المرابطة
صفر
من النعم الالهيّة الكبرى التي منّ الله بها علينا هي كوننا في هذه البلاد التي تقع فيها ثغور الإسلام المباركة التي منها نجاهد في سبيل الله وننفّذ أمره تعالى بالمرابطة.
عدد الزوار: 334نور الأسبوع: المرابطة
قال الله تعالى في محكم كتابه:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
من النعم الالهيّة الكبرى التي منّ الله بها علينا هي كوننا في هذه البلاد التي تقع
فيها ثغور الإسلام المباركة التي منها نجاهد في سبيل الله وننفّذ أمره تعالى
بالمرابطة.
معنى المرابطة
وللمرابطة هي الإقامة والإرصاد لحفظ ثغور المسلمين وهي المواضع التي يخاف منها هجوم
العدوّ على بلادهم.
وإن كان حفظ بلاد المسلمين هو الغاية المنظورة من المرابطة في الدنيا إلاّ أنّ
الآية السابقة حدّدت غاية عظمى وهدفًا ساميًا هو الفلاح
﴿وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ
اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾
والفلاح في القرآن هو غاية الغايات، وذلك أنّ غاية
خلق الإنسان- كما الجن- هي العبادة لقوله تعالى:
﴿وَمَا
خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾
وغاية العبادة هي التقوى لقوله تعالى:
﴿يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن
قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ وغاية التقوى هو الفلاح لقوله تعالى:
﴿فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، والفلاح هو
غاية المرابطة.
منزلة المرابطة
وتتبيّن منزلة المرابطة وثوابها الجزيل من خلال مقارنة المعصومين (عليهم السلام)
بينها وبين عبادات أخرى نعرض منها:
المرابطة وعبادة ليلة القدر: فعن النبي (صلى الله عليه وآله) :
"لأن أحرس ثلاث ليال
مرابطًا من وراء بيضة المسلمين أحبّ إليّ من أن تصيبني ليلة القدر في أحد المسجدين:
المدينة أو بيت المقدس".
المرابطة والصيام والقيام: فعن سلمان المحمدي قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه
وآله) يقول: "رباط يوم في سبيل الله خير من قيام شهر وصيامه، ومن مات مرابطًا كان
له أجر مجاهد إلى يوم القيامة".
المرابطة وبركة العبادة
جعل تعالى بعض الأمكنة محلاً لبركة العبادة فيها فالصلاة في المسجد الجامع يباركها
الله تعالى فتصبح في الثواب مائة صلاة، لكنّ المرابطة تحتلّ موقعًا في بركة الصلاة
تربو على الصلاة في المسجد الجامع فعن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) : "إنّ
صلاة المرابط تعدل خمسمائة صلاة".
آثار المرابطة في الآخرة
ورد أنّ للمرابطة آثارًا عظيمة فعن النبي (صلى الله عليه وآله): "من لزم الرباط لم
يترك من الخير مطلبًا، ولم يترك من الشرّ مهربًا".
وقد فصّل أهل العصمة (عليهم السلام) آثار المرابطة في منازل الآخرة كما نلاحظ في
الأحاديث التالية:
في البرزخ
1- التكامل في القبر: فقد أكّد الإسلام أنّ عمل الإنسان ينقطع بالموت لكن ثمّة
أعمالاً جعلها الله تعالى رافدًا للإنسان في قبره فيتاكمل فيه ببركتها ومن هذه
الأعمال المرابطة، فعن النبيّ (صلى الله عليه وآله): "كلّ ميت يختم على عمله إلاّ
المرابط في سبيل الله فإنّه ينمى له عمله إلى يوم القيامة..".
2- الأمن في القبر: أكمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) حديثه السابق بقوله:
"..
ويؤمن من فتان القبر".
وفي رواية أخرى عنه (صلى الله عليه وآله): "رباط ليلة في سبيل الله خير من صيام شهر
وقيامه، فإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمل وأمن من فتَّان القبر".
في يوم القيامة
فعن الإمام الصادق (عليه السلام): "كلّ عين ساهرة يوم القيامة إلاّ ثلاث عيون: عين
سهرت في سبيل الله، وعين غضّت عن محارم الله وعين بكت من خشية الله".
ومن آثار المراطبة في الآخرة النجاة من نار جهنّم فعن النبيّ (صلى الله عليه وآله):
"من رابط يومًا في سبيل الله يخلق الله بينه وبين النار سبع خنادق، سعة كلّ خندق
سعة السماوات السبع والأرضين السبع".