يتم التحميل...

سورة الفرقان

تفسير الكتاب المبين

سورة الفرقان

عدد الزوار: 32

(1): ﴿تَبَارَكَ: فعل ماض، ولا يُنطق بصيغة المضارع، ويختص بالله وحده، ومعناه تنزه وتعالى وتقدس في ذاته وصفاته ﴿الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ: القرآن الذي يفرق بين الحق والباطل ﴿عَلَى عَبْدِهِ: محمد (ص) والإضافة هنا للتشريف والاختصاص ﴿لِيَكُونَ: محمد وقرآنه ﴿لِلْعَالَمِينَ نَذِيرً: من يومه إلى يوم يبعثون.

(2): ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ: مالك كل شيء وإله كل شيء ﴿وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدً: منزه عن الصحابة والولد والشريك ﴿وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرً: ومعنى التقدير: التنظيم والتخطيط لهدف معين - مثلاً- لا بد للبناء من أرض ومواد، والمهندس يقدر مساحة الأرض طولا وعرضًا والمواد. كمًا وكيفًا، والله سبحانه (قدَّر ما خلق فأحكم تقديره، وتدبَّره فألطف تدبيره، ووجهه لوجهته فلم يتعد حدود منزلته، ولم يَقْصُر دون الإنتهاء إلى غايته) كما في الخطبة 89 من خطب النهج.

(3): ﴿وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً...: أعرضوا عمن خلق وقدر وأحيا وأمات ونشر، وعبدوا أصنامًا صماء عميانًا وتقدم مرات.

(4) - (5): ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَ: القرآن ﴿إِلَّا إِفْكٌ: كذب ﴿افْتَرَاهُ: محمد ﴿وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ: ضاقت قوى الشر بمحمد والقرآن، ولم تجد سلاحًا إلا التزوير والتشهير بالباطل وأن محمدًا جمع القرآن وألَّفه من أساطير الأوائل وأقوال اليهود والكهان ﴿فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورً: ولا شيء أدل على هذا الإفتراء من أن القرآن الكريم خلق من العرب أُمة غيرت وجه الأرض في أقل من نصف قرن، إضافة إلى التحدي بأن يأتوا بسورة من مثله.

(6): ﴿قُلْ: يا محمد: ﴿أَنزَلَهُ: القرآن ﴿الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ: كيف يكون القرآن خرافة وأساطير، وفيه آيات بينات تدعو للتحكيم إلى العقل، وتحكي أسرار الحياة، وتجدد مفهوم الخير والشر، وتخبر عن أحوال الأُمم الماضية والقرون الخالية بما يتفق وينطبق مع الحق والواقع؟ وكفى بذلك دليلا قاطعًا على أن القرآن من عند الله الذي خلق السموات والأرض، وأحاط بكل شيء علمًا ﴿إِنَّهُ كَانَ: وما زال ﴿غَفُورًا رَّحِيمً: هذه دعوة كريمة من رحمة الله الواسعة إلى من كفر به وبكتبه ورسله، أن يقلع عن غيه، ويأتي إليه تعالى آمنًا ومكرمًا أيضًا... ولا بدع، فهذا شأن من لا يعبد إلا هو، ولا حاجة له إلى شيء أصلا وإطلاقًأ.

(7): ﴿وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ: يريدون من رسول الله أن يتعالى على الخلق، ويحتجب في برج من عاج تمامًا كالجبابرة الطغاة! وهل بُعث الرسول إلا لتدميرهم ودك عروشهم؟ وكيف يقوم الراعي والمرشد بالرقابة على أعمال الرعية وهو في معزل منهم؟ وتقدم في الآية 94 وما بعدها من الإسراء ﴿لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرً: يشهد بصدقه، وينذر من كذَّبه بالعذاب.

(8): ﴿أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَ: هذا هو منطق أرباب المال: بنك وعقار، وجيب ومعدة! فكيف يؤمنون برسالة من يقول: الناس سواسية كأسنان المشط في جميع الحقوق والواجبات؟ ﴿وَقَالَ الظَّالِمُونَ: المعاندون للمؤمنين المنصفين: ﴿إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورً: مغلوبًا على أمره وعقله، وتقدم في الآية 101 من الإسراء.

(9): ﴿انظُرْ: يا محمد ﴿كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ: أي قالوا أقوالا كاذبة باطلة، مثل أنك ساحر أو مسحور، ولو كنت نبيًا لكنت غنيَا! ﴿فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلً: أبدًا لا حجة لهم عليك، بل الحجة لك عليهم، لأنك على الحق من ربك، وماذا بعد الحق إلا الضلال.

(10): ﴿تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَلِكَ: قال الجبابرة الطغاة لمحمد (ص): كيف تكون رسولا ولا تملك جنة أو كنزًا؟ فرد عليهم سبحانه بأنه قادر على أن يمنح نبيه أعظم من ذلك ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورً: ولكن عظمة لا تقاس بالمال، بل العلم وصالح الأعمال، وفي الحديث: لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرًا شربة ماء.

(11): ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ: يوم القيامة، وفيه دلالة على أن المشركين كانوا على استعداد تام للإيمان بنبوة محمد (ص) لولا دعوته إلى الإيمان باليوم الآخر.

(12)- (13): ﴿إِذَا رَأَتْهُم: جهنم ﴿مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا...: كناية عن سوء العذاب وشدته، وتقدم في الآية 19 وما بعدها من الحج.

(14): ﴿لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا...: الثبور: الهلاك، والمعنى قال لهم: لا تدعوا اليوم على أنفسكم بالهلاك واحد بل بالعديد من الويلات والهلكات.

(15)- (16): ﴿قُلْ أَذَلِكَ: إشارة إلى عذاب الحريق ﴿خَيْرٌ: لا تفضيل هنا بل توبيخ ﴿أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ...: بنعيمها القائم، وملكها الدائم ﴿كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْؤُولً: أي لابد أن يقع، وأن للملتقي كل الحق في أن يسأل الله سبحانه الوفاء بوعده، ولكنه تعالى يعطي بلا امتنان من سأله ومن لم يسأله.

(17): ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ...: يجمع سبحانه غدًا بين المشركين والذين اتخذوهم شركاء الله، ثم يسأل الفريق المعبود: أأنتم دعوتهم هؤلاء الضالين إلى عبادتكم؟
(18): ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء: كيف ندعوهم إلى عبادتنا، ونحن نعبدك ونخافك؟ ﴿وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءهُمْ: أنت يا إله العالمين أمهلتهم طويلا، كما أمهلت آباءهم من قبل﴿حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ: وهو الذي أنزله سبحانه على لسان رسله ﴿وَكَانُوا قَوْمًا بُورً: هلكى بما كسبت أيديهم، وما لنا عليهم من سلطان.

(19): ﴿فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ: يخاطب سبحانه المشركين، ويقول لهم: هؤلاء الذين عبدتم من دون الله قد كذبوكم فيما زعمتم أنهم شركاء يقربونكم من الله زلفى ﴿فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفً: أن تصرفوا عنكم العذاب﴿وَلَا نَصْرً: ولا الانتصار لأنفسكم.

(20): ﴿وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ: يا محمد ﴿مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ: إن الشرط الأساس في الرسول أن يكون أمينًا على الرسالة، وقادرًا على الصبر في أدائها الكامل، وأية علاقة لهذه المهمة بأكل الطعام والمشي في الأسواق؟ وتقدم في الآية 109 من يوسف وغيرها ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً: الخطاب لجميع الناس، والمراد بالفتنة الامتحان والاختبار، فيختبر سبحانه الأغنياء بالفقراء: هل يؤدون إليهم عن طيب نفس الزكوات والأخماس الواجبة في أموالهم؟ ويبتلي الأقوياء بالضعفاء: هل يعاملونهم بالعدل أو الجور؟ ويمتحن الأنبياء المرسلين بتكذيب المرسل إليهم وصنوف الإيذاء والبلاء، وهكذا يبتلي المؤمن الصالح بمرأة سوء أو ولد عاق أو جار مضار ﴿أَتَصْبِرُونَ: ومن لم يصبر على بلائه تعالى فليخرج من أرضه وسمائه، أو كما قال الإمام علي (ع): فاصبر مغمومًا أو مت متأسفًا.

(21): ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَ: بعد الموت: ﴿لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ: فنراهم عيانًا، فيخبرونا أن محمدًا هو نبيه ونجيه، وتقدم في الآية 92 من الإسراء ﴿لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوًّا كَبِيرً: وكلنا يحمل هذه الروح العاتية المتمادية إلا قليلا، ولكن نجهل بجهلنا.

(22): ﴿يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ: طلب هؤلاء من محمد (ص) أن تنزل عليهم الملائكة، فأجابهم سبحانه بالإيجاب، وأن الملائكة نازلة عليهم لا محالة، ولكن لا بما يشتهون، بل بعذاب النار وغضب الجبار من الساعة الأولى للنزع إلى ما لا نهاية ﴿وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَّحْجُورً: يسوغ في التفسير وأُصوله أن يكون هذا من أقوال ملائكة العذاب للمجرمين: يحرم اليوم عليكم كل شيء إلا العذاب الأليم، وأن يكون من أقوال المجرمين لملائكة العذاب: يحرم عليكم تعذيبنا والتنكيل بنا.

(23): ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورً: الهباء: الغبار، والمنثور: المتفرق، والمعنى أن الجاحد المعاند قد يفعل الخير كإغاثة ملهوف أو صلة رحم، ولكن هذا لا ينجيه من عذاب أليم، وإن انتفع به في شأن من شؤونه.

(24): ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ: وهم المتقون في حصن حصين ومقر أمين.

(25): ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاء بِالْغَمَامِ: المراد باليوم القيامة، وبالانشقاق الانفطار، وبالغمام الكواكب، وإنها تتحول إلى ذرات، وتصبح كالسحاب والضباب، واستوحينا هذا المعنى من قوله تعالى: (إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت- 2 التكوير... إذا السماء انفطرت وإذا الكواكب انتثرت- 2 الانفطار).

(26): ﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ: وحده لا دول عظمى تحتل مركز الصدارة، وثانية صغرى تخضع للأوامر، وثالثة نامية تستجدي وتتسول، ولا هيئة للأمم ومجلس للأمن... أبدًا لا شيء لأحد إلا لمن أتى الله بقلب سليم وعمل كريم.

(27): ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ: كناية عن شدة الحسرة والندامة، وهي نهاية كل من حاد عن طريق الحق والعدل.

(28): ﴿يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلً: المراد بفلان كل من أضلَّ عباد الله عن الحق إلى الباطل، وعن الخير إلى الشر.

(29): ﴿لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي: والذكر هنا يعم ويشمل كل ما فيه خير وصلاح، أما للجيء فالمراد به التبليغ، والمعنى أرشدني أهل العلم بدين الله إلى طريق لنجاة، فأعرضت واتبعت الغواة، وتنطبق هذه الآية على من تابع وأيد الخونة المنافقين طمعًا في الفُتات وتلبية للشهوات.

(30): ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورً: من الهجر و الترك، أي أعرضوا عن الاستماع له والنظرة إليه نظرة الفاحص الباحث عن الحقيقة فضلا عن الإيمان به.

(31): ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ: هذا مجرد تعبير وحكاية ما هو واقع بالفعل، لأنه تعالى ينهى عن عداوة الأنبياء والأتقياء ويأمر بطاعتهم وموالاتهم، بل قرن، طاعتهم وموالاتهم بطاعته وموالاته، ومعنى الآية في واقعها أن كلًّا من الحق والباطل والخير والشر والصدق والكذب والطهر والرجس- حرب على الآخر بحكم الطبيعة والبديهة.

(32): ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً: تكاثرت الطعون والردود من المجرمين على القرآن الكريم، ومنها قولهم، هذا لماذا لم ينزل دفعة واحد كالتوراة والإنجيل والزبور؟ فأجابهم سبحانه بقوله:﴿كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلً: نزل القرآن مفرقًا للعديد الفوائد: منها أن حفظه كذلك وفهم معناه أيسر وأسهل على النبي والصحابة. ومنها أن نزول أحكامه تبعًا للحوادث والوقائع أوضح بيانًا وأبلغ أثرًا، ومنها أن فيه ناسخًا ومنسوخًا، ولا يتأتى ذلك لو نزل جملة.

(33): ﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ: الخطاب لمحمد (ص) وضمير الجماعة في يأتونك لأعداء الله وأعدائه الذين يعترضون عل القرآن، والمعنى لا ينطقون بأية شبهة وضلالة حولك أو حول القرآن إلا وأوحينا إليك بجواب الحق الذي يفحمهم ويلجمهم.

(34): ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ...: سأل رجل رسول الله (ص): كيف يحشر الكافر على وجهه؟ فقال: إن الذي أمشاه على رجلين قادر على أن يمشيه على وجهه.

(35)- (37): ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ...: التوراة، وقصته تقدمت وتكررت من البقرة إلى المائدة ومنها إلى الأعراف وطه ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ...: تقدم في هود.

(38): ﴿وَعَادً: أنظر هود الآية 50- 60 ﴿وَثَمُودَ: أُنظر هود الآية 61- 68 ﴿وَأَصْحَابَ الرَّسِّ: اسم بئر وأصحابه قوم شعيب وقصته في هود الآية 84-95﴿وَقُرُونًَا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرً: أيضًا أهلكنا من الأُمم أضعاف من ذكرنا لأنهم كذبوا الأنبياء والمرسلين. وفي مجلة العربي الكويتية عدد 232 مقال بعنوان سيرة النبيّ بقلم الدكتور عبد العزيز كامل، جاء فيه: (المجددون الدينيون في فارس نعرفهم فقط عن طريق الشاهنامة، ولقد ضاع أنبياء الهند في القصص والأساطير).

(39): ﴿وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ: ما أهلكنا قومًا إلا بعد قيام الحجة عليهم بالأدلة والنصائح الأمثال بمن كان قبلهم، ولكنهم عموا وصموا فحقت عليهم كلمة العذاب الذي أشار إليه سبحانه بقوله: ﴿وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرً: أهلكنا إهلاكًا.
(40): ﴿وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ: لقد مر عتاة قريش بقرى قوم لوط، وشاهدوا ما فيها من آثار العذاب والهلاك، وكان عليهم أن يعتبروا ويتعظوا ﴿بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورً: كيف يتعظون وهم لا يؤمنون ببعث وحساب وجزاء؟.

(41): ﴿وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ: يا محمد ﴿إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولً: يهزأون ويستخفون بسيد الكونين! ولماذا؟ لأنه ساوى بين الأسود والأبيض، وثار على الجهل والبغي... وأين هؤلاء الساخرون الهازئون الآن من حياة الناس وفي سجلات التاريخ؟.

(42): ﴿إِن كَادَ: محمد ﴿لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَ: التوحيد شر وضلال في منطقهم، وعبادة الأصنام هدى وخير! وكل أو جلَّ الذين آمنوا بمحمد (ص) كانوا من قبل على هذا الجهل بالجهل، والتعصب الأعمى لما توارثوه الأجيال، ومع ذلك أقنعهم محمد وجذبهم إليه بخلقه العظيم وأُسلوبه الحكيم الرحيم، وهنا يكمن السر لِعَظَمة محمد، وأيضًا من هنا قال حر خبير: لو تسلَّم محمد زمام الحكم المطلق اليوم في العالم كله لحل مشكلاته بالكامل، وحقق للعالم السلام والرخاء المنشود.

(43): ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ: كل من يتخلى عن الإيمان بالله وعدله يبحث عن بديل له فيما يحب ويهوى من جاه أو مال غير ذلك من ملذات وشهوات ﴿أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلً: حافظًا له من الضلال والفساد.

(44): ﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ: أنت يا محمد تحاول إقناعهم بالعقل والموعظة الحسنة، وهم لا يفهمون إلا بمنطق القوة أو الرغبة والرهبة ﴿إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلً: لأن الأنعام تؤدي ما عليها، وتطلب ما ينفعها، وتتقي ما يضر بها، وتنقاد لصاحبها أمرًا وزجرًا، وهؤلاء لا يؤدون ما عليهم، ولا ينقادون لخالقهم، ولا يتقون عذابه ويعملون لثوابه.

(45): ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ: الظل يمتد ويتقلص تبعًا لحركة الأرض ودورانها حول الشمس، وأسندها سبحانه إليه لأنه خالق الأرض والكون، كما أشرنا أكثر من مرة ﴿وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنً: أي لجعل الأرض ساكنة. وبسكونها يسكن الظل، لأن التابع لا ينفرد بالحكم، بل يسري عليه ما يسري على المتبوع ﴿ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلً: لولا الشمس لم يكن للأجسام ظل بحكم البديهة.

(46): ﴿ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرً: بسط سبحانه الظل رويدًا رويدًا، وأزاله كذلك تبعا لحركة الأرض، ونعود إلى التكرار بأن هذا وصف للسنن الكونية، وربطها سبحانه بإرادته لا بأعيان الأشياء الطبيعية لأنه هو الذي خلق كل شيء فقدره تقديرًا، أُنظر تفسير الآية 2 من هذه السورة.

(47): ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسً: ساترًا كاللباس ﴿وَالنَّوْمَ سُبَاتً: سكونًا وانقطاعًا عن العمل ﴿وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورً: حركة وعملا.

(48): ﴿وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا... : بنزول المطر، وهو طاهر في نفسه، مطهر لغيره على حد تعبير الفقهاء.

(49): ﴿لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا...: واضح، تقدم في الآية 57 من الأعراف.

(50): ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ: القرآن وقيل المطر ﴿بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورً: أنعم سبحانه على عباده بكل نعمه من العقل إلى إنزال الكتب وإرسال الرسل، ومن إنزال الماء من السماء إلى ينابيع النفط تتفجر من الأرض... إلى ما لا نهاية، ومع ذلك كفروا باله ونفروا من الحق! ولماذا!؟ ونترك الجواب لغاندي حيث قال في كتاب هذا مذهبي: (طريق الحق ضيق مثلما هو مستقيم، والسير عليه يستدعي الاحتفاظ بالتوازن تمامًا كالسير على حد السيف... فأقل سهوه تردي بالإنسان إلى الحضيض، ولا يستطيع الإنسان أن يدرك الحق إلا بالكفاح الذي لا ينقطع).

(51): ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرً: كان عدد الرسل قبل محمد (ص) مساويًا لعدد الأمم كما جاء في الآية 47 من يونس (ولكل أُمَّة رسول) ثم ختم سبحانه بمحمد جميع الرسل حيث أرسله بشريعة تَسَع الإنسانية بكاملها، وبهذا التكريم والتعظيم من الله سبحانه كان لمحمد (ص) المنزلة العليا على جميع الخلق والأنبياء، وقد ذكَّر الله ورسوله الأعظم بهذه النعمة حيث قال له: (لو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرًا) ولكنا لم نفعل، وخصصناك بالبعثة إلى جميع أهل الأرض، فاصبر في أداء الرسالة وكن من الشاكرين.

(52): ﴿فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ: في السكوت عن دعوتهم إلى الحق وإلا قالوا: خاف محمد (ص) وجزع، والذي يدل على إرادته ذلك قوله تعالى بلا فاصل ﴿وَجَاهِدْهُم بِهِ: أي بالقرآن ﴿جِهَادًا كَبِيرً: بلا هوادة.

(53): ﴿وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ: خلطهما وأسال أحدهما في الآخر ﴿هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ: جعل سبحانه الماء المالح في أرض منخفضة، والماء العذب كالجداول والأنهار في أرض مرتفعة عن سطح البحر، ولو انعكس الأمر لأفسد الملح العذب، وأصبح الماء كله مرًا، ووقع الناس في العسر والحرج ﴿وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورً: أي فاصلا بين الماءين، وهو ارتفاع أرض العذب، وانخفاض أرض الملح.

(54): ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرً: النسب: القرابة بالتوالد، والصهر: القرابة بالمصاهرة، والمعنى خلق الإنسان من نطفة فهو بذلك ولد نسيب، ثم يتزوج فيصير صهرًا، ويصير له بعد الزواج أنسباء وأصهار.

(55): ﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ...: أصنامًا لا تضر ولا تنفع ﴿وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرً: أي يعين حزب الشيطان والباطل على حزب الرحمن والحق، وكل من أعان الباطل فقد أعان على الله ونصب له العداء.

(56): ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ: يا محمد ﴿إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرً: واضح، وتقدم بالحرف في الآية 105 من الإسراء.

(57): ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ: لا مطمع لي في شيء وراء دعوتي لكم إلى الحق والهدى ﴿إِلَّا مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلً: أي إلا أن تسلكوا عن رضا وطيب نفس السبيل التي تنتهي بكم إلى النجاة والفلاح، وتقدم في الآية 90 من الأنعام.

(58): ﴿وَتَوَكَّلْ: يا محمد ﴿عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ: اقرن التوكل بالعبادة الخالصة لوجه الله ﴿وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرً: ولا يضرك من أكبر واستكبر، فنحن له بالمرصاد.

(59): ﴿الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ: تقدم في الآية 54 من الأعراف وغيرها ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ: استولى على الملك، وتقدم مرات ﴿فَاسْأَلْ بِهِ: قال ابن هشام في المغني (الباء هنا بمعنى عن بدليل قوله تعالى: يسألون عن أنبائكم- 20 الأحزاب) وعليه يكون المعنى اسأل عن خلق السموات والأرض ﴿خَبِيرً: وهو الذي خلق كل شيء.

(60): ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ: نحن لا نعرف عنه شيئا.

(61): ﴿تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجً: وهي منازل الشمس والقمر، أُنظر تفسير الآية 16 من الحجر﴿وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجً: الشمس.

(62): ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً: يخلف أحدهما الآخر، يأتي الليل ويذهب النهار؟، ثم يأتي هذا ويذهب ذاك، وهكذا دواليك ﴿لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ: من طلب الدليل على وجود الله وجده في جميع الأشياء، ومنها تعاقب الليل والنهار. وفي نهج البلاغة: أُنظر إلى الشمس والقمر... واختلاف الليل والنهار... فالويل لمن أنكر المقدر، وجحد المدبر، زعموا أنهم كالنبات ما لهم زارع، ولا لاختلاف صورهم صانع، ولم يلجأوا إلى حجة... وهل يكون بناء من غير بانٍ أو جناية من غير جانٍ؟.

(63): ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنً: بلا استعلاء وخيلاء، قال الإمام الصادق (ع) في تفسير هذه الآية: (هو الرجل يمشي على سجيته التي جُبل عليها لا يتكلف ولا يتصنع). والإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يتصور نفسه فوق حقيقتها وواقعها، أما سائر المخلوقات الحية فلها حد لا تتعداه بحكم الطبيعة، فالأشجار مهما ارتفعت لا تصل إلى السماء، والحيوانات لا تعرف العجب والغرور، ولا حب الجاه والشهرة، ولا الحقد والحسد، ولا شيء يحركها إلا الجوع، فإذا شبعت سكنت ولم تطلب المزيد وسالمت حتى الوحوش المفترسة ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامً: إذا سمعوا من سفيه كلمة سوء تجاهلوه ولم يقابلوه. قال الإمام عليّ (ع): إن لم تكن حليمًا فتحلم. وشتم سفيه حكيمًا فأعرض عنه، وحين قيل له: لم لا تبالي؟ قال: لا أتوقع من الغراب تغريد البلابل.

(64): ﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامً: ينصرون في ظلمة الليل إلى طاعة الله بالصلاة أو بالدعاء أو بتلاوة القرآن أو بالعلم والعمل به نشره وتعليمه.

(65)- (66): ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامً: لازمًا لا مفر لنا منه إلا عفو الله ورحمته، وهذا كناية عن تخوفهم من عذابه تعالى على إخلاصهم له وجهادهم في سبيله.

(67): ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامً: لا تقتير ولا تبذير في الإنفاق، بل قوام واعتدال وأمر بين أمرين: إفراط وتفريط، والاعتدال هو الذروة في دين الإسلام عقيدة وشريعة، لا بالقيم الروحية وحدها ولا بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بهما معًا، وفي الحديث الشريف: (ليس خيركم من عمل لدنياه دون آخرته ولا من عمل لآخرته وترك دنياه... اعمل لدنياك أنك تعيش أبدًا، وأعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا).

(68)- (70): ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ: لا يجعلون له ندًا في العبادة والطاعة، فكيف حال من يطيع المخلوق في معصية الخالق؟ ﴿وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ: وقتلها بالحق أن تسعى في الأرض فسادًا أو تزني عن إحصان أو ترتد عن فطرة أو تقتل نفسًا بغير حق ﴿وَلَا يَزْنُونَ: لأن الزنا من أكبر الكبائر والمآثم، ولذا ساوى سبحانه بينه وبين الشرك وقتل النفس المحرمة ﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ: من تاب من الذنب كمن لا ذنب له، وفوق ذلك يشيبه الله على توبته.

(71): ﴿وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابً: مرجعًا حسنًا ومرضيًا، وأعاد سبحانه آية التوبة للتنبيه والإشارة إلى أنه تعالى يحب التوابين، شريطة أن لا يرجعوا إلى المعصية بعد أن رجعوا إلى خالقهم الغفور الرحيم.

(72): ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ: لا يتعمدون الكذب في أقوالهم، بل لا ينطقون بما يجهلون، ولا يحضرون مجالس السوء والباطل ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامً: تمامًا كالنحلة إذا مرت بالجيف والروائح الكريهة.

(73): ﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانً: لم يعرضوا عنها، بل يقبلوا عليها باسماعهم وقلوبهم، وفي الآية 2 من الأنفال: (وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا).

(74): ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ: كناية عن السرور، يدعون الله سبحانه أن يرزقهم أزواجًا وأولادًا أبرارًا وأتقياء سامعين لله ومطيعين، ليكونوا في منجاة من غضبه تعالى وعذابه﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامً: هداة إلى الخير والحق، وقدوة في العمل بهما.

(75): ﴿أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ...: يوم القيامة بأعلى المراتب والدرجات ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ: لستم عند الله وفي الواقع بشيء يستحق الذكر والعناية لولا شيء واحد، وهو دعاء الرسول لكم إلى الإيمان كي تلزمكم الحجة عند الحساب والجزاء إذا لم تسمعوا وتطيعوا، والدليل على إرادة هذا المعنى قوله تعالى بلا فاصل مخاطبًا المجرمين المعاندين: ﴿فَقَدْ كَذَّبْتُمْ: دعوة الرسول وأعرضتم عنها ﴿فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامً: أصبح عقابكم لازمًا لا مفر منه، ومن يعمل سوءًا يجز به.


* التفسير المبين / العلامة الشيخ محمد جواد مغنية.

2015-12-10