يتم التحميل...

سورة الإنسان

تفسير الكتاب المبين

سورة الإنسان

عدد الزوار: 22

(1): ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورً: هل في صورة الإستفهام، ومعناها التوكيد والتحقيق وقد مرَّ الإنسان بمراحل: 1) من العدم إلى الوجود الترابي، جمود بلا سيلان 2) الوجود المائي، سيلان بلا نمو 3) الوجود النامي بلا إحساس 4) الوجود الحيواني، نمو وإحساس بلا إدراك 5) الوجود الإنساني، نمو وإحساس وإدراك.

(2): ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ: جمع مشيج وهو الخليط ﴿نَّبْتَلِيهِ: بلاء، له صولات وجولات أنطقت المعري بالبيت الشهير، وقال الإمام علي (ع): (إن الله يختبر عباده بأنواع الشدائد ويتعبدهم بأنواع المجاهد، ويبتليهم بضروب المكاره إخراجًا للتكبر من قلوبهم، وإسكانًا للتذلل في نفوسهم).

(3): ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورً: وأوجز الإمام جعفر الصادق (ع) هذا المعنى بقوله: (الله يحتج على الناس بما آتاهم وعرفهم) فمن آتاه ما لا يسأله: هل أدى ما فيه من حق؟ ومن آتاه علمًا: هل عمل بموجبه؟ ومن أتاه جاهًا وسلطانًا: هل أقام به حقًا وأنصف مظلومًا من ظالمه؟ ويقول لكل عاقل قادر:منحتك العقل والقدرة والحرية والإرادة وأوضحت لك طريق الخير والشر بأدلة العقل والوحي، ونهيتك عن هذا وأمرتك بذاك، فهل: عملت بطاعتي أو بأهوائك؟ فمن عمل بطاعة فاز بفضله ومرضاته ومن عمل بالهوى والغرض قامت لله عليه الحجة، وأخذه بجرمه وجريرته.

(4): ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالًا وَسَعِيرً: السلاسل للجر والسحب والأغلال للأيدي والأعناق، والسعير نار لها شهيق وفورات وتغيظ وزفرات.

(5) – (6): ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورً: في طيب رائحة، قال ابن عباس: كل ما في الجنة ليس منه في الدنيا إلا الاسم.

(7): ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ... : يطيعون الله فيما أوجبه عليهم، وفوق ذلك يوفون بما ألزموا به أنفسهم من المبرات والمستحبات.

(8): ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ: أي وهم في أشد الحاجة إليه ﴿مِسْكِينً: لا مال له ﴿وَيَتِيمً: لا كفيل له ﴿وَأَسِيرً: المراد به كل ذي كبد حراء انسدت عليه المذاهب والمسالك.

(9) – (10): ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ... : رغبة في ثوابه وخوفًا من عقابه، ولا نريد مكافأة من غيره، والقمطرير: الشديد المظلم، وفي العديد من كتب التفسير وغيره أن سورة هل أتى نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين (ع) وأنهم هم الذين وفوا بالنذر وأطعموا الطعام على شدة الحاجة إليه، المسكين واليتيم والأسير. أُنظر تفسير الرازي لهذه السورة، وأُسد الغابة لابن الأثير ج5 ص530 طبعة سنة 1285 هـ وفضائل الخمسة من الصحاح الستة للفيروز آبادي ج1 ص254. وعليه فأهل البيت (ع) هم المقصودون بالآيات السابقة واللاحقة إلى آخر الآية 22 (وكان سعيكم مشكورًا).

(11): ﴿فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورً: بهجة في القلوب وبهاءًا في الوجوه، خافوا شر يوم المحشر فاتقوه بطاعة الله، فبدلهم من بعد الخوف أمنًا.

(12): ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُو: على الجوع ليشبع غيرهم. فكان أجرهم عند الله النعيم والتعظيم.

(13) – (22): ﴿مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ:جمع أريكة وهي السرير، والزمهرير: البرد الشديد، والأكواب:الأقداح، والقوارير: أوان من زجاج، والزنجبيل: عروق نبات يشبه القصب كما في تفسير جزء تبارك للشيخ المغربي والسلسبيل: سهل المساغ والإنحدار في الحلق، والسندس: الحرير الرقيق، والإستبرق: الحرير الغليظ. واكتفينا بتفسير المفردات الغامضة لوضوح الآيات، ولأنها تقدمت موزعة في الآية 19 من الإسراء و31 من الكهف و23 من الحاقة وأيضًا لنفسح المجال للأهم وهو السؤال والجواب كما هو دأبنا في هذه الصفحات الضيقة.

(23): ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ: يا محمد ﴿الْقُرْآنَ تَنزِيلً: وهو الحق لا ريب فيه، وقد وعدناك بالنصر، شريطة أن تصبر على أذى المعاندين وصدهم عن سبيل الله.

(24): ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورً: فيما يحاولونه منك، ويساومونك عليه، والمراد بالآثم كل من اكتسب أثمًا، وبالكفور كل جاحد.

(25): ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلً: صباحًا ومساءً.

(26): ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ: صل لله في جزء من الليل ﴿وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلً: تهجد لله في الليل أمدًا غير قصير، والأمر هنا للاستحباب لقوله تعالى: (ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا 79- الإسراء)

(27): ﴿إِنَّ هَؤُلَاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْمًا ثَقِيلً: هؤلاء إشارة إلى المشركين وإلى كل من أحب الدنيا وتولاها، وأبغض الآخرة وعاداها، ووصف سبحانه يوم القيامة بالثقل لأنه يوم عسير على الكافرين غير يسير.

(28): ﴿نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ: الله هو الذي أوجدهم من العدم، وصورهم فأحسن صورهم، فكيف أنكروه وعصوا أمره ونهيه؟ ﴿وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلً: هذا تهديد ووعيد للمكذبين بأن الله قادر على أن يهلكهم، ويستخلف مكانهم قومًا آخرين أفضل وأكمل.

(29) – (30): ﴿إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ: هذه إشارة إلى السورة التي نحن بصددها ﴿فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ: انظر تفسير الآية 56 من سورة المدثر.

(31): ﴿يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ: المراد بالرحمة هنا الجنة، وقد اقتضت حكمته تعالى ومشيته أن لا يدخل الجنة أحدًا إلا بالجد والعمل ﴿وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمً: للمتقين رحمة الله وجنته، وللمجرمين غضبه وعذابه.


* التفسير المبين / العلامة الشيخ محمد جواد مغنية.

2015-12-10