يتم التحميل...

س 74: الوسيلة والغاية

110سؤال وجواب

هل يجوز الاستفادة من أي وسيلة في سبيل الوصول إلى الأهداف والطموحات المشروعة والمحض إسلامية؟

عدد الزوار: 31

الوسيلة والغاية

س 74: هل يجوز الاستفادة من أي وسيلة في سبيل الوصول إلى الأهداف والطموحات المشروعة والمحض إسلامية؟


ج: يجب الاستفادة من الحق لأجل الحق، معنى هذا الكلام أني لو علمت أن كلاماً باطلاً أو كاذباً أو حديثاً ضعيفاً أعلم عدم صدقه أحدّثكم به الآن، بحيث أن المذنبين يتوبون والناس ينهضون إلى صلاة الليل، فإن الإسلام لا يجوّز هذا الكلام إطلاقاً. هل يجوّز الإسلام الكذب واختلاق الأحاديث لكي يبكي الناس على الإمام الحسين (عليه السلام) ؟، أبداً، الإسلام لا يحتاج إلى الكذب مطلقاً.

إن خلط الحق بالباطل يذهب الحق، والحق لا طاقة له أن يبقى مع الباطل.

القرآن الكريم وجميع الأنبياء والأئمة (صلوات الله تعالى عليهم أجمعين) والأوصياء ممن تربّوا في هذه المدرسة، لا يمكن أن يستفيدوا من أمر ليس مقدّساً، أو أمر باطل غير واقعي ولا حقيقي ولو بشكل تمثيلي من أجل هدف مقدس.

لو نظرنا إلى سياسة أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، لرأيناها غير قابلة للانحراف أو الانعطاف، من دون شك، كان هدفه مقدساً ووسيلته مقدسة. هذا المغيرة بن شعبة الذي أصبح فيما بعد من أصحاب معاوية ومعادياً لأمير المؤمنين (عليه السلام)، قدم على الإمام (عليه السلام) في بداية خلافته، ونصحه بأن لا يحرّك ساكناً تجاه معاوية وأن يدعه مطمئناً، حتى إذا استقرّت أمور الخلافة، واشتدّ ساعد الإمام في ولايته، أزاح معاوية من منصبه، لكن جواب الإمام علي (عليه السلام) كان الرفض وعدم المساومة، لأن قبول معاوية في ولاية الشام ولو لمدة مؤقتة، يعني أن الإمام (عليه السلام) يعدّه صالحاً لهذه الفترة الوجيزة، في حين أن الإمام (عليه السلام) لم يره صالحاً على الإطلاق ولو لهذه المدة البسيطة، وهذا يعني أن الإمام (عليه السلام) لا يكذب على الناس ولا يفرض عليهم غير الصالح والمناسب.

قد يقول البعض أن فلانا كان نابغة، إن هذا النبوغ الذي يدّعيه البعض هو الاستفادة من كل وسيلة من أجل بلوغ الأهداف، لماذا لا يريد البعض تقبل سياسة أمير المؤمنين (عليه السلام) ؟ نعم، لأنهم يرون أن سياسته غير قابلة للتحول والانحراف أو المساومة. كان عنده هدف ووسائل، لكن كان هدفه الحق ولا يرى سوى الحق.

عندما أراد الأمير (عليه السلام) بلوغ هذا الحق، كان يتوسل الحق في جميع خطواته من أجل الوصول إليه، لكن الآخرين- لو فرض أن الحق كان هدفهم- غير أنهم لم يعطوا للوسائل أهمية، ولم يتلمسوا وسائل الحق. لقد كان منطقهم أن الهدف صحيح وهذا يكفي.1


1- سيرى در سيره نبوى (السيرة النبوية)، ص 125،131،132و 138.

2016-01-20