صفات الله تعالى
بحوث ومعتقدات
تنقسم صفات الله سبحانه وتعالى إلى قسمين: الصفات الثبوتية والصفات السلبية.الصفات الثبوتية: كلّ صفة مثبتة لجمال وكمال في الموصوف، فهي صفة ثبوتية أو صفة جمال وكمال، وهي كثيرة لا تنحصر لأنّه تعالى ثابت له كلّ كمال والخلوّ من الكمال نقص وكلّ نقص منفيّ عنه تعالى.
عدد الزوار: 671
الصفات الثبوتية والسلبية
تنقسم صفات الله سبحانه وتعالى إلى قسمين: الصفات الثبوتية والصفات السلبية.
1- الصفات الثبوتية: كلّ صفة مثبتة لجمال وكمال في الموصوف، فهي صفة ثبوتية أو صفة
جمال وكمال، وهي كثيرة لا تنحصر لأنّه تعالى ثابت له كلّ كمال والخلوّ من الكمال
نقص وكلّ نقص منفيّ عنه تعالى.
2- الصفات السلبية: وهي كلّ صفة تنفي عنه تعالى كلّ نقص لأنّ إثبات الكمال لا يكون
إلا بنفي النقص، كما لا يتمّ إثبات الحقّ إلّا بنفي الباطل، وتسمّى هذه الصفات
بصفات الجلال أيضاً.
والصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين: الصفات الذاتية والصفات الفعلية.
1- الصفات الذاتية:
فهي كلّ صفة منتزعة من نفس الذات كالعلم والحياة والقدرة.
2- والصفات الفعلية: هي كلّ صفة منتزعة من فعلة نوع علاقة وارتباط بين الذات
الإلهية والمخلوقات كالخالقية، والربوبية.
ونقصر الكلام هنا حول الصفات الثبوتية والسلبية حيث نذكر بعضاً من هذه الصفات وبعض
الآيات الدالّة عليها.
الصفات الثبوتية
وهي عديدة نذكر منها:
1- العلم:
بمعنى أنّ الله تعالى عليم حكيم فهو الخالق لكلّ شيء وخلقه على وجه
الحكمة والإتقان ولا يمكن أن يصدر هذا الإتقان إلا عن عالمٍ حكيمٍ وعلمه واسع شاملٌ
لكلّ شيء.
يقول تعالى:
﴿وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾1 ويقول تعالى:
﴿وَاللّهُ عَلِيمٌ
حَلِيمٌ﴾2.
ويقول أيضاً:
﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ
نَفْسُهُ...﴾3.
ويقول تعالى:
﴿وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾4.
ويقول تعالى:
﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ
وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ
يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ
إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾5.
ويقول تعالى:
﴿قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ
اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ﴾6.
وممّا قدّمنا من الآيات نقف على حقيقة سعة علم الله تعالى، فهو عليم بكلّ شيء لا
يخفى عليه شيء، عالم بالغيب والشهادة، بما مضى وما يأتي، بالسرِّ وأخفى، وبكلِّ
جزئيات هذا الكون.
ويقول تعالى:
﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾7.
هذه الآية المباركة تتحدّث عن علمه تعالى، فالذي خلق القلوب يعلم ما تكنّ فيها من
أسرار، والذي خلق عباده لا يجهل أسرارهم، والذي خلق عالم الوجود جميعاً عارف ومطّلع
على جميع أسراره، لأنّ المخلوقات تكون دائماً تحت رعاية خالقها وأنه أعرف
شيء بها، فإدراك هذه العلاقة القائمة بين الخالق والمخلوق هو أفضل دليل على علم
الخالق بالمخلوقات في كلّ زمان ومكان.
وإلى ذلك يشير أمير المؤمنين عليه السلام: "لا يعزب عنه عدد قطر السماء، ولا نجومها
ولا سوافي الريح في الهواء، ولا دبيب النمل على الصّفا، ولا مقيل الذَّر في الليلة
الظلماء، يعلم مساقط الأوراق، وخفيَّ الأحداق"8.
وقال عليه السلام: "قد علم السرائر، وخبر الضمائر، له الإحاطة بكلّ شيء"9.
وقد وصف نفسه في الكتاب الكريم بالسميع البصير فقد جاء ذكر السميع 41 مرّة وذكر
البصير42 مرّة، ولكنّ سمعه وبصره سبحانه وتعالى ليسا بجارحة أو عضو يسمع ويرى بهما
لأنّه:
﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ بل ترجع هاتان الصفتان إلى العلم، فإنّه تعالى
عالم
بالمسموعات والمبصرات. ووصف تعالى بهما نفسه ليوقف الناس على أنّه تعالى يعلم ما
يفعلونه يسمعهم ويراهم ويراقبهم في السِّر والخفاء وسيحاسبهم على كلّ ما يفعلونه.
يقول تعالى:
﴿أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾10 ويقول سبحانه:
﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَاعْلَمُواْ
أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾11 ويقول تعالى:
﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ
وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾12 ويقول جلّ وعلا:
﴿وَاللَّهُ يَسْمَعُ
تَحَاوُرَكُمَا
إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾13.
2- القدرة:
من صفاته سبحانه وتعالى وتعني أنّه قادر وأنّ قدرته عامّة لكلّ شيء وهو
تعالى مختار في فعله إن شاء فعل وإن شاء ترك، ففعله تعالى يكون بإرادته واختياره.
وهذا الكون شاهد على عظيم قدرته.
يقول تعالى:
﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرً﴾14 ويقول سبحانه:
﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرً﴾15 ويقول أيضاً:
﴿وَمَا كَانَ
اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ
كَانَ عَلِيمًا قَدِيرً﴾16.
فهو خالق هذا الكون بما فيه من الكواكب والمجرّات والسماوات والأرض مع هذه الدقّة
العظيمة والرائعة في الخلق وفي النظام المتناهي والتناسق، وكذلك خلق الإنسان
وتطوّره وتكامله ونشأته، من خلق إلى خلق:
﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ
الْخَالِقِينَ﴾17.
والله تعالى لعن اليهود في كتابه لأنّهم قالوا بعدم قدرته تعالى وأنّ يده مغلولة،
قال تعالى:
﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ
وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء﴾18.
3- الحياة:
فهو تعالى الحيّ القديم الأزليّ الأبديّ السرمديّ ليس مسبوقاً بعلّة ولا
يعتريه عدم وفناء، بل هو الأوّل بلا أوّل كان قبله، والآخر بلا آخر يكون بعده.
والله تعالى حيّ لأنّه قادر وعالم وكلّ من هو كذلك فإنّه حيّ. وعندما تنتفي القدرة
والعلم لا تعود هناك حياة. وقد أثبتنا أنّ الله تعالى قادر وعالم فيثبت بذلك أنّه
حيّ، يقول تعالى:
﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾19.
ويقول الحيُّ القيّوم:
﴿اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ
تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ﴾20. إلى غير ذلك من الآيات الكريمة.
الصفات السلبية
وهي عديدة نذكر منها:
1- أنّه تعالى ليس بمركّب:
وإلّا لو كان تعالى مركّباً من أجزاء يكون مفتقراً إلى
هذه الأجزاء ومحتاجاً إليها، ولكنّ الله تعالى واحدٌ أحدٌ، غنيٌّ غير محتاج لا إلى
غير ولا إلى أجزاء.
يقول تعالى:
﴿وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ﴾21.
﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾22.
﴿فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾23.
﴿وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾24.
2- أنّه تعالى ليس بجسم:
وإلّا لو كان تعالى جسماً لافتقر إلى المكان. وقلنا إنّ
الله تعالى غنيّ غير محتاج إلى شيء حتّى المكان والزمان. وإنّ الآيات تؤكد أنّه
تعالى ليس كمثله شيء، يقول تعالى:
﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ
البَصِيرُ﴾25.
3- أنّه تعالى لا يُرى بالأبصار:
يستحيل عليه تعالى الرؤية البصرية لأنه من يُرى
بالبصر لا بدّ أن يكون موجوداً في جهة ومكان فيكون جسماً ونحن نفينا عنه تعالى
الجسمية وكونه محتاجاً إلى شيء.
يقول تعالى حينما سأله موسى عليه السلام الرؤية
﴿قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ
إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي﴾26.
ويقول تعالى:
﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ
اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾27.
ورد في كتاب التوحيد عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام حينما سأله
رجل يُدعى ذعُلب: يا أمير المؤمنين هل رأيت ربَّك؟ قال عليه السلام: "ويلك يا ذعُلب
لم أكن بالذي أعبد ربَّاً لم أره"، فقال كيف رأيته؟ صفه لنا، قال عليه السلام:
"ويلك
لم تره العيون بمشاهدة الأبصار، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان"28.
4- ليس بمحتاج:
من صفاته تعالى أنه غنيّ وليس بمحتاج إلى غيره لا في ذاته ولا في
صفاته لأنّه لو كان محتاجاً إلى غير لم يعد واجباً بل أصبح ممكناً، وقد ذكرنا
الآيات الّتي تتحدّث عن غناه تعالى في الصفة الأولى الّتي فيها
﴿وَاللّهُ غَنِيٌّ
حَلِيمٌ﴾29. وقوله
تعالى:
﴿فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾30.
يقول تعالى في قصّة النبيّ إبراهيم عليه السلام:
﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ
مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ * فَلَمَّا
جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ
قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا
رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ
يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى
الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ
يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ
لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ﴾31. هناك تفاسير عديدة لما استدلّ به النبيّ
إبراهيم عليه السلام منها: لمّا كان الهدف من اتّخاذ الربّ وصول المخلوق إلى الكمال
المطلوب، لذلك ينبغي أن يكون هذا الربّ قريباً من مربوبيه عالماً بأحوالهم مطّلعاً
على احتياجاتهم، أمّا ذلك الموجود الّذي يختفي في بعض الأوقات ويأفل ويغيب، فهو
حتماً
ناقص محتاج إلى من يظهره فالأفول والغروب يدلّان على الفقر والاحتياج.
هذه بعض الصفات الثبوتية والسلبية لأنّه كما قلنا لا يمكن إحصاؤها لأنّ القاعدة
تقول إنّ كلّ صفة تثبت لله تعالى الكمال والجمال هي صفة ثبوتية وكل صفة تنفي عن
الله تعالى نقصاً وحاجة هي صفة سلبية وجلالية.
﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾32.
* كتاب في رحاب العقيدة، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- سورة البقرة، الآية: 282.
2- سورة النساء، الآية: 12.
3- سورة ق، الآية: 16.
4- سورة النور، الآية: 18.
5- سورة الأنعام، الآية: 18.
6- سورة آل عمران، الآية: 29.
7- سورة الملك، الآية: 14.
8- نهج البلاغة، السيد الرضي، خطبة 178.
9- م.ن، خطبة 86.
10- سورة البقرة، الآية: 224.
11- سورة البقرة، الآية: 244.
12- سورة الحديد، الآية: 4.
13- سورة المجادلة، الآية: 1.
14- سورة الأحزاب، الآية: 27.
15- سورة الكهف، الآية: 45.
16- سورة فاطر، الآية: 44.
17- سورة المؤمنون، الآية: 14.
18- سورة المائدة، الآية: 64.
19- سورة الفرقان، الآية: 58.
20- سورة البقرة، الآية: 255.
21- سورة البقرة، الآية: 263.
22- سورة البقرة، الآية: 267.
23- سورة آل عمران، الآية: 97.
24- سورة التغابن، الآية: 6.
25- سورة الشورى، الآية: 11.
26- سورة الأعراف، الآية: 143.
27- سورة الأنعام، الآية: 103.
28- الإرشاد، الشيخ المفيد، ج 1، ص 225.
29- سورة البقرة، الآية: 263.
30- سورة آل عمران، الآية: 97.
31- سورة الأنعام، الآيات: 75-79.
32- سورة الرحمن، الآية: 27.