإسلامية : الدم ينتصر على السيف
حضور الشعب في الميدان يحرر إيران من للضغوط
تجذرت مبادئ الثورة فكان التقدم
من مؤشرات التقدم في إيران : الحركة العلمية

الشعب الإيراني وزمن الكفاح الصعب

الكلام الأساسيّ سيكون بمناسبة أنّكم، من الذين اصطفّوا فرداً فرداً في الخطوط الأمامية لحركة شعب إيران الاجتماعية، فالعوائل بنحوٍ، والأفراد بنحوٍ آخر. والكلام الأساسي هو إنّ بلادنا وشعبنا، وببركة الصحوة الإسلامية التي تحقّقت له قبل الشعوب الأخرى، يتحرّك على طريقٍ ملؤه الفخر وحسن العاقبة، وكل من يتنكّر لهذا إنّما يتنكّر للبديهيّات والواضحات.

لقد كنّا شعباً يُعدّ من الشعوب المتخلّفة في العالم، والفاقدة للتأثير في جميع التحوّلات العالمية، ومتأثّراً بإرادة القوى الدولية المتدخّلة، رغم امتلاكه للقابليات الجيّدة والماضي التاريخيّ المجيد، والإمكانات والثروات الطبيعية الهائلة. لقد كانت قوّاتنا المسلّحة وعلومنا وقضايانا الاجتماعية وسياسيّونا وحكوماتنا طوال سنوات متمادية في وضعٍ مؤسفٍ، ترزح تحت تأثير تدخّلات أعداء الشعب والحاقدين على مبادئه وتطلّعاته. وبالطبع، كان هناك شراراتٌ تنبعث على مرّ هذا التاريخ، ومشاعل تُضاء، وخصوصاً في العصور الأخيرة، لكنّ الأجواء كانت حالكة إلى درجة أنّ تلك الشعلات لم تكن قادرة على إضاءة الطريق للناس، إلى أن انطلقت الثورة الإسلامية وبدأت حركة النضال والجهاد الإسلامية. لقد كانت مرحلة الكفاح مرحلة صعبة، وكان الأمل في انتصار هذه المواجهات صفراً بالنسبة لبعض الناس، وأعلى من الصفر بقليل بالنسبة لبعضهم الآخر، فلم يكن هناك أملٌ كبير. وقد استطاع إمامنا الجليل أن يستمرّ على هذا الطريق، بشخصيّته الإلهيّة الاستثنائية في زمننا، فأكمل هذا الطريق بأنفاسه الدائمة وحكمته وإخلاصه وتديّنه وإيمانه بربّه. كان الذين يسلكون هذا الطريق يتعرّضون للتردّد مئات المرّات ويتزلزلون، ولكن عندما كانت تصلهم الأنفاس الدافئة لهذا الرجل الإلهي كان كل شيء ينبعث من جديد ويتفتّح، كان الله يعينه، وقد كانت الأرضية مهيّأة في وجوده وشخصيّته، وكان الله تعالى يثيبه ويلهمه ويهديه ويأخذ بيده ويعينه حتى وصل إلى مقطع الثورة الإسلامية، ومع عدم تصديق كلّ العالم، انتصرت هذه الثورة.

فرادة الثورة الإسلامية : الدم ينتصر على السيف
وأنا أقول لكم، إنّ الصحوة الإسلامية تنبعث في عددٍ من دول العالم الإسلاميّ، وهو أمرٌ مباركٌ جدّاً وقد رحّبنا به منذ البداية، ولكنّ الفروقات كثيرة. لعلّه لم يكن هناك قريةٌ واحدة أو مدينة صغيرة، في ثورتنا، وفي حركة شعبنا العامّة، وفي جميع أرجاء هذا البلد الكبير، خلت من بارقة من هذه الشعلة المقدّسة التي تخلب الأبصار. فقد سيطر شعارٌ واحد ومطالبة واحدة وهمّة واحدة على جميع القلوب والأذهان، في جميع أرجاء البلد وفي كلّ مكان. لقد حمل هذا الشعب هذا الحمل الثقيل بكلّ ما للكلمة من معنى، بالأجسام والأرواح والقلوب. وواجه الناس ذاك الطاغوت بأجسامهم في الشوارع، وهذا ممّا لم يحدث في العالم من قبل.

جاء أحد الزعماء المعروفين في العالم، ولا أذكر اسمه، إلى إيران، وقد فصّلت له كيف انتصرت الثورة الإسلامية, فما من انقلابٍ عسكريّ، وما من ضبّاط شباب يُسقطون نظام الطاغوت بالحضور في الميدان كما هو معروفٌ في العالم، وما من أحزاب تستطيع أن تمارس نشاطاتها السياسية، وما من نخبة ذات دور مهم. كان الدور دورَ جماهير الشعب ومن دون سلاح طبعاً. إذا نظرتم اليوم إلى بعض هذه الدول تجدون جماهير الناس يحملون السلاح من أجل التقدّم بأمورهم، ولم يكن من سلاح في يد الشعب الإيرانيّ، فبالأيدي الخالية وبالأجسام نزلوا إلى الميادين، وحملوا قلوبهم ودماءهم على أكفّهم ونزلوا.

وبالطبع، إنّ هذا ما كان ليحصل من دون الإيمان، هذا الإيمان العميق, فعندما انتشر هذا الإيمان العميق بين الناس نزلوا إلى الميادين وانتصر الدم على السيف. وهذه طبيعة جميع الأماكن، وهذا حال كلّ مكانٍ. فأينما تكون الشعوب حاضرةً للتضحية والفداء وتقديم النفوس والأرواح، لن تقدر أيّة قوّة على مقاومتها والوقوف بوجهها. فعندما تأتي الشعوب إلى الميادين، الدم ينتصر على السيف دوماً. عندما شرحت لذلك الزعيم الإفريقي انتصار الثورة الإسلامية، كان الأمر بالنسبة له ملفتاً جدّاً وجديداً، فذهب، وبعد مدّة قليلة رأيت أنّ حركةً شعبيّةً قد انبعثت في بلده وشعرتُ أنّها كانت مستلهمةً من سلوك إمامنا الجليل وسلوك شعب إيران، وقد انتصر أيضاً، لقد استطاع أن ينتصر على إحدى القوى العظمى الخبيثة المتسلّطة على العالم وخلّص بلده.

حضور الشعب في الميدان يحرر إيران من للضغوط
لقد كان هذا هو حال شعب إيران، فالجميع نزلوا إلى الميادين، ولهذا لم يشعر مسؤولو البلد من اليوم الأوّل أنّهم مجبرون على قبول الكلام الكثير والتوقّعات الكثيرة للقوى العظمى. ولا ينبغي أنّ تتصوّروا أنّ ما يحدث في بعض البلدان، التي ثارت مؤخّراً من ممارسة الضغوطات الأمريكية والغربية التي تحمل مسؤوليها على اتّخاذ مواقف محدّدة، أنّ هذا لم يكن في إيران، كلا. فتلك الضغوطات كانت موجودةً هنا، لكن ما كان أحدٌ ليبالي بهذه الضغوطات, لأنه لم يكن بحاجة إلى ذلك. لقد كان مسؤولو البلد يعتمدون على إرادة الشعب وإيمانه وكانوا مطمئنين إلى أنّ هذا الميدان مليءٌ بأصحاب العزم والإرادة المتلازمة مع الإحساس الكامل. هكذا كان، لم يكن هناك حاجة لذلك، والأمر هكذا إلى يومنا هذا. ففي يومنا هذا لا يرى نظام الجمهورية الإسلامية -بحول الله وقوّته - أنّه مجبرٌ على الإذعان لأيّة قوّة عظمى ومطالب أية قوّة متسلّطة ومتدخّلة. فهذا النظام يقبل كلّ ما هو في مصلحته ويعمل به، وما لم يكن في مصلحته يرميه جانباً ولو غضبت جميع قوى العالم واستاءت. فالسياسة هي هذه، كلّ ذلك بسبب الاعتماد على إيمان الشعب1...

تجذرت مبادئ الثورة فكان التقدم
جيد، منذ اليوم الأوّل للثورة وإلى يومنا هذا، كانت أهداف الثورة وتطلّعاتها تزداد وضوحاً لكلّ أبناء شعبنا. في ذاك اليوم قلنا الجمهورية الإسلامية وقلنا التقدّم الإسلاميّ، وشيئاً فشيئاً وعلى مرّ هذه السنوات، اتّضحت لنا معاني هذه الكلمات. كلّنا يعلم ماذا تعني الجمهورية الإسلامية، وماذا تعني السيادة الشعبية الإسلامية، وكذلك اعتماد النظام على آراء الشعب، وانتخاب الشعب، وإرادة الشعب. نعلم ماذا تعني مقولة الاستقلال والحرية والجمهورية الإسلامية، وما هو الاستقلال. لقد كانت هذه الألفاظ بالنسبة لنا مطروحةً بصورةٍ مغلقةٍ كأهداف. وعلى مرّ الزمان، اتّضحت لشعبنا ونخبنا وسياسيينا وشبابنا مختلف أبعاد الاستقلال. نحن نعلم ما هو الاستقلال ومخاطره وامتيازاته وكيفية نيله وكيف يتمّ عبور المخاطر، وتقدّمنا، وهذا هو أهمّ أنواع التقدّم. إنّ للتقدّم علامة واضحة، إنّه التقدّم في تجذّر نظام الجمهورية الإسلامية واستحكامه. فالشجرة المنيعة والصامدة، إذا نظرتم إلى جذورها وجذعها واختبرتموها فإنّها لن تكون في حال خواء ووهن، ولو مرّ عليها خمسون سنة. بعض الأشجار تكون حيوية ونشطة وذات بهجة، وبعد أن يمرّ عليها عشر سنوات أو عشرون سنة أو ثلاثون سنة، تصبح خاوية.


وإذا أصبحت كذلك، فلا حاجة لمن يأتي ويقتلعها، ستسقطها أيّ ريحٍ عاصفةٍ وتكسرها من جذعها. لكنّ الشجرة التي تمتلك قابلية البقاء لو مرّ عليها قرنان أو ثلاثة ستزداد اخضراراً بالمقارنة مع أوّل يومٍ أورقت فيه ولن تقل. وإنّ نشاطها في الربيع سيجعل الأشجار الأخرى تحت تأثيرها أيضاً، (تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا)2.

وإنّ من علامات تطوّر أيّ نظامٍ أنّه كلّما مرّ الزمان تصبح جذوره أكثر رسوخاً، وتنتشر فروعه وغصونه ويقوى جذعه.

وفي يومنا هذا، إنّ جسم نظام الجمهورية الإسلامية أكثر قوّةً واستحكاماً من السنوات الأولى من عمره، سنوات 59 و60 و61(هـ ش)3 وتلك السنوات. في ذلك اليوم، كان احتمال أعدائنا أن يتمكّنوا من إسقاط النّظام أكبر، وفي يومنا هذا صارت آمالهم أضعف بدرجات، وفي الكثير من الموارد تبدّلت هذه الآمال إلى يأسٍ، فهذا ما يشير إلى استحكام النظام.

وهناك بحثٌ آخر حول نشوء هذا الاستحكام ونشوء هذا التجذّر المتواصل، فهل هو ناشئٌ من كل هذا الإيمان العميق؟ هل هو ناشئٌ من هذه المعرفة العميقة؟ هل هو ناشئٌ من نفوذ الإيمان في القلوب؟ هل هو ناشئ من صحّة الشعارات؟ هل هو ناشئٌ من أنفاس ذلك الباني العظيم، بالمعنى الحقيقي لكلمة العظمة، أي إمامنا الجليل؟ فمن أين نشأ؟ مثل هذه أبحاثٌ مهمّة درسها شبابنا الأعزّاء وطلّابنا في الحوزات والجامعات، وهم يدرسونها ويجب عليهم أيضاً أن يستمرّوا في ذلك. لن أتعرّض لهذه الأبحاث.

من مؤشرات التقدم في إيران : الحركة العلمية
وما هو موجودٌ هو أنّ هذه الحركة تسير نحو التقدّم، وقد تحقّق هذا التقدّم، وهذا هو أساس المسألة، وعندما تقتربون من الغصون سترون أيضاً مؤشّرات التقدّم. ففي العلم مثلاً تقدّمنا، كما تقدّمنا على صعيد التكنولوجيا النابعة من العلم. لقد جئت إلى هذه الجامعة قبل 24 سنة و25 سنة، وتجوّلت فيها، وأيضاً زرتها مرّات عدّة في المدّة المتّصلة. لقد شاهدت هذه الجامعة وقتذاك، وها أنا أشاهد حاضرها الآن، ولا يمكن المقارنة بينهما. فتكامل الدوافع، التي بتبعها يأتي تكامل الحركة العلميّة، يُعدّ ظاهرةً محيّرة تجعل المرء في حال من الرضا العميق في الحقيقة. المطّلع يصبح متحيّراً. وبالطبع، إنّ هذا هو حال جميع الأماكن، في جامعات البلد، وفي مراكز الأبحاث، وفي المراكز العلميّة، التي لم تكن ثمّ بُنيت، قد تحقّق أيضاً كلّ هذا، وهذا هو حال أمل علمائنا. فما كان علماء الأجيال الماضية عندنا ـ والذين نحترم وجودهم كثيراً، ونحن الذين نقدّر ونحترم كلّ من جاهد في طريق العلم, لأنّهم ينتمون لوضع آخرـ ليصدّقوا كل هذا التطوّر العلمي الذي أحرزه هذا الجيل الشاب في مجال قضية تطوّر الصناعة النووية.

ولعلّني ذكرت هذا الأمر مرّةً أو مرّتين, عندما كانت تحصل هذه التطوّرات، فإنّ عدّة علماء بارزين عندنا، وأنا أعرفهم، وهم بارزون على المستوى العلمي وكانوا من أصحاب النوايا الصادقة، كتبوا لي رسالةً قالوا فيها أيّها السيّد لا تصدّق, فما يقولونه لا يمكن أن يتحقّق وغير قابلٍ للتحقّق، سواء أكان ذلك التطوّر النووي أم كان ذلك التطوّر المرتبط بالخلايا الجذعيّة، الذي هو من أبرز إنجازات هذه الحركة العلمية في السنوات الأخيرة. لم يكونوا ليصدّقوا، لكنّه حصل وكان. فمرور الزمان أثبت أكثر أنّ الأمر واقع، وأنّ هذه التطوّرات حاصلة، أي إنّ الحركة العلمية هي حركة لم تكن قابلة للتصديق بالنسبة لذاك الجيل الماضي عندنا، والذي تحدثت عنه، إنّ علماءه كانوا خيّرين وكنّا نعلم صدق نواياهم. وإنّني اليوم أقول لكم، إنّ شبابنا هؤلاء لديهم أعمالٌ في المجالات العلمية والتطوّرات العلمية والاكتشافات والإنجازات العلمية التي لعلّها غير قابلةٍ للتصديق بالنسبة لبعض أجيالنا الوسطيّة، وإن كان الجميع قد بدؤوا يصدّقون شيئاً فشيئاً هذا التطوّر.

إنّ المراكز العالمية تعلن في بعض الإحصاءات المختلفة أنّ التكامل العلميّ لإيران يكون أحياناً 11 ضعفاً، وأحياناً 13 ضعفاً إذا قارنّاه بالمعدّل العام للتكامل العلميّ في العالم. وبالطبع، لا يعني ذلك أنّنا متقدّمون من الناحية العلمية على جميع مراكز العالم، بل إنّ تخلّفنا كثير وتكاملنا سريع. ولو أنّنا استمرينا على هذا التكامل وبهذه السّرعة من الممكن في السنوات المقبلة، وبعد عشر سنوات أو خمس عشرة سنة أخرى، أن نصبح في المرتبة العالمية الأولى في جميع قطاعات العلم والتكنولوجيا. اليوم لسنا كذلك، فنحن نتحرّك في منتصف الطريق. هذا بشأن القطاع العلميّ.

والأمر عينه في المجالات السياسية والحضور الدّولي والمؤسّسات الاجتماعية والقطاعات المختلفة. لدينا تطوّر متعدّد وفي مستويات مختلفة، حيث إنّها في أماكن أبرز من أماكن أخرى، إنّ الدولة في حال تقدّم، وبالطبع، يجب أن يستمرّ هذا التطوّر. فكلامي هو:
إنّ كلّ من يشارك في بناء إيران الجديدة التي تتحرّك تحت راية الإسلام وتقترب من الأهداف، وجوده ذو قيمة. فإنّ كلّ من تكون حصّته أكثر تأثيراً أو أكثر مخاطرةً من روّاد هذه القافلة فإنّ حصّته من هذه المفاخر وهذا الشموخ أكثر من الآخرين، ولا ينبغي أن نتعب في أيّ وقتٍ. لقد سمعتم آية القرآن: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ)4. عندما تنتهي من العمل فارفع هامتك، أي ابدأ بعملٍ لاحق، فلا معنى للتوقّف. (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ)5 فكلّ حركةٍ صالحةٍ تتحرّكونها نحو الأهداف المقبولة والمعلنة للإسلام هي رغبةٌ إلى الله. وبالطبع، إنّ للروحانية والارتباط القلبي بالله الدور الأساسي. يجب على الجميع أن يعرفوا هذا.
 


1- انطلاق الهتافات: الله أكبر، والموت لأمريكا، الموت لإسرائيل.
2- إبراهيم، 25.
3- سنوات 1979، 1980، 1981م.
4- الشرح، 7.
5- الشرح، 7-8.


 

2017-02-24