انحراف المجتمع الإسلامي أرضية موجبة للثورة
عاشوراء في فكر الولي
لو صرفت يدٌ أو حادثةٌ القطار الّذي سيّره النبي الأكرم صلى الله عليه وآله عن مسيره، فما هو التكليف؟ لو انحرف المجتمع الإسلامي وبلغ الانحراف درجةً خيف على أصل الإسلام والمبادئ الإسلامية من انحرافها جميعاً، فما العمل؟
عدد الزوار: 240حسناً، السؤال هنا هو: لو صرفت يدٌ أو حادثةٌ القطار الّذي سيّره النبي الأكرم صلى الله عليه وآله عن مسيره، فما هو التكليف؟ لو انحرف المجتمع الإسلامي وبلغ الانحراف درجةً خيف على أصل الإسلام والمبادئ الإسلامية من انحرافها جميعاً، فما العمل؟
لدينا نوعان من الانحراف:
تارة تفسد الناس، لكن تبقى أحكام الإسلام سليمة، وفي كثير من الأوقات يقع هكذا
انحراف. وتارة أخرى ينحرف الناس ويفسد الحكّام والعلماء ومبلّغو الدِّين! وأساسا لا
يصدر الدين الصحيح عن الفاسدين، فيحرّفوا القرآن والحقائق، ويبدّلوا الحسنات سيّئات
والسيّئات حسنات. ويصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً، ويبدّل الخط الذي رسمه
الإسلام – في هذا الاتجاه مثلاً- 180 درجة ! فلو أبتلي النظام والمجتمع الإسلامي
بمثل هذا الأمر، فما هو التكليف حينئذ؟
وقد ظهر الانحراف في زمن الإمام الحسين عليه السلام وكان الوقت مناسباً أيضاً
وتوفرت هذه الفرصة، لذا وجب على الحسين عليه السلام أن يثور، فالانحراف قد ظهر، لأن
الشخص الّذي توّلى السلطة بعد معاوية لم يراع الإسلام حتّى في الظاهر، فكان منغمساً
في الخمر والمجون والفحشاء ويرتكب المنكرات الجنسية علناً، ويتكلم خلاف القرآن
وينشد الشعر المخالف للقرآن والراد للدين، فكان يخالف الإسلام علناً! ولأنه كان
زعيم المسلمين بالاسم فقط، لم يُرد ان يخلع عنه هذا الاسم. لم يكن عاملاً بالإسلام،
ولا محبا له ولا مهتماً به، بل كان بعمله هذا كنبع الماء الآسن (العفن)، الذي يرشح
منه الماء باستمرار ويسيل خارجاً ويفسد ما حوله، فوجوده بمثابة الماء الآسن الذي
سيعم المجتمع الإسلامي! هكذا يكون الحاكم الفاسد، فلأن الحاكم يتربّع على رأس
القمّة، فما يصدر منه لا يبقى في مكانه- خلافاً للناس العاديين - بل يسيل ليملأ ما
حوله ويبلل الهرم كله!
كل واحد من الناس العاديين لديه مكانه. ومن الممكن أن يبقى فسادهم لأنفسهم أو للبعض
ممّن حولهم. طبعاً كلّ من شغل مقاماً أعلى ومنصباً أرفع في المجتمع الإسلامي كان
ضرره وفساده أكبر، لكن لو فسد من يقع على رأس السلطة لانتشر فساده وشمل كلّ الأرض،
كذلك لو صلُح، لانتشر وعمّ الدنيا.
فشخصٌ بهذا الفساد أصبح، بعد معاوية، خليفة المسلمين! خليفة رسول الله (صلى الله
عليه وآله)، فهل هناك انحراف أكبر من هذا؟!.
* من كتاب (دروس من عاشوراء)، للإمام السيد علي الخامنئي دام ظله -يصدر قريباً-. 2013-11-15