يتم التحميل...

خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في عيد الفطر

2013

الحمد لله ربّ العالمين بارئ الخلائق أجمعين، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوكّل عليه، ونصلّي ونسلّم على حبيبه ونجيبه وخيرته في خلقه حافظ سرّه ومبلّغ رسالاته، بشير رحمته ونذير نقمته، سيّدنا ونبيّنا أبي ‌القاسم المصطفى محمّد وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين الهداة المهدييّن المعصومين المكرّمين سيّما بقيّة الله في الأرضين.

عدد الزوار: 30

خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في عيد الفطر_09/08/2013

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله ربّ العالمين بارئ الخلائق أجمعين، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوكّل عليه، ونصلّي ونسلّم على حبيبه ونجيبه وخيرته في خلقه حافظ سرّه ومبلّغ رسالاته، بشير رحمته ونذير نقمته، سيّدنا ونبيّنا أبي ‌القاسم المصطفى محمّد وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين الهداة المهدييّن المعصومين المكرّمين سيّما بقيّة الله في الأرضين.

أوصيكم جميعاً، أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء المصلّين والمؤمنين المشاركين في هذا الاجتماع المهيب، ونفسي وأدعوكم إلى حفظ التقوى التي هي أساس السّعادة والنّصر في الدنيا والآخرة، وأبارك لكم عيد الفطر السّعيد لكلّ الشّعب الإيراني ولكلّ مسلمي العالم.

لقد مرّ شهر رمضان عابقاً بالبركات الإلهيّة على شعبنا وعلى بقيّة المسلمين، واستفاض من بركاته الكثير من السّعداء. في هذا الجوّ الحارّ وفي هذه الأيّام الطّوال، قضى هؤلاء الأيّام بلسان صائم مع الجوع والعطش واجتناب اللذات والأهواء النفسانيّة من أجل طاعة الله، والكثير منهم قاموا لله في الليالي من أجل الدّعاء والذّكر والمناجاة. أولئك الّذين أدّوا تكليفهم في هذا الشّهر من خلال عبادة الله وأداء الفرائض الإلهيّة، يشعرون بالرّضا والبهجة. إنّ السّعي المعنويّ وجهاد النّفس في هذا الشّهر يمنح أصحاب الهمم والإرادة ـ ومنهم أنتم أيّها الشّعب العزيز وقد تحمّلتم الصّيام ـ الشّعور بالفرح والمسرّة المعنويّة، ويُعدّ هذا من خصائص السّعي في سبيل الله والعمل والجهاد للّه، حيث أنّ صاحبه ورغم تحمّل الصّعاب والمشقّات، يشعر بالبهجة التي يوصلها الله ببهجة يوم عيد الفطر. ويكفي لعظمة هذا اليوم أنّكم تقسمون بالله في القنوتات التّسعة لهذه الصّلاة المليئة بالبركة بحقّ هذا اليوم "أسألك بحقّ هذا اليوم" وهذا دليلٌ على المنزلة الرّفيعة لهذا اليوم.

أسأل الله تعالى أن يتقبّل عباداتكم وينزل رحمته وتفضّله على شعب إيران ويؤجركم بالأجر الوافر لأجل كلّ ما قمتم به في هذا الشهر. وإنّ من المساعي الكبرى في هذا الشّهر مسيرات يوم القدس التي كانت حقّاً فوق قدرة أيّ لسان على وصف أهمّيّتها، حيث أنّكم سرتم في كلّ أنحاء البلد، وفي ذاك الطقس الحارّ وبالألسن الصائمة في هذه الشوارع لتثبتوا صمود شعب إيران على هذه القضيّة المهمّة للعالم الإسلاميّ والتّاريخ الإسلاميّ. هذا هو الشّعب الحيّ. ومن الضّروريّ أن أشكر بكلّ وجودي وأعماق قلبي همّة شعب إيران هذه.

وقد شاهدنا هذه السّنة، سُنّةً جيّدة أكثر من السّنوات السّابقة، من الجدير أن يتمّ الاعتناء بها، وهي تقديم الإفطارات البسيطة وغير المتكلّفة في المساجد وفي الشّوارع، في معظم مدن البلد ـ وهو عملٌ مناسبٌ جدّاً ـ وذلك مقابل الإفطارات المسرفة، التي سُمع عنها وعُلم أنّ البعض يقومون بها تحت حجّة الإفطار وتظهر منهم التصرّفات المسرفة، وبدلاً من أن تكون هذه الإفطارات في شهر رمضان وسيلةً للقرب الرّوحي إلى الفقراء والمساكين فإنّهم بهذا العمل وهذه التصرّفات أغرقوا أنفسهم في اللذات الجسمانيّة. لا نريد أن نقول أنّه لو كان الإفطار شهيّاً فإنّه يكون ممنوعاً، كلّا، فمثل هذا ليس ممنوعاً في الشّرع وإنّما الإسراف هو الممنوع، والإكثار والإهدار الكبير الذي قد يحصل في مثل هذه المجالس، هذا هو الممنوع. وما أجمل أن يتمسّك، من يريد تقديم الإفطار، بهذه السُنّة التي راجت، حيث يُقدّم للنّاس والعابرين ومن يرغب، الموائد المجّانيّة في الأزقّة والشوارع والحسينيّات، مع ما فيها من بذلٍ وعطاءٍ وتوفيق.

أملنا أنّ الله تعالى سيبارك لكم جميعاً يا شعب إيران ويتقبّل أعمالكم ويمنحكم جميعاً توفيق حفظ منجزات شهر رمضان المبارك إلى العام المقبل.

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ.

الخطبة الثانية

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

‌الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيّدنا ونبيّنا أبي ‌القاسم المصطفى محمّد وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين سيّما عليّ أمير المؤمنين وسيّدة نساء العالمين والحسن والحسين سبطي الرّحمة وإماميّ الهدى وعليّ‌ بن‌ الحسين زين ‌العابدين، ومحمّد بن‌ عليّ الباقر، وجعفر بن ‌محمّد الصّادق، وموسى‌ بن‌ جعفر الكاظم، وعليّ بن‌ موسى ‌الرّضا، ومحمّد بن‌ عليّ الجواد، وعلي بن‌ محمّد الهادي، والحسن‌ بن‌ عليّ ‌العسكري، والحجّة القائم المهديّ صلوات الله عليهم أجمعين والسّلام على أئمّة المسلمين وحماة المستضعفين وهداة المؤمنين ونستغفر الله ونتوب اليه.

أدعو جميع الإخوة والأخوات وأوصيهم برعاية التقوى بالقول والفعل والموقف وفي التحرّكات الاجتماعيّة والاقتصادية والسياسية المختلفة

في هذه الأيّام تقع أحداثٌ كثيرة في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا وفي المنطقة الإسلاميّة بالعموم. سأشير إلى بعض أبعاد هذه الأحداث باختصار. كان هناك حدثٌ مهمٌّ في بلدنا، وهو تشكيل الحكومة الجديدة حيث تحقّقت بحمد الله الإرادة القانونيّة والسنّة الوطنيّة بهمّة الشّعب والسّعي المتضافر من جميع الجّهات وفق بأفضل صورة، وإن شاء الله ستتشكّل (الحكومة) بسرعة من خلال قيام مجلس الشّورى الإسلاميّ بدوره في اختيار الوزراء الصّالحين لتبدأ الأعمال الكبرى والمهمّة الملقاة على عاتقهم، هذا وإن كان الكثير من الأعمال قد بدأ منذ الآن. وأملنا أن يشمل التوفيق الإلهيّ حال رئيس الجمهوريّة المحترم ومسؤولي الدّولة التنفيذيين، وأن يعاضدهم الشّعب ويمدّهم بأدعيته لكي يتمكّنوا من إنجاز الأعمال الكبرى الملقاة على عاتقهم بأفضل وجه وهي أعمالٌ كبرى ذات منافع عظيمة وفيها مصاعب جمّة.

أمّا في بقيّة البلدان المجاورة والمحيطة بنا ـ في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا ـ فالأحداث ليست بهذه الصّورة المفرحة بل هي مقلقة. منها أحداث فلسطين المظلومة حيث أنّه بعد مرور 65 سنة على الاحتلال الرّسميّ لفلسطين، مازال الظلم والجّور والإجحاف بحقّ الشّعب المظلوم مستمرّاً ويوميّاً، من تخريب البيوت واعتقال الأبرياء، وعزل الأبناء عن الآباء والأمّهات، وتعبئة السّجون بالأبرياء أو بأولئك الّذين أنهوا مدّة حكمهم، والمؤلم أنّ القوى الغربيّة المهيمنة تدافع بكلّ وجودها عن هؤلاء المجرمين. فمن مصائب عالم اليوم الحاليّة حيث يقوم أشخاصٌ بدعم ظلمٍ واضحٍ مركّب من عشرات بل مئات (أنواع) الظّلم المتراكم وهم يدّعون الدّفاع عن حقوق الإنسان, والدّيمقراطية وأمثالها من الشّعارات الجميلة والرنّانة لكنهم في الواقع داعمين لهؤلاء المجرمين.

والآن قد بدأت المفاوضات مجدّداً بين سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية والصهاينة، والتي لا شكّ أنّها لن تأتي بشيءٍ أكثر ممّا تحقّق في المفاوضات السّابقة، وهي عبارة عن تراجع الفلسطينيين عن حقوقهم، وتحريض المعتدي على المزيد من الاعتداء، وقمع نضال الشّعب الفلسطينيّ الحقّ. ها هم يهدمون البيوت ويبنون العمارات المغصوبة للمحتلّين والغاصبين ويقولون إنّنا نفاوض! ومع ذلك يعلنون أنّ المفاوضات سرّيّة. إنّ تدخّل الاستكبار في هذه المفاوضات لا شكّ بأنّه سينتهي إلى ضرر الفلسطينيّين. إنّنا نعتقد بأنّ على العالم الإسلاميّ أن لا يقصّر لحظة واحدة في دفاعه المتعلّق بالقضيّة الفلسطينيّة وإدانة الأعمال العدوانيّة لذئاب الصهيونية الوحشية وحماتها الدوليّين، لكي لا تؤدّي هذه المفاوضات التي تجري كما يُقال بوساطة أمريكيّة ـ وفي الواقع أنّ أمريكا ليست وسيطاً بل هي أحد أطراف القضيّة وهي إلى جانب مغتصبي فلسطين من الصّهاينة ـ إلى المزيد من الظّلم بحقّ الشّعب الفلسطينيّ وعزل الفلسطينيّين المسلمين المناضلين.

القضيّة الأخرى هي قضيّة مصر. إنّنا قلقون ممّا يجري في مصر. يزداد القلق يوماً بعد يوم من نشوب حرب أهليّة في مصر بسبب الأعمال التي تحصل. وهذه كارثة. من الضروريّ لشعب مصر ونخبه السياسيّة والعلميّة والدينيّة في هذا البلد العظيم أن ينظروا إلى الوضع الحاليّ ليروا أيّة عواقب وخيمة يمكن أن تنشأ منه، ولينظروا إلى أوضاع سوريّة؛ وليروا آثار تواجد عملاء الغرب وعملاء إسرائيل والإرهابيّين في أيّ منطقةٍ حلّوا، فلينظروا في هذه المخاطر. يجب الالتفات إلى الديمقراطيّة والسّيادة الشعبيّة؛ فقتل النّاس مدانٌ بشدّة واللهجة الحادّة والشّديدة للجماعات الشعبيّة ضدّ بعضهم البعض عديمة الجدوى وذات مضارّ كبرى. ولن يأتي سوى الضّرر من تدخّل القوى الأجنبية ـ كما يُشاهد الآن بحقّ شعب مصر. يجب على الشّعب المصريّ نفسه ونخبه أن يحلّ عقدة مصر، النّخب هي التي ينبغي أن تفكّر وتقيس العواقب الوخيمة والخطرة التي يمكن أن تنجم عن هذا الوضع. فلو حصل ـ لا سمح الله ـ الهرج والمرج والفوضى، ولو نشبت لا سمح الله حربٌ أهليّة فمن يمكنه أن يحول دونها؟ وسوف يتحقّق المبرّر لتدخّل القوى العظمى التي هي أعظم بلاء على أيّ دولةٍ أو أي شعب. إنّا قلقون. نوصي بروح أخويّة نخب مصر وشعبها والتيّارات السياسيّة والجماعات الدينيّة وعلماء الدّين أن يجلسوا فيما بينهم ليفكّروا ويتّخذوا القرارات ويمنعوا الأجانب والمقتدرين من العودة مجدّداً والتدخّل ـ فهناك احتمالٌ قويّ أنّ أجهزتهم المخابراتيّة لم تكن بعيدةً عمّا يجري وما حصل من أوضاع ـ.

القضيّة اللاحقة هي قضيّة العراق. ففي العراق يوجد دولةٌ وحكومة على رأس الأمور، وفق موازين السّيادة الشعبيّة وأصوات النّاس. ولأنّ القوى الكبرى والقوى الرّجعيّة في المنطقة غير راضية عن هذا الوضع فهم لا يريدون أن يهنأ الشّعب العراقيّ بما حقّقه، وهذه التفجيرات والمجازر والأعمال الإرهابيّة الإجراميّة هي لا شكّ بدعم مالي وسياسيّ وعسكريّ من قبل بعض القوى الإقليميّة وما بعدها التي لا تريد لشعب العراق أن يعيش حياته. وهنا من الضّروريّ أن ينظر سياسيّو العراق والمسؤولون العراقيون والفئات العراقية شيعة وسنّة وعربا وأكرادا إلى الوضع الذي تعيشه بعض الدّول الأخرى ليروا عواقب الخلافات الدّاخليّة والحرب الأهليّة التي تدمّر البُنى التحتيّة لأيّة دولة وتقضي على مستقبل أيّ شعب. وفي كلّ هذه القضايا يتفرّج الكيان الصهيونيّ على هذا الوضع بسرور ويشعرون بالرّاحة والهناء. فهل هذا جائز؟

اللهمّ! بمحمّد وآل محمّد أيقظنا جميعاً من سُبات الغفلة.

اللهمّ! اقطع أيدي الأشرار والمعتدين على الشعوب الإسلاميّة وبلدانها.

اللهمّ! بمحمّد وآل محمّد انصر الإسلام والمسلمين في بلاد العالم.

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ
.

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

2013-08-01