يتم التحميل...

أهمية الإنتخابات: بتأثيرها الممتد لسنوات

الحكومة الدينية

من خطاب الإمام الخامنئي في وفود شعبية من محافظات مازندران، كيلان، كلستان وكهكيلويه وبوير أحمد_15/5/2013

عدد الزوار: 26

من خطاب الإمام الخامنئي في وفود شعبية من محافظات مازندران، كيلان، كلستان وكهكيلويه وبوير أحمد_15/5/2013

أهمية الإنتخابات: بتأثيرها الممتد لسنوات
الأمر الذي يحوز على أهمية بالدرجة الأولى حاليا بين قضايا البلاد السياسيّة، هو مسألة الانتخابات. إنّ الانتخابات حدث يقع ويتمّ في يوم واحد، لكنّها من الأحداث التي يكون تأثيرها طويل المدى. إنّكم تقومون بانتخابات رئاسة الجمهوريّة في ظرف يوم واحد. لكنّ أوّلاً، تحكّمون الشخص أو الأشخاص لمدّة أربع سنوات في مصير البلد والأحداث المصيريّة في البلاد، وثانياً، إنّ نطاق تأثيرهم لا ينحصر بهذه السنوات الأربعة. أحياناً، تقوم الحكومة بأفعال، تبقى تأثيراتها لسنوات، سواءً الأعمال الجيّدة، أو لا سمح الله الأعمال غير الجيّدة، تأثيرها لن ينحصر بتلك السنوات الأربعة، إنّما تبقى كتيّار. إذن، إنّكم تقومون في يوم واحد بحركة، بانتخابات، بعمل، قد يدوم تأثيره لمدّة قصيرة، أربع سنوات، أو لمدّة طويلة، أحياناً أربعين سنة، الانتخابات مهمّة بهذا الحجم.

الإنتخابات هذا العام وهدف الأعداء
للانتخابات، هذا العام أهمّيّة مضاعفة. أقول لكم أيّها الإخوة الأعزاء، الأخوات العزيزات؛ يا عموم أفراد الشعب الايراني: لقد تحوّلت انتخاباتكم اليوم التي ستُجرى بعد حوالي الشهر من الآن إلى موضوع عالميّ مهمّ، فلتعلموا هذا. فأجهزة الأعداء الفكريّة على حدّ قولهم، الغرف الفكريّة ترصد مقدّمات هذه الانتخابات، هذه الحادثة الكبرى، إنّهم يراقبون، لهم خطّتهم أيضاً، ولديهم أهدافهم. هدف جبهة أعدائكم هو النقطة المقابلة لهدفكم. أنتم إذ تشاركون في الانتخابات، تسعون وراء الفرد الأصلح الذي يستطيع أن يتقدّم ببلدكم بالسرعة نفسها، بل بأسرع منها، سواءً على المستوى المادّي أو على المستوى المعنويّ. أنتم تسعون وراء الانتخابات، من أجل أن يتمكّن شخص أو أشخاص، حكومة، رئيس جمهوريّة، أن يعلي شأنكم وعزّتكم، أن يرسّخ إستقلالكم، أن يحسّن وضع حياتكم الاجتماعيّة ويجعلها أكثر رفاهيّة، يحلّ العقد، يوجد الأمل والحماس والحيوية في البلاد، لكنّ عدوّكم على العكس من ذلك، يرغب بإجراء إنتخابات حيث من المقرّر الآن أن تُجرى، بالطبع، لو كانوا يستطيعون القيام بعمل تُلغى فيه الانتخابات، لفعلوه، لكنّهم الآن، حيث لا مفرّ من إجراء الانتخابات خالية من هذه المحسّنات التي هي من أجل مستقبل البلاد، بل تسيّر البلاد نحو الارتباط بالأجنبي، نحو الضعف، نحو التراجع والتخلّف في الميادين المختلفة، يجرّ البلاد نحو التخلّف، يسوقها إلى الخلف، هذا هو هدف هؤلاء. إذاً، هناك هدفان يقفان في مقابل بعضهما: هدف الشعب الايراني، وهدف جبهة الأعداء.

أ ــ المشاركة الواسعة وإختيار الأصلح تحقق هدف الشعب
كيف يمكن لهدف الشعب الايراني أن يتحقّق. يتحقّق هذا الهدف من خلال عاملين:

العامل الأوّل هو أن تكون هذه الانتخابات، إنتخابات حامية ومفعمة بالحماس، أن يشارك فيها أفراد كثيرون، أن يشارك فيها الشعب بحماس ورغبة، ويقترع.

العامل الثاني هو أن تنتهي هذه الانتخابات بانتخاب إنسان جدير غير مرتهن، ذي عزم، مؤمن، ثوريّ، ذي همّة جهاديّة. من خلال هذين الأمرين يتحقّق هدف الشعب الايراني.

ب ــ إنتخابات باردة تحقق هدف الأعداء
كيف يتحقّق هدف الأعداء؟ يتحقّق أوّلاً من خلال إجراء إنتخابات باردة، بأن يكون الشعب غير متحمّس، بأن يشارك عدد قليل فيها، أن يقول البعض: لِمَ نشارك؟ وما الفائدة من مشاركتنا؟ لا نريد المشاركة. هؤلاء يسرّون قلوب الأعداء. ثانياً أن تكون النتيجة المتأتّية عن صناديق الاقتراع، نتيجة تجعل الحكومة تبعاً لدولة، والشعب مرتبطاً أكثر فأكثر، متوجّهاً نحو التبعيّة، نحو التموضع في سياسات الأعداء، هذا ما يريده الأعداء. انظروا، فالمشهد واضح، ما تريدونه واضح، وما يريده الأعداء واضح.

ضرورة التنبه لدعايات ألأعداء الإنتخابية
والآن نأتي إلى المطلب الثاني وهو كيف نجد الأصلح، وما هي مشخّصات الإنسان الذي يكون أصلح من الآخرين؟ توجد في هذا المجال أمور، سوف أتطرّق إليها، إن شاء الله وإن مدّ الله في عمري، لاحقاً قبل إجراء الانتخابات.

ما أريد أن أقوله اليوم، هو أنّ المسألة الأولى أي الحماس والرغبة في الانتخابات، والتوجّه العامّ نحو الانتخابات هو أوّل الأعمال المهمّة التي يمكن للشعب القيام بها، ولا يريد العدوّ لها أن تتمّ. فماذا سيفعلون من أجل الحدّ من حماس الشعب ومعنويّاته وحركته ونشاطه؟ يسعون لتيئيس الشعب من المشاركة في الانتخابات: يا سيدي، ما فائدة المشاركة؟ وما الذي سيحدث إن ذهبنا الآن واقترعنا؟ يريدون أن يثيروا هذا الجوّ بين الناس. لهذا، إنّكم إن استمعتم اليوم إلى الإذاعات الغربيّة والمراسلين الصهاينة إذ جميع أخبار العالم اليوم توجّهها في الواقع، شبكة صهيونيّة كبرى، بحسب تعبيرهم تفلترها وتنشر الأخبار التي يحلو لها ؛ ترون أنّهم يسعون لإظهار الوضع في البلاد متأزّماً. حسنٌ، توجد مشاكل في البلاد، وأيّ بلد خالٍ من المشاكل؟ الغلاء موجود، البطالة موجودة، وأيّ بلد في العالم اليوم غير مبتلى بهذه المشاكل؟ اليوم، نفس تلك الدول الأوروبيّة المروّجة للدعايات ضدّ الجمهوريّة الاسلاميّة، غارقة في المشاكل إلى حنجرتها. فالشعب في واحدة أو عدد من هذه الدول ينزل كل عدّة أيّام إلى الساحات، ويصرخون من الفقر والاضطرار، ويُهاجمون من قبل القوى الأمنيّة في بلدانهم. هؤلاء طبعا يخفون هذه المشاكل ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.

لدينا أيضاً مشاكلنا. ينبغي أن نقارن المشاكل بالنقاط الايجابيّة الموجودة فينا الآن. أيّ بلد كبلدنا يملك شعباً منسجماً ومتّحداً مثل شعبنا؟ إنّ عشائر البلاد، وأديانها، ومدنها، ومناطقها المختلفة، جميعاً تحيا وتسير في اتّجاه واحد، نحو هدف واحد، بعواطف وأحاسيس واحدة، وعلى أمل واحد. أيّ بلد يملك كلّ هؤلاء الشباب المفعمين بالأمل والنشيطين؟ إن شبابنا اليوم يفتحون الميادين العلميّة العظيمة، ينالون الدرجات العليا في المباريات العالميّة المختلفة، أهذا شيء قليل؟ أيّ شعب مثل شعبنا، استطاع على الرغم من كلّ هذه العداوات أن يحقّق هذه العظمة، وهذه الأهمّيّة، وهذا التأثير في القضايا العالميّة وفي قضايا المنطقة؟ إنّ بعض أعدائنا، بعض المأجورين لأعدائنا، يعرقلون قدر الإمكان، لكنّ الشعب الايراني يتابع مسيره وسط الميدان، عزيزاً، شامخ الرأس، بوجه بشوش، مفعم بالأمل، ومن دون ضغينة لهذا وذاك. وهذا تعلمونه جيّداً، إنّ الشعوب المطّلعين منهم حتماً، والحكماء، والأشخاص الملمّين بالقضايا المختلفة يشيرون إليكم بالبنان، يقولون انظروا إلى الشعب الايراني في أيّ المجالات تقدّم، ولا زلنا نحن نراوح أمكنتنا. هكذا هي حركة الشعب الايراني.

يسعى الأعداء في دعاياتهم الاعلاميّة إلى إشاعة جوّ من اليأس والإحباط والأزمات على حوادث البلاد، يضخّمون المشاكل الصغيرة عدّة أضعاف، ويتّهمون الشعب والبلد عمداً بمشاكل لا وجود لها، يظهرون المستقبل مظلماً، يعملون على تيئيس الشعب، هذا هو هدف الأعداء. إنّ هذا التيئيس بنظرهم هو مقدّمة لإفقاد الانتخابات رونقها. عليكم العمل خلاف ما يريدون. أيّها الأعزّاء : الشباب، المسؤولون، المبلّغون، والأشخاص المتاح لهم مجال الخطابة في الناس!؛ عليكم أن تعملوا بخلاف ما يريدون، أن تبثّوا روح الأمل في الناس، ليس الأمل الواهي، إنّما الأمل الواقعي.

على عموم أفراد الشعب أن يلتفتوا، ويعلموا أنّ المشاركة الحماسيّة والحيويّة في الانتخابات تحفظ البلاد، وتقلّل طمع الأعداء في الاعتداء على هذا البلد والتعرّض والعداوة له والمكر به، لمشاركة الشعب كلّ هذه التأثيرات. وهم يسعون لأن لا يحدث هذا. أنا أؤكّد لكم، كما جرّبنا شعبنا، وكما شهدنا اللطف والفضل الإلهي مراراً، سوف يوجّه الشعب هذه المرّة، وكالمرّات السابقة، صفعةً قويّة إلى وجه العدوّ. إنّ الشعب بتوفيق الله سبحانه، سيجسّد في هذه الانتخابات امتحاناً عزيزاً آخر في الميدان، ويضيفه إلى لائحة افتخاراته. هذا لطف إلهي، وسوف يتحقّق بإذن الله تعالى.

معيار إنتخاب الأصلح : إلتزامه بأهداف الثورة
ما هو مهمّ في هذه المدّة وفي هذا الوقت، هو أن يكون للناس مضافاً إلى همّة المشاركة، همّة في الانتخاب الجيّد. كما قلنا، إنّ الانتخاب الجيّد، الانتخاب الصحيح، لا يكون تأثيره فقط على مدى أربع سنوات، أحياناً قد تبقى تأثيراته في البلاد لعشرات السنين. من أجل الانتخابات الصحيحة علينا التفكير جيّداً، علينا معرفة المعايير. سأتطرّق في المستقبل إن شاء الله إلى بعض المطالب، لكنّ المعيار الأساسيّ إجمالاً، هو أن تكون همّة الأشخاص المنتخبين في حفظ عزّة البلد وحركته باتّجاه أهداف الثورة. ما نلناه من خيرات وبركات على امتداد هذه السنوات الطويلة، كان ببركة أهداف الثورة، وأينما قصّرنا، تراجعنا، انهزمنا، فقد كان بسبب غفلتنا عن أهداف الثورة الاسلاميّة والأهداف الاسلاميّة. أن يكون الأشخاص المنتخبون مصداقاً للآية الكريمة: ?إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا...?1، أن يكونوا أهل استقامة، أهل صمود، أن يلبسوا درعاً فولاذيّاً من ذكر الله والتوكّل عليه، ويردوا الميدان. راقبوا الشعارات، وانظروا في الشعارات التي يطلقونها، ما نوعها؟ قد يطلق البعض أحياناً ــ وهم مخطئون بالطبع ومن أجل جلب الأصوات ــ شعارات خارجة عن حدود قدراتهم وصلاحيّاتهم، وهؤلاء يمكن لشعبنا الواعي أن يعرفهم، يراقبهم، ويميّزهم. فلنفتّش في شعاراتهم عمّا هو ضروري للشعب، عمّا له أولوية أكثر، عمّا يتناسب وواقعيّات البلاد وإمكانيّاتها، عمّا يؤدّي إلى زيادة القوّة الذاتيّة للشعب، هذا واحد من المعايير.

إنّ الإخوة في مجلس صيانة الدستور هم أناس ورعون، أتقياء ومطّلعون، يشخّصون طبقاً للقانون، ويعرّفون البعض كأشخاص صالحين، أنا وأنتم علينا أن ننظر ونرى من هو الأصلح من بين هؤلاء الصالحين، أيّهم ينفع الناس أكثر، أيّهم يمكنه أخذ هذه المسؤوليّة الثقيلة على عاتقه أكثر، ومتابعة هذا الطريق والمسير فيه بأمانه تامّة، هذا ما ينبغي أن ننظر فيه ونراه ونعرفه. أن نطلب العون والمساعدة ممّن يمكنهم إرشادنا، أن نصل بالنهاية إلى الحجّة الشرعيّة. إذا عمل الإنسان على أساس الحجّة الشرعيّة، فإنّه سيكون مرفوع الرأس، حتّى ولو ظهر خطأه فيما بعد، وسيقول أنا أدّيت تكليفي، أمّا لو لم نعمل على أساس الحجّة الشرعيّة، وظهر الخطأ فيما بعد، سوف نلوم أنفسنا، ولن يكون لدينا عذر، ولا حجّة.

ضرورة الإلتزام بالقانون صونا للإنتخابات
لقد ترشّح أشخاص كثيرون. وإن شاء الله سيعرّف مجلس صيانة الدستور طبقاً لوظائفه القانونيّة الأشخاص الذين يتحلّون بالصلاحية إلى الناس.على الجميع الالتزام بالقانون. أينما يحدث إشكال، فبسبب مخالفة القانون. الإشكالات التي حدثت في العام 88 ( 2009 ميلادية)، والتي كلّفت البلد خسائر، ولم تسمح للبلد والشعب أن يستلذّا بطعم أصوات أربعين مليون، كانت بسبب مخالفة القانون. لقد خالف البعض القانون إمّا من أجل أغراض نفسيّة، أو من أجل الخلاف السياسي، أو أيّ كان ــ لا أريد الآن أن أحكم في ذلك المجال ــ وارتكبوا الأخطاء، ودخلوا من الطريق غير القانوني، فوجّهوا صفعةً إلى أنفسهم، وإلى الشعب، والبلد أيضاً. الطريق الصحيح هو طريق القانون. على الجميع الالتزام بالقانون والتسليم له. قد يكون قانون ما غير صحيح مئة في المئة، لكنّه أفضل من اللاقانون. أحياناً قد يصدر خطأ من منفّذ القانون في قسم ما، وتعلمون أنتم أنّه ارتكب هذا الخطأ في تطبيق القانون، لكن إن لم نستطع إصلاحه بالطرق القانونيّة، يكون تحمّله أفضل من مخالفة القانون مجدّداً، وأن نصلح ما نراه خطأً من خلال مخالفة القانون. القانون معيار ممتاز، هو وسيلة لراحة البلد، وهدوئه، وصون الشعب ووحدته، ومواصلة الطريق العامّ.

أنا بالطبع، متفائل. أملنا بالله تعالى كبير جدّاً. نشكر الله سبحانه الذي لم يغلق نوافذ الأمل في قلوبنا. عندما ينظر المرء في أوضاع البلاد، يتعاظم أمله يوماً فيوماً، في هذا النهج، بمستقبل هذا الشعب، ومستقبل هذا البلد. هذا الشعب المؤمن، هذا الشعب النشيط، هؤلاء الشباب المفعمون بالحيويّة والنشاط، في الميادين المختلفة، هذه كلّها تزيد من أمل الإنسان بالمستقبل.

نسأل الله سبحانه أن يشملنا، إن شاء الله، بفضله العميم، وأن يشملكم جميعاً، أيّها الشعب العزيز، دعاء بقيّة الله في أرضه أرواحنا له الفداء، وخاصّة في هذا الامتحان المهمّ القادم، نسأل الله سبحانه أن يجلب دعاء هذا الإنسان العظيم الهداية الالهيّة لقلوبنا جميعاً، وأن يتحقّق على أيديكم أيّها الشعب العزيز، ما فيه الخير والصلاح لهذا البلد.


1- فصّلت: 30


 

2017-02-22