مضمون وأهداف السياسة والحكومة من وجهة نظر الإمام الخميني قدس سره
إنتصار الثورة الإسلامية
ممّا لا شكّ فيه أنّ التعرّف إلى مبادئ السياسة والحكومة من وجهة نظر الإمام الخمينيّ قدس سره في وصيّته يقتضي بدايةً التعرّض للتعريف الّذي أراده الإمام للسياسة والحكومة ومضمونهما، ومن ثمّ التعرّض للأهداف المنشودة من تأسيس هكذا حكومة وإجراء هكذا سياسة،
عدد الزوار: 240مضمون وأهداف السياسة والحكومة من وجهة نظر الإمام في وصيته
ممّا لا شكّ فيه أنّ
التعرّف إلى مبادئ
السياسة والحكومة من وجهة
نظر الإمام الخمينيّ
قدس
سره في وصيّته يقتضي
بدايةً التعرّض للتعريف
الّذي أراده الإمام
للسياسة والحكومة
ومضمونهما، ومن ثمّ
التعرّض للأهداف المنشودة
من تأسيس هكذا حكومة
وإجراء هكذا سياسة، على
أساس أنّ مجموعة المبادئ
والأصول الّتي عَرّف بها
الإمام السياسة والحكومة،
لا تتلاءم بأيّ نحو من
الأنحاء مع السياسة
والحكومة بمعناها الرائج
والعُرفيّ. وسيؤدّي عدم
توضيح قراءة الإمام
لمقولتي السياسة والحكومة
إلى مجموعة من المغالطات
والاشتباهات في فهم
نظريّته.
مضمون السياسة من
وجهة نظر الإمام قدس سره
السياسة من وجهة نظر
الإمام عبارة عن مجموعة
من الأساليب تتّبعها
الحكومة من أجل الوصول
إلى أهدافها. وعلى هذا
الأساس فإنّ تعريف
السياسة في الحكومة الّتي
أرادها الإمام عبارة عن:
تطبيق القوانين بمعيار
القسط والعدل وعدم فسح
المجال للظالمين
والحكومات
الجائرة، وبسط العدالة
الفرديّة والاجتماعيّة،
ومنع الفساد والفحشاء
وأنواع الانحرافات،
والحريّة بمعيار العقل
والعدل والاستقلال
والاكتفاء الذاتيّ وقطع
الطريق على الاستعمار
والاستثمار والاستعباد،
وإقامة الحدود والقصاص
والتعزيرات طبق ميزان
العدل للحيلولة دون فساد
المجتمع ودماره، وسياسة
المجتمع وهدايته إلى
موازين العقل والعدل
والإنصاف1.
تُشكّل الأمور الّتي
تقدّمت الإستراتيجيّة
السياسيّة الكلّية
المطلوبة للإمام الخمينيّ
قدس سره، على أساس اختلاف
الأساليب العمليّة
والتنفيذيّة
للاستراتيجيّات المتقدّمة
الذكر، وذلك عند الأخذ
بعين الاعتبار شروط
المجتمع على المستويات
الزمانيّة والثقافيّة
والدوليّة.
وتوضّح عملية المقارنة
بين هذه الرؤية والرؤية
الرائجة بالأخصّ في موضوع
السياسة عمق الاختلاف بين
الرؤيتين العلمانيّة
والدينيّة، حيث تشكّل
مقولات السلطة وحفظ وبسط
دائرتها العمود الفقريّ
والمحوريّ في السياسة.
وتلعب السلطة في السياسة
المطلوبة للإمام دوراً
آليّاً وتُستعمل من أجل
تنفيذ الإستراتيجيّات
الّتي تقع محلّ الحاجة
بينما تمتلك السلطة في
السياسة الرائجة في العصر
الجديد (بعد الثورة
الإصلاحيّة) مطلوبيّة
ذاتيّة وهي هدف بعينه
بالإضافة إلى كونها
عنصراً آليّاً أيضاً.
أهداف السياسة
المطلوبة
لعلّ الإطلاع على الصورة
الّتي قدّمها الإمام قدس
سره عن أهداف السياسة
المطلوبة أمر سهل بعد
الّذي ذُكر حول مضمون
السياسة من وجهة نظره. ما
يجب التوقّف عنده في
مجموعة الأهداف الّتي
طرحها الإمام للسياسة
النموذجية، هو أنّها يجب
أن تكون وطنيّة وعالميّة
وشاملة.
وكما أنّ الإمام قدس سره
لم يرضَ حصر السياسة
المطلوبة في زوايا
القوميّة والحدود
الجغرافيّة والسياسيّة
الضيّقة، فقد رسم أهداف
السياسة المطلوبة في
أبعادها العالميّة أيضاً.
فحكومة العدل الإلهيّ من
وجهة نظر الإمام قدس سره
هي المؤسّسة الّتي تعمل
على تنفيذ السياسات
المتقدّمة وهي من الأهداف
المقدّسة للقرآن الكريم2.
في الحقيقة، الحكومة
المطلوبة بمثابة آلة
ووسيلة يتمّ بها تطبيق
الاستراتيجيّات المقبولة،
وبالتالي يترتّب عليها
تحقّق الأهداف التالية:
قطع أيدي القوى الكبرى
والظالمين على مَرِّ
التاريخ ورفع يدها عن
رؤوس المظلومين في العالم3
، تحرّر البشر من
العبودية وجميع الأغلال4
، تحرّر الإنسان من شرّ
الشياطين والطواغيت
وإيصال
العالم إلى القسط والعدل
وإيداع الحكومة في أيدي
أولياء الله5
، وإقامة الوحدة بين
المسلمين لا بل بين تمام
أبناء البشر
6.
ممّا لا شكّ فيه أنّ هذه
الرؤية تتعارض ذاتياً مع
أهداف السياسة بالمعنى
الرائج. ومن خلال هذا
الفهم للسياسة يمكن
الإطلالة على ما أراده
الإمام قدس سره من الوحدة
بين الدين والسياسة.
إنّ هذه القراءة للسياسة
(من حيث المضمون والهدف)
تؤدّي إلى وجود شكل خاصّ
من الحكومة المطلوبة؛
وبعبارة أخرى إنّ شكلاً
خاصّاً من الحكومة يمكنه
تطبيق وتنفيذ هكذا
سياسات. ويضيف الإمام
الخمينيّ قدس سره أنّ
تشكيل هكذا حكومة هو من
جملة الطرق الموجودة
لتطبيق أوامر وتعاليم
القرآن الكريم7.
وستساهم هذه الحكومة في
سعادة البشر سواء في
الدنيا أم الآخرة، وتوصل
الإنسان إلى كماله
المطلوب8.
وقد عدّد الإمام قدس سره
مجموعة من الخصائص الّتي
يجب أن تمتاز بها هذه
الحكومة، وهي على النحو
الآتي:
"محاربة الظلم والفساد
والاعتداء9
والحفاظ على مصالح
المستضعفين والحؤول
دون الظلم والجور وإجراء
العدالة الاجتماعيّة"10.
وقد استعمل الإمام قدس
سره بعض التعابير لوصف
هذه الحكومة فتحدّث عنها
على أنّها حكومة العدل11،
والحكومة الإسلاميّة12،
وحكومة الحقّ13.
واستعمل، في معرض وصفه
للأساليب والسياسات
الكلّية والإستراتيجيّات
المتقدّمة الذكر، عبارة
السياسة السليمة14.
وهذا يعني أنّ السياسات
الموضوعة بواسطة البشر
غير سالمة. يمكن تلخيص ما
تقدّم من مسائل بما يلي:
السياسة والحكومة
المطلوبتان من وجهة نظر
الإمام الخمينيّ قدس سره
تمتلكان الخصائص
والمميزات التالية:
1- محوريّة السعادة.
2- أنْ تتكفّلا بدنيا
الإنسان وآخرته.
3- العالمية والشموليّة
(عدم المحدوديّة في
القوميّة).
* تأملات في الفكر السياسي للإمام الخميني قدس سره، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1-
الإمام الخمينيّ، الوصيّة الإلهيّة السياسيّة، طهران، انشتارات أسوة، 1369 هـ ش،
ص23.
2- الإمام الخميني، الوصيّة السياسيّة الإلهيّة، ص4.
3- م. ن، ص19.
4- م. ن، ص7.
5- الإمام الخمينيّ، الوصيّة الإلهيّة السياسيّة، ص4.
6- م. ن، ص6.
7- م. ن، ص8.
8- م. ن، ص18.
9- م. ن، ص18.
10- الإمام الخمينيّ، الوصيّة الإلهيّة السياسيّة، ص26.
11- م. ن، ص26.
12- م.ن ص8.
13- م.ن، ص26.
14- م.ن، ص26.