يتم التحميل...

لماذا إقامة العزاء على سيّد الشهداء عليه السلام؟

إضاءات عاشورائية

يقع التساؤل أحياناً عن سبب تخصيص الإمام الحسين عليه السلام من قبل أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام بإقامة العزاء، وتطرح عادة إشكاليّة تقول: لماذا لا يقام هذا العزاء على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ أو غيره من الشخصيّات المقدّسة في تاريخ الإسلام؟

عدد الزوار: 1014

يقع التساؤل أحياناً عن سبب تخصيص الإمام الحسين عليه السلام من قبل أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام بإقامة العزاء، وتطرح عادة إشكاليّة تقول: لماذا لا يقام هذا العزاء على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ أو غيره من الشخصيّات المقدّسة في تاريخ الإسلام؟

لماذا إقامة العزاء على سيّد الشهداء عليه السلام؟

يقع التساؤل أحياناً عن سبب تخصيص الإمام الحسين عليه السلام من قبل أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام بإقامة العزاء، وتطرح عادة إشكاليّة تقول: لماذا لا يقام هذا العزاء على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ أو غيره من الشخصيّات المقدّسة في تاريخ الإسلام؟

وللإجابة عن هذا السؤال نقول:

أوّلاً: إنّ أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام يقيمون العزاء على مصاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويعتبرون أنّ فقده صلى الله عليه وآله وسلم من أعظم المصائب، بل أصاب الأمّة الإسلاميّة بما لم تصب بمثله أبداً، وقد رووا ذلك عن أئمّتهم عليهم السلام، فعن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: "من أصيب بمصيبة فليذكر مصابه بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فإنّه من أعظم المصائب"1، وعن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: "إن أُصِبت بمصيبة في نفسك أو في مالك أو في ولدك فاذكر مصابك برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإنّ الخلائق لم يصابوا بمثله قطّ"2.

ثانياً: إنّ مصيبة الإمام الحسين عليه السلام وما جرى عليه من المصائب والمحن والرزايا من حيث طبيعة الفاجعة والمأساة وطريقة القتل واجتماع جميع المصائب عليه في يوم واحد وساعات معدودة، وحصاره ومنع الماء عنه واجتماع ذلك العدد من أعدائه لقتله، وغيرها من الأمور، مثّلت حالة استثنائيّة في تاريخ البشريّة، استدعت نوعاً من الإحياء للمناسبة يختلف عن طبيعة الإحياء المطلوب في جميع مناسبات الشخصيّات المقدّسة الأخرى من الأنبياء والأولياء والأصحاب والأنصار، وهذا ما أشارت إليه الروايات الواردة عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام، فعن الإمام الحسن عليه السلام: "لا يوم كيومك يا أبا عبد الله"3، وعن الإمام زين العابدين عليه السلام: "لا يوم كيوم الحسين عليه السلام"4.

ثالثاً: إنّ طبيعة الأهداف التي حملها الإمام الحسين في نهضته وثورته المباركة، ضدّ الظلم والجور، وفي مواجهة الانحراف، وطلباً لحفظ الدّين والرسالة وتعاليم القرآن وسيرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، والتذكير بحقّ آل البيت عليهم السلام ووجوب مودّتهم، والإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغيرها من الأهداف والعناوين، ومن ناحية أخرى فإنّ طبيعة العدوّ الذي كان يواجهه الإمام عليه السلام وخطره على أصل الدّين والرسالة، كلّ ذلك افترض نوعاً من الاهتمام بالمناسبة لما فيه من إحياء للإسلام الذي جاء به النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وحفظ لمسيرته وأهدافه، ومن هنا قيل: الإسلام محمّديّ الوجود حسينيّ البقاء.

رابعاً: إنّ الإمام الحسين عليه السلام هو ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسبطه وحبيبه، وإنّما نحزن عليه ونبكي مصابه لأنّه ابن رسول الله وأحد الأئمّة المعصومين الذين أوصى بهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهم عترته وأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، ولكونه أحد أركان السلسلة الطيّبة التي كان لها دور عظيم بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في بناء هذا الدّين وتشييد أركانه، ولعلّ هذا ما أشارت إليه الرواية عن عبد الله بن الفضل (الهاشميّ) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: يا بن رسول الله، كيف صار يوم عاشورا يوم مصيبة وغمّ وجزع وبكاء دون اليوم الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ واليوم الذي ماتت فيه فاطمة عليها السلام؟ واليوم الذي قتل فيه أمير المؤمنين عليه السلام؟ واليوم الذي قتل فيه الحسن عليه السلام بالسمّ؟ فقال: "إنّ يوم قتل الحسين عليه السلام أعظم مصيبة من جميع سائر الأيّام، وذلك أنّ أصحاب الكساء الذين كانوا أكرم الخلق على الله
كانوا خمسة، فلمّا مضى عنهم النبيّ، بقي أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فكان فيهم للناس عزاء وسلوة، فلمّا مضت فاطمة عليها السلام كان في أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام للناس عزاء وسلوة، فلمّا مضى منهم أمير المؤمنين كان للناس في الحسن والحسين عليهما السلام عزاء وسلوة، فلمّا مضى الحسن عليه السلام كان للناس في الحسين عزاء وسلوة. فلمّا قتل الحسين صلّى الله عليه لم يكن بقي من أصحاب الكساء أحد للناس فيه بعده عزاء وسلوة، فكان ذهابه كذهاب جميعهم، كما كان بقاؤه كبقاء جميعهم فلذلك صار يومه أعظم الأيّام مصيبة"5.

خامساً: إنّ البكاء على الإمام الحسين عليه السلام هو امتثال لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم في ضرورة مودّة آل بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وتأسيّاً بفعله صلى الله عليه وآله وسلم حيث أقام المآتم على ولده الحسين عليه السلام قبل شهادته وبكاه في مواضع عديدة.

وكذلك فإنّ هذا الأمر هو استجابة لطلب الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام الذين حثّوا على إقامة العزاء على الإمام الحسين عليه السلام وقاموا هم أنفسهم بفعل هذا الأمر.

وفي هذا الفصل نعرض لبعض الجوانب المهمّة التي توضح سبب إحياء هذا المناسبة من زوايا مختلفة:

إقامة الشعائر والعزاء على سيّد الشهداء عليه السلام تأسيّاً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام:

- التأسّي بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم:
يقول الله تعالى في هذا المجال: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ6.

وهذا أمر واضح وصريح من الحقّ تعالى بأن نتّخذ النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أسوة لنا، ولذا فإنّ من يريد أن يتخلّق بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأن يمتلك إيماناً واقعيّاً بالله تبارك وتعالى لا بدّ له أن يتّخذ النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم مثالاً وقدوةً له.

ويحدّثنا التاريخ والروايات أنّ النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كان كثيراً ما يظهر محبّته وعلاقته القويّة بسيّد الشهداء عليه السلاموعندما كان يذكرُ أيّ شيء يتعلّق بمقتل الإمام الحسين عليه السلاميتغيّر حاله وكيانه ويصيبه الغمّ والحزن ويبكي بشدّة.

وممّا ينبغي الالتفات إليه هنا أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كان يقوم بذلك قبل خمسين ونيّف من السنين قبل استشهاد سيّد الشهداء سلام الله عليه.

وفي هذا المجال يروى لنا عبد الله بن محمّد الصنعانيّ نقلاً عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل الحسين عليه السلامجذبه إليه وقال لأمير المؤمنين عليه السلام: أمسكه، ثمّ يقع عليه فيقبّله ويبكي فيلتفت إليه (الحسين) ويقول: يا أبه لم تبكي؟ فيقول: يا بنيّ، أُقبِّل موضع السيوف منك وأبكي"7.

وفي رواية أخرى عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "إنّ جبرائيل أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والحسين يلعب بين يديه فأخبره أنّ أمّته ستقتله، قال فجزع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم"8.

وروي أيضاً عن صفيّة بنت عبد المطلب أنّها قالت: "لمّا سقط الحسين عليه السلام من بطن أمّه دفعته إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم... فقبّل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بين عينيه، ثمّ دفعه إليّ وهو يبكي ويقول لعن الله قوماً هم قاتلوك يا بنيّ قالها ثلاثاً..."9.

وكذلك في أواخر لحظات عمر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وقد كان يحتضر أخذ الحسين عليه السلام ليودّعه فضمّه إلى صدره وراح يقبّله وهو يقول: "ما لي وليزيد لا بارك الله في يزيد"10.

وينقل سعيد بن يسار عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "لمّا أن هبط جبرائيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخبره بقتل الحسين عليه السلام، أخذ بيد عليّ عليه السلام فخلا به مليّاً من النهار فغلبتهما العبرة، فلم يتفرّقا حتّى هبط عليهما جبرائيل عليه السلام فقال لهما: ربّكما يقرؤكما السلام ويقول: قد عزمت عليكما لما صبرتما، قال فصبرا"11.

وقد أحصى العلّامة الأمينيّ رحمه الله في كتابه سيرتنا وسنّتنا، ما يقرب من عشرين مأتماً، روي عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه أقامها على الإمام الحسين عليه السلام، أخرجها من كتب وروايات أهل السنّة: فمأتم أقامه عند الميلاد في أوّل ساعة من ميلاده، ومأتم الرضوعة، ومأتم في رأس السنة، أي بعدما أتى على الحسين عليه السلام سنة كاملة، سبعة مآتم في بيت السيّدة أمّ سلمة أمّ المؤمنين، وثلاثة مآتم في بيت السيّدة عائشة، ومأتم في بيت السيّدة زينب بنت جحش أمّ المؤمنين، ومأتم في دار أمير المؤمنين عليه السلام، ومأتم في حشد من الصحابة، ومأتم في دار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومأتم يوم عاشوراء، ومأتم في كربلاء أقامه أمير المؤمنين عليه السلام.

- التأسّي بأمير المؤمنين عليه السلام:
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ12.

وعن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "يا عليّ، من أطاعك فقد أطاعني، ومن أطاعني فقد أطاع الله"13.

وقد وصل إلينا العديد من الروايات عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم - من كتب الفريقين (السنّة والشيعة) - تؤكّد على أنّ إطاعة أمير المؤمنين عليه السلام مساوية لإطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإطاعة هذين العظيمين مقارنة لإطاعة الله تعالى.

وهذا يشير بوضوح إلى كون أقوالهما وأفعالهما وكلّ ما يقومان به لا ينفكّ عن إرادة الحقّ تعالى وأنّ كلّ شيء عندهما هو من عند الله.

ولذا فإنّ الله تبارك وتعالى في القرآن الحكيم وبعد أمره بإطاعته وإطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنّه يأمر بإطاعة أمير المؤمنين عليه السلام كما ذكر المفسّرون من الخاصّة والعامّة بأنّ الآية المذكورة قد فسّرت بأنّها واردة في شأن أمير المؤمنين عليه السلام.

وقد أكّد النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم مراراً دعوته لأمّته بإطاعة أمير المؤمنين واتّباعه، وفي الواقع فإنّ معنى كلمة الشيعة تعني المتابعة ولذا فإنّه كلّما كان الاتّباع والإطاعة لأمير المؤمنين عليه السلام قويَّيْن وكبيريْن كلّما اقتربنا من حضرته بشكل أكبر أيضاً.

ومن جملة الأعمال التي كان يقوم بها أمير المؤمنين عليه السلام إقامة العزاء والبكاء على سيّد الشهداء عليه السلام ولذا - واقتداءً به سلام الله عليه - فنحن نقيم العزاء ونبكي على ولده الحسين المظلوم عليه السلام.

وينقل عبد الله بن ميمون القدّاح عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "مرّ أمير المؤمنين عليه السلام بكربلاء في أناس من أصحابه فاغرورقت عيناه بالبكاء ثمّ قال: هذا مناخ ركابهم وهذا ملقى رحالهم وهنا تهرق دماؤهم، طوبى لك من تربة عليك تهرق دماء الأحبّة"14.

وفي رواية أخرى عن ابن عباس قال: كنت مع أمير المؤمنين عليه السلام عند خروجه إلى صفّين فلمّا نزل بنينوى وهو بشطّ الفرات قال بأعلى صوته: "يا ابن عبّاس، أتعرف هذا الموضع؟"، قلت له: ما أعرفه يا أمير المؤمنين فقال عليه السلام: "لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتّى تبكي كبكائي"، قال: فبكى طويلاً حتّى اخضلّت لحيته وسالت الدموع على صدره وبكينا معاً وهو يقول: "أوه أوه، ما لي ولآل أبي سفيان، ما لي ولآل حرب حزب الشيطان وأولياء الكفر، صبراً يا أبا عبد الله فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم..."15.

- التأسّي بالسيّدة الزهراء عليها السلام:
أقامت السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام العزاء على ولدها الحسين عليه السلام في مناسبات كثيرة وستبقى كذلك إلى يوم القيامة فعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "دخلت فاطمة عليها السلام على أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعيناه تدمع فسألته: ما لك؟ فقال إنّ جبرائيل أخبرني أنّ أمّتي تقتل حسيناً فجزِعَت وشقّ عليها فأخبرها بمن يملك من ولدها فطابت نفسها وسكنت"16.

وروى أبو بصير عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال له: "يا أبا بصير إنّ فاطمة عليها السلام لتبكيه وتشهق فتزفر جهنّم زفرة لولا أنّ الخزنة يسمعون بكاءها وقد استعدّوا لذلك مخافة أن يخرج منها عنق أو يشرد دخانها فيحرق أهل الأرض فيكبحونها ما دامت باكية ويزجرونها ويوثقون من أبوابها مخافة على أهل الأرض فلا تسكن حتّى يسكن صوت فاطمة"17.

وفي رواية أخرى ورد أيضاً: "فإنّها تشهق كلّ يوم شهقة على ولدها حتّى يسكتها أبوها"18.

وورد أيضاً في وصف أحوال المحشر أنّه "يقبل الحسين عليه السلامورأسه بيده فإذا رأته (فاطمة) شهقت شهقة لا يبقى في الجمع ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ولا مؤمن إلّا بكى، ثمّ تأخذ في التظلّم وترفع القميص بيدها وتقول: إلهي، هذا قميص ولدي"19.

وقد أخبرنا أهل البيت عليهم السلام عن حالة سيّدة نساء العالمين عليها السلام عند البكاء على ولدها الشهيد عليه السلام بما رواه أبو بصير- في الرواية المتقدّمة- عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث أنّه قال له: "يا أبا بصير، إذا نظرت إلى ولد الحسين أتاني ما لا أملكه بما أتى إلى أبيهم واليهم، يا أبا بصير، إنّ فاطمة عليها السلام لتبكيه وتشهق" - إلى أن يقول- ثمّ قال لي: "يا أبا بصير، أما تحبّ أن تكون فيمن يسعد فاطمة عليها السلام"، فبكيت حين قالها فما قدرت على المنطق، وما قدرت على كلامي من البكاء..20.

ولوضوح حزن الزهراء عليها السلام على ولدها الإمام الحسين عليه السلام نرى دعبل الخزاعيّ ينشد في تائيّته المعروفة في محضر الإمام الرضا عليه السلام واصفاً حال سيّدة النساء عليها السلام:
أَفَاطِمُ لَوْ خِلْتِ الْحُسَيْنَ مُجَدَّلاً ***وَقَدْ مَاتَ عَطْشَاناً بِشَطِّ فُرَاتِ
إذاً لَلَطَمْتِ الْخَدَّ فَاطِمُ عِنْدَهُ***وَأَجْرَيْتِ دَمْعَ الْعَيْنِ في الْوَجَنَاتِ
أَفَاطِمُ قُوْمِيْ يَا ابْنَةَ الْخَيْرِ وَانْدُبِيْ***نُجُوْمَ سَمَاوَاتٍ بِأَرْضِ فَلَاةِ
21

- التأسّي بالإمام الحسن المجتبى وبكاؤه على أخيه عليهما السلام:
ورد في رواية عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: "إنّ الحسين بن عليّ عليهما السلام دخل يوماً إلى الحسن عليه السلام فلمّا نظر إليه بكى، فقال له: ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال: أبكي لما يُصنع بك، فقال له الحسن عليه السلام: إنّ الذي يؤتى إليّ سمّ يدس إليّ فأُقتل به ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل يدّعون أنّهم من أمّة جدّنا محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وينتحلون دين الإسلام فيجتمعون على قتلك وسفك دمك وانتهاك حرمتك وسبي ذراريك ونسائك وانتهاب ثقلك فعندها تحلّ ببني أميّة اللعنة وتمطر السماء رماداً ودماً ويبكي عليك كلّ شيء حتّى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحار"22.

- التأسّي بالإمام السجّاد عليه السلام:
لمّا انفصل موكب السبايا من كربلاء طالبين المدينة، قال بشير بن حذلم: فلمّا قربنا منها نزل عليّ بن الحسين عليهما السلام فحطّ رحله، وضرب فسطاطه وأنزل نساءه وقال: "يا بشير! رحم الله أباك لقد كان شاعراً فهل تقدر على شيء منه؟" قلت: بلى يا بن رسول الله إنّي لشاعر، قال: "فادخل المدينة وانعَ أبا عبد الله"، قال بشير: فركبت فرسي وركضت حتّى دخلت المدينة فلمّا بلغت مسجد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم رفعت صوتي بالبكاء وأنشأت أقول:
يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ بِهَا***قُتِلَ الْحُسَيْنُ فَأَدْمُعِيْ مِدْرَارُ
الْجِسْمُ مِنْهُ بِكَرْبَلَاءَ مُضَرَّجٌ***وَالْرَأسُ مِنْهُ عَلَى الْقَنَاةِ يُدَارُ


قال: ثمّ قلت: هذا عليّ بن الحسين مع عمّاته وأخواته قد حلّوا بساحتكم ونزلوا بفنائكم، وأنا رسوله إليكم أعرّفكم مكانه، فما بقيت في المدينة مخدّرة ولا محجّبة إلّا برزنَ من خدورهنَّ مكشوفةً شعورُهُنَّ مخمّشةً وجوهُهنَّ، ضارباتٍ خدودَهنَّ، يدعون بالويل والثبور، فلم أر باكياً أكثر من ذلك اليوم ولا يوماً أمرّ على المسلمين منه، وسمعت جارية تنوح على الحسين فتقول:
نَعَىْ سَيِّدِيْ نَاعٍ نَعَاهُ فَأَوجَعَا***وَأَمْرَضَنِيْ نَاعٍ نَعَاهُ فَأَفْجَعَا
فَعَيْنَيَّ جُوْدَا بِالْدُّمُوْعِ وَأَسْكُبَا***وَجُوْدَا بِدَمْعٍ بَعْدَ دَمْعِكُمَا مَعَا
عَلَىْ مَنْ دَهَى عَرْشَ الْجَلِيْلِ فَزَعْزَعَا***فَأَصْبَحَ هَذَا الْمَجْدُ وَالْدِّيْنُ أَجْدَعَا
عَلَىْ ابْنِ نَبِيِّ اللهِ وَابْنِ وَصِيِّه***وَإِنْ كَانَ عَنَّا شَاحِطَ الْدَارِ أَشْسَعَا


ثمّ قالت: أيّها الناعي جدّدت حزننا بأبي عبد الله وخدشت منّا قروحاً لمّا تندمل، فمن أنت رحمك الله؟ فقلت: أنا بشير بن حذلم، وجّهني مولاي عليّ بن الحسين عليهما الصلاة والسلام وهو نازل في موضع كذا وكذا مع عيال أبي عبد الله ونسائه، قال: فتركوني مكاني وبادروا فضربت فرسي حتّى رجعت إليهم فوجدت الناس قد أخذوا الطرق والمواضع فنزلت عن فرسي وتخطّيت رقاب الناس حتّى قربت من باب الفسطاط وكان عليّ بن الحسين عليهما السلام داخلاً ومعه خرقة يمسح بها دموعه، وخلفه خادم معه كرسيّ فوضعه له وجلس عليه، وهو لا يتمالك من العبرة وارتفعت أصوات الناس بالبكاء، وحنين الجواري والنساء، والناس من كلّ ناحية يعزّونه فضجّت تلك البقعة ضجّة شديدة فأومأ بيده أن: اسكتوا، فسكنت فورتهم فقال عليه السلام:

"الحمد لله ربِّ العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدّين، بارئ الخلائق أجمعين الذي بَعُدَ فارتفع في السماوات العلى، وقرب فشهد النجوى، نحمده على عظائم الأمور، وفجائع الدهور، وألم الفجائع، ومضاضة اللواذع، وجليل الرزء وعظيم المصائب الفاضعة، الكاظّة الفادحة الجائحة، أيّها الناس! إنّ الله - وله الحمد - ابتلانا بمصائب جليلة، وثلمة في الإسلام عظيمة، قتل أبو عبد الله وعترته، وسبي نساؤه وصبيته، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان، وهذه الرزيّة التي لا مثلها رزيّة، أيّها الناس! فأيّ رجالات منكم يُسَرُّون بعد قتله؟ أم أيّة عين منكم تحبس دمعها وتضنُّ عن انهمالها؟ فلقد بكت السبع الشداد لقتله، وبكت البحار بأمواجها والسماوات بأركانها، والأرض بأرجائها، والأشجار بأغصانها، والحيتان ولجج البحار والملائكة المقرّبون، وأهل السماوات أجمعون، أيّها الناس! أيّ قلب لا ينصدع لقتله؟ أم أيّ فؤاد لا يحنّ إليه؟ أم أيّ سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلمت في الإسلام، أيّها الناس! أصبحنا مطرودين مشرّدين مذودين شاسعين عن الأمصار، كأنّا أولاد ترك وكابل، من غير جرم اجترمناه، ولا مكروه ارتكبناه، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين، إنْ هذا إلّا اختلاق والله لو أنّ النبيّ تقدّم إليهم في قتالنا كما تقدّم إليهم في الوصاءة بنا لما ازدادوا على ما فعلوا بنا، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون، من مصيبة ما أعظمها، وأوجعها وأفجعها، وأكظّها، وأفظّها، وأمرّها، وأفدحها، فعند الله نحتسب فيما أصابنا وما بلغ بنا إنّه عزيز ذو انتقام"23.

وقد ورد في أحوال الإمام السجّاد عليه السلامأنّه بعد واقعة كربلاء وإلى آخر عمره المبارك بقي يبكي على مصيبة أبيه ويقيم العزاء عليه حتّى قيل- كما جاء عن الإمام الصادق عليه السلام- إنّه: "ما وضع بين يديه طعام إلّا بكى على الحسين، حتّى قال له مولى له: جُعلت فداك يا بن رسول الله، إنّي أخاف عليك أن تكون من الهالكين، قال: إنّما أشكو بثّي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون، إنّي لم أذكر مصرع بني فاطمة إلّا خنقتني العبرة لذلك"24.

وفي موضع آخر يقول الإمام الصادق عليه السلام: "وكان جدّي إذا ذكره (الحسين عليه السلام) بكى حتّى تملأ عيناه لحيته وحتّى يبكي لبكائه رحمة له من رآه"25.

وورد في أحواله سلام الله عليه بعد استشهاد والده أنّه: "إذا أخذ إناءً ليشرب ماءً بكى حتّى يملأه دمعاً"26.

ولم يكتف الإمام عليه السلام بالبكاء على أبي الشهيد عليه السلام، بل كان يحثّ شيعته على البكاء ويرغّبهم فيه، فعن أبي جعفر عليه السلام، أنّه قال: "كان عليّ بن الحسين عليهما السلام يقول: أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن عليّ عليهما السلام دمعة حتّى تسيل على خدّه، بوّأه الله بها في الجنّة غرفاً يسكنها أحقاباً، وأيّما مؤمن دمعت عيناه حتّى تسيل على خدّه فينا لأذى مسّنا من عدوّنا في الدنيا، بوّأه الله بها في الجنّة مبوّأ صدق، وأيّما مؤمن مسّه أذى فينا فدمعت عيناه حتّى تسيل على خدّه من مضاضة ما أوذي فينا، صرف الله عن وجهه الأذى، وآمنه يوم القيامة من سخطه والنّار"27.

- التأسّي بالإمام الباقر عليه السلام:
عن مالك الجهنيّ من أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: "من زار الحسين عليه السلام يوم عاشوراء حتّى يظلّ عنده باكياً لقي الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة بثواب ألفي حجّة وألفي ألف عمرة وألفي ألف غزوة، وثواب كلّ حجّة وعمرة وغزوة كثواب من حجّ واعتمر وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومع الأئمّة الراشدين عليهم السلام" قال: قلت: جعلت فداك فما لمن كان في بُعْدِ البلاد وأقاصيها ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم؟ قال: "إذا كان ذلك اليوم برز إلى الصحراء أو صعد سطحاً مرتفعاً في داره وأومأ إليه بالسلام واجتهد على قاتله بالدعاء وصلّى بعده ركعتين يفعل ذلك في صدر النهار قبل الزوال، ثمّ ليندب الحسين عليه السلامويبكيه ويأمر من في داره بالبكاء عليه ويقيم في داره مصيبته بإظهار الجزع عليه ويتلاقون بالبكاء بعضهم بعضاً في البيوت وليعزّي بعضهم بعضاً بمصاب الحسين عليه السلام..."28.

- التأسّي بالإمام الصادق عليه السلام:
يروي أبو الفرج الأصفهانيّ أنّه عندما تشرّف السيّد الحميريّ بالمحضر المقدّس للإمام الصادق عليه السلام قام عليه السلام بإجلاس أهل بيته خلف الستر وطلب من الحميريّ أن ينشده أبياتاً في رثاء جدّه المظلوم الحسين عليه السلام... قال: فرأيت دموع جعفر تنحدر على خدّيه وارتفع الصراخ من داره حتّى أمره بالإمساك فأمسك29.

وكذلك ينقل عبد الله بن غالب يقول: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فأنشدته مرثيّة الحسين عليه السلام فلمّا انتهيت إلى هذا الموضع:
لِبَلِيَّةٍ تسقوا حُسَيْناً***بِمِسْقَاةِ الْثَرَىْ غَيْرَ الْتُّرَابِ

فصاحت باكية من وراء الستر: وا أبتاه30.

وروي عن أبي هارون المكفوف أيضاً أنّه قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال لي: "أنشدني" فأنشدته، فقال: "لا، كما تنشدون وكما ترثيه عند قبره"، قال فأنشدته:
أُمْرُرْ عَلَىْ جَدَثِ الْحُسَيْنِ***فَقُلْ لِأَعْظُمِهِ الْزَّكِيَّة

قال: فلمّا بكى أمسكت أنا، فقال: "مر"، فمررت، قال: ثمّ قال عليه السلام: "زدني"، قال: فأنشدته:
يَا مَرْيَمُ قُوْمِيْ فَانْدُبِيْ مَوْلَاكِ ***وَعَلَىْ الْحُسَيْنِ فَأَسْعَدِيْ بِبُكَاكِ

قال: فبكى وتهايج النساء...31.

وتشير هذه الروايات مضافاً إلى تشويق الناس وترغيبهم بإقامة العزاء على سيّد الشهداء أنّه نفسه سلام الله عليه أقام مجالس العزاء وكان يبكي ويتفجّع على الحسين عليه السلام.

- التأسّي بالإمام الكاظم عليه السلام:
ينقل إبراهيم بن أبي محمود رواية عن الإمام الرضا عليه السلام قال فيها: "كان أبي إذا دخل شهر المحرّم لا يُرى ضاحكاً وكانت الكآبة تغلب عليه حتّى يمضي منه عشرة أيّام فإذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول: هو اليوم الذي قتل فيه الحسين صلوات الله عليه"32.

وممّا يُنقل في تشجيع الإمام الكاظم عليه السلام لإنشاد الشعر في جدّه الإمام الحسين عليه السلام، أنّ المنصور تقدّم إلى موسى بن جعفر عليهما السلام بالجلوس للتهنئة - في بعض الأعياد - وقبض ما يحمل إليه... فجلس ودخلت عليه الملوك والأمراء والأجناد يهنّونه ويحملون إليه الهدايا والتحف وعلى رأسه خادم المنصور يحصي ما يحمل، فدخل في آخر الناس رجل شيخ كبير السنّ فقال له: يا بن بنت رسول الله إنّني رجل صعلوك لا مال لي، أتحفك بثلاثة أبيات قالها جدّي في جدّك الحسين بن عليّ:
عَجِبْتُ لِمَصْقُوْلٍ عَلَاكَ فِرِنْدُهُ***يَوْمَ الْهَيَاجِ وَقَدْ عَلَاكَ غُبَارُ
وَلِأَسْهُمٍ نَفَذَتْكَ دُوْنَ حَرَائِرٍ***يَدْعُوْنَ جَدَّكَ وَالْدُّمُوْعُ غِزَارُ
أَلَا تَقَضْقَضَتِ الْسِّهَامُ وَعَاقَهَا***عَنْ جِسْمِكَ الْإِجْلَالُ وَالْإِكْبَارُ


قال عليه السلام: "قبلت هديّتك، اجلس بارك الله فيك"، ورفع رأسه إلى الخادم وقال: "امض إلى أمير المؤمنين وعرّفه بهذا المال وما يصنع به؟" فمضى الخادم وعاد وهو يقول: كلّها هبة منّي له يفعل به ما أراد، فقال موسى عليه السلام للشيخ: "اقبض جميع هذا المال فهو هبة منّي لك"33.

- التأسّي بالإمام الرضا عليه السلام:
سار الإمام الرضا عليه السلام في مورد مصيبة سيّد الشهداء على سنّة وسيرة أسلافه من الأئمّة الصالحين المعصومين عليهم السلام فأقام مجالس العزاء على جدّه الحسين عليه السلام يذرف دموع الغمّ والحزن على مصابه ويتلو المراثي عليه ويرغّب غيره في القيام بذلك.

يروي الشيخ الصدوق أعلى الله مقامه: أنّ دعبل قرأ على الإمام الرضا عليه السلام قصيدة شعريّة ولمّا وصل إلى قوله:
أَفَاطِمُ لَوْ خِلْتِ الْحُسَيْنَ مُجَدَّلاً***وَقَدْ مَاتَ عَطْشَاناً بِشَطِّ فُرَاتِ
إذاً لَلَطَمْتِ الْخَدَّ فَاطِمُ عِنْدَهُ***أَجْرَيْتِ دَمْعَ الْعَيْنِ في الْوَجَنَاتِ


لطمت النساء وعلا صراخ من وراء الستر وبكى الرضا عليه السلام بكاءً شديداً..34.

وفي رواية أخرى يقول الإمام الرضا عليه السلام لإبراهيم بن أبي محمود: "... إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذلّ عزيزنا بأرض كربٍ وبلا، أورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فإنّ البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام"35.

وورد في رواية عن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال لابن شبيب: "يا بن شبيب، إن كنت باكياً لشيءٍ فابك الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام فإنّه ذُبح كما يُذبح الكبش وقُتل مع ثمانية عشر رجلاً من أهل بيته ما لهم في الأرض من شبيه"36.

- التأسّي بإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف:
إنّ إمام الزمان حضرة بقيّة الله الأعظم عجل الله تعالى فرجه الشريف مفجوع ومصاب بعزاء جدّه الإمام الحسين المظلوم وزيارة الناحية الواردة عنه سلام الله عليه أفضل شاهد على ما نقول.

ففي هذه الزيارة مضافاً إلى أنّه سلام الله عليه يزور جدّه الحسين عليه السلام فإنّه يشير إلى المصائب التي حلّت به ويقوم بسردها ويرثي جدّه الغريب وينوح عليه.

ففي مقطع من هذه الزيارة يقول سلام الله عليه:
"السلام عليك سلام العارف بحرمتك المخلص في ولايتك المتقرّب إلى الله بمحبّتك، البريء من أعدائك، سلام من قلبه بمصابك مقروح، ودمعه عند ذكرك مسفوح سلام المفجوع الحزين، الواله المستكين، سلام من لو كان معك بالطفوف لوقاك بنفسه حدّ السيوف، وبذل حشاشته دونك للحتوف، وجاهد بين يديك ونصرك على من بغى عليك، وفداك بروحه وجسده وماله وولده، وروحه لروحك فداء، وأهله لأهلك وقاء، فلئن أخّرتني الدهور وعاقني عن نصرك المقدور، ولم أكن لمن حاربك محارباً، ولمن نصب لك العداوة مناصباً فلأندبنّك صباحاً ومساءً ولأبكينّ عليك بدل الدموع دماً حسرة عليك وتأسّفاً على ما دهاك وتلهّفاً حتّى أموت بلوعة المصاب وغصّة الاكتئاب".

ومن الممكن أن يقال إنّ هذه الزيارة كلّها بكاء وتفجّع وحرقة وذكر للمصيبة إلّا أنّنا نقرأ في مقاطع أخرى من هذه الزيارة قوله عليه السلام:
"فلمّا رأوك ثابت الجأش غير خائف ولا حاش، نصبوا لك غوائل مكرهم، وقاتلوك بكيدهم وشرّهم، وأمر اللعين جنوده فمنعوك الماء ووروده، وناجزوك القتال، وعاجلوك النزال، ورشقوك بالسّهام والنبال، وبسطوا إليك أكفّ الاصطلام، ولم يرعوا لك ذماماً، ولا راقوا فيك أثاماً في قتلهم أولياءَك ونهبهم رحالك، وأنت مقدّم في الهبوات ومحتمل للأذيّات، قد عَجِبَتْ من صبرك ملائكة السماوات، فأحدقوا بك من كلّ الجهات، وأثخنوك بالجراح، وحالوا بينك وبين الرواح، ولم يبق لك ناصر، وأنت محتسب صابر، تذبّ عن نسوتك وأولادك، حتّى نكسوك عن جوادك، فهويت إلى الأرض جريحاً، تطؤك الخيول بحوافرها، وتعلوك الطغاة ببواترها، قد رشح للموت جبينك واختلفت بالانقباض والانبساط شمالك ويمينك"37.

وقد أمر عليه السلام في دعاء الندبة أيضاً بالعزاء على الحسين عليه السلام وأهل البيت عليهم السلام حيث يقول النادبون في هذا الدعاء: "فعلى الأطائب من أهل بيت محمّد وعليّ صلّى الله عليهما وآلهما فليبك الباكون، وإيّاهم فليندب النادبون، ولمثلهم فَلْتُذْرَفِ الدّموع وليصرخ الصارخون، ويضجّ الضاجّون، ويعجّ العاجّون، أين الحسن؟ أين الحسين؟ أين أبناء الحسين؟..."38.

العزاء على سيّد الشهداء عليه السلام إحياءٌ لأمر أهل البيت عليهم السلام
لا شكّ في أنّ حفظ أحداث عاشوراء وذكر فضائل ومصائب الإمام الحسين عليه السلام يعدّ من المصاديق البارزة لإحياء أمر أهل البيت عليهم السلام . وهذا الأمر ثابتٌ بالوجدان إذ إنّ الأسباب الهامّة الباعثة على حفظ واقعة عاشوراء وبقائها حيّة على مرّ التاريخ هو هذه المجالس التي تقام للعزاء، والتي قام بها أهل بيت العصمة والطهارة مراراً وتكراراً وعملوا بترغيبنا وتشجيعنا على حفظ الأحداث والقضايا المرتبطة بعاشوراء وكما هو معروف عند العلماء فإنّ الأمر جنس الأجناس ودائرة الأمر أوسع من الشيء وعليه فكلّ ما يتصوّر من مصاديق الأمر فإنّه مشمولٌ له، ولذا فإنّ أهل البيت عليهم السلام يقولون لنا: أحيوا أمرنا أهل البيت.

وفي هذا المقام سنكتفي بذكر ثلاث روايات فقط:
أـ ينقل الأزديّ عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال لفضيل: "تجلسون وتتحدّثون؟" قال: نعم، جُعلت فداك. قال: "إنّ تلك المجالس أحبّها، فأحيوا أمرنا يا فضيل، فرحم الله من أحيا أمرنا، يا فضيل، من ذكرنا أو ذُكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر"39.

ب ـ الرواية الثانية عن الإمام الباقر عليه السلام حيث يقول: "اجتمعوا وتذاكروا تَحُفَّ بكم الملائكة، رحم الله من أحيا أمرنا"40.

ج ـ ورد أيضاً عن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال: "ومن جلس مجلساً يحيا فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب"41.

إحياء شعائر سيّد الشهداء عليه السلام مظهر تبلْور المحبّة لأهل البيت عليهم السلام

يقول الله تبارك وتعالى في محكم قرآنه الحكيم: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى42.

اتفق علماء العامّة والخاصّة ومفسّروهم على نزول هذه الآية في حقّ وشأن الآل الأطهار للنبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام . ولذا لا بدّ لكلّ الأمّة من امتلاك المودّة والمحبّة لهؤلاء العظماء عليهم السلام .

وبالتالي فإنّ إطاعة أوامرهم عنوان للمودّة والمحبّة تجاههم وكذلك فإنّ الاقتداء بأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام عنوان لمودّتهم ومحبّتهم.

وأيضاً فإنّ الفرح لفرحهم عنوان آخر لمودّتهم ومحبّتهم.

وأخيراً فإنّ الحزن والغمّ لحزنهم وغمّهم ومصابهم عنوان للمودّة والمحبّة.

وفي هذا المجال رُوي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "شيعتنا منّا وقد خُلقوا من فاضل طينتنا، وعُجنوا بنور ولايتنا، ورَضوا بنا أئمّة ورَضينا بهم شيعة، يصيبهم ما أصابنا، ويبكيهم مصائبنا، ويحزنهم حزننا، ويسرّهم سرورنا. ونحن أيضاً نتألّم بتألّمهم ونطّلع على أحوالهم، فهم معنا لا يفارقوننا ونحن لا نفارقهم"، ثمّ قال: "اللهمّ إنّ شيعتنا منّا، فمن ذكر مصابنا وبكى لأجلنا استحيى الله أن يعذّبه بالنّار"43.

ولا يخفى أنّ أشدّ المصائب التي أوجعت قلوب أهل البيت عليهم السلام وأوردت عليهم الغمّ والحزن هو مصاب سيّد الشهداء عليه السلام . ولذا يجب علينا بأيّ نحو من الأنحاء إظهارُ الحزن والتفجّع على مصابه، وفي ذلك إظهارٌ لمودّتنا ومحبّتنا لأهل البيت عليهم السلام .

وفي رواية أخرى عن الإمام الباقر عليه السلام في مورد زيارة سيّد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام نقل عنه أنّه قال: "... من كان لنا محبّاً فليرغب في زيارة الحسين عليه السلام فمن كان للحسين عليه السلام زَوّاراً عرفناه بالحبّ لنا أهلَ البيت وكان من أهل الجنّة"44.

وفي موضع آخر ينقل عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "من لم يأت قبر الحسين عليه السلام وهو يزعم أنّه لنا شيعة حتّى يموت فليس هو لنا بشيعة..."45.

إحياء الشعائر موجبٌ لأداء حقّ أهل البيت عليهم السلام


وحيث إنّ الله تبارك وتعالى - ببركة وجود أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام والذين هم أفضل المخلوقات وأكملها وأقرب الأولياء إلى الله وخلفائه في الأرض- أفاض نِعَمَه العظيمة على هذه الدنيا فألبسها لباس الوجود وشملها برحمته الواسعة التي لا حدّ لها، ولذا فإنّ لأهل البيت عليهم السلام حقوقاً كبيرة في أعناقنا ولا سيّما لأولئك المهتدين أو السائرين في طريق الهداية.

ولا بدّ من الالتفات إلى أنّ الأئمّة الأطهار عليهم السلام ومع ابتلائهم بالمصائب الكثيرة في هذه الدنيا ورغم تسليمهم الكامل لله في سبيل تحصيل رضا الحقّ تعالى إلّا أنّ كلّ ذلك كان منهم من أجل هداية عباد الله وحفظ الدّين النبويّ والولاية
العلويّة عليهم السلام ، وهذا ما قام به سيّد الشهداء عليه السلام في يوم عاشوراء حيث قدّم نفسه مسلّماً لأمر لله وفي سبيل تحصيل رضاه تبارك وتعالى.

ولذا فإنّنا نقرأ في زيارة الأربعين قوله: "وبذل مهجته فيك ليستنقذ عبادك من الضلالة والجهالة والعمى والشكّ والارتياب إلى باب الهدى من الردى"46.

وبناءً على ذلك فإنّ لأهل البيت عليهم السلام وخاصّة سيّد الشهداء عليه السلام حقّاً كبيراً واجباً في أعناقنا، وكلام الإمام الصادق عليه السلام مؤيّدٌ لهذا المطلب حيث يقول عليه السلام : "... إنّ حقّ الحسين عليه السلام فريضة من الله واجبة على كلّ مسلم"47.

وروي أيضاً عن الإمام الصادق عليه السلام قوله لابن أبي يعفور والذي كان من أتباعه وشيعته، قال له: "فهلّا أتيت من كان أعظم حقّاً عليك منّي... قلت: ومن أعظم عليّ حقّاً منك قال: الحسين بن عليّ عليه السلام ..."48.

وبناءً على هذا القول وأمثاله لا بدّ علينا أن نبذل جهدنا في أداء حقّ الأئمّة عليهم السلام وخصوصاً سيّد الشهداء عليه السلام وإدخال السرور على قلوبهم.

وكذلك يُستفاد من بعض الروايات أنّه لو قام أحدٌ ما بأيّ شيءٍ تجاه سيّد الشهداء عليه السلام فإنّه مضافاً إلى أداء حقّ هذا الإمام العظيم يكون مؤديّاً لحقّ بقيّة الأئمّة المعصومين عليهم السلام . وبلا ترديد فإنّ أحد الأعمال الموجبة لحصول هذا الأمر هو احياء الشعائر الحسينيّة خاصّة، وبشكل عامّ كلّ عمل باعثٍ على ترويج مذهبهم، وبالتالي فإنّ ذكر فضائلهم ومصائبهم وإحياء أمرهم وما جرى عليهم يعدّ من المصاديق البارزة لأداء حقّهم.

ومثالاً على ذلك فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام في مجال العزاء والبكاء على سيّد الشهداء في ضمن إحدى الروايات قوله: "... وما من باكٍ يبكيه إلّا قد وصل فاطمة عليها السلام وأسعدها عليه ووصل رسول الله وأدّى حقّنا..."49.

وفي باب زيارة الإمام سيّد الشهداء عليه السلام والتي تعدّ من مصاديق الشعائر يقول الإمام الصادق عليه السلام : "لو أنّ أحدكم حجّ دهره ثمّ لم يزر الحسين بن عليّ عليه السلام لكان تاركاً حقّاً من (حقوق الله و) حقوق رسوله صلى الله عليه وآله وسلم"50.

وقد وردت روايات كثيرة في باب أداء حقوق أهل البيت عليهم السلام إلّا أنّ هذا المختصر لا يتّسع لذكرها.

ولا بدّ من الالتفات إلى أنّ عدم أداء حقوقهم وكذلك إذا لم نؤدّ - في صورة الاستطاعة - أيّ خدمةٍ لهم فإنّ ذلك لا يعدّ ترك أداء الحقّ فحسب، بل يعدّ ذلك جفاءً لهم ولحقوقهم والشاهد على هذا الكلام رواية عن الإمام الصادق عليه السلام ، يقول فيها لأحد أصحابه حنّان بن سدير: "يا حنّان بن سدير! تزور أبا عبد الله عليه السلام في كلّ شهر مرّة؟

قال: لا.

قال: ففي كلّ شهرين مرّة؟

قال: لا.

قال: ففي كلّ سنة مرّة؟

قال: لا.

قال: ما أجفاكم لسيّدكم!"51.

وفي هذا الصدد يقول بعض الأساتذة الكبار في بيان قول النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم حول سيّد الشهداء عليه السلام: "اللهمّ اخذل من خذله"، قال: خذلان حقّ سيّد الشهداء عليه السلام معناه أنّه لو استطاع أيّ واحد في أيّ زمان أداء حقّ لهذا العظيم فلم يفعل فإنّه يكون مشمولاً بقوله: "من خذله" لأنّ فيه إطلاقاً وغير مقيّد بالزمان.

دعاء أهل البيت عليهم السلام لمقيمي العزاء ومن يحيي الشعائر

كما تقدّم معنا فإنّ إحياء الشعائر الحسينيّة يعدّ إحياءً لأمر أهل البيت عليهم السلام ومظهراً للمودّة والمحبّة تجاه ساحتهم المقدّسة وباعثاً لأداء حقّهم، ولذا لو تقلّد أحدنا بهذه القلائد فإنّه سيكون مشمولاً بدعائهم إذ إنّه كما أدخل السرور على قلوبهم فإنّهم يطلبون الرحمة والمغفرة له.

ومثالاً على ذلك نشير إلى الدعاء الذي يرويه معاوية بن وهب حيث يقول: "استأذنت على أبي عبد الله عليه السلام فقيل لي: ادخل. فدخلت فوجدته في مصلّاه في بيته فجلست حتّى قضى صلاته فسمعته يناجي ربّه وهو يقول: اللهمّ يا من خصّنا بالكرامة ووعدنا بالشفاعة وخصّنا بالوصيّة وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا اغفر لي ولإخواني وزوّار قبر أبي الحسين الذين أنفقوا أموالهم، واشخصوا أبدانهم، رغبة في برّنا، ورجاءً لما عندك في صلتنا، وسروراً أدخلوه على نبيّك وإجابةً منهم لأمرنا، وغيظاً أدخلوه على عدوّنا أرادوا بذلك رضاك فكافهم عنّا بالرضوان واكلأهم بالليل والنهار واخلف على أهاليهم وأولادهم الذين خلفوا بأحسن الخلف واصحبهم واكفهم شرّ كلّ جبّارٍ عنيد وكلّ ضعيف من خلقك وشديد، وشرّ شياطين الإنس والجنّ، وأعطهم أفضل ما أمّلوا منك في غربتهم عن أوطانهم، وما آثرونا به على أبنائهم وأهاليهم وقراباتهم. اللهمّ إنّ أعداءنا عابوا عليهم بخروجهم فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا خلافاً منهم على من خالفنا فارحم تلك الوجوه التي غيّرتها الشمس، وارحم تلك الخدود التي تتقلّب على حضرة أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا، وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا. اللهمّ إنّي استودعك تلك الأبدان وتلك الأنفس حتّى توفّيهم على الحوض يوم العطش الأكبر..."52.

إحياء الشعائر الحسينيّة موجبٌ لهداية الناس وحفظ وإحياء رسالة عاشوراء

ورد في الرواية الشريفة: "كتب الله في يمين العرش: إنّ الحسين مصباح هدى وسفينة نجاة"53.

إنّ إحدى القيم المنظورة من خلال إحياء الشعائر الحسينيّة هداية البشر وإنقاذهم ونجاتهم من الضلالة والهلاك حيث إنّ أصل قضيّة عاشوراء وأحداثها والمصائب التي أصابت سيّد الشهداء عليه السلام إنّما كانت من أجل نجاة عباد الله من الغرق في الضلالة والجهالة وإرشادهم إلى مسير الهداية والصراط المستقيم.

ونقرأ في الدعاء قبل زيارته سلام الله عليه: "وبذل مهجته فيك ليستنقذ عبادك من الضلالة والجهالة والعمى والشكّ والارتياب إلى باب الهدى من الردى"54.

ولذا فإنّ حفظ قيم عاشوراء وإحياء فكر الإمام الحسين عليه السلام وأهدافه ورسالته يستتبع حصول هذا الأمر العظيم والكبير.

ومن العوامل المهمّة أيضاً والباعثة على حفظ وبقاء تلك القيم وإحياء رسالة عاشوراء في كلّ عام هو إقامة هذه المجالس للعزاء والمصيبة ولطم الرؤوس والصدور وإقامة الشعائر الحسينيّة. وقد ثبت بشكل قاطع على مرّ التاريخ أنّ الكثير من الناس قد اهتدوا بسبب هذه الشعائر الحسينيّة ونجوا من الضلالة، ولو سعى أحدٌ ما لجمع هذه الشواهد لألّف كتاباً ضخماً وقيِّماً.

إحياء شعائر سيّد الشهداء عاملٌ لإحياء الدّين

إنّ إحياء شعائر سيّد الشهداء لا يبعث على هداية البشر فحسب بل يوجب أيضاً حفظ وإحياء أصل الدّين والإسلام الحقيقيّ، أي شريعة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم وولاية عليّ المرتضى عليه السلام ، لأنّ الإمام الحسين عليه السلام باستشهاده قام ببقاء الدّين وحفظه، والسبب في ذلك أنّ الإمام الحسين عليه السلام لو لم يقم بشكل قاطع ضدّ يزيد لما بقي في الأساس لا اسم الدّين ولا رسمه، وعليه فمن الواضح والبديهي أنّ المحافظة على ثقافة عاشوراء وقيمها وتاريخ كربلاء من خلال إقامة شعائر سيّد الشهداء ستُساهم في بقاء الدّين وحفظه أيضاً.

ومع قليل من الملاحظة والتأمل نرى الدّين والتديّن والقيم الإلهيّة محسوسة وظاهرة في الأماكن - (سواء كانت صغيرة على مستوى العائلة أو كبيرة على مستوى المدن و...) - التي تقيم الشعائر الحسينيّة وبرامج عاشوراء ومجالس المصيبة والحزن.

وفي المقابل فإنّ المجتمعات التي لا يوجد فيها أيّ اسمٍ ولا أيّ ذكر لعاشوراء وشعائرها إمّا أنّه لا يوجد فيها أيّ خبر ولا أثر عن الدّين وإمَّا إذا وجد فإنّه قليل لا يعتدّ به. وحتماً فإنّ هذا الكلام ليس رأينا الشخصيّ فحسب، بل إنّ كلّ الدنيا تقبل وتذعن لهذه الحقيقة. ولذا قيل: "الإسلام محمّديّ الوجود وحسينيّ البقاء".

إحياء الشعائر والعزاء على سيّد الشهداء عليه السلام تلبية لطلب النصرة

إنّ إقامة الشعائر الحسينيّة وإحياءها يحكيان 2015-10-20