آداب المجاهد مع الوالدين
آداب المجاهد في بيئته
جعل الله للوالدين منزلة عظيمة لا تعادلها منزلة، فجعل برّهما والإحسان إليهما والعمل على رضاهما فرضاً عظيماً وذكره بعد الأمر بعبادته،
عدد الزوار: 273جعل الله للوالدين منزلة عظيمة لا تعادلها منزلة، فجعل برّهما والإحسان إليهما والعمل على رضاهما فرضاً عظيماً وذكره بعد الأمر بعبادته، فقال جلَّ شأنه: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾1.
﴿وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾2.
﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا﴾3.
وممّا جاء في رسالة الحقوق للإمام زين العابدين عليه السلام: "وحقّ أبيك أن تعلم أنّه أصلك، وإنّه لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك ممّا يعجبك فاعلم أنّ أباك أصل النعمة عليك فيه".
وقال عليه السلام :"فحقّ أمّك أن تعلم أنّها حملتك حيث لا يحمل أحد أحداً، وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحداً، وأنّها وَقَتْكَ بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وبشرها وجميع جوارحها مستبشرة فرحة".
ولذلك فإنّ من آداب التعامل مع الأب والأمّ، والجدّ والجدّة:
1- إذا دخلت عليهم أو على أحدهم فكن البادئ بإلقاء التحية مبتسماً، أما إذا كنت لا تراهم يومياً، فصافحهم وقبِّلهم أو قبِّل أيديهم.
2- افتتح الحديث بما يرغبون في الاطمئنان عنه ومعرفة أخباره أو ما يسرّهم سماعه.
3- احرص قدر الإمكان على عدم قيامهم بعمل ما بأنفسهم أثناء وجودك جالساً معهم وأنت تنظر أو تتلهّى بما ليس ضروريّاً... إلّا إذا كانت رغبتهم في ذلك.
4- إذا جلست معهم إلى مائدة الطعام فابدأ بالسكب في صحونهم أوّلاً وقرِّب إليهم البعيد ممّا يرغبون في أكله قبل أن تبدأ بنفسك.
5- لا تدعهم يقومون عن مائدة الطعام لفتح الباب أو استقبال الزائرين أو للردّ على الهاتف أو لإحضار شيء وتبقى جالساً.
6- بعد الانتهاء من تناول الطعام ساعدهم في نقل الأواني إلى المطبخ ووضع كلٍّ منها في مكانه المخصّص.
7- إذا أردتم مغادرة البيت لرحلة أو نزهة أو زيارة...، فكن أنت الذي يحمل الأغراض، خاصّة الثقيلة منها، ولا تدعهم ينتظرونك خارجاً مع الحرّ أو البرد الشديدين فيما أنت ترتدي ثيابك أو تسرّح شعرك أو تتحدّث مع أصدقائك. كن أنت الذي يخرج أخيراً من المنزل، ويتفقّد إحكام غلق الأبواب..
8- لا تضطرّهم إلى فعل أمر يكرهون القيام به أو يبغضونه ولا تثقل كاهلهم بما لا يطيقون.
9- لا تخاطبهم بصيغة الأمر، أو بلهجة المستفهم الموبّخ كأن تسأل: "لم تأخّرتِ عن كيّ الملابس؟!" أو "ألم تغسلي بعد؟!" أو "كان يجب عليكَ أن تفعل ذلك..". و إذا كان لا بدّ من التذكير فليكن ذلك بلطف وهدوء كأن تقول: " ظننتك سوف تغسلين"، "ليته كان نظيفا"، "أعتقد أنّك لو فعلت ذلك كان مناسباً".
10- إذا اعترضتهم ضائقة مالية وكنت ميسور الحال فمن الواجب عليك أن تبادر فوراً لقضاء حاجتهم كي لا يضطرّوا للطلب منك فضلاً عن غيرك.
11- لا تصرخ في وجوههم ساخطاً، ولا ترمِ ما في يدك غضباً أمامهم كما ترى ذلك كثيراً في الأفلام، بل ﴿فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا﴾4. فهذه التصرّفات غير جائزة على المؤمن، وهي تفضي إلى غضب الله سبحانه.
12- إذا كانوا طاعنين في السن أكثر من زيارتهم.
13- لا تتقدّم عليهم في المشي بل امشِ خلفهم.
آيات وروايات
قال تعالى: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ﴾5.
﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيل﴾6.
﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾7.
﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا﴾8.
﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾9.
قيل لرسول الله صلى الله عليه واله: يا رسول الله، ما حقّ الوالد؟ قال صلى الله عليه واله: "أن تُطيعه ما عاش" فقيل: ما حقُّ الوالدة؟ فقال صلى الله عليه واله: "هيهات هيهات، لو أنّه عدد رمل عالج، وقطر المطر أيّام الدنيا، قام بين يديها، ما عدل ذلك يوم حملته في بطنها"10.
روي: أنّ رجلًا هاجر من اليمن إلى رسول الله صلى الله عليه واله وأراد الجهاد، فقال له صلى الله عليه واله: "ارجع إلى أبويك فاستأذنهما، فإن أذِنا فجاهد، وإلّا فبرّهما ما استطعت"11.
قال رجل لرسول الله صلى الله عليه واله: إنّ والدتي بلغها الكِبَر، وهي عندي الآن، أحملها على ظهري، وأُطعمها من كسبي، وأُميط عنها الأذى بيدي، وأصرف عنها مع ذلك وجهي استحياءً منها وإعظامًا لها، فهل كافأتها؟ قال صلى الله عليه واله: " لا، لأنّ بطنها كان لك وعاءً، وثديها كان لك سقاءً، وقدمها لك حذاءً، ويدها لك وقاءً، وحجرها لك حواءً، وكانت تصنع ذلك لك وهي تمنّى حياتك، وأنت تصنع هذا بها وتحبُّ مماتها"12.
أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه واله فقال: يا رسول الله إنّي راغب في الجهاد نشيط، فقال له النبيّ صلى الله عليه واله: "فجاهد في سبيل الله فإنّك أن تقتل تكن حيّاً عند الله ترزق وإن تمت فقد وقع أجرك على الله وإن رجعت رجعت من الذنوب كما ولدت".
قال: يا رسول الله إنّ لي والدين كبيرين يزعمان أنّهما يأنسان بي ويكرهان خروجي، فقال رسول الله صلى الله عليه واله:"فَقرَّ مع والديك فوالذي نفسي بيده لأنسهما بك يوماً وليلة خير من جهاد سنة"13.
*سلوكيات المجاهد، إعداد ونشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- الإسراء: 23.
2- النساء: 36.
3- الأحقاف: 15.
4- الإسراء: 23.
5- البقرة: 83.
6- النساء: 36.
7- الأنعام: 151.
8- لقمان: 14.
9- الإسراء: 23 - 24.
10- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج15، ص 203.
11- جامع السعادات، محمد مهدي النراقي، ج2، ص 204.
12- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج15، ص 180.
13- بحار الأنوار، ج71، ص52.