علاقات إجتماعية
زاد المغترب
إن العلاقات الإجتماعية هي جزء أساسي من حياة كل إنسان، فالإنسان اجتماعي بطبعه، وهو فرد في هذا المجتمع، يؤثر فيه ويتأثر به، هذا في الحالات العادية، وأما عندما يعيش الإنسان في مجتمع تختلف فيه الاتجاهات والأديان...
عدد الزوار: 440
كونوا لنا زيناً
إن العلاقات الإجتماعية هي جزء أساسي من حياة كل إنسان، فالإنسان اجتماعي بطبعه،
وهو فرد في هذا المجتمع، يؤثر فيه ويتأثر به، هذا في الحالات العادية، وأما عندما
يعيش الإنسان في مجتمع تختلف فيه الاتجاهات والأديان... فهنا ستكون مسؤوليته أكبر،
لأنه كالمراة يعكس صورة الدين والإتجاه الذي ينتمي إليه، وسيصبح في المجتمع نموذجاً
يرجع إليه الاخرون ليحكموا من خلاله على الدين والمجتمع كله الذي ينتمي إليه.
وقد جاء في وصية الإمام الصادق عليه السلام لأحد أصحابه: "... كونوا لنا زينا ولا
تكونوا علينا شيناً، حبّبونا إلى الناس ولا تبغضونا إليهم فجرّوا إلينا كل مودة،
وادفعوا عنا كل شر" 1 .
ولهذا فإن عليه مسؤولية كبيرة في تقديم الصورة الناصعة عنه وعن الإسلام وعن المجتمع
الإسلامي عامة، وذلك من خلال حسن التزامه بالقيم التي دعا إليها الإسلام، هذا
بالإضافة إلى مسؤوليته الأساسية في المجتمع والصفات التي يؤكد الإسلام على ضرورة
التحلي بها، ونشير هنا إلى بعضها:
1- مداراة الناس
ورد عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله : "مداراة الناس نصف الإيمان والرفق
بهم نصف العيش" 2 .
والمداراة هي المسايرة والملاطفة، وتتمثل المداراة بمخاطبة الناس على قدر عقولهم،
وبالأسلوب القادرين على فهمه والتفاعل معه، وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه
وآله : "إنّا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلّم الناس على قدر عقولهم".
فالمداراة تقرب المسافات، وتجعل الاخر أقرب لقبول منطقك أو على الأقل تفهمه، فقد
ورد في تفسير قوله تعالى: ﴿وَقُولُوا
لِلنَّاسِ حُسْناً﴾3
، عن الإمام الصادق عليه السلام : "قولوا للناس كلهم حسناً، مؤمنهم ومخالفهم أما
المؤمنون فيبسط لهم وجهه، وأما المخالفون فيكلمهم بالمداراة لاجتذابهم إلى الإيمان"4
.
ولكن علينا أن نحذر من أن نقع بمخالفة الحكم الشرعي بعنوان المداراة، فالمداراة لا
تعني مخالفة الحكم الشرعي، فقد ورد عنها: "رأس العقل بعد الإيمان بالله مداراة
الناس في غير ترك حق".
2- حسن الجوار
قسّم الرسولا الجيران لثلاثة أقسام بحسب حقوقهم فقد روي عنها: "الجيران ثلاثة فجار
له ثلاثة حقوق وجار له حقان وجار له حق واحد، فأما الجار الذي له ثلاثة حقوق فالجار
المسلم القريب فله حق الجوار وحق القرابة وحق الإسلام.
والجار الذي له حقان فهو الجار المسلم فله حق الإسلام وحق الجوار والجار الذي له حق
واحد، الكافر فله حق الجوار" 5 .
وبناء عليه فحق الجار يبقى ثابتاً على كل حال، وقد ورد عن الإمام الصادق ع :
"ملعون، ملعون من اذى جاره" 6 .
فالجار وإن لم يكن مسلماً له حق علينا وهو حق الجوار، وحق الجوار مفهوم واسع تنطوي
تحته الكثير من الأمور، كستر عورته وحفظه في غيبته، ومساعدته لو احتاج للمساعدة،
وعدم أذيته في نفسه أو في أهله وماله، فكل هذه الأخلاقيات والاداب لو ظهرت من
المسلم في بيئة أخرى غير مسلمة فإنها مما سيرفع من شأن الإسلام العزيز في نفوس
الاخرين ولعلهم يهتدون إلى سواء السبيل كما حصل لذلك اليهودي الذي كان يسيء الجوار
إلى الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله فافتقدس سره يوما فقالوا له إنه مريض فزاره
النبي الأكرم صلى الله عليه وآله فاندهش اليهودي من أخلاق الرسول الكريم وأسلم بعد
ذلك.
3- أداء الأمانة
يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ
اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا
حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا
يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً﴾
7 .
فأداء الأمانة من صفات الإنسان المؤمن، والتي عليه الالتزام بها في كل مكان وزمان،
ومع أي طرف كان. ويكفي ما ورد في رسالة الإمام الصادق عليه السلام لكل شيعته، وهي
غنية بالمضامين العالية والمفاهيم الأخلاقية السامية، وتشير إلى ما مر من أمور، حيث
يقول عليه السلام لأحد أصحابه: "إقرأ على من ترى أنه يطيعني منهم ويأخذ بقولي
السلام و أوصيكم بتقوى الله عز وجل، والورع في دينكم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث،
وأداء الأمانة، وطول السجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد صلى الله عليه وآله ،
أدوا الأمانة إلى من ائتمنكم عليها براً أو فاجراً، فإن رسول الله صلى الله عليه
وآله كان يأمر بأداء الخيط والمخيط،... فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه، وصدق
الحديث، وأدى الأمانة، وحسن خلقه مع الناس قيل: هذا جعفريّ فيسرني ذلك ويدخل علي
منه السرور وقيل: هذا أدب جعفر. وإذا كان على غير ذلك دخل علي بلاؤه وعاره وقيل:
هذا أدب جعفر" 8 .
*زاد المغترب, سلسلة المعارف الإسلامية , نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
1- وسائل الشيعة
الإسلامية الحر العاملي، ج8، ص400.
2- الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص117.
3- سورة البقرة، الاية: 83.
4- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج9، ص36.
5- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج8، ص424.
6- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج71، ص153.
7- سورة النساء، الاية: 58.
8- الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص636.