يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في لقائه نواب الأقليات الدينيّة الإيرانيّة

2015

لقد تعلّمنا من الإسلام أنّه يجب التعامل مع أتباع الأديان الأخرى بإنصاف وعدالة. هذا هو حكم الإسلام لنا. ما يشاهَد في العالم اليوم هو أنّ القوى والحكومات التي تدّعي الإنصاف والعدالة لا تراعي الإنصاف ولا العدالة؛ إلا في دائرة سياساتها الضيّقة والمحدودة والظالمة.

عدد الزوار: 30

كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في لقائه نواب الأقليات الدينيّة الإيرانيّة في مجلس الشورى الإسلامي_26-01-2015

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد تعلّمنا من الإسلام أنّه يجب التعامل مع أتباع الأديان الأخرى بإنصاف وعدالة. هذا هو حكم الإسلام لنا. ما يشاهَد في العالم اليوم هو أنّ القوى والحكومات التي تدّعي الإنصاف والعدالة لا تراعي الإنصاف ولا العدالة؛ إلا في دائرة سياساتها الضيّقة والمحدودة والظالمة.

هوليود الاعلام الظالم؛ تشجيع القتل

 تلاحظون اليوم في أوروبا وأمريكا أيّ إعلام يشنّ ضد المسلمين! ليست القضيّة أنه: لماذا لا يتمتّع المسلمون بالحريّة اللازمة في الكثير من هذه البلدان؛ إنّما القضيّة: لماذا لا يأمنون على أرواحهم؟! هذا هو واقع القضيّة.

إن فيلم "القنّاص"1 الذي تثار الآن ضجة حوله، وقد أنتجته هوليوود، يشجّع الشاب المسيحي أو غير المسلم على إيذاء المسلمين بكل ما وتي من قوة وبما يتاح له. إنّه في الأساس يشجّع هذا المعنى [ويروج له]؛ كما يروون، فنحن لم نشاهد هذا الفيلم. ليس هذا المنهج هو المنهج المحبّذ لدى الإسلام، فالإسلام يؤمن بالإنصاف. يقول الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه الصلاة والسلام) في قضيّة الهجوم على مدينة الأنبار2: "بَلَغَني أنَّ الرَّجُلَ مِنهُم لَيدخُلُ المَرأَةَ المُسلِمَةَ والأخرَى المُعاهِدَة". يقول: سمعتُ أنّ الذين هاجموا هذه المدينة كانوا يدخلون على بيوت النساء المسلمات وغير المسلمات - المعاهدة معناها المرأة اليهوديّة أو النصرانيّة التي لها معاهدة مع المسلمين وتعيش في ظلّ الحكومة الإسلاميّة – و "يأخُذُ حِجلَها" ويؤذونها ويظلمونها. ثم يقول سلام الله عليه: إنّه لو مات المسلم غمًّا وحزنًا من هذا الحدث لما كان بذلك ملومًا! لاحظوا، هذا أمير المؤمنين. لو مات المسلم كمدًا وشجنًا على هذا الشيء؛ وهو أن يدخل جنود العدو والناهبون على بيت امرأة غير مسلمة ويؤذونها ويسرقون حليها وحجلها، [فلو مات المسلم غما ] فيجب عدم ملامته. هذا هو رأي الإسلام. نتمنّى إن شاء الله أن نسير ونتقدم على هذا النهج.
 
مسيحيو إيران؛ حاربوا إلى جانب المسلمين

ولدينا ذكريات طيّبة. ففي الغالب عندما أزور بيوت عوائل الشهداء الأرمن والآشوريّين - وقد وفّقت هذه السنة أيضًا لحسن الحظ أن أزور منازل عدّة شهداء من الأرمن - أجد أنّهم يشعرون بالالتزام والمسؤوليّة تجاه بلدهم؛ أي إنّهم يتصرّفون حقًا بطريقة ملتزمة مسؤولة.

في زمن الحرب، أذكر أنّ جماعة من المسيحيّين الأرمن جاءوا إلى الأهواز، وقد شاهدتُ في المطار أنّ جماعة منهم يجلسون، فسألتُ من هؤلاء؟ قالوا إنّهم من الأرمن يريدون الالتحاق بالجبهات للمهمات الصناعيّة - والأرمن لديهم مهارة في الأعمال الصناعيّة والتقنيّة والمكائن وما إلى ذلك - وقد وفدوا إلى هنا لتقديم المساعدة والعون، واستعان بهم المرحوم الشهيد شمران، وتحمّلوا المشاق وقدّموا الخدمات وعملوا واستشهد بعضهم.

قال أحد أفراد هذه الأُسَر الأرمنيّة الذين زرتُ منزلهم الأسبوع الماضي أن ابنهم كان جنديًّا، ولما انتهت فترة خدته الالزامية كان متألّمًا لأنّ الحرب [المفروضة] لا تزال قائمة؛ فقال إنّ خدمتي العسكريّة قد انتهت فماذا أفعل؟ بعد ذلك لمّا أُعلِنت التعبئة العامة وأنّ على الذين خدموا العسكريّة لعدّة أشهر - ثلاثة أو غير ذلك – عليهم الالتحاق بالجبهة مجددا. يقول إنّه فرح لهذا الخبر .. فجاء والتحق بالجبهة ثم استشهد وجاءوا بجثمانه. يجد المرء مثل هذه المشاعر بين أبناء وطننا من غير المسلمين. لقد بذلوا جهودهم على كلّ حال. ونتمنّى أن يستطيع النظام الإسلامي النهوض بواجباته في هذه المجالات، فقد تصرّفوا تجاه بلدهم بمسؤوليّة بالمعنى الحقيقي للكلمة.

اعلنوا للعالم منهج الجمهورية الاسلامية!

اعكسوا  وبينوا منهج وسلوك الجمهوريّة الإسلاميّة هذا في الخارج، وليعلم العالم والعالم المسيحي فهمًا حقيقيًا بوجود هذا المستوى من التسامح مع غير المسلمين في البلد الإسلامي، ومثل هذا التسامح غير موجود هناك.

 وكم سمعتم في ألمانيا مثلًا أنّ الشباب من النازيين الجدد - وهم يفخرون بأنّهم نازيّون ويطلقون على أنفسهم اسم النازيّين الجدد - يهجمون على ثلّة من المسلمين، وعلى مسجد للمسلمين، فيضربون ويقتلون، ولا يلاحقون ملاحقة حقيقيّة، ولم نسمع بذلك. أو تلك الفتاة العربيّة الشابة التي كانت ترتدي المقنع أو النقاب مثلًا يضربونها بسبب حجابها فيقتلونها، ولا أحد يتابع القضية إطلاقًا، ويقال إنّهم عاقبوه. لا يخال المرء أنّهم جادون في ملاحقة هؤلاء، إنّهم لا يلاحقونهم بشكل حقيقي. وكذا الحال في الأماكن الأخرى، في أمريكا وأماكن وبلدان أخرى الوضع على هذه الشاكلة للأسف. هؤلاء هم بالتالي أدعياء حقوق الإنسان! قارنوا هذا بما يحدث في إيران. فمثل هذا الشيء لا سابقة له في إيران، بمعنى أنّ التهجّم على غير المسلمين من قبل المسلمين لا سابقة له أبدًا خلال الفترة الإسلاميّة وفي عهد الجمهوريّة الإسلاميّة؛ حتى ذلك الشاب الحزب اللهي المتحمّس الممتلئ بالحميّة لا يسمح لنفسه بمهاجمة شخص غير مسلم أو ما شابه ذلك. نسأل الله تعالى أن يوفّقكم ويوفّقنا لنستطيع العمل بواجباتنا.


1- فيلم "القناص الأمريكي" السينمائي الذي عرض في دور السينما في يناير سنة 2015 م. وقد تم إنتاج هذا الفيلم اقتباسًا من كتاب بنفس الاسم كتبه "كريس كايل"، حيث يسرد فيه كاتبه قصة حياته الواقعية عندما كان جنديًا في القوة البحرية الأمريكية وتحول تدريجيًا إلى ماكنة قتل الأفراد في الجيش الأمريكي، وحطم الرقم القياسي في قتل أكبر عدد من الأفراد في الحرب كقناص! وقد ترشح هذا الفيلم لنيل جائزة أوسكار في عدة مجالات.
2-  نهج البلاغة، الخطبة رقم 27 ، مع فارق طفيف.

2015-02-19