يتم التحميل...

س 49: الإنسان قد يتحول إلى حيوان

110سؤال وجواب

هل يمكن قبول الفكرة القائلة بأن الإنسان قد يتحول إلى حيوان، وبشكل عام قبول فكرة «المسخ»، وكيف تصبح صورة الإنسان؟

عدد الزوار: 25

الإنسان قد يتحول إلى حيوان


س 49: هل يمكن قبول الفكرة القائلة بأن الإنسان قد يتحول إلى حيوان، وبشكل عام قبول فكرة «المسخ»، وكيف تصبح صورة الإنسان؟


ج: من بين الأمم السالفة هناك أقوام مسخوا على اثر ارتكابهم ذنوباً كثيرة، وتعرضهم لغضب أنبياء عصرهم ولعنتهم، فتبدلوا إلى حيوانات، كالقرود والذئاب، والدببة، وهذا ما يسمى» بالمسخ»، لكن السؤال هل تبدلت أجسادهم فعلاً إلى أجساد حيوانات؟ وبأي صورة تمّ المسخ واقعاً؟

من المسلم به أن الإنسان إذا لم يتبدل إلى حيوان من الناحية الجسدية فرضاً، فإنه من الناحية الروحية والمعنوية ممكن من دون شك، فتحول الإنسان معنوياً إلى حيوان أمر مؤكد، بل إنه يتبدل إلى نوع من الحيوانات لا يوجد مثيل له في العالم الحيواني، من جهة الدناءة والقذارة والانحطاط النفسي.

القرآن الكريم يعبّر بـ ﴿بَلْ هُمْ أَضَلُّ1 أي أسوأ من البهائم، إذن يمكن أن يتحول الإنسان من الناحية الروحية إلى حيوان؟ نعم، هذا أمر مؤكد، لأن شخصية الإنسان إنما ترسمها وتحددها خصائصه الأخلاقية والنفسية، فإن كانت خصائص الإنسان الأخلاقية والنفسية خصائص أخلاق حيوان ضارٍ، وخصائص نفس بهيميّة، عندها تكون حقيقة» المسخ»، أي تمسخ روحه إلى حيوان، فجسم الخنزير مثلا تتناسب مع روح الإنسان في تلك الحالة، بحيث يمكن أن تكون جميع خصاله وخصائصه النفسية خصال الخنزير وخصائصه، فإذا وصل الإنسان إلى هذا المستوى من التدني الروحي عندها يمسخ من إنسانيته وآدميته، ففي المعنى وحقيقة الباطن، وفي العين التي ترى الحقيقة، وفي الملكوت أيضاً، ليس سوى خنزير.

إذن، الإنسان الناقص قد يصل أحيانا إلى درجة الإنسان الممسوخ، قد نكون سمعنا القليل عن هؤلاء، وقد يظن البعض أن هذا الأمر ليس سوى خيال، وأن المسخ أمر محض مجاز وغير قابل للتصديق، لكنه في الواقع حقيقة.

ينقل عن ابن شهر آشوب أنه قال: قال أبو بصير للباقر (عليه السلام) : ما أكثر الحجيج وأعظم الضّجيج؟، قال (عليه السلام) : بل ما أكثر الضجيج وأقلّ الحجيج، أتحب أن تعلم صدق ما أقوله وتراه عياناً؟، فمسح بيده على عينيه ودعا بدعوات فعاد بصيراً، فقال: أنظر يا أبا بصير الى الحجيج. قال: فنظرت فإذا أكثر الناس قردة وخنازير والمؤمن بينهم كالكوكب اللاّمع في الظلماء، فقال أبو بصير صدقت يا مولاي، ما أقلَّ الحجيج وأكثر الضَّجيج، ثمَّ دعا بدعوات فعاد ضريراً، فقال له أبو بصير: في ذلك. فقال (عليه السلام) : ما بخلنا عليك يا أبا بصير، وإنّ الله تعالى ما ظلمك، وإنما اختار لك وخشينا فتنة الناس بنا، وأن يجهلوا فضل الله علينا، ويجعلونا أرباباً من دون الله، ونحن له عبيد لا نستكبر عن عبادته، ولا نسأم من طاعته، ونحن له مسلمون.

المسألة في نظر أهل الباطن والمعنى واضحة وضوح الشمس، فإذا لم تتقبل أذهان البعض هذه القضية، فإنهم خاطئون. نعم، هناك في زماننا الحاضر أشخاص كانوا وما زالوا يستطيعون رؤية حقيقة البشر وإدراكها.

إن الإنسان الذي يشبه البهيمة، ولا يفكر سوى بطعامه ومنامه وشهواته الجنسية، ولا يحمل فكراً آخرا سوى هذا الهوس تكون روحه بهيمية ليس أكثر. وحقيقة الأمر أن باطن هكذا إنسان يمسخ وتمسخ فطرته أيضا، بمعنى أن خصاله البشرية والإنسانية قد سلبت منه كلياً، وكسب بدلاً منها- وبإرادة ذاتية- خصال الحيوان.

في سورة النبأ نقرأ أن الناس يوم القيامة يبعثون ويحشرون فرقاً فرقاً، ومجموعات مجموعات، ﴿يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاج2. ويقول علماء الدين أن مجموعة واحدة تحشر يوم القيامة على هيئة بشر، وبقية الفرق تحشر على هيئة حيوانات، فرقة بصورة عقارب، وفرقة بصورة أفاعي، وأخرى بصورة ذئاب.3


1- سورة الفرقان: 44.
2- سورة النبأ: 18.
3- انسان كامل (الإنسان الكامل)، ص 29 - 31.

2016-01-20