يتم التحميل...

المطلوب تحول تربوي ينشئ جيلا يتمتع بأخلاق فاضلة وقابليات عقلية مبدعة

العلم والتطور

المطلوب تحول تربوي ينشئ جيلا يتمتع بأخلاق فاضلة وقابليات عقلية مبدعة

عدد الزوار: 22

كلمة الإمام الخامنئي دام ظله لدى‎استقباله مدراء وزارة التربية والتعليم. الزمان: 3/5/1386هـ. ش ـ 10/7/1428هـ.ق ـ 25/7/2007م.
المطلوب تحول تربوي ينشئ جيلا يتمتع بأخلاق فاضلة وقابليات عقلية مبدعة

بسم الله الرحمن الرحيم

ساعدكم الله أيها الأصدقاء الأعزاء الذين اجتمعتم للتباحث حول أكبر المواضيع الإنسانية أهمية في البلاد، وهو موضوع التربية والتعليم، وبالذات حول أهم وأبرز ما يتعلق بهذا الموضوع من قضايا، وهي قضية التحوّل.

التفكير في تطوير نظام التربية والتعليم خطوة جريئة
إنّ التحوّل كلمة واحدة، ولكن خلف هذه الكلمة الواحدة يكمن عالم واسع من الجدل والعمل. فأولاً: ما هو هذا العمل؟ وثانياً: ما هي الأهداف؟ وثالثاً: كيف يتمّ إنجازه؟

إنّ الجواب عن هذه الأسئلة الثلاث يتطلّب عمراً طويلاً من العمل، إننا نضع كل ذلك تحت عنوان التحوّل، ونقول: تحوّل. حسناً، إنكم تستحقّون الشكر والتقدير على مجرد التفكير في إيجاد تحوّل عميق على صعيد التربية والتعليم، فلقد تحلّيتم بالعزم والشجاعة, فنطقتم بإسم التحوّل، وهي خطوة جريئة، حيث إنّ بعض الأنظمة تبدو أحياناً وكأنها خالدة وراسخة وبعيدة عن التغيير، حتى الإنسان لا يستطيع التحلّي بالشجاعة والإقدام على الاقتراب من هذه الأنظمة بغية تغييرها وتطويرها. ولكنكم قمتم بهذه الخطوة، وقلتم إنكم تبغون إيجاد نوع من التحوّل والتطور في نظام التربية والتعليم عندنا، وهو عمل في غاية الأهمية.

إنّ من أوضح الواضحات بالنسبة لكم ولي ولكل المعنيين بقضية التربية والتعليم ـ والذي ينبغي تكراره ـ هو أنّ التربية والتعليم تمثّل العمود الفقري لأي بلد من البلدان.

إنّ من يريد تحقيق الكرامة المادية والسعادة المعنوية والسيطرة السياسية والتقدم العلمي والرفاهية في الحياة الدنيا، أو أي حلم آخر، لابد له من وضع التربية والتعليم نُصب عينيه وأن يتخذ الإجراءات اللازمة كعمل تأسيسي لبلوغ مبتغاه. فلماذا؟ لأن كل هذه الأمور تحتاج إلى طاقة بشرية.

إنّ الطاقة البشرية تتبلور وتتجسّد غالباً في التربية والتعليم، بحيث لو أنّ مرحلة التربية والتعليم، والتي تستغرق نحو اثني عشر عاماً من عمر الإنسان، مرّت على ما ينبغي، لكان من شأن الشباب أن يأخذ صورته النهائية بدون أي تغييرات أساسية محتملة في شخصيته خلال سنوات عمره اللاحقة.

فلو أنّ هذا الشاب نشأ نشأة سليمة فسيبقى على هذه الصورة طوال حياته تقريباً.

إذاً فالتربية والتعليم هي المهد الأصلي لنشأة ونمو وإنتاج ذلك العنصر الأساس، والذي ما هو؟ إنه الإنسان، الإنسان ذو القابلية، إنها الطاقة الإنسانية.

الإنفاق في "التربية والتعليم" إستثمار وليس إسراف
وعلى هذا الأساس فإنه لا توجد مؤسسة أخرى تفوق في أهميتها وخطورتها مؤسسة التربية والتعليم. وهذا موضوع في غاية الأهمية.

وكما أسلفنا، فإن الجميع على علم بكل ذلك ـ وعلى المسؤولين أن يعلموا بأنه ليس كلاماً جديداً ـ ومع ذلك، فإن هذا العلم ليس من شأنه وحده أن يجدي نفعاً.

إنّ علينا في نظرتنا العامة لمشاريع البلاد ـ كالتخطيط والميزانية وتوزيع المصادر المالية ـ ألاّ نعتبر التربية والتعليم مؤسسة استهلاكية، بل إنتاجية؛ لأنها تنتج لنا أهم العناصر وأكثرها فعالية لتقدم البلاد.

إنّ ما نعطيه لوزارة التربية والتعليم من إمكانيات وأموال وفرص متعددة وأنواع الدعم المختلفة يمثل في الحقيقة عاملاً مساعداً على ادّخار ثروة معنوية طائلة ستعود على البلاد بالنفع في المستقبل تدريجياً.

إنّ هذا ما ينبغي أخذه بنظر الاعتبار.

ورثنا نظاما تربوي وتعليميا ينطوي على خللين فادحين:
أ ــ نظام يناهض الدين والأخلاق
وأما الملاحظة الأخرى فهي: أنه ينبغي الأخذ بعين الاعتبار أيضاً أنّ مؤسسة التربية والتعليم الحالية في بلادنا ليست وليدة أفكارنا ولا خططنا ولا فلسفتنا. وهو ما لا يخفى على أحد، بل هو إحدى البديهيات، وإن كنّا لا نوليه أهمية. فمنذ أن تأسس نظام باسم التربية والتعليم في بلدنا ـ ومنذ البداية ـ لم يكن من المقدّر أن نطبّق هذه المناهج التي يطبّقونها حالياً.

لقد كان هناك خللان فادحان: الأول يتعلق بالناحية العقائدية والإيمانية، والثاني يتعلق بالناحية السياسية والإدارية للبلاد.

أما فيما يتعلق بالناحية الدينية فإن من جاءوا بنظام التربية والتعليم الجديد الى بلادنا لم يكونوا يرغبون في جعل أبنائنا وشبابنا متدّينين، بل كانوا يهدفون الى حرف المواطنين وإبعادهم عن العقائد الدينية. لقد كان هذا أمراً مسلّماً به.

إنّ الذين وضعوا مناهج التربية والتعليم ابتداءً في بلادنا بذلوا جهوداً في البرمجة والتخطيط، وألّفوا الكتب الدراسية، ولم يكونوا جميعاً بعيدين عن الدين تماماً، بل كان من بينهم متديّنون، ولكن السمة العامة كانت كما أوضحنا.

إنّ ما فعلوه مع التربية والتعليم كان هو بعينه ما فعلوه مع الحجاب والسفور ولكن بصورة أخرى، وكان هو ما فعلوه مع المراكز والمؤسسات الدينية التي قاموا بقمعها عن طريق رضا خان بشكل آخر، أي أنهم كانوا يرمون الى تكريس الفكر غير الديني، بل المناهض للدين.

لقد قامت التربية والتعليم على مثل هذا الأساس منذ بداية نشأتها. وكما أشرنا فإن المؤسسين الأوائل للتربية والتعليم لم يكونوا جميعاً بعيدين عن الدين، بل كان منهم الملتزمون والمتديّنون، ويبدو ذلك جليّاً من خلال المناهج والكتب الدراسية القديمة التي اطّلعنا على بعضها في مرحلة الشباب، ولكنّ أصل التيار كان ضد العقيدة ومناهضاً للدين. وكان يزداد قوة وترسيخاً بتقادم الحقبة البهلوية حتى بلغت ذروتها ومنتهاها.

ب ــ نظام متغرب يقوم على مبادئ الثقافة الغربية
إنّ ذلك البعد السياسي والإداري كان هو البعد غير الوطني في التربية والتعليم. ومع أنّ النظام البهلوي كان ينادي بالقومية، وكان يسعى فعلاً الى تحقيقها، إلا أنه كان مضطرّاً الى استبعاد الدين من منظومته القومية؛ لأنه كان فاقداً للإيديولوجية, ولأنه كان فاقداً لها فقد احتاج الى بديل، وقد تمثّل هذا البديل في النزعة القومية كشأن العديد من البلدان الأخرى. وعلى هذا فقد كانوا ينزعون الى تكريس الفكر القومي، ولكنها لم تكن تلك القومية التي من شأنها الحفاظ على الهوية الوطنية. فما هو الدليل؟ لأن تبعيتهم السياسية كانت تزداد يوماً بعد آخر، وكان ذلك ينعكس بدوره على المناهج التعليمية والتدريسية في التربية والتعليم، كما كان يتجلّى أيضاً في قوانين ومناهج أجهزتنا الحقوقية والقضائية، وكذلك في إنشاء الدوائر الحكومية والمؤسسات العامة للدولة، أي أنه التغرّب المطلق، وهذا ما اكتنف نظام التربية والتعليم.

لقد كان نظام التربية والتعليم عندنا نظاماً متغرّباً، تقليدياً، قائماً على أساس الأفكار والمبادئ الشائعة في أوروبا.

لربّما كان البعض يفضّل النسخة البلجيكية، والبعض الآخر الإنجليزية، والبعض كان يرجّح الفرنسية، ولكن المهم هو أن تكون النسخة أوروبية.

لقد كان ذلك ملموساً تماماً في دوائرنا ومؤسساتنا الحكومية أيضاً. وهكذا نشأت وتأسست التربية والتعليم، وهكذا استمرت، وعلى هذا بقيت. ولكن المثير للإنتباه هنا هو أنّ أولئك الذين كانوا يفضّلون الشكل القديم والتقليدي للتربية والتعليم، لم يستطيعوا الحفاظ على تلك الأشكال والقوالب التي شاعت في تلك الأيام، بل كانوا يوجدون تغييرات ويدخلون تطورات بصورة دائمة، فطوّروا من أنفسهم، ولكن التقليديين لم يدركوا تلك التغييرات فأبقوا على الشكل القديم والتقليدي للتربية والتعليم.

لقد كان هذا هو نظام التربية والتعليم التقليدي عندنا.

وبالطبع فإننا لم نرسم سوى الملامح العامة، لا أننا نريد إعطاء صورة كاملة عن نظام التربية والتعليم.

التغيير الذي حصل بعد إنتصار الثورة لم يتعدى بعض الأمور السطحية
لقد بقي هذان العيبان الأساسيان والكبيران حتى قيام الثورة الإسلامية، وهما: مناهضة الدين، أو على الأقل مخالفة المبادئ والأخلاق والتربية الدينية، وثانياً: الجمود والتقليد وعدم الالتفات للمتطلبات الحقيقية للبلاد والشعب الإيراني.

لقد حدثت إنجازات كبيرة في التربية والتعليم بعد انتصار الثورة، إلاّ أنّ نظام التربية والتعليم بقي على حالته القديمة بلا تغيير.

إنّ هذا هو العيب الذي يسمّيه المعلّمون والخبراء وقدامى المنتسبين للتربية والتعليم بحفظ الدروس، وهو ما يحرم التلاميذ من موهبة الإبداع، ويذهب بالشباب بعيداً عن التأمّل والتفكير، ويُبقي على الواجبات متراكمة، وهذا كله يعود الى ذلك النظام القديم البائد والمتراكم والمتحجّر الذي علاه غبار الأيام.

إنّ ما حدث من تغيير لم يطل سوى بعض الأمور السطحية، كأن يبدأ الكتاب بقوله (بسم الله) أو بآية قرآنية، وهو ما لم يكن في السابق.

إنني لا أغمط حق من قاموا بهذا الانجازات، فلقد حدثت تحوّلات عظيمة حقاً. إنني ألاحظ جيداً أنّ الكتب الدراسية الآن زاخرة بالتعاليم الإسلامية والشعارات الوطنية، وهي تطورات كانت تحدث تدريجياً طبقاً لكفاءات وأذواق المسؤولين والمدراء خلال هذه الثماني والعشرين عاماً الماضية. كما أنّ ما أشرتم إليه من إدراج المفاخر العلمية في الكتب الدراسية قد تمّ إنجازه بالفعل، وقد لاحظت ذلك، وهي خطوة ممتازة جداً.

إنّ شبابنا بحاجة إلى التعرّف على علماء بلادهم وتاريخها وأمجادها العلمية عن طريق الكتب الدراسية.

إنّ شبابنا يعرفون لاعبي كرة القدم أكثر من معرفتهم لابن سينا أو محمد زكريا الرازي!

وأما عشّاق السينما فإنهم يعرفون مشاهير الفنّانين الفرنسيين والأمريكيين أكثر من معرفتهم لعلماء الرياضيات أو فطاحل الأدب الفارسي! فإذا ما روعي ذلك في المناهج الدراسية لكان أمراً حسناً للغاية.

إننا نقدّر كل هذه الجهود، سوى أنها لا تعبّر عن التحوّل أو التغيير.

التغيير المنشود لا بد أن يمثل نهضة جذرية
إنّ التغيير يمثّل نهضة جذرية، وأنتم قادرون على ذلك.

إنّ الذين يتولّون شؤون التربية والتعليم ويتقلّدون المسؤوليات الرفيعة المستوى في بلادنا اليوم يتمتعون بالطموح الكافي لبلوغ هذا الهدف، ولا مندوحة عن ذلك.

فماذا نريد من التربية والتعليم؟ وما هو الشكل الذي نتمنّاه لدارسيها وخرّيجيها؟ لابد من معرفة ذلك وتوضيحه ورسم ملامحه الكاملة، ثم نفكر في الخطوة اللازمة والوسيلة المطلوبة لبناء وتنشئة مثل هذا الكيان، رجلاً كان أو امرأة أو شاباً، وما هي التعاليم التي يتوجّب ضخّها في عروق التربية والتعليم من أجل المحافظة على نمو ذلك الكيان، وبعد ذلك على خبرائنا الجلوس معاً والعمل سوية على تدوين ورقة عمل ودستور يتمّ تطبيقه بجرأة وشجاعة على كافة مؤسسات ودوائر نظام التربية والتعليم؛ بغية الوصول إلى الشكل المطلوب تحقيقه. فهذا ما يمكن أن يكون تغييراً حقيقياً وتأسيسياً.

نريد جيلا يتمتع بالأخلاق الفاضلة والقابليات العقلية
إننا نريد لخرّيجي التربية والتعليم ـ بعد نحو ثلاثة عشر عاماً من الدرس والتحصيل ـ أن يكونوا حائزين على الفضائل الأخلاقية، ومتميزين بالقابلية الفكرية والعقلية، وأن يكونوا متمسّكين بالدين.

فمن الناحية الأخلاقية يجب أن يكون ذلك الإنسان شجاعاً، حسن الفطرة، سليم الطويّة، متفائلاً، ومفعماً بالأمل والإرادة والإيجابية في كل ما يمكن أن يتصوّره المرء من فضائل ومناقب أخلاقية للإنسان المثالي.

وأما من الناحية الفكرية، فمن الضروري أن يكون مبدعاً، كثير النقاش، محبّاً للتفكير والإبداع والتجديد، ميّالاً لاقتحام الميادين العلمية الواسعة؛ لكشف واختراع ما يضيء طريق البشرية، وعاشقاً للفكر والتأمل.

وأما من الناحية السلوكية، فينبغي أن يكون إنساناً منتظماً، يعرف القانون ويحترمه. هذا هو الإنسان الذي نريده. فهل من الممكن تربية مثل هذا الإنسان؟ نعم، بالتأكيد.

صحيح أنّ البشر ليسوا سيّانَ في كل شيء، وصحيح أنّ ثمّة جينات مختلفة ومؤثرات وراثية بدنيّة وذهنية متعددة تتحكّم في وجودهم ونشأتهم، ولكنهم متشابهون عادة في الصفات الأساسية. وكما قيل: أنا لوحة بيضاء، فليرسم على وجهي الفنان المبدع ما يشاء.

إنها يد الفنان التي تحدد ملامح هذه الصفحة البيضاء، وإنها يدكم المبدعة التي ترسم خصال وشخصية ذلك الإنسان الذي نريد.

طبعاً لن تكون هذه خاتمة الإبداع، فنحن لا ننكر الرتوش والظِلال والألوان والتعديلات، فهي ذات تأثير، ولكن أثرها يبقى محدوداً للغاية, حيث تشكّلت ملاح الصورة الأساسية.

النظام التربوي المطلوب مسؤولية "التربية والتعليم" بدرجة أولى
وبهذا فإنه يمكن تربية الإنسان وتنشئته بهذه الطريقة أخلاقياً وسلوكياً وفكرياً ونفسياً.ولكن من سيتحمّل هذا العبء؟

إنها التربية والتعليم بالدرجة الأولى. نعم، إنّ مؤسسة الإذاعة والتلفزيون تعتبر عاملاً مؤثراً، وكذلك العائلة، وبعض العوامل المؤثرة الأخرى ذات الأهمية المحدودة، ولكنني أعتقد بأن التربية والتعليم تستطيع أن تقهر الإذاعة والتلفزيون وتتغلب عليها.

إنّ بإمكاننا أن نطلب من الإذاعة والتلفزيون أن تفسح مجالاً للتربية والتعليم لتقديم برامج لها من هناك، ولا شكّ أنها ستكون برامج مفيدة ومؤثرة إذا توفّرت فيها عناصر التحوّل والتغيير اللازم.

إننا بصدد ذلك.

إنّ بوسع التربية والتعليم التأثير في الحياة العائلية؛ لأنها من العوامل ذات الأهمية الفائقة والتأثير العميق، ولديها القدرة على تربية الإنسان الصالح.

إنّ هذه هي فلسفة التربية والتعليم.

توجيهات ونصائح على الطريق نحو التحول التربوي المرتجى
إنّ من الواضح أننا نرغب في تربية جيل مثالي، ولكن على أصحاب الخبرة والاختصاص أن يشمّروا عن سواعد همّتهم ويضعوا مشاريع وخططاً مدوّنة لبلوغ هذا الأمل.

هذه هي فلسفة التربية والتعليم، فعليهم بتشخيص ذلك وجمعه وتدوينه.

وطبقاً لهذه الفلسفة، فسوف نحصل على النظام المطلوب للتربية والتعليم، وبالطبع فإنه لابد من جدولة عناصر هذا النظام وتنسيقها، ولكن يبقى أنّ التطبيق هو المهم والأساس، وهذا يحتاج الى نفر من ذوي الخبرة والموهبة، فلابد من بنائهم وتخريجهم أيضاً.

إنّ مثل هذه الانجازات لا تتحقق خلال عام أو عامين، فعليكم بالتسلّح بالعزيمة ووضع جدول زمني لقطف ثمار هذا المشروع، وليكن خلال خمسة عشر عاماً مثلاً.

إنّ خمسة عشر عاماً تعدّ مدة طويلة، ولكنها ليست كذلك إذا ما قيست بأهمية الموضوع.

إنّ عليكم تأسيس القاعدة وتمهيد السبيل، أو كما يقول المثقفون (فونداسيون) فعليكم بإعداد مشروع تأسيسي متكامل حتى يأتي الآخرون لوضع لبناته وتشييده. وعندها ستجد التربية والتعليم طريقها للخلاص من مأزق الجمود والتحجّر، ولا سبيل الى ذلك إلا بما أوضحنا.

وحتى يأتي ذلك اليوم فلا ينبغي الجلوس عاطلين، بل لابد من القيام بالنشاطات الضرورية التي أشار إليها السيد الوزير المحترم، فهي نشاطات جيدة جداً، ولقد عاينت هذا التقرير فيما سبق.

إنّ العناية بالمراكز الحرفية ومعاهد وكليات تربية المعلمين والاهتمام بمتطلبات المناطق المحرومة هي كلها أمور جيدة، وضرورية، ولابد من القيام بها، مع العلم أنها جميعاً لا تعبّر عن التحوّل المطلوب، فذلك مشروع أكبر عمقاً وأجود تأسيساً، ولابد من إنجازه.

إنّ المجلس الأعلى للثورة الثقافية يتحمّل هو الآخر مسؤولية كبرى، وكذلك هو المجلس الأعلى للتربية والتعليم، فعلى كافة القوى والطاقات الفكرية والنخبوية في البلاد أن تتكاتف جميعاً لتحقيق هذا الهدف المنشود, كل منها على قدر ما له من استعداد إن شاء الله.

ندعو الله سبحانه وتعالى لكم بالتوفيق كما سدد خطاكم في هذه الدورة لإحياء المعاونية التربوية من جديد بعد أن كانت آثارها قد اندرست جرّاء فساد أذواق بعض القدامى. لقد حققتم إنجازاً مهماً وضرورياً، فواصلوا الاهتمام بهذه الظاهرة في كافة مؤسساتنا، حيث لابد من العناية بالأمور التربوية وما يتعلق بذلك من معاونيات وأقسام.

نسأل الله تعالى أن يُرضي عنكم قلب ولي العصر الإمام المهدي عليه السلام، وأن يسرّ بكم أرواح شهدائنا الأبرار وروح إمامنا الراحل، وأن تكونوا في الغد أحسن حالاً من اليوم إن شاء الله .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

2017-02-24