يتم التحميل...

الثورة منحت الشعب الإيراني دورا فاعلا في إدارة البلاد عبر الإنتخابات

الحكومة الدينية

من كلمة الإمام الخامنئي في حشد من المعلّمين والعمّال والممرّضين بمناسبة: يوم الممرّض/ ذكرى ولادة السيّدة زينب (عليها السلام) الزمان: 29-04-2009

عدد الزوار: 24

من كلمة الإمام الخامنئي في حشد من المعلّمين والعمّال والممرّضين بمناسبة: يوم الممرّض/ ذكرى ولادة السيّدة زينب (عليها السلام) الزمان: 29-04-2009
الثورة منحت الشعب الإيراني دورا فاعلا في إدارة البلاد عبر الإنتخابات

دور الشعب في إدارة البلاد قبل الثورة وبعدها
أذكر هنا نقطة خارج نطاق المسائل المهنيّة، تتعلّق بكلّ الشعب الإيراني وبهذا المقطع الزمني ألا وهي مسألة الانتخابات. أعزّائي: كان شعبنا طوال تاريخه الممتدّ عدّة قرون من الزمن عنصرًا عديم التأثير في نظام إدارة البلاد. لماذا؟ لأنّ هذه هي طبيعة الحكم الاستبداديّ والحكم الملكيّ. لم يكن الشعب ذا دور يذكر. أمّا كيف سيكون واقع الشعب والحال هذه، فهذا يرجع إلى إنصاف الشخص، الذي يتولّى زمام الأمور. إذا كان الشعب محظوظًا ليأتي إلى الحكم دكتاتور في قلبه شيء من الرحمة- يذكرون في تاريخنا مثلًا كريم خان زند1 - فعندها سيكون حال الناس أفضل بعض الشيء. أمّا إذا تولى الحكم أمثال رضا خان2 أو ناصر الدين شاه3 أو غيرهما من السلاطين المستبدّين، فإنّهم سيعتبرون البلاد ملكهم، والشعب الذي لم يكن له أيّ دور سيعتبرونه رعيّتهم. لاحظوا التاريخ -لا أقصد تاريخ القرون الطويلة، بل تاريخ عصر الثورة الدستوريّة4 فصاعدًا - وستجدون أنّ الدستور ظهر في بلادنا بالاسم فقط، ولكن منذ أن تولّي النظام البهلوي زمام السلطة، أصبحت الانتخابات عمليّة استعراضيّة محضة، باستثناء فترة قصيرة جدًّا خلال النهضة الوطنيّة، على مدى عامين حيث تحسّنت الحال قليلًا؛ لكنّ ذلك العهد أيضًا، صاحبته مشكلات عديدة، فأغلقوا المجلس ومنحوا صلاحيّاته للحكومة، وهذا ما حدث في عهد "مصدّق". وفي بقيّة تلك المرحلة، كانت الانتخابات محض مسرحيّة. في تلك الفترة -التي أتذكّرها ومن هم في سنّي- كان الجميع يعلم أنّ الانتخابات لم تكن تعني على الإطلاق انتخابات شعبيّة؛ بل كانت هناك مجموعة من الأفراد يشخّصهم جهاز السلطة والبلاط الملكي، يومذاك، وتدور المنافسات والصراعات بينهم؛ لكنّ الذي يريدونه عضوًا في المجلس يجب أن يكون مطيعًا خاضعًا، ويضمن مصالحهم وحقوقهم الماليّة المغصوبة. مثل هذا الشخص يأتون به ليشغل مقعدًا في المجلس؛ أمّا الناس، فليذهبوا لحالهم. طوال كلّ هذه المدّة نادرًا ما شعر الناس أنّ عليهم التوجّه إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم، من أجل التأثير في إدارة البلاد. لم يكن مثل هذا الشيء على الإطلاق. كنّا نسمع اسم الانتخابات في الصحف حيث يقولون: الآن موسم الانتخابات. ولا ندري متى يوم الانتخابات، ولا يدري الناس بذلك. وفي موعد الانتخابات يضعون عدّة صناديق في مكان ما، ويثيرون ضجيجًا وحوارات قليلة، ويفعلون في نهاية المطاف ما يريدونه وينتهي الأمر. لم يكن للجماهير دور حقيقيّ.

قلبت الثورة الإسلاميّة الصفحة تمامًا، وصار للجماهير دورهم؛ ليس في انتخابات نواب المجلس وحسب، بل في انتخاب رئيس الجمهوريّة، وانتخاب الخبراء الذين من المفترض أن يختاروا القائد، وفي انتخاب المجالس البلديّة، التي تضطلع في اختيار رؤساء البلديات. في كلّ هذه الأطوار الحسّاسة، أضحت أصوات الجماهير حاسمة. على هذا الأساس تمّ تدوين الدستور، وقد مضت عليه ثلاثون سنة. وأقول لكم إنّ هذا السياق مستمرّ إلى اليوم بكلّ قوّة واقتدار.

الأعداء مستمرون في إثارة الشبهات حول الإنتخابات والتشكيك بنزاهتها
في فترة ما قبل الثورة كانت إيران مرتعًا للأجانب. وكان النفط الإيراني والأسواق الإيرانيّة والمنتوجات الإيرانيّة، والطاقات البشريّة الإيرانيّة؛ وكلّ ما كان وما لم يكن- تحت تصرّف المهيمنين والأقوياء؛ كان الانجليز ذات يوم، والأمريكيّون والصهاينة في يوم آخر. وبعد ذلك، عندما انتصرت الثورة تولّى الشعب زمام الأمور، فانقطعت مصالح الأجانب، وكان من الطبيعي أن يناصبوا هذا النظام العداء، وهم يناصبونه العداء منذ ثلاثين عامًا. ومن ممارساتهم العدائيّة أن ينكروا هذه الظاهرة القيّمة، أو يتجاهلوها في إعلامهم؛ ظاهرة مشاركة الشعب ودوره وتأثيره في إدارة البلد. لطالما شكّكوا في انتخابات بلادنا في مواقفهم وكلماتهم تصريحًا أو تلميحًا. كلا؛ إنّ انتخابات بلادنا أكثر حريّة وحماسًا من غالبيّة هذه البلدان التي تدّعي الديمقراطيّة. كما أنّ اندفاع الجماهير للمشاركة فيها أكبر. إنّها انتخابات ملحميّة وجيّدة ونزيهة. يبثّ الأعداء الشبهات، ونحن لا نتوقّع من الأعداء سوى العداء؛ ما الذي نتوقّعه منهم؟ إنّما لا نتوقّع مثل هذا الشيء من الأصدقاء، ومَن هم جزء من هذا الشعب ويشاهدون الحقائق، ويرون كيف تقام هذه الانتخابات بنزاهة ودقة؛ لكنّهم مع ذلك، يتحدّثون بنفس ما يتحدّث به العدو! توقُّعي هو أنّ الذين هم مع الشعب الإيراني، وجزء من الشعب الإيراني ويتوقّعون أن يلتفت إليهم الشعب- انتظر منهم أن لا يصرّحوا ضدّ شعب إيران ولا يشكّكوا في انتخابات الشعب الإيراني؛ لا يكرّروا دومًا: إنّ هذه الانتخابات ليست نزيهة وأنّها ليست انتخابات. لماذا يكذبون؟ لماذا لا ينصفون؟ لماذا يتحدّثون خلاف الواقع؟ لِمَ يتجاهلون كل هذه الجهود، التي تحمّلها الشعب والمسؤولون طوال هذه الأعوام؟ لماذا؟ لماذا ينكرون الفضل؟

كانت الانتخابات نزيهة في الدورات السابقة؛ وفي الحالات التي تُطرح بعض الشبهات، بعثنا من حقّق وتابع الموضوع. في إحدى ‌دورات المجلس انتشرت إشاعات، وقدّم بعضهم أدلّة وطرح كلامًا معيّنًا يفيد أنّ الانتخابات لم تكن سليمة، وكان توقّعه إلغاء الانتخابات في بعض المدن المهمّة مثل طهران. وبعثنا أشخاصًا ذوي خبرة واطلاع، وحقّقوا، ودرسوا القضيّة ووجدوا أنّ الأمر ليس كذلك، وأنّ الانتخابات كانت سليمة. من بين آلاف الصناديق قد ترد إشكالات على صندوقين أو خمسة صناديق. هذا لا يهدم الانتخابات. ثمّ إنّ هذا خاصٌّ ببعض الأحيان. أحيانًا يكون هناك تيّار أو مجموعة

من التيّارات العاديّة في البلاد والتي تعرفونها، تتولّى السلطة وتنتهي الانتخابات لغير صالحهم، بل لصالح التيّار المنافس، وقد حدث هذا مرارًا. كيف يمكن لأحد التشكيك في هذه الانتخابات؟ حسنًا، إذا كنتم مستعدّين، شارِكوا كلّكم إذن في الانتخابات إن شاء الله، وسيحضر الشعب الإيراني كلّه عند صناديق الاقتراع، على الرغم من أنف العدوّ، ليشارك في الانتخابات بكلّ حماس، ورغبة، واندفاع، وسيخلق انتخابات تغضب الأعداء.


1- مؤسس الدولة الزندية في فارس ، كان كريم خان أحد قادة نادر شاه وبعد وفاة نادر شاه عام 1747 م سقطت بلاد فارس في حرب أهلية ، فأتخذ كريم خان من شيراز عاصمة لدولته خلال فترة حكمه من 1750 إلى 1779 م[1] وأستطاع أن يمد نفوذ حكمه إلى كثير من مناطق ما يعرف اليوم بإيران كما أحتل البصرة صلحا بعد حصار طويل. ويرجع كريم زند إلى قبيلة زند الكردية في لورستان.
2- رضا بهلوي، شاه ايران، مؤسس الدولة البهلوية، حكم بين عامي 1925 و1941م، خلفه ابنه محمد رضا، الذي أطاحت الثورة الاسلامية الايرانية بحكمه.
3- ناصر الدين القاجاري (16 يوليو 1831 - 1 مايو 1896) كان ملك إيران من الأسرة القاجارية امتدت فترة حكمه لما يقارب الخمسين عاما من 17 سبتمبر 1848 حتى اغتياله في 1 مايو 1896

 

2017-02-22