يتم التحميل...

الثورة الإسلامية مظهر حضور اليد الإلهية القادرة

الثورة الإسلامية

الثورة الإسلامية مظهر حضور اليد الإلهية القادرة

عدد الزوار: 21

من كلمة سماحة الإمام الخامنئي في لقاء التعبويّين بمناسبة أسبوع التعبئة_23/11/2016

الثورة الإسلامية مظهر حضور اليد الإلهية القادرة
سأتعرّض في كلمتي لعدّة نقاط حول التعبئة ولكن قبل ذلك أعرض عبارات بمناسبة هذه الأيام (الأربعين الحسيني)، وبمناسبة هذه المسيرة العظيمة والتي هي في الحقيقة ظاهرة تاريخية كبرى. عادةً وفي هكذا ظواهر يشهدها الإنسان، والتي لا يروّج لها الإعلام والإعلانات، ثم تبرز فجأةً كظاهرة، فإنّ يد الله مشهودة فيها أكثر من كل الحالات الأخرى؛ إحدى نماذجها تتمثّل في الثورة الإسلاميّة نفسها. المواجهات السابقة لها أهميّتها، ومحفوظة في محلّها، ولكن ما جرى من الحضور الشعبي والمشاركة الجماهيرية لمدة سنة، سنة ونصف في بلد مترامي الأطراف كبلدنا، حيث كانت الشعارات نفسها التي يطلقها أهالي طهران، تتردّد على لسان أهالي القرية الفلانيّة النائية، في تظاهراتهم ضدّ النظام. لذلك قال الإمام حينها –كما نُقل لنا- إنّ هذه الثورة ستنتصر حتمًا، لأنّها مظهر حضور اليد الإلهية القادرة. وفي مرة أخرى قال لي شخصيًّا إنّني قد رأيت طوال هذه الثورة يد قدرة تدعم دومًا هذه الحركة الشعبية العظيمة. هذه هي الحركات الشعبية.

وهكذا كانت قضية السيطرة على مركز التجسّس (السفارة الأمريكية في طهران)، وسائر الأحداث التي جرت بعدها في هذا البلد، هكذا في قضية التاسع من دي1 التي حدثت منذ سنوات. وكذلك هي حالات الاعتكاف الحاشدة. هذه ظواهر لا تُعبّأ لها الحملات الإعلامية ولا تُبذلُ الجهود للتحضير لها.

مسيرة "الأربعين " طريق عشقٍ ممزوج بالبصيرة
انظروا وتأمّلوا كيف أنه في العالم ولأجل جمع عشرة آلاف شخص أو خمسين ألف شخص في مكان ما، كم يقومون بحشد وحملات إعلامية وإعلانية ويبذلون الجهود ثم لا ينجحون في هذا!

أما هنا، وعلى الرغم من وجود عقبات وموانع متعددة، يحضر من إيران فقط مليونا إنسان للمشاركة في مسيرة مشي لثمانين كلم –للمشي وليس للنزهة والتمدّد في الفنادق- ينهضون ويتوجهون إلى كربلاء؛ وأضعاف مضاعفة من العراق نفسه والبلاد الأخرى. إنها حادثة إلهية، هذه ظاهرة إلهية؛ هذه علامة تدلّ على أنّ هذا الطريق هو طريق عشق. غاية الأمر أنّه ليس عشقًا طائشًا، بل عشق ممتزج بالبصيرة؛ تمامًا كعشق الأولياء لله: "اللهم ارزقني حبّك وحبّ من يحبّك وحبّ كل عمل يوصلني إل قربك"2. هذا الحب وهذا العشق هو عشق متلازم مع البصيرة، حيث يعرف الإنسان، يُدرك ويفهم وتشدّه هذه الجاذبيّة، يجذبه هذا المغناطيس. حسنًا؛ بناءً عليه؛ فإنّ هذا العمل هو عمل كبير؛ وهذه الظاهرة هي ظاهرة عظيمة.

أتوجّه أوّلًا إلى الذين توفّقوا وذهبوا للمشاركة (في مسيرة الأربعين) لأرحّب بهم وأدعو لهم بالقبول الإلهي وأغبطهم حيث وفّقوا للزيارة وكنّا نحن محرومين منها. وأتقدّم بالشكر إلى الشعب العراقي الذي قام بالضيافة والاستقبال وأظهر المحبّة، واستطاع أن ينظّم ويدير هذه الحشود العظيمة طوال هذه الأيام. إنّ هذه الحادثة هي حادثة استثنائية وبالغة الأهمية.

بالشكر تدوم النعم: نعمة الثورة ونعمة " الأربعين"
حسنًا، الآن ما هي النتيجة؟ أريد أن أقول إنّكم ترون يد القدرة الإلهية بوضوح خلف حوادث كهذه وتلمسون بركاتها؛ ينبغي تأدية الشكر. فإن شَكَرْنا الله تبقى هذه الظاهرة وإن لم نشكر فإنها تُسلب منّا. لو لم يشكر الشعب الإيراني نعمة الثورة، لزالت وسُلبت منه، كما حصل في بعض بلدان العالم، حيث جرت ثورات، ولم يكونوا يعلمون كيف يشكرون، فخسروا الثورة؛ لم تُسلب منهم الثورة فقط، إنّما تراجعوا للوراء وتخلّفوا عشرين أو ثلاثين سنة أيضًا. لقد شكر الشعب الإيراني وقدّر الجميل. ليس الشكر فقط أن يقول الإنسان "إلهي لك الشكر"، أو يسجد سجدة شكر، الشكر هو أن ينهض الإنسان للعمل بمقتضيات هذه النعمة. لقد عمل الشعب الإيراني بهذا. لقد شارك هذا الشعب في كل الميادين وحضر حيث كان يلزم الحضور، لقد ضحّى هذا الشعب حيث كانت التضحية مطلوبة، قدّم الروح والمال والأعزّاء والأبناء وماء الوجه، نزل بكل هذه التضحيات إلى الميدان. لا أقول إنّ كل واحد من أبناء الشعب الإيراني قام بهذا العمل، ولكن حشودًا عظيمة، وأكثرية جماهيرية تحركت وعملت هكذا. والله تعالى قد استجاب لها ونصرها: حفظ لها الثورة. إن الثورة اليوم أقوى بكثير من أيام انتصارها الأولى، فهي أشدّ قوة وأكثر قدرة على التخطيط للمستقبل.

اشكروا نعمة القيام بهذه المسيرة. من جملة أبعاد الشكر أن تحافظوا في أنفسكم على تلك الروحيات وتلك الحالات المعنوية التي شاهدتموها وشعرتم بها في الأيام التي كنتم تمشون خلالها هناك: تلك الأخوّة، ذلك الحنان، ذلك التوجّه نحو الولاية، ذلك الاستعداد للتعب الجسدي وتفضيل المشقّة والعرق والمشي على الراحة والكسل. يجب التحلّي بهذه الحالات في كل أمور الحياة؛ هكذا يكون الشكر.

من جملة فروع الشكر، أن نسهّل هذا العمل لكل الذين يعشقون هذه المسيرة،.وتقع هذه المسؤولية على عاتق مدراء ومسؤولي القطاعات والأجهزة المتعدّدة في البلاد. تحصل أحيانًا بعض الحوادث؛ يجب عليهم ألا يسمحوا بتكرار هذه الأمور، فليقوموا بالوقاية واستباق الأحداث. هذا أيضًا من أقسام الشكر. وعلى أيّ حال، فلنعرف قدر هذه النعمة، فهي نعمة كبرى.

وإن شاء الله فإنها ستكون نعمة مستمرّة دائمة ومصدر عزّة وفخر ورفعة للشعب الإيراني والشعب العراقي. هناك في العالم من يسعى جاهدًا كي لا يرى الناس هذا النور الساطع ولكنّه لن ينجح. سوف يشعّ هذا النور ويراه العالم. إنّهم يحاولون إطفاءه أو تحريفه، لكنهم لن يحققوا أيًّا من أهدافهم. عندما تتابعون الحركة فلا بد أن تُظهر الحقيقة نفسها بنفسها وتبرز للجميع.


1- (نزول الجماهير لإنهاء الفتنة التي جرت بعد انتخابات 2009م)
2- بحار الأنوار، ج91، ص149 (مع اختلاف بسيط).

 

2017-02-24