يتم التحميل...

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحصين المجتمع

مواعظ الكتاب

تنتشر في مجتمعاتنا الإسلامية الكثير من المفاسد الخطيرة، مّا يؤدّي إلى ضعف الارتباط بالدين والرسالة، فضلاً عن فساد الأفراد والمجتمعات.

عدد الزوار: 25

1 - المفاسد الشائعة في المجتمع وطرق معالجتها:

تنتشر في مجتمعاتنا الإسلامية الكثير من المفاسد الخطيرة، مّا يؤدّي إلى ضعف الارتباط بالدين والرسالة، فضلاً عن فساد الأفراد والمجتمعات.

أ- الأسباب:
• ضعف الثقافة الإسلامية والروح الإيمانية.
• عدم قيام من تتوفَّر بهم الشرائط بواجباتهم كما يجب.
• عدم وجود خطط وبرامج منظّمة للأمر والنهي والإرشاد.
• عدم كفاية البرامج والنشاطات الموجودة.
• ضعف التأثير وجمود الأساليب المعتمدة.
• انتشار وتطوّر وتعدّد مراكز وعناوين الفساد والانحراف والمنكر.


ب- أنواع المفاسد:
تبرز المفاسد بين الناس في عناوين متنوّعة، بلا فرق بين الأفراد والجماعات:
• الشهوات والحاجات الجنسية للجنسين.
• الحفلات، الاحتفالات، الاختلاط بشكل عام.
• الاستماع إلى الموسيقى والغناء المحرّمين.
• وسائل الإعلام، الفضائيات، الكتابات، المنشورات.
• الاستفادة السلبية من الكمبيوتر والإنترنت.
• الظلم والاعتداء والغشّ والمكر والخديعة.


ج- طرق المعالجة:
• بثّ روح الثقافة الإسلامية والإيمانية.
• تنويع وتطوير البرامج الدينية والثقافية.
• المواجهة العملية والجدّية لكل وسائل وبرامج ومفردات الإعلام المنحرف.
• التنشيط الاجتماعي والتواصل مع شرائح المجتمع كافة، وبعناوين مختلفة، نجتمع فيها مع الآخرين.
• التوجيه الدائم للاستفادة الإيجابية من الوسائل الحديثة.
• تنشيط الروحية الرسالية والتربوية بين الناس، بواسطة الاقتداء بنماذج في موقع القدوة والتأثير.
• إيجاد بدائل عملية ووسائل فاعلة في عملية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
• وضع خطط وبرامج منظّمة من لجان أو جمعيات خاصة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بإشراف العلماء والحوزات العلمية والجمعيات والمؤسسات.


2 - أهمّية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووجوبهما:

أ- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من ضروريات الدين: وهما من أسمى الفرائض وأشرفها، وبهما تقام الفرائض، ووجوبهما من ضروريات الدين، ومنكرهما مع الالتفات بلازمهما من الكافرين2.

ب- وجوب الأمر والنهي: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من واجبات الأمّة جمعاء: فيجب الأمر والنهي على كلّ من تتوفَّر فيه الشرائط من العلماء، وغيرهم من الرجال والنساء، وحتى الفسّاق، قال الله تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ3.

روي عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : "لا تزال أمّتي بخير، ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البرّ، فإذا لم يفعلوا ذلك، نزعت منهم البركات، وسلّط بعضهم على بعض، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء"4.

وعن الإمام الرضا عليه السلام قال: "كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول: إذا أمّتي تواكلت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فليأذنوا بوقاع من الله"5.

وهما واجبان كفائيان: فالأمر والنهي واجبان على نحو الوجوب الكفائي، فإذا تصدّى لهما من به الكفاية، لإنجاز المهمّة وتحقيق الواجب، سقط التكليف عن الباقين، غير أنّ وجوبه مستمرّ في عموم حالات المنكر، ما دام المنكر موجوداً والمعروف متروكاً.

3 - معنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

المراد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو قيام المكلّف بواجب التصدّي لتارك المعروف أو لفاعل المنكر؛ لحثّه على فعل المعروف وترك المنكر بأحد الأساليب التي وضعتها الشريعة لذلك.

ولا بدّ قبل تفصيل هذه الفريضة الإلهية من تحديد أمرين هامّين:

أ- معنى المعروف: المراد بالمعروف كلّ فعل حسن أوجبَتْه الشريعة المقدّسة أو ندبت إليه، فإنْ كان واجباً كان الأمر به واجباً، وإنْ كان مستحبّاً كان الأمر به مستحبّاً.

ب- معنى المنكر: المراد بالمنكر كلّ فعل كرهته الشريعة، فحرّمت فعله أو حثّت على التنزّه عنه وتركه، فإنْ كان المنكر حراماً كان النهي عنه واجباً، وإنْ كان مكروهاً كان النهي عنه مستحبّاً وراجحاً.

4 - كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

يجب أن يكون الأمر والنهي برفق ولين وهدوء، قال الله تعالى: ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ6. وقال الله تعالى مخاطباً نبيّه موسى عليه السلام : ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى *فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى7. وروي عن النبي صلى الله عليه واله وسلم : قوله لعلي عليه السلام : "يا عليّ، إنّ هذا الدين متين، فأوغل فيه برفق"8.

فلا بدّ من عدم الإفراط في الأمر والنهي ما يستلزم الإثقال على المأمور وتزهيده في الدين وتنفيره منه وانقلاب الأمر إلى ضدّه، وهذا يعني ضرورة تقديم الواجب والحقيقة بأسلوب موضوعي حكيم، يتناسب مع قابليات الإنسان وقدرته على الاستيعاب، وينسجم مع الزمان والمكان. روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: "يا عمر، لا تحملوا على شيعتنا، وارفقوا بهم؛ فإنّ الناس لا يحتملون ما تحتملون"9.

5 - مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

يمكن للمكلّف مع توّفر الشرائط، مهما كان موقعه في المجتمع، أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويواجه العصاة والمنحرفين والمتمرّدين، بأساليب ثلاثة على نحو الترتيب؛ بمعنى أنّه لا يجوز التعدّي من مرتبة إلى أخرى مع إمكانية حصول المطلوب من المرتبة الدانية.

أ- المرتبة الأولى: الإنكار والانزجار القلبي:

وهو أن يأتي بعمل يُظهر به انزعاجه وكراهته للمعصية. ولهذه المرتبة عدّة مظاهر، مثل:
• الإعراض عن فاعل المنكر بالوجه والبدن.
• ترك الكلام معه.
• عدم مصافحته أو السلام عليه.
• العبوس والانقباض في الوجه.
• المقاطعة والهجران.
• عدم قبول الهدايا أو ردّها.


ولا بدّ هنا من الاقتصار على الدرجة الدانية فالدانية، والأيسر فالأيسر.

ب- المرتبة الثانية: الأمر والنهي اللساني:

وهو الأمر والنهي بالكلمة، بالنحو المناسب والمؤثِّر. وتتحقّق هذه المرتبة بعدّة أمور، منها:
• الإرشاد والقول اللّين، وليس من الضروري أن يكون بصيغة الأمر والنهي.
• بصيغة البيان والتوضيح وشرح الأهداف والآثار.
• بصيغة الموعظة والتخويف من العقاب والترغيب في الثواب.
• بالصيغة الشديدة القوية الخالية من التهديد.
• بالصيغة الشديدة القوية المشتملة على التهديد والوعيد.


ج- المرتبة الثالثة: الإنكار باليد:

وهي إعمال القدرة البدنية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من خلال استخدام القوّة التي تؤذي فاعل المنكر بشروط:
• استخدام المراتب من الأضعف إلى الأشد.
• أن تتمّ بإذن الإمام أو نائبه العام.
• إصرار ومعاندة فاعل المنكر.


فإذا علم بأن المرتبتين الأوليين لا تؤثّران، واحتمل التأثير بالثالثة، انتقل إليها.

ويجب مراعاة الأيسر فالأيسر هنا؛ فلو أمكنه المنع من فعل المنكر بالحيلولة بينه وبين المنكر، وجب الاقتصار عليه.

* كتاب قوا أنفسكم وأهليكم، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.

2-بتصرّف، الإمام روح الله الموسوي الخميني، تحرير الوسيلة، ج1، 462.
3-آل عمران، 104.
4-الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 16، ص 123.
5-الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 16، ص 118.
6-النحل، 125.
7-طه، 43-44.
8-الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 1، ص 110.
9-الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 16، ص 159.

2013-12-02