أحكام العلاج
فقه المريض
في الحالات العادية ومن دون أي ضرورة لا يجوز ذلك، ولكن إذا انحصر العلاج به، أي مع عدم وجود بديل محلَّل ولو بثمن أغلى، فيجوز تناوله مع الاضطرار لأجل العلاج ولكن بمقدار الضرورة فقط ومع العلم بأن تركه يؤدي إلى الهلاك أو إلى شدة المرض
عدد الزوار: 126
الأدوية التي تحتوي المحرَّم:
توجد في بعض الأدوية أشياء محرَّمة الأكل والشرب، فهل يجوز للمريض أن يتناول هذه
الأدوية؟
في الحالات العادية ومن دون أي ضرورة لا يجوز ذلك، ولكن إذا انحصر العلاج به، أي مع
عدم وجود بديل محلَّل ولو بثمن أغلى، فيجوز تناوله مع الاضطرار لأجل العلاج ولكن
بمقدار الضرورة فقط ومع العلم بأن تركه يؤدي إلى الهلاك أو إلى شدة المرض1.
يجوز التداوي لمعالجة الأمراض بكل محرّم حتى الدواء النجس إذا انحصر به العلاج
طبعاً بعد تحديد الأطباء الثقات والاطمئنان لقولهم2.
التداوي بأكل الطين:
يتداوى بعض الناس من خلال التبرك بأكل مقدار من التربة الحسينية المباركة، فهل
يجوز أن يتناول المريض التربة الحسينية المباركة بنيَّة الشفاء؟، وما هو المقدار
الجائز من الأكل؟
يحرم أكل الطين ولو بنية الإستشفاء إلا طين قبر الإمام الحسين د بنية الإستشفاء،
والمقدار الذي يحل أكله قدر حمّصة متوسطة فقط، وهذا الحكم خاص بالطين، وأما الرمل
والحجارة وأنواع المعادن فهي حلال كلها مع عدم الضرر3.
حكم النظر عند العلاج
قد يكون العلاج من الشخص المماثل، ( أي الرجل للرجل والمرأة للمرأة ) وقد يحصل
في بعض الحالات أن يباشر علاج المريض شخص من غير جنسه ( كالرجل للمرأة أو المرأة
للرجل )، فما هو الحكم الشرعي في هذا الأمر؟
إذا كان مماثلاً أي ( ذكر وذكر أو أنثى وأنثى ) فهنا يجوز النظر واللمس في العلاج
إلى كل الجسد عدا العورة.
أما العورة فلا يجوز كشفها إلا إذا دعت الضرورة لذلك كالختان والولادة ولكن يقتصر
في ذلك على موضع الضرورة4.
وعلى كل حال، يجب الإكتفاء بالمرأة في تولي شؤون النساء حين العلاج والولادة إذا
استلزم النظر إلى ما يحرم النظر إليه من النساء عادة، للضرورة.
وإن كان من غير المماثل ( كأن يعالج الرجل إمرأة أو العكس ): فإنه يجوز مع فقد
المماثل أن يعالج غير المماثل وذلك في حالة الضرورة5.
حكم اللمس عند العلاج:
يجوزُ من المماثل لمس غير العورة في العلاج حتى مع عدم الضرورة أما لمس العورة فلا
يجوز إلا مع الضرورة.
أما من غير المماثل، فيجوز لمس ما يمكن علاجه وفحصه من وراء الثوب، أو مع لبس
القفازات ( الكفوف )، ولا يجوز فيه اللمس المباشر حتى قياس درجة حرارة المريض وقياس
ضغط دمه، ما دام ذلك ممكناً ولا ضرورة للمس المباشر6.
عمليات التجميل:
إجراء عمليات التجميل جائزة شرعاً لكن بشرط أن لا يستلزم مقدمات محرّمة كاللمس
والنظر إلى ما لا يحل النظر إليه7.
زرع الشعر:
تجوز زراعة الشعر في الإنسان ولا إشكال في الأمر، إلا أنه ينبغي الالتفات إلى أن
يكون الشعر من حيوان يحل أكله، أو من شعر إنسان آخر8.
تغيير الجنس:
هل يجوز تغيير الجنس بأن يصبح الرجل امرأة والمرأة رجلاً أو إلحاق الخنثى بأحد
الجنسين أم لا؟
قد يكون الهدف التغيير الجنسي لكشف وإظهار الجنسية الواقعية للشخص، ففي هذه الحالة
يجوز إجراء العملية والكشف عن الجنسية الحقيقية الواقعية للشخص بشرط أن لا يستلزم
فعل محرم وأن لا يترتب على ذلك مفسدة9.
أما إجراء العملية للخنثى من أجل إلحاقها بأحد الجنسين فلا إشكال فيه مع التحفظ من
الوقوع في المقدمات المحرّمة10.
إذا كان الشخص حقيقة من جنس آخر بخلاف ما يظهر منه، وأمكن تغييره إلى ذلك الجنس
الحقيقي فإنه لا يجب تغييره إلى جنسه الحقيقي وإن كان ذلك جائزاً11.
ترقيع الأعضاء12
يجوز في الأصل أن يتبرع الإنسان بأعضائه للآخرين في حياته بإذنه ورضاه، أو يوصي
بالتبرع بها بعد وفاته، وبناء على هذه القاعدة يتفرع العديد من المسائل:
لا مانع من إهداء أو بيع إحدى الكليتين أو أي عضو من بدنه حين الحياة لاستفادة
المرضى منها، وقد يجب ذلك إذا توقف عليه إنقاذ نفس محترمة ولم يترتب ضرر أو حرج على
نفس الشخص13.
وكذلك الاستفادة من شرايينه إذا كان بإذنه أو بإذن أوليائه أو توقف إنقاذ النفس
المحترمة على ذلك14.
لا يجوز أخذ الأعضاء من بدن المسلم الميت من دون إذنه ورضاه قبل موته، ولو أخذ منه
بدون إذنه يأثم ويترتب عليه الدية مثل أخذ القرنية منه بدون إذنه، فبالإضافة إلى
الإثم يترتب عليه الدية وهي خمسون ديناراً ( 180 غراماً من الذهب )15.
لو فرض أن رجلاً أصيب بخصيته وعقُم عن الإنجاب فهنا يجوزُ زرعُ خصيةٍ له وتصبح
طاهرة بعد أن تصيرَ جزءاً منهُ ويلحقُ الولدُ به16.
إذا حكم الأطباء بموتِ شخصٍ عن قريب وأن حالته سيئةٌ جداً أي ( بين الموت والحياة )
فلا يجوز حتى في هذه الحالة انتزاع أعضائه ( كالقلبِ والكلى ) قبلَ الموتِ من بدنهِ
وإلا يصبحُ قتلاً عمداً ويترتبُ عليه حكمُ القتل17.
لو فرض أن شخصاً أصيب بحالة الموت الدماغي ( السريري ) ( الكوما ) ويعيش على
التنفس الاصطناعي وإعادته إلى الحياة مستحيلة وفقاً لقول الأختصاصيين، فهل يجوز في
هذه الحالة الاستفادة من أعضائه لإنقاذ حياة مرضى آخرين؟
والجواب أنه إذا أدت الاستفادة من أعضائه إلى تعجيل موته لا يجوز الاستفادة
منها، وإذا لم يؤدِ ذلك إلى استعجال موته بل يبقى في وضعه الطبيعي، فإن كان قد أذِن
مسبقاً بذلك أو كان متوقفاً على ذلك العضو إنقاذ نفسٍ محترمةٍ جازَ بلا إشكال18.
مرض الموت:
والمقصود بمرض الموت: المرض المتصل بالموت.
الواجب على المريض امور:
أ- يجب على من ظهر عنده علامات الموت أداء الحقوق الواجبة للخلق كالدّيون
والأمانات، أو الإيصاء بها مع الاطمئنان بإنجازها.
ب- يجب عليه أداء الحقوق الواجبة للخالق كالعبادات والخمس والزكاة والنذور، ويجب
الإيصاء بالواجبات التي لا تقبل النيابة عنه في حال حياته كالصلاة والصيام والحج
غالباً ونحوها إذا كان له مال.
أما الواجبات التي يجب أداؤها على الولي ( الإبن الأكبر )، يتخيّر المريض بين
إعلامه أو الإيصاء به.
ج- لا يجب عليه نصب القيّم على أطفاله الصغار إلا إذا كان عدم نصبه القيم تضييعاً
لهم ولحقوقهم، فإذا نصب قيماً فليكن المنصوب أميناً، وكذلك من عيّنه لأداء الحقوق
الواجبة19.
*فقه المريض , سلسلة الفقه الموضوعي , نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
1- تحرير الوسيلة،
ج2، ص169، مسألة 30.
2- تحرير الوسيلة، ج2، ص 45، مسألة 14.
3- تحرير الوسيلة، ج2، ص 164، مسالة 7 و8.
4- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص 78، س 114 209.
5- تحرير الوسيلة،ج2، ص 276، مسألة 1.
6- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص 79، س 215.
7- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص 77، سؤال 207،
8- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص 74، سؤال 199.
9- . أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص72، سؤال 192.
10- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص72، سؤال 193.
11- تحرير الوسيلة، ج2، ص 563، مسألة 1
12- رأي الإمام الخميني (قده): «لا يجوز قطع عضو من الميت المسلم لترقيع عضو الحي،
إلا إذا كانت حياته متوقفة عليه» ( تحرير الوسيلة، ج2، ص 561، مسألة 5)
13- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص75، سؤال 204.
14- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص75، سؤال 201.
15- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص75، سؤال 202.
16- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص75، سؤال 203.
17- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص75، سؤال 200.
18- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص 77 سؤال 205.
19- راجع تحرير الوسيلة، الإمام الخميني (قدس)، ج 1، ص 61.