ما معنى الإمامة؟
الإمامة والخلافة
إنّ كلمة الإمام في اللغة تعني المتَّبَع والمقتدى به1، بغضّ النظر عن كون ذلك الاقتداء في طريق الخير أو الشرّ. وقد استعمل القرآن الكريم لفظ الإمام في المعنى اللغويّ نفسه، قال تعالى في إمامة الخير:
عدد الزوار: 314
الإمام في اللغة والقرآن الكريم
إنّ كلمة الإمام في اللغة تعني المتَّبَع والمقتدى به1، بغضّ النظر عن كون ذلك
الاقتداء في طريق الخير أو الشرّ. وقد استعمل القرآن الكريم لفظ الإمام في المعنى
اللغويّ نفسه، قال تعالى في إمامة الخير:
﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ
بِأَمْرِنَ﴾2،
﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامً﴾
3، وقال تعالى في إمامة
الشرّ:
﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ
﴾4.
الإمام في الأحاديث المشتركة
ورد عند أهل السُّنّة والشيعة حديث حول الموقع الحسَّاس للإمام في مصير المسلم، فقد
روى الشيعة عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "من مات ولم يعرف إمام زمانه مات
ميتةً جاهليّة"5.
وقد روى أهل السُّنَّة مضمونًا قريبًا من هذا الحديث، ففي مسند أحمد بن حنبل عن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من مات بغير إمام مات ميتةً جاهليّة"6
وروى ابن حبَّان في صحيحه عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "من مات وليس له إمام
مات ميتةً جاهليّة"7.
وفي رواية الجاحظ: "من مات ولا إمام له مات ميتةً جاهليّة"8.
وفي ينابيع المودّة: "من مات ولا يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهليّة"9.
إنّ هذا الحديث بمختلف صيغه يؤكِّد مدى اهتمام النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
بمسألة الإمامة، لكن يبقى الكلام في تفسيرها، الذي اختلفت فيه أنظار أهل السُنَّة
والشيعة، فقال أهل السُنّة: إنَّ الإمامة هي الرئاسة التي أوكل خيارها للناس من بعد
النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم. أمّا رأي الشيعة، فيتبيّن من خلال ما يلي:
معنى الإمام عند الشيعة
إنَّ المعنى الذي طُرح في الفكر الشيعيّ يدور حول مراتب ثلاث:
1- المرجعيّة الدينيّة
ذكرنا في كتابنا السابق "يسألونك عن الأنبياء" أنّ الدين الإسلاميّ كَمُل في تشريعه
بعنصرين هما: القرآن الكريم، والسُنّة النبويّة، التي تعني أقوال النبيّ محمّد صلى
الله عليه وآله وسلم وأفعاله وتقريره، لكن السؤال الذي يُطرح هو: هل استطاع النبيّ
محمّد صلى الله عليه وآله وسلم أن يبلِّغ جميع تفاصيل الشريعة للناس؟
والجواب: إنّ إلقاء نظرة فاحصة على مرحلة تبليغ هذه السّنَّة الشريفة يوقفنا أمام
أمر مهمٍّ جدّاً، فمرحلة تبليغ السنّة النبويّة دامت ثلاثاً وعشرين سنة، قضى منها
النبيُّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثَ عشرةَ سنةً في مكّة، وعشرَ سنوات في
المدينة المنوّرة.
أمّا في السنوات المكّيَّة الثلاثَ عَشْرَة فلم يؤمن بالنبيّ صلى الله عليه وآله
وسلم إلاّ عدد قليل لم يتجاوز عددهم أربعمائة مسلم على الأكثر10.
وكان أغلبهم من المستضعفين المضطهدين، ممَّا أدّى إلى هجرة الكثير منهم (70 عائلة)
إلى الحبشة مرّتين، وبالتالي انفصالهم المباشر عن تلقّي الدعوة الإسلاميّة من
النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم.
وفي هذه السنوات المكّيَّة، كان المشركون يضيِّقون على النبيّ صلى الله عليه وآله
وسلم، والمسلمين الباقين معه تضييقًا شديدًا، ويمنعونه من تبليغ دعوته للآخرين، حتى
وصل الأمر بهم إلى محاصرته مع جملة من الهاشميّين في شِعْبِ أبي طالب ثلاث سنوات،
حيث كانت المجاعة الشديدة...
إنّ الناظر في هذا المرحلة المكّيَّة يُدرك بوضوح أنّ الفرصة لم تسنح للنبيّ صلى
الله عليه وآله وسلم إلاّ تبليغ أساسيّات الاعتقادات، والبعض القليل من جوانب
الشريعة، وهذا ظاهر من خلال الآيات القرآنيّة النازلة في مكّة.
وممّا يؤكّد هذا الواقع أنّ فريضة الصوم، وهي من أوائل فروع الدين، لم تنزل في
مكّة، بل في المدينة.
وانتهت هذه السنوات المكّيَّة بهجرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى يثرب ليقضي
فيها عشر سنوات كانت مليئة بالحروب والغزوات وما شابه، إضافة إلى الخلافات التي
حصلت بين القبائل من داخل المجتمع الإسلاميّ الجديد. وقد سجّل التاريخ في الفترة
المدنيّة النبويّة وقوع أكثر من ثمانين معركة، وغزوة، وإرسال سرايا، وما شابه.
ومن الواضح أنّ هذه الحروب والغزوات شكَّلت معوِّقات أمام تبليغ تفاصيل الشريعة
الإسلاميّة، والسنَّة النبويّة الشريفة.
يقول الشهيد المطهّري: "وإذا أردنا أن نغضَّ النظر عن الواقع الكائن في مكّة
والمدينة، ونفترض أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سلك في هذه السنوات الثلاث
والعشرين من البعثة نهج المعلِّم، الذي لا شأن له إلاَّ الذهاب إلى الصفّ وتعليم
الناس، فمع ذلك لم يكن هذا الوقت وافيًا كي يُبيِّن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
للناس جميع ما ينطوي عليه الإسلام"11.
إذًا لا بدَّ من حلٍّ يتسنَّى من خلاله للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أن يبلِّغ،
ويحفظ سنَّته الشريفة، التي تمثّل مع القرآن الكريم توأم التشريع الكامل.
فكان الحلّ الإلهيّ يتمثّل بتربية إلهيّة لشخصٍ استثنائيّ يكون وعاءً لعلم النبيّ
صلى الله عليه وآله وسلم ومستودعًا لسنَّته، وحافظًا للدين الحنيف. وكان هذا الشخص
هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فكان محلَّ الفيض الإلهيّ، والتعليم النبويّ.
وهذا ما يعطينا التفسير الواضح لتلك الجلسات الطويلة بين النبيّ محمّد صلى الله
عليه وآله وسلم والإمام عليّ عليه السلام، وتلك الملازمة الشديدة بينهما، التي كان
يعبِّر عنها أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: "ولقد كنت أتبعه اتّباع الفصيلِ
أَثَرَ أُمِّه"12، وكان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كما يخبر عنه علي عليه
السلام: "إذا سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجابني، وإن فنيت مسائلي
ابتدأني"13.
وأكَّدت الروايات أنّ هذا التعليم الخاصّ كان بأمر إلهي، فقد روى أبو نُعَيْم
الحافظ الشافعي (ت 430هـ) بإسناده عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يا علي،
إنّ الله عزّ وجلّ أمرني أن أدنيك وأعلّمك لتعيَ وأنزلت هذه الآية (وتعيها أذن
واعية) وأنت أذن واعية للعلم"14.
ولأجل هذا الدور الإلهيّ في إكمال تبليغ الشريعة الإلهية، والسنَّة النبويّة، حدَّد
النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّ للشريعة مدخلاً، وأنّ لعلمه بابًا، من أراد أن
يغترف لا بدَّ أن يدخل منه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "أنا مدينة العلم وعليٌّ
بابها"15.
ولم تكن فترة حياة أمير المؤمنين عليه السلام - لا سيَّما بالظروف التي أحاطت بها -
كافية لأداء هذا الدور الكبير في إكمال تبليغ السُنَّة النبويّة، فخزَّن أمير
المؤمنين عليه السلام تفاصيل الشريعة الطاهرة في الحسن والحسين عليهما السلام
ليكونا المرجع التشريعيَّ - بالمعنى المتقدّم - للناس، وهذ ما يكشف لنا سرَّ قول
النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم الذي اشتُهر به: "الحسن والحسين إمامان قاما أو
قعدا"16.
وشاءت الإرادة الإلهيّة أن تنتقل هذه السنَّة المطهّرة من صدور طاهرة، بعد أن يقوم
كلّ إمام بدوره الرائد، فأودع الحسين عليه السلام علوم الإسلام في ابنه زين
العابدين عليه السلام، والسجّاد أودعها في الباقر، والباقر عليه السلام في الصادق
عليه السلام، والصادق عليه السلام في الكاظم عليه السلام، والكاظم عليه السلام في
الرّضا عليه السلام، والرّضا عليه السلام في الجواد عليه السلام، والجواد عليه
السلام في الهادي عليه السلام، والهادي عليه السلام في العسكري عليه السلام،
والعسكري في قائم أهل البيت الحُجّة المهديّ|، لتكتمل به سلسلة النور، وليكون
أئمَّة أهل البيت عليه السلام مع القرآن توأم التشريع اللذين خلَّفهما رسول الله،
وأمر أمته بالتمسّك بهما، حينما قال: "إنّي تارك فيكم الثَّقلَيْن كتاب الله وعترتي
أهل بيتي (ما إن تمسَّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبدًا) ولن يفترقا حتى يردا عليَّ
الحوض"17.
إنَّ التمسّك بأهل البيت عليه السلام في هذا الحديث هو باعتبارهم حفظة للسُنّة
النبويّة، وهذا هو معنى المرجعيّة الدينيّة التي هي من مراتب الإمامة.
الجامعة كتاب السُنّة النبويّة
وأكّد أهل البيت عليه السلام مرجعيّتهم في التشريع الدينيّ من خلال أحاديثهم عن
كتاب يسمّى "الجامعة"، وهو كتاب السُنّة النبويّة التي أملاه رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم على الإمام عليّ عليه السلام، فخطَّها عليه السلام بيده. ففي حديث
أبي بصيرة: " دخلت على أبي عبد الله عليه السلام، فقلت له: جعلك فداك، إنّ شيعتك
يتحدّثون أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علّم عليًّا عليه السلام بابًا
يفتح له منه ألف باب قال عليه السلام: يا أبا محمّد، علّم رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم عليًّا عليه السلام ألف باب يفتح من كلِّ باب ألف باب، قال أبو بصير: هذا
والله العلم، قال عليه السلام: يا أبا محمّد، وإنّ عندنا الجامعة، وما يدريهم ما
الجامعة؟ قال أبو بصير جعلت فداك، وما الجامعة؟ قال عليه السلام: صحيفة طولها سبعون
ذراعًا بذراع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإملائه من خلق فيه، وخطّ عليّ
عليه السلام بيمينه، فيها كلّ حلال وحرام وكلّ شيء يحتاج الناس إليه حتى الأرش في
الخدش"18.
وحول كتاب الجامعة، روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "ضلّ علم ابن
شبرمة19 عند الجامعة، إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخطّ عليّ عليه
السلام بيده، إنّ الجامعة لم تدع لأحد كلامًا، فيها علم الحلال والحرام، إنّ أصحاب
القياس طلبوا العلم بالقياس، فلم يزدادوا من الحقّ إلاّ بعدًا، إنّ دين الله لا
يُصاب بالقياس"20.
وفي بعض الأحاديث ما يؤكِّد أنّ كتاب الجامعة هو إحدى علامات الإمامة، فعن الإمام
الرضا عليه السلام: "للإمام علامات: يكون أعلم الناس، وأحكم الناس، وأتقى الناس،
وأحلم الناس، وأشجع الناس، وأسخى الناس، وأعبد الناس... ويكون عنده الجامعة، وهي
صحيفة طولها سبعون ذراعًا فيها جميع ما يحتاج إليه ولد آدم عليه السلام " 21.
لذا كان كتاب الجامعة من مواريث الأئمّة لبعضهم، فعن أمّ كلثوم بنت علي عليه
السلام: "إنّ أمير المؤمنين لما ضربه ابن ملجم لعنه الله دعا ابنيه الحسن والحسين
عليه السلام وأوصى إليهما، وسلّم إلى الحسن خاتمه، وسلّم إليه ذا الفقار، وسلّم
إليه الجفر الأبيض والأحمر، وسلّم إليه الجامعة، وسلّم إليه مصحف فاطمة"22.
2- القيادة السياسيّة
ممّا لا شكّ فيه أنّ الإسلام دين لا يقتصر في تشريعه على حياة الفرد، بل ولا على
المجتمع الصغير كالأسرة، والرحم، والجيرة، ونحوها، بل هو دين هدفه تنظيم حياة
البشريّة بأجمعها، والتي لا يمكن أن تتحقّق إلاّ من خلال حكومة تطبِّق أحكام
الشريعة الإسلاميّة، أمّا أن يترك الأمّة دون إرشادٍ إلى الحاكم، فيرد عليه ما في
قصّة أحد أصحاب الإمام الصادق عليه السلام، وهو هشام بن الحكم الذي قال: "توجّهت
إلى البصرة، فوصلت إليها يوم الجمعة، وأتيت إلى المسجد، فرأيت أنّ عمرو بن عبيد لبس
شملة من الصوف الأسود، وشملة أخرى جعلها رداءً له، وصفَّ في دوره جمعٌ يسألون عنه
المسائل العلميّة، فانفتحت الصفوف، وجلست أمامه مؤدّبًا، فسألت منه: أيها العالم،
أنا رجل غريب أتأذن لي أن أسأل مسألة، فقال: نعم، فسألت هل لك عين؟ فقال: يا بني أي
سؤال هذا يسأل مني؟ قلت: إنّ مسألتي هذه. ثمّ قال: اسأل، وإن كانت مسألتك مسألة
الحمقاء. فقلت: أجبني عن ذلك السؤال، فقال: نعم لي عين. فقلت: أيَّ شيء بها تراه؟
قال: الألوان والأشخاص. ثمّ سألت: هل لك أنف؟ قال: نعم فقلت: أيَّ شيء تعمل به؟
فقال: نستشم الرائحة به. ثمّ سألت: هل لك فم؟ قال: نعم فقلت: أيَّ شيء تعمل به؟
قال: ذقت به طعم الأغذية. ثمّ سألت هل لك قلب؟ قال: نعم. قلت: أي شيء تعمل به؟ قال:
تميزت به كلّما يرود على الأعضاء المذكورة. فقلت إنّ هذه الأعضاء بريئة غير محتاجة
إليه أم لا؟ فقال: لا.
"فقلت له: كيف تحتاج هذه الأعضاء إلى القلب؟ مع أنّ لها قوى مدركة حاسة للذوق
والشمّ والبصر، وتكون صحيحة سليمة. فقال: يا بني، لو حصل لي شكّ فيما بصرت وذقت
وشممت رجعت إلى القلب، فيحصل لي اليقين، ويرتفع ويزول الشكّ. فقلتُ: فإذًا قلتَ:
إنّ الباري تعالى خلق القلب لتميز شكّ الجوارح للخلق؟ فقال: نعم. فقلت: لا جرم
فوجود القلب لازم لرفع شبهة الجوارح؟ فقال: نعم. فقلت: إنّكم تزعمون أنّ الله تعالى
لم يخلو هذه الجوارح من إمام ترجع إليه لتميز الشكّ واليقين والصحيح والسقيم منها،
فكيف يمكن أن يخلو الخلائق الكثيرة من إمام يرجعون إليه عند الحيرة والشكّ؟ فسكت
وصار متأمِّلاً، ثمّ بعد لحظة ارتفع رأسه، والتفت إليّ، وقال: هل أنت هشام بن
الحكم؟..."23.
وعودًا على بدء، فإنَّ الوصول إلى الهدف الإسلاميّ في تنظيم حياة الناس يحتاج إلى
حاكم له مواصفات تتعلّق بأمور أهمّها أن يكون:
1- عالمًا بالتشريع الإسلاميّ حتى يحكم في ضوئه.
2- مؤتمنًا على تطبيق التشريع في حياة الناس.
3- كفؤًا بالأمور التي تقتضيها الحكومة كمهارة الإدارة، والسياسة، والمعرفة
الاقتصاديّة، والاجتماعيّة ونحو ذلك.
وسيرة العقلاء وبناؤهم، في حال توفّر هذه الشروط بحدّها الأدنى عند أشخاص عديدين،
أن يتوجّه إلى أكملهم فيها.
وهنا يأتي سؤال حسّاس حول فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، المتعلِّق
بالحاكم الذي يأتي بعده، هل ترك الأمّة دون أن يشير إليه، أو أشار إلى مواصفاته، أو
حدّده وعيَّنه بالشخص.
الحاكم بين المواصفات والتعيين
إذًا إنّ الحكمة الإلهيّة تقتضي، كي يطبَّق هدف الكمال الإنسانيّ على مستوى
المجتمع، أن يكون هناك تحديد للوليّ الحاكم بعد رسول الله، ولكن هل يكون ذلك من
خلال تحديد المواصفات العامّة للحاكم، أو بتعيينه؟
إنّ كون القيادة السياسيّة بعد رسول الله ليست هي العنوان الوحيد التي يحتاجها
المجتمع، بل يحتاج قبلها إلى المرجعيّة الدينيّة، وبما أنّ المرجعيّة الدينيّة
تقتضي العصمة، وبالتالي تكون بالاختيار الإلهيّ، كان لا مناص من تعيين الله تعالى
للمرجع الدينيّ بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائدًا سياسيًّا، فإنَّ علمه
بالشريعة، في دائرة الكمال التام من خلال عصمته، ليس علمًا عاديًا، وكذلك إنَّ
ائتمانه على تطبيق الشريعة هو ائتمان عصمةٍ لا عدالة.
وبالتالي يكون للإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرتبتا المرجعيّة
الدينيّة، والقيادة السياسيّة.
3- المقام المعنوي الخاص
إضافةً إلى مقامي المرجعيّة والقيادة السابقتين طرح الفكر الشيعيّ مقامًا آخر
للإمام، هو مقام الإنسان الكامل، الذي يمتاز بعلاقة قرب خاصة من الله تعالى، عبَّر
عنها أهل البيت عليه السلام بقولهم الوارد عنهم: "إنّ لنا مع الله حالات لا يسعها
ملك مقرَّب.."24.
كما أنّه يمتاز بعلم خاصّ، تجلّى من خلال كرامات عديدة، يأتي الحديث عن بعضها.
* يسألونك عن الأئمة، الشيخ أكرم بركات.
1- الفيّومي، أحمد، المصباح المنير، ط1، قم، دار الهجرة، 1405هـ، ص 23.
2- سورة الأنبياء، الآية 73.
3- سورة البقرة، الآية 124.
4- سورة القصص، الآية 41.
5- الكلينيّ، محمد، الكافي، تحقيق علي أكبر الغفاري، ط5، طهران، دار الكتب
الإسلامية، 1363هـ، ج4، ص 268. الكلينيّ، محمد، الكافي، تحقيق علي أكبر الغفاري،
ط5، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1363هـ، ج4، ص 268.الطوسي، محمّد، الرسائل العشر،
(لا،ط)، قم، مؤسّسة النشر الإسلاميّ، (لا،ت)، ص 317. الصدوق، علي بن بابويه،
الإمامة والتبصرة، تحقيق مدرسة الإمام المهدي، ط1، قم، مدرسة الإمام المهدي،
1404هـ، ص2.
6- ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد بن حنبل، (لا،ط)، بيروت، دار صادر، (لا،ت)، ج4، ص 96.
الهيثمي، علي، مجمع الزوائد، (لا،ط)، بيروت، دار الكتب العلمية، 1408هـ، ج 5، ص
218. الطبراني، سليمان، المعجم الكبير، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، ط2، نشر دار
إحياء التراث العربي، (لا،ت)، ج 19، ص 388. المتقي الهندي، علاء الدين، كنز العمال،
(لا،ط)، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1409هـ، ج1، ص103.
7- ابن حبان، صحيح ابن حبان، تحقيق شعيب الأرنؤوط، ط2، نشر مؤسسة الرسالة، 1414هـ،
ج10، ص 434.
8- الجاحظ، عمرو، العثمانية، تحقيق عبد السلام محمد هارون، (لا،ط)، مصر، دار الكتاب
العربي، (لا،ت)، ص 301.
9- القندوزي، سليمان، ينابيع المودة، تحقيق سيد علي جمال أشرف الحسيني، ط1، أسوة
للطباعة والنشر، 1416هـ، ج 3، ص 456.
10- انظر: المطهري، مرتضى، الإمامة، ترجمة كسَّار، ط1، قم، منشورات أم القرى،
1417هـ، ص 77.
11- المطهري، مرتضى، الإمامة، ص77.
12- المجلسيّ، محمّد باقر، بحار الأنوار، تحقيق عبد الرحيم الرباني الشيرازي، ط2،
بيروت، مؤسسة الوفاء، 1403هـ، ج14، ص475.
13- الصفار، بصائر الدرجات، منشورات بصيرتي، قم، ص 198.
14- حلية الأولياء، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1409هـ، ج1، ص67.
الجويني، فرائد السمطين، تحقيق المحمودي، منشورات مؤسسة الرسالة، بيروت، 1409هـ،
ج13، ص136. الحلي، الحسن، كشف اليقين، تحقيق علي آل كوثر،ط1، قم، منشورات مجمع
إحياء الثقافة الإسلامية، 1411هـ، ص52.
15- الترمذي، الجامع الصحيح، منشورات دار إحياء التراث، بيروت،1983، ج5، ص 637.
الحلي، كشف اليقين، ص57. الأربلي،علي، كشف الغُمَّة، ط2، بيروت، دار الأضواء،
1405هـ، ج1، ص113. الهندي، كنز العمال، ج13، ص148. القندوزي، ينابيع المودة،
منشورات الأعلمي، بيروت، ص70.
16- المجلسي، بحار الأنوار، ج10، ص78.
17- الطبري، محمّد، المسترشد، تحقيق أحمد المحمودي، ط1، قم، منشورات مؤسّسة الثقافة
الإسلامية، 1415هـ، ص 560، انظر: كتاب "حديث الثقلين" الذي طبع في القاهرة من قبل
دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، وقد جمع فيه أسانيد هذا الحديث في كتب أهل
السنَّة.
18- الكليني، محمّد، الكافي، ج1، ص 239.
19- هو عبد الله بن شبرمة الكوفي من فقهاء أهل السُنَّة، كان قاضيًا للمنصور على
سواد الكوفة (الحليّ، ابن داود، رجال بن داود، تحقيق محمّد صادق آل بحر العلوم،
(لا،ط)، النجف، مطبعة الحيدرية، 1972م، ص 19 و120).
20- الكليني، محمّد، الكافي، ج1، ص 57.
21- الصدوق، محمّد، الخصال، تحقيق علي أكبر الغفاريّ، (لا،ط)، قم، منشورات جماعة
المدرسين، 1403هـ، ص 528.
22- العامليّ، يوسف، الدرّ النظيم، (لا،ط)، قم، مؤسسة النشر الإسلاميّ، (لا،ت)، ص
422.
23- البروجردي، علي، طرائف المقال، تحقيق مهدي الرجائي، ط1، قم، مكتبة آية الله
العظمى المرعشي النجفي، 1410هـ، ج2، ص562-563.
24- الخمينيّ، روح الله، الحكومة الإسلاميّة، ط2، بيروت، مركز الإمام الخميني
الثقافي، 1429هـ، ص56.