يتم التحميل...

لكلّ شيءٍ زكاة

السيد مصطفى الخميني

وإنّا إذا راجعنا وجداننا نجد أنّ الزّكاة لا تختصّ بالأموال، كما تومئ إليه الأخبار والآثار، بل لكلٍ شيءٍ زكاة، فلا بدّ من صرفه وإيصاله إلى محالّه، حتى يبقى أصل الحياة وأساس التّنميات،

عدد الزوار: 20

وإنّا إذا راجعنا وجداننا نجد أنّ الزّكاة لا تختصّ بالأموال، كما تومئ إليه الأخبار والآثار، بل لكلٍ شيءٍ زكاة، فلا بدّ من صرفه وإيصاله إلى محالّه، حتى يبقى أصل الحياة وأساس التّنميات، فهذه الآية الكريمة الشّريفة تدعوك إلى رفض رذيلة البخل، وتناديك إلى الاتّصاف بصفة السّخاوة، والإعطاء في كلّ جانب من الجوانب الممكنة، فربّ عالمٍ يبخل في تعليم النّاس، وربّ سالكٍ يبخل في هداية المتّقين، وربّ تاجرٍ يبخل في إخراج حقّ الفقراء... وهكذا، غافلين عن أنّ ذلك المنع والامتناع يرجع إلى منع أنفسهم من الاستمتاعات المعنويّة، وحرمان نفوسهم من اللّذائذ المادّيّة والمعنويّة، وذاهلين عن أنّ حقيقة السّلوك والعلم هو القيام بالتّجلّي الفعليّ الإلهيّ، فإنّ في تلك الجلوة جلوة الذّات والصّفات، كما تحرّر1. فعليك أيّها الإنسان الكبير أن تبذل جهدك في عدم الاقتناع بالمفاهيم والفنون، وتجتهد في أن تعبر قنطرة المجاز إلى دار الحقيقة والشّهود، وما يتيسّر ذلك إلا بأن تصير مجلىً لهذه الآية الكريمة، الجامعة لأنحاء السّعادات الدنيويّة والأخرويّة2.

* من كتاب بصر الهدى، سلسلة وصايا العلماء، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.


1- قال قدس سره في ج2، ص 461: ثمّ إنّ الحقيقة تكون حاصلةً من القلب إلى البدن، ثمّ تنتهي إلى الأعمال الرّبوبيّة، وهو الإنفاق، فإنّ الإيمان من الأسماء الذّاتيّة، والإقامة والإدامة من الأسماء الصّفاتيّة، والإنفاق من الأسماء الأفعاليّة، فالعبد السّالك بالحقّ في الحقّ يصل إلى مقام يماثل الحق، فيكون في الابتداء مؤمناً، ثمّ في الرّتبة الثّانية مقيماً، وفي الثّانية فاعلاً بإنفاق التّجليّات الذّاتيّة والأسمائيّة، فإنّه أحسن التّجلّيات فائدةً وأثراً، ومعلول تلك التّحلّيات التي هي تتقوى بتلك التّجلّيات، فإنّ الذّوات الإمكانيّة ترتقي بإمداد الأفعال والأعمال، والله تعالى الموفّق والمؤيّد.
2- الخمينيّ، الشّهيد السّيّد مصطفى، تفسير القرآن الكريم، ج 2، ص 462- 464.

2013-12-03