العلم أساس قوة البلاد الإقتصادية والسياسية والهوية الوطنية
النهوض والتقدم
العلم أساس قوة البلاد الإقتصادية والسياسية والهوية الوطنية
عدد الزوار: 178من كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء المبتكرين والباحثين والمسؤولين عن مؤسّسات البحث العلميّ ــ الزمان: 29/7/2012م.
العلم أساس
قوة البلاد الإقتصادية والسياسية والهوية الوطنية
العناوين الرئيسية
· إنتاج العلم في البلاد في تطور مستمر
· العلم أساس إزهار الإقتصاد
· الإعتماد على النفط ليس إزدهارا
· إزدهار الإقتصاد تعزيز للهوية الوطنية
· لإنشاء المزيد من شركات البحث العلمي
· شركات البحث العلمي أفضل مظاهر الإقتصاد المقاوم
· الاهتمام بحلّ مشكلات الشركات العلمية
· لإنشاء المزيد من شركات البحث العلمي
إنتاج العلم في البلاد في تطور مستمر
أقيمت جلسة اليوم بهدف تعزيز شركات البحث العلمي، وعموماً من أجل
الابتكارات في العلم والتكنولوجيا وتقوية دخول منتجات هذه الشركات إلى الأسواق
والاستهلاك. ولقد أدلى الأصدقاء بآراء جيدة جداً. ولحسن الحظ، فإنّ المسؤولين
حاضرون في الجلسة، وسمعوا الاقتراحات.
ما نصرّ ونؤكد عليه هو أنّ العلم بالنسبة للبلاد رأس مال لا ينفد ولا ينتهي. إذا
تحرّكت عجلة إنتاج العلم في بلدٍ ما، وإذا كانت ثمّة موهبة انطلقت وسارت، وإذا بدأت
الإمكانيات والقابليات تبرز وتظهر فستكون مصدراً لا ينفد. العلم ظاهرة ذاتية
الإثمار، وليس شيئاً يضطرّ المرء من أجله للتبعية. نعم، إذا أردتم أخذ العلم حاضراً
وجاهزاً فستكون فيه تبعية واحتياج للآخرين، ومدّ الأيدي نحوهم، ولكن بعد أن يتكوّن
الصرح العلمي في بلد من البلدان، وإذا كانت في ذلك البلد مواهب، فسيكون كالينابيع
المتدفقة.
إذا خضنا في متابعة البحث العلمي والعلوم والتعمّق والتحقيق فيها - وإذا توبعت
بجدّية - هذه الحالة كما حصل والحمد لله خلال الأعوام الماضية، وبنفس السرعة بل
بمحفّزات أكثر واهتمام أكبر - فلا مراء أن البلد سيبلغ قمّة عالية.
بالنظر إلى الوقائع التي نشاهدها، وهي أمام أنظارنا، فإنّ هذا الارتقاء إلى الذرى،
والوصول إلى السموّ والتقدّم المنشود ليس محض خيال، بل هو أمرٌ واقعيّ، وهو ما تدلّ
عليه تجربة الأعوام الماضية.
العلم أساس إزهار الإقتصاد
في هذه الإحصائيات التي ذُكرت لاحظتم أنّ تقدّم البلاد في القطاعات
المهمّة والعلوم الحديثة والمؤثّرة في الحياة كان ملفتاً خلال عدّة أعوام. وهذا
مؤشّر على وجود مواهب وإمكانيات واستعداد. علينا أن نأخذ هذه المسألة بجدّية، أي أن
نهتم لقضية العلم والاعتماد على العلم في البلاد، ونجعلها أساساً للأمور والمشاريع.
هذا هو ما نقوله في هذه الأعوام.
إذا جرى الاهتمام بالعلم في القطاعات والمجالات المختلفة فستستطيع شركات البحث
العلمي والتي تعمل وتنتج وتوفّر الثروة على أساس العلم أن تصل باقتصاد البلاد
تدريجياً للازدهار الواقعيّ.
الإعتماد على النفط ليس إزدهارا
الحصول على الثروة عن طريق بيع المصادر النافدة مثل النفط ونظائره ليس
ازدهاراً ولا تقدّماً، إنّما هو خداع للذات. وقد وقعنا في هذا الفخ، ويجب أن نعترف
ونتقبّل أنّ هذا فخّ بالنسبة لشعبنا. لقد ابتلينا ببيع الخام، وهذا واقعٌ وصلنا
كتراث من الماضي وجرى تعويد البلاد عليه.
طبعاً جرت محاولات في هذه الأعوام الأخيرة لترك هذا الإدمان المضرّ بالبلاد، لكن
هذا لم يحدث بنحو تامّ. يجب أن نعتقد أولاً أن البلد ينبغي أن يصل إلى حيث يستطيع
بإرادته، وأنّه متى ما شاء يسد آبار نفطه.. يجب أن نصل إلى هذه العقيدة والقناعة.
هذا ما يتعلق بقضية النفط. وبيع الخام في مختلف أنواع المواد الخام والمعادن لا
يزال قائماً. وهذه من نقاط ضعفنا ومن مشكلات بلادنا. إذا أردنا أن ننجو من هذا
الوضع، ونحقق النمو الاقتصادي الحقيقي، فالسبيل إلى ذلك هو الاعتماد على العلم،
وهذا متاح عن طريق تقوية شركات البحث العلمي. علينا السير في هذا الاتّجاه.
لتشخيص جوانب الضعف وتلافيها
طبعاً الأعمال التي تمّ إنجازها أعمال مهمّة. التقرير الذي رفعه المعاون
المحترم لرئيس الجمهورية ـ وأنا طبعاً على اطلاع كامل نسبياً بشأن ما تمّ إنجازه عن
طريق التقارير التي وصلتني سابقاً ـ تقريرٌ باعث على كثير من التفاؤل والأمل، ويدل
على أنّ أجهزتنا ومؤسّساتنا والحمد لله تبذل جهوداً جيّدة في هذا الميدان، ولكن
لننظر ونشخّص نقاط الضعف في القطاعات المختلفة ونحاول رفعها وتلافيها.
إزدهار الإقتصاد تعزيز للهوية الوطنية
إذا استطعنا إن شاء الله التقدّم ببناء الأعمال الاقتصادية على أساس
العلم، وتحويل ذلك إلى طابع غالب على اقتصاد البلاد، فإنّ ذلك لن يمنح البلاد قوة
اقتصادية وحسب، بل سيمنحها قوة سياسية أيضاً، وقوة ثقافية. حينما يشعر البلد أنّ
بوسعه إدارة نفسه وشعبه بعلمه ومعرفته ويقدّم الخدمات لسائر الشعوب، فسوف يشعر
بالهوية والشخصية. وهذا بالضبط ما تحتاجه الشعوب المسلمة اليوم.
لقد كان الشعب الإيراني طوال أعوام متمادية قبل الثورة أسيراً لإضعاف روح الثقة
بالذات. منذ أن فتح المسؤولون الحكوميون أعينهم أولاً، ثمّ فتح أبناء الشعب
تدريجياً أعينهم وبهتوا أمام التقدّم العلمي المذهل للغرب، بدأ ترويج الشعور بالنقص
والدونية والاستهانة بالذات في هذا البلد وبين أبناء شعبه، ولحسن الحظّ فإنّ الثورة
غيّرت كلّ شيء, بما في ذلك هذه الحالة وهذه الروح. وعليه، فإنّ تأسيس الأعمال
والمشاريع الاقتصادية على أساس العلم يؤدّي إلى تعزيز الروحية والشخصية والهوية
الوطنية ويزيد كذلك من الاقتدار السياسي. الاستقلال والاعتماد على الذات في بلد ما
يورث الاقتدار السياسي فضلاً عن الاقتدار الاقتصادي الذي سيتحقّق بشكل طبيعي.
لإنشاء المزيد من شركات البحث العلمي
ما نريد أن يترتّب على هذه الجلسة إن شاء الله هو على العموم شيئان:
أحدهما تشجيع النخبة والمتخصصين وأهل العلم والبحث العلمي على التوجّه صوب تأسيس
مثل هذه الشركات ( شركات البحث العلمي) ، وكذلك إيصال منتوجات هذه الشركات والبحوث
إلى الأسواق وتوفيرها للناس وإدخالها في العجلة التجارية. هذا هو مقصدنا الأول.
طبعاً التعاضد والتكامل بين العلم والثروة هو التعريف الأولي لهذه الشركات. بناءً
عليه، فليعقد أهل العلم وأصحاب الرساميل عزمهم ويزيدوا من هذه الشركات. قيل إنّ
عشرين ألف شركة ستتأسّس حتى نهاية الخطة، لكنّني أتصوّر أنّنا يجب أن نهتمّ بصورة
أكبر بعدد شركات البحث العلمي في البلاد. طبعاً يجب النظر إلى الكمّ والكيف معاً.
حيث إنّ قضية النوعية قضية أخرى الآن.
الاهتمام بحلّ مشكلات الشركات العلمية
الهدف الثاني هو أن تُرفع إن شاء الله مشكلات هذه الشركات. ثمة مشكلات ـ
مشكلة السيولة النقدية ومشكلة المساعدات المعنوية المتنوعة، وقد ذكرت في الاقتراحات
المطروحة ـ تستطيع الحكومة أن تعالجها. القطاعات المعنية بهذه القضية، سواء
المعاونية المحترمة لرئاسة الجمهورية أم وزارات الصناعة والعلوم والصحة والجهاد
الزراعي المحترمة، والوزارات المرتبطة بهذه الأمور، بوسعها التعاون وتقسيم
المسؤوليات وتعيين حدود واجبات كل قطاع ورفع المشكلات.
أ ــ السيولة النقدية
من الأمور التي ذُكرت هنا - واعتقد أنّها صحيحة - هو تغيير الأنظمة
القديمة والتقليدية لتشخيص الاعتمادات، بما في ذلك البنوك والمراكز المالية، تجاه
هذه الشركات. مشكلة السيولة النقدية مشكلة مهمّة من مشاكل هذه الشركات.
ب ــ " عنصر المخاطرة "
ومن جملة الأمور التي ذُكرت ـ ونعتقد أنها صائبة ـ قضية ملاحظة المخاطرة
في هذه الشركات، إذ لو لم تكن في هذه الشركات مجازفة ولم يكن هناك استعداد لتقبّل
المجازفات والمخاطرات فإنّ الأمور لن تجري ولن تتقدّم إلى الأمام.
طبعاً، ثمّة سبل للحيلولة دون أن تهدّد هذه المخاطر أصل وجود هذه الشركات، من قبيل
أنظمة التأمين الخاصّ والمحدّد لمثل هذه الأعمال، وهذا بدوره من مهامّ الأجهزة
الحكومية.
ج ــ الاهتمام بالمخترعين
ومن القضايا المهمّة أن ترصد أجهزتنا الحكومية الاختراعات وبراءاتها،
وتتوجّه هي نحو أصحاب الاختراعات والنخب الفكرية وتطالبهم بالتعاون والمساعدة كي
يستطيعوا أن يساهموا في تأسيس شركات البحث العلمي وفي أقسام معينة منها. لا تقعد
أجهزتنا حتى يأتيها المخترعون ويراجعوها وتقع الأعمال في التلافيف والتعقيدات
الإدارية والبيروقراطية وغيرها من المشكلات.. هذه الأمور تضعف بلا شكّ المحفّزات
والاستعدادات.
د ــ رصد المواهب
حسب التقارير التي لديَّ فإنّ الأجانب يرصدون المواهب الموجودة في
بلادنا، وما ينفعهم منها يأتون ويستثمرونه ويأخذونه. المواهب والطاقات الإنسانية
أثمن ما يمتلكه البلد. يجب أن لا نسمح ولا ندع هذا يحصل. والشكل المنطقيّ لـ "عدم
السماح" هو أن نوفّر الفرص والأرضية، ونشجّع ونأخذ بالأيدي، وندفعهم نحو العمل،
ونأخذهم إلى الميدان ليعملوا ويكونوا متفائلين متشوّقين، وعندها سيتوفّر ذلك
الينبوع المتدفّق الذي لا ينضب.
هـ ــ تنفيذ المقرّرات الإداريّة
من جملة الأمور التي ذكرت وهي صحيحة قضية تنفيذ قانون دعم شركات البحث
العلمي والذي صودق عليه منذ سنتين أو ثلاث. قدّمت الحكومة لائحة وصادق عليها مجلس
الشورى. طبعاً، لم يجرِ إلى الآن إقرار النظام الداخلي لتنفيذها والإعلان عنه.
وينبغي القيام بهذا الأمر بسرعة. وإن شاء الله يتابع المسؤولون الحكوميون الحاضرون
هنا هذه المسألة. وقد رصدوا لهذه المهمة مبلغاً وتمت المصادقة على إيجاد صندوق
وتمّت تهيئته. إذا أخذ ذلك القانون مجراه إن شاء الله فسيساعد بالتأكيد على تقدّم
شركات البحث العلمي وتنميتها.
و ــ كفاية المساعدات المالية
النقطة الأخرى التي أشير إليها ـ وقد كانت في ذهني وذُكرت في التقارير
التي زوّدونا بها ـ هي أن لا تحصل الشركات الحكومية على نصيب أوفر من المساعدات
المالية والدعم فتبقى الشركات غير الحكومية تراوح مكانها. وقد لاحظت أن بعض
الأعزّاء أشاروا هنا إلى هذه النقطة، وقد جرى الاهتمام بها في تقاريرنا. لنعمل ما
من شأنه أن يساعد القطاع الخاصّ على الوقوف على قدميه وينمو بالمعنى الحقيقي للكلمة
في مجال شركات البحث العلمي.
إذا نما القطاع الخاصّ وتطور في هذا المجال نعتقد أن منافع ذلك ستكون كثيرة جداً
على البلاد. سيكون للحكومة دورها الداعم والموجّه والمرشد والمساعد، لكن محور
الحركة في هذا المجال هو القطاع الخاصّ. هذه أيضاً من النقاط موضع الاهتمام.
ز ــ تأسيس بنك للمعلومات
ومن الأمور المهمّة في هذا المضمار بنك المعلومات. من فوائد هذه الجلسة
أن يأتي بعضهم ويزوّدوا جماعة النخبة والمختصّين والمسؤولين بمجموعة من المعلومات.
ينبغي أن تكتسب هذه العملية الطابع العام، ويجب أن يكون هناك بنك معلومات، فنعلم ما
نمتلكه وما لا نمتلكه، ونعلم ما نحتاجه. خصوصاً بعض القطاعات الحكومية التي ذكروها
هنا - كالنفط والدفاع والزراعة - لها الكثير من الاحتياجات، وإذا اتّضحت هذه
الاحتياجات لمؤسسي شركات البحث العلمي، فإنّ المستعدّين من حيث الاستثمارات العلمية
واستثمار الأموال بوسعهم التوجّه نحو هذه الاحتياجات لرفعها وتلافيها. إذن، تأسيس
بنك معلومات وعرض المعلومات اللازمة على الجميع أمر ضروريّ جداً.
ح ــ الإنفتاح على مجالات النشاطات المختلفة
ونقطة أخرى هي أنّ شركات البحث العلمي تستطيع العمل في مجالات مختلفة في
البلاد، ويجب أن لا يحدّدوا مجالات نشاطهم بدوائر وحدود معينة، لتنطلق المواهب في
كل المجالات التي فيها حاجة ويلزم العمل فيها، وستستطيع هذه الشركات إن شاء الله أن
تمارس دورها هناك.
شركات البحث العلمي أفضل مظاهر الإقتصاد المقاوم
ما أريد أن أقوله باختصار في ختام كلمتي هو إنّ على الجامعات والأجهزة
الحكومية وكلّ أبناء الشعب - الذين لحسن الحظّ لديهم القدرة والاستعداد لمثل هذا
العمل، سواء من الناحية العلمية أم الإمكانات المالية - السعي لمعرفة متطلّبات
زمانهم (بلحاظ المسؤولية)، والمقطع التاريخيّ الحسّاس الذين يمرّون فيه والعمل على
أساس ذلك.
حينما قلنا الاقتصاد المقاوم فهذا ليس بشعار بل هو واقع. البلد يتقدّم إلى الأمام.
إننا نشاهد أمامنا آفاقاً رحبة جداً ومبشّرة. ومن البديهيّ أن تكون المسيرة نحو هذه
الآفاق مشوبة ببعض المعارضات والخصومات. بعض هذه المعارضات ذو دوافع اقتصادية،
وبعضها سياسي، وبعضها إقليمي، وبعضها دولي. وقد ينتهي بعض هذه المعارضات أحياناً
إلى هذه الضغوط المتنوعة التي تلاحظونها. الضغوط السياسية والحظر وغير ذلك، والضغوط
الإعلامية. ولكن في ثنايا هذه المشكلات وفي وسط هذه الأشواك ثمّة أيضاً خطوات راسخة
وهمم وعزائم تريد العبور وسط هذه الأشواك، وتصل إلى المحطة المنشودة. هكذا هو وضع
البلاد حالياً.
حسنٌ، على كلّ واحد منّا أن يعرف دوره ويمارسه. من القطاعات التي أمامنا قطاع
الاقتصاد، وميزة الاقتصاد في مثل هذه الظروف هو أنه اقتصاد مقاوم، أي الاقتصاد الذي
تلازمه المقاومة، ويقف أمام عرقلات الأعداء وخبثهم. أعتقد أنّ من القطاعات المهمة
التي بوسعها تكريس هذا الاقتصاد المقاوم هو ما تقومون به. شركات البحث العلمي هذه
هي من أفضل مظاهر الاقتصاد المقاوم وأكثر عناصره تأثيراً. ويجب بالتالي متابعة هذه
الأعمال.