يتم التحميل...

التّخلية والتّجلية والتّحلية

السيد مصطفى الخميني

وذلك لا يمكن إلا بالجدّ والاجتهاد والقوّة والنّشاط، وبتقليل الأغذية اللّذيذة الملهية، فإنّ رأس كلّ داءٍ كثرة الأكل، فإنّها تورث كثرة الشّهوة والباه والنّوم والغفلة، فإنّ القلب الصّافي يحصل بعد تصفية البطن وتخلية الباطن،

عدد الزوار: 25

وذلك لا يمكن إلا بالجدّ والاجتهاد والقوّة والنّشاط، وبتقليل الأغذية اللّذيذة الملهية، فإنّ رأس كلّ داءٍ كثرة الأكل، فإنّها تورث كثرة الشّهوة والباه والنّوم والغفلة، فإنّ القلب الصّافي يحصل بعد تصفية البطن وتخلية الباطن، فإذا تمكّن الإنسان من هذا القدم - وهو القدم الأول - يتمكّن من التّجلية وجلاء الرّوح بأنحاء الأوصاف والهدايات، ويتيسّر له أن يتحلّى قلبه بالمحاسن والمبرّات، ثمّ يتمكّن الإنسان السّالك من مقام التّحلية والفناء والمحو والصحو بعد المحو.

وبالجملة: ينبغي للسّالك أن يحافظ على رأس ماله، ثمّ يطلب الرّبح، حتى إذا فاته الرّبح في صفقة يتداركه في أخرى، ليبقى رأس المال. فقد حُكي: أنّه كان للشّيخ أبي الدّقاق مريدٌ تاجرٌ متموّلٌ، فمرض يوماً، فعاده الشّيخ، وسأله عن سبب مرضه؟ فقال التّاجر: اشتغلت نهاري في التّجارة حتى تعبت، فقمت هذه اللّيلة لمصلحة التّهجد، فلمّا أردت الوضوء بدأ لي من ظهري حرارةٌ، فاشتدّ أمري حتى صرت محموماً. فقال الشيخ: لا تفعل فعلاً فضوليًّا، ولا ينفعك التّهجد ما دمت لم تهجر الدنيا وتخرج محبّتها من قلبك، وتحرص عليها، فاللّائق بك أوّلاً هو ذاك، ثمّ الاشتغال بوظائف النّوافل، فمن كان به أذًى من صداع لا يسكن ألمه بالطّلاء على الرّجل، ومن تنجّست يده لا يجد الطّهارة بغسل ذيله وكمّه. ومن علائم اتّباع الهوى: المسارعة إلى نوافل الخيرات، والتّكاسل عن القيام بالواجبات، ترى من يقوم بالأوراد الكثيرة والنّوافل الثّقيلة، ولا يقوم بفرض واحدٍ على وجهه1.

* من كتاب بصر الهدى، سلسلة وصايا العلماء، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.


1- روح البيان ج 1، ص 65. 2013-12-02