يتم التحميل...

س 70: جمع الأموال وادّخارها

110سؤال وجواب

لماذا ذمّ الإسلام جمع الأموال وادّخارها، في حين أن شعار كل إنسان هو الثراء والرغبة بالتّمول والعيش في راحة وبحبوحة؟

عدد الزوار: 21

جمع الأموال وادّخارها

س 70: لماذا ذمّ الإسلام جمع الأموال وادّخارها، في حين أن شعار كل إنسان هو الثراء والرغبة بالتّمول والعيش في راحة وبحبوحة؟


ج: إن من الخطأ الاعتقاد أن الإسلام بالأساس ينبذ الثروة والمال، ويعتبره أمراً حقيرا،ً وبالتالي اجتنابه.

الأموال والثروات لم تكن محقرة في يوم من الأيام في الإسلام، لا الإنتاج، ولا المبادلة والمقايضة، ولا التجارة، ولا الصرف والاستهلاك؛ بل على العكس إن هذه المسائل كانت على الدوام محلاً للتأكيد والتوصيات، وقد وضع لها شروط وموازين ومقررات. ليست الثروة في نظر الإسلام منبوذة، بل المذموم هو» الإسراف والتبذير وتضييع الثروة دون فائدة»، وهذا حرام قطعاً.

والإسلام قد خالف جعل الثروة هدفاً بحدّ ذاته، أو أن يضع الإنسان نفسه وحياته فداء للمال، وقد واجه الدين هذه القضية بشدة. وبعبارة أخرى إن الإسلام يخالف عبادة المال، أو أن يصبح الإنسان عبداً للثروة، من هنا كان الفهم الخاطىء وعدم التمييز بين جمع المال وإنتاج الثروة، وحب المال إلى درجة الهوس والحرص والعبادة. فالإسلام لا يذمّ جمع الثروة، ولا ينبذ المال، بل يخالف جمع المال لأجل المال، وينبذ جمع المال من أجل ملء البطون كيف ما اتفق، بحيث يصل إلى درجة اللهث خلف الشهوات، وفي هذه الحالة يصبح طلب المال مساوياً للدناءة والضِّعة ومحو الشخصية الإنسانية في المال، وبالتالي يفقد الإنسان بذلك شخصيته البشرية وشرفه المعنوي.

في المقابل فإن الإنسان يطلب المال تحت عنوان العمل والجد والفعالية والتسهيل والإنتاج، وفي هذه الحال يصبح المال تابعاً لتلك الأهداف الكلية وهذا مشروع ومطلوب.

إن مَثَلَ المال والإنسان، أشبه ما يكون بالبحر والسفينة، فالسفينة إذا لم يحسن قائدها توجيهها غرقت وهلك ركابها، وإذا أحسن إدارتها أوصلته إلى شاطىء الأمان، والإنسان إذا غرق في حب المال وجمعه وذابت شخصيته فيه أصبح عبداً له، وبالتالي هلك؛ وأما إذا أحسن التصرف، وجعله وسيلة للعيش المشروع أوصله إلى مقصده.

يقول القرآن الكريم في بيان فساد الشخصية الإنسانية، ودور المال في ذلك {إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى}1

إذن الإسلام لم يشجب المال والثروة، بل نبذ عبادة المال والحرص عليه. وذلك بالنظر إلى المباني التالية:
ألف- التوصية بإنتاج الثروات: الزراعة، المواشي، الصناعة، وغير ذلك.
ب- مقايضة الثروات والمبادلات التجارية.
ج- التأكيد على الاستهلاك وصرف الأموال في حدود الحاجات الفردية والاجتماعية، بحيث تخلو من التّجملات والكماليات الغير ضرورية والإسراف المفسد.
د- منع التبذير والإسراف وتضييع الأموال.
هـ- وضع ضوابط وتشريعات قضائية صارمة لجهة اتباع الميول الشخصية الغير شرعية والتعديات والسرقات والخيانة و...
و- اعتبار الدفاع عن المال بحكم الجهاد، والقتل في هذا السبيل شهادة.
ز- وجوب إخراج الحقوق الشرعية المالية بالنسبة للإنسان.
ح- إطلاق كلمة {خَيْرٍ}2 صراحة من قبل القرآن الكريم على الثروة.3


1- سورة العلق: 6.
2- سورة البقرة: 272.
3- نظری به نظام اقتصادی اسلامی (نظرة الى نظام الاقتصاد الاسلامي)، ص 17 - 20.

2016-01-20