يتم التحميل...

حكومة التّمسك بالمبادئ والقيم والصمود في وج القوى الإستكبارية

الحكومة الإسلامية

من كلمة الإمام الخامنئي في لقائه رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة بمناسبة أسبوع الحكومة. الزمان: 4/6/1386هـ. ش ـ 12/8/1428هـ.ق ـ 26/8/2007م.

عدد الزوار: 57

من كلمة الإمام الخامنئي في لقائه رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة بمناسبة أسبوع الحكومة. الزمان: 4/6/1386هـ. ش ـ 12/8/1428هـ.ق ـ 26/8/2007م.
حكومة التّمسك بالمبادئ والقيم والصمود في وج القوى الإستكبارية
ميزات الحكومة
أ ــ التمسك بالأصول والقيم بالرغم من مرور السنين
لقد قطعتم عامين تقريباً من الانخراط في الخدمة، وفيما يلي لديّ بعض الانطباعات عن أسلوب عمل هذه الحكومة. وأعتقد أنها لا تختلف ـ أيضاً ـ عن انطباعات المراقبين المنصفين الذين هم في أغلبيتهم الساحقة جماهير الشعب الإيراني.

أولاً: إنّ الميزة البارزة والمهمة هي التمسك بالأصول والقيم. فالحكومة تبدو ملتزمة بمبادئ الثورة وقيمها، وهو ما يتضح من خلال أقوالها وشعاراتها ـ والتي هي أمر مهم ـ ومن خلال أفعالها وانجازاتها.

إننا لو نظرنا إلى جميع الثورات العظمى وتلك التحوّلات السياسية الكبرى التي وقعت في القرنين التاسع عشر والعشرين للميلاد، وقبل كل ذلك الثورة الفرنسية، لوجدنا أنّ تلك الثورات أدارت ظهرها لمبادئها وأشاحت بوجهها عن قيمها وشعاراتها, ولم تُخلص لأصولها خلال فترة زمنية ضئيلة!

إنّ هذا ـ وبلا أي تحليل ـ ما كتبه المؤرخون, وما ينطق به التاريخ.

لربما كانوا يتشدّقون بتلك المبادئ أحياناً، إلا أنّ الجميع كانوا يعلمون أنهم تخلّوا عن كل شيء, وأنّ التغيير طال تلك المفاهيم، كما حدث في فرنسا، ومع الثورة الروسية، حيث إنّ تلك القيم والمبادئ تبدّلت قولاً وعملاً وفقدت بريقها في مدة زمنية قصيرة.

لقد تغيّرت تلك المبادئ أيضاً لدى كافة الثورات الأقل شأناً في جميع أرجاء العالم، وهي قاعدة لا أكاد أجد لها استثناءاً فيما أعلم.

وأما بالنسبة لثورتنا، فإنها لظاهرة إعجازية فريدة، حيث مازلنا حتى اليوم نرفع تلك الشعارات ونتمسك بنفس تلك المبادئ والأصول في قراراتنا وبرامج عملنا كما كنّا عليه في بدايات الثورة دون التراجع قيد أنملة عن تلك الأصول والمبادئ.

إنه لأمر فائق الأهمية، فالأساليب تتغيّر، وأما المبادئ والأصول فتظل ثابتة.

لقد ظلت الأصول الأساسية باقية.

إنّ كافة الخصومات التي تمارس ضد ثورتنا مردّها إلى بقاء هذه الأصول، ولربما عَلَق بها بعض الغبار بمرور الزمان، إلا أننا نجدها اليوم أشد شفافية وحياةً من أي شيء آخر، كما أنها أكثر بروزاً حيث تحتل مكانتها المهمة دائماً في خطبكم وشعاراتكم وبرامجكم التي تخرج عن مجرد كونها أقوالاً إلى خطوط وتيارات تُحدث آثارها العملية والعميقة في أوساط المجتمع، وهذه هي طبيعة المسؤولية.

ولكني أقول بين هلالين: إنّ لكلامكم مسؤولية قصوى كمسؤولين، فكل ما تتفوّهون به يبقى مرتكزاً في أذهان المواطنين، ولا يُنسى بمجرد قوله كخطوط على سطح الماء، بل يبقى أثره متجسّداً في أحداث وذهنيات المجتمع على فترات متفاوتة إما قصيرة وإما طويلة.

إذاً فشعاراتكم تجعل الجو الأصولي والقيمي والوفيّ لمبادئ الإمام والثورة غالباً على المجتمع، وهذا في منتهى الأهمية.

إنّ تلك أول وأهم ميزة تتسم بها حكومتكم.

ب ــ التمسك بالعدالة
وثانياً: ذلك التمسك بالعدالة الذي تحدّثنا عنه.
ربما لم تستطيعوا حتى الآن ـ وربما لا تستطيعون حتى تنتهي فرصتكم ـ تحقيق جميع ما صبوتم إليه فيما يتعلق بالعدالة، إلا أنّ نفس هذا التطلع للعدالة يُعدّ شيئاً مهماً للغاية، فعليكم بالتحرك بأقصى سرعة ممكنة، وكما قيل:

التوجّه إلى البادية خير من الجلوس في سكينة

حتى إذا لم أبلغ مقصدي أكون قد بذلت ما في وسعي

إنّ ذلك أفضل من عدم الحديث مطلقاً عن العدالة، وأفضل من نسيانها وإخفائها وضياعها في طيّات سواها من المفاهيم المختلفة وإقصائها عن عقل وبصر الإنسان، فهذا لا يصح؛ لأن العدالة عندما تطفوا إلى السطح وتلقى الاهتمام اللازم بصفتها معياراً وشاخصاً أصلياً، فإنها ستجد طريقها تلقائياً إلى البرامج والمشاريع المطروحة.

ج ــ الإلتزام بالخدمة
إنّ الالتزام بالخدمة يعتبر أيضاً من مميزات هذه الحكومة التي تستحق الذكر والتقدير.

إنّ عمل هذه الحكومة بجِدّ واجتهاد يعتبر أمراً بارزاً إذا توخّينا العدل والإنصاف، حتى إنّ البعض من المعارضين لا يستطيعون إنكار ذلك، أي أنّ الظلم مهماً كان حجمه لا يستطيع التغلب على حقيقة أنّ هذه الحكومة متفانية في أداء مهامها وجادة في عملها؛ وهذا ما يبعث على الرضا والغبطة.

د ــ الشجاعة والإلتزام
ومن المميزات الأخرى لهذه الحكومة الشجاعة والحزم.

وعلى سبيل المثال فإن ما قمتم به من تقنين البنزين يعتبر إقداماً كبيراً، وهي خطوة أولى بالاعتماد على الحاسوب وتوجيهه وبرمجته حتى يتم الوصول إلى الهدف المنشود، ومع ذلك فإنني أجد أنّ بعض المسؤولين لم يدركوا حتى الآن عظمة هذا الانجاز مع كونه من أهم الانجازات التي حققتها هذه الحكومة، ولعلّني أشير لاحقاً إلى هذا الموضوع وضرورة متابعته حتى النهاية بدقة وعناية؛ حتى لا يتعرض للتوقف أو الخلل، وكذلك هي الأعمال الأخرى التي قمتم بها تدل على شجاعة وحزم هذه الحكومة.

هــ ــ التطلع إلى الإصلاح والتغيير
ومن الخصوصيات الأخرى التي سجلّتها في ملاحظاتي: ميل هذه الحكومة إلى التغيير والتجديد والإصلاح.

وكما ذكر السيد رئيس الجمهورية الآن في تقريره، فإن ثمة تغييرات جذرية حدثت في الأجهزة والمؤسسات الحكومية، وهي انجازات أساسية.

إنّ الإصلاح في الواقع هو أن يفحص المرء مختلف الأجهزة والمؤسسات والدوائر، فيدخل عليها التغييرات اللازمة سعياً نحو الإصلاح والتطور.

و ــ الصمود في وجه الأطماع الإستكبارية
وأما الميزة الأخرى التي تستحق الذكر: فهي عدم اتخاذ هذه الحكومة مواقف انفعالية إزاء تصاعد الأطماع الاستكبارية، وهذا أمر مهم جدا في تقديري، حيث ينبغي على كل واحد أن يعرف موقعه ومكانته في العلاقات الدولية، وأن تكون أهدافه واضحة، وأن يكون مدركاً لحقيقة إمكاناته وطاقاته وما هو مُقدم عليه.

إنّ العالم اليوم ليس ساحة هادئة بلا منافسات ولا صراعات حتى يقول المرء: حسناً، إنّ لدينا مصالح نحن أيضاً، فلنعمل على تحقيقها والحفاظ عليها بكل تؤدة وطمأنينة! كلا، فالعالم ليس هكذا، ولم يكن هكذا أبداً، سوى أنّ هذا الوضع بات أشد إلحاحاً بفضل تقنية الاتصالات الحديثة التي اختصرت المسافات بين شعوب العالم.

إنّ العالم يعاني اليوم من التناقضات فهو ميدان للانتهاكات وتكالب الأقوياء على الضعفاء، أي أنّ قانون الغابة هو السائد في أوساط السياسة الدولية في الحقيقة.

إنّ ما تقوم به الحكومات الاستكبارية الآن وفي مقدمتها أمريكا لا يعير أهمية للمنطق والعقلانية والأعراف السياسية الدولية، بل إنّ القاعدة لدى هؤلاء هي الاعتماد على منطق القوة والغلبة.

إنهم يقولون: ما دمنا أقوياء، فلنفعل ما نريد!

إنّ المنطق هو منطق القوة. وفي هكذا عالم فإن الضرر يلحق لا محالة بكل مَنْ يُظهر الاستسلام والمداهنة والوهن والتراجع عن مواقفه, وعدم استخدام قواه وإمكاناته في المواجهة.

إنّ أحداً لا يرحم أحداً في هذا العالم!

إنّ هذا الصمود في مواجهة الأطماع الاستكبارية والشعور بالعزة والكرامة في هذا المجال يعتبر في رأيي من مميزات هذه الحكومة، وهي مميزات حقيقية وموجودة بحمد الله.

ز ــ تفقد المحافظات ومساعدة الطبقات المحرومة
إنّ تفقّد المحافظات باستمرار يعتبر هو الآخر من الأمور المهمة في تحقيق العدالة وإيصال المساعدات الخدمية للطبقة المحرومة في مجتمعنا.

إنّ التزامكم بهذا العمل وتحمّلكم لهذه المسؤولية, وتفقّد كافة أنحاء البلاد, والتواصل مع جماهير المواطنين عن قرب والاستماع بصورة مباشرة إلى ما يجول في خواطرهم وضمائرهم من أفكار ومشاعر، وهو ما يردده عادة بالنيابة عنهم المسؤولون وأئمة الجمعة والشخصيات البارزة، يعدّ في نظري أمراً حسناً للغاية.

لقد قضيت ردحاً من عمري في النشاطات والمسؤوليات التنفيذية وغير التنفيذية في هذا البلد، ومع ذلك فإن معلوماتي تزداد وتتضاعف عادة بعد كل زيارة تفقّدية أقوم بها لإحدى المناطق، فهناك فرق شاسع بين التقارير المسجلة على الأوراق والمشاهدة الميدانية.

إنّ السفر والاحتكاك بالحياة الحقيقية للمواطنين أمر مهم للغاية. فمن ذا الذي يستطيع أن ينكر ذلك أو يشكك في فوائده ونتائجه؟

إنّ هذا عمل فائق الأهمية؛ فهذا ما تقومون به الآن، مع كل ما تتكبّدونه من عناء ومشقّة، بارتياح ورحابة صدر.

2017-02-22