يتم التحميل...

س 72: توجيه المجتمع والأفراد

110سؤال وجواب

كيف يمكننا توجيه المجتمع والأفراد في مواجهة انخفاض نسبة الإنتاج الناشىء من صيام شهر رمضان لمدة 30 يوماً كاملاً، مع التوجه إلى أهمية التأثير المباشر للقوة والنشاط البشري في عملية الإنتاج الصناعي، وحركة مساره في المجتمع اليوم؟

عدد الزوار: 28

توجيه المجتمع والأفراد

س 72: كيف يمكننا توجيه المجتمع والأفراد في مواجهة انخفاض نسبة الإنتاج الناشىء من صيام شهر رمضان لمدة 30 يوماً كاملاً، مع التوجه إلى أهمية التأثير المباشر للقوة والنشاط البشري في عملية الإنتاج الصناعي، وحركة مساره في المجتمع اليوم؟

ج: أولا: إن الموجودات الحية، سواء النبات أو الحيوان أو الإنسان، كلما شملته بالرعاية والاهتمام أكثر كلما صار أوهن وأضعف في مواجهة العوامل الأخرى، وكلما أظهرت رعاية أقل ازدادت لديه المناعة واشتد عوده في مواجهة المشكلات والعوامل المختلفة، فلنقم بعملية مقايسة بين شجرة الغابة والشجرة التي تعيش في حديقة المنزل حيث تشملها رعاية الإنسان، أو بين الأعشاب والنباتات التي تنمو في الصحاري والبراري، وبين النباتات التي تزرع في الحدائق والجنائن حيث تتمتع باهتمام المزارع ومراقبته، الإنسان كذلك الأمر لا يشذّ عن هذه القاعدة.

الإنسان لا يجب بالضرورة أن يتناول الطعام ثلاثة مرات في اليوم، فإذا لم يأكل مرض، كلا الأمر ليس كذلك، إذن فلندع الإنسان يواجه المصاعب فيشتد ساعده وتقوى إرادته.

من أسس فلسفة الصيام خروج الإنسان قليلاً عن مسار التنعم والدلال، لذلك نرى أن الفرد الصائم في أيام الصيام الأولى وفي بداية خروجه عن قاعدة التنعم والعيش الرغيد يواجه بعض الضعف، فيصيبه الكسل والانحطاط الجسدي، لكن بعد تقدمه في الصيام في الأيام الأخيرة نراه لم يعد يجد فرقاً بين الصيام وغيره من الأيام العادية. إن القول بأن الصيام ينقص من قوى العمل ويخفض النشاط الإنتاجي ضرب من الحماقة.

الأمر الثاني: هل البشر فقط وجدوا للعمل والإنتاج، هل البشر هم كالآلة يجب الاستفادة من قواهم حتى أقصى الحدود؟ أو أنهم حيوانات لنقل الأحمال والأثقال؟ أليس للبشر قلوب؟ ألا يحتاجون للتقوى؟ هل حاجة البشر فقط للعمل؟ إلا يحتاجون للآدمية؟ ألا يجب تطويع التمرد عند البشر؟ أليس الإنسان بحاجة إلى ردع شهواته وحَدِّها؟، أليس بحاجة إلى تقوية الإرادة العقلانية والإنسانية لديه؟ أم يجب النظر إلى جميع المسائل والشؤون الإنسانية من باب العمل فقط؟ أنظروا عدد الجرائم والارتكابات المنحرفة كم تنخفض في شهر رمضان المبارك، أنظروا كم قلّت أعمال القتل والتخريب والفساد في هذا الشهر الفضيل، وفي المقابل كم ارتفعت الأعمال الإنسانية الخيّرة، كم تضاعف الإحسان وصلة الأرحام، يجب أن نأخذ كل هذه الأمور في عين النظر، ولا نقول فقط العمل ثم العمل!.

إن من أهم خصوصيات الدين الإسلامي الاعتدال والوسطية. والقرآن يعبر عن ذلك صراحة، ويدعو الأمة الإسلامية بالأمة الوسط، وهذا تعبير عظيم وعجيب، فالأمة التي تتربى حقاً على نهج القرآن الكريم وبين طيات صفحاته بعيدة كل البعد عن الإفراط والتفريط، عن التهور والإحجام، أنا أسمي التسرع والتهور جهل، وأسمي التباطؤ والإحجام جمود، وخطر الجمود لا يقل عن خطر الجهل. الدين يلزمه الاعتدال، والدين وسطية واعتدال. أما فيما يتعلق بالتطابق ومماشاة مقتضيات الزمان فلا يجب التصرف أو التدخل في مسائل الدين، ولا يجب الاعتماد- باسم الدين- على مواضيع ليس لها أساس ولا جذور، وذلك بحجة أن الزمان يقتضي هذا أو ذاك، أو أن الوقت أصبح كذلك أو كذا.1


1- اسلام ومقتضيات زمان، ص 70-80.

2016-01-20