يتم التحميل...

الحديث عن الوحدة

الوحدة الإسلامية

مع تنامي الروح الدينية في أوساط الأمة، وتأجج الأحاسيس والمشاعر الإسلامية، في نفوس أبنائها، أصبح الحديث عن الوحدة والاتحاد، من أبرز المفردات المتداولة..

عدد الزوار: 23

مع تنامي الروح الدينية في أوساط الأمة، وتأجج الأحاسيس والمشاعر الإسلامية، في نفوس أبنائها، أصبح الحديث عن الوحدة والاتحاد، من أبرز المفردات المتداولة على صعيد الشعار والخطاب، وجداول اللقاءات، ومواضيع المجالس والمنتديات.

فمؤتمرات وملتقيات عديدة، عقدت في هذا العصر حول وحدة الأمة، وبحوث وكتب كثيرة تناولت هذا الموضوع، ورفعت شعارات متنوعة، تصب في هذا الاتجاه، ولا تكاد تخلو خطبة جمعة، أو حديث في أي مناسبة، عن الدعوة إلى الوحدة، وتحذير الأمة من الفرقة والاختلاف.
وكم تفجرت قرائح الأدباء بروائع الشعر، وخمائل الأدب الوحدوي الرقيق.

بالطبع فإن الحديث عن الوحدة، لم ينقطع في أجواء الأمة طوال تاريخها ومسيرتها، وبمراجعة فاحصة لتراث الأمة، في أي حقبة من حقب التاريخ، ترى الحديث عن الوحدة من ثوابت الخطاب والشعار والطروحات. لكنه اليوم أرفع صوتاً وأكثر انتشاراً.

فالوحدة هي الشعار الثابت في تاريخ الأمة، لأنها توأم التوحيد. والأمة التي تؤمن بتوحيد الله تعالى، لابد وأن تتطلع لوحدة المؤمنين.
ذلك لأن من أبرز معاني التوحيد، وحدة مصدر التوجيه والتشريع، المتمثل في الوحي الإلهي، والذي ينص على الوحدة، ويرقى بمستوى التأكيد عليها، إلى ذكرها بجانب ربوبية الله سبحانه يقول تعالى: ﴿إنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُم أمَّةً واحِدَةً وأنَا رَبُّكُم فَاعْبُدُون.

ويقول تعالى: ﴿وإنَّ هَذِهِ أمَّتُكُم أمَّةً واحِدَةً وأَنَا رَبُّكُم فَاتَّقُون.

والأمة التي تقدس القرآن، وتتلو آياته كل صبح ومساء، لا يمكنها أن تتجاهل مفهوم الوحدة، أو تتغافل عنه، فالعشرات بل المئات من آيات القرآن الحكيم تؤكد هذا المفهوم، وتبين سبل تحقيقه، وتفضح معوقاته، وتحذر من مخالفته، وتفصل التشريعات والمبادئ التي تكرسه، وتجسده في حياة الأمة.

كما أن للسنة والهدي النبوي، دوراً أساسياً في تركيز مفهوم الوحدة، وإذكاء شعلتها في نفوس المسلمين.
وتشريعات الدين ما هي في مجملها إلا برامج، ونظم تكرّس وحدة الأمة، وتؤصلها في النفوس والمشاعر والأعراف والتقاليد.. حيث يتوجه المسلمون في مختلف بقاع وأصقاع تواجدهم، إلى قبلة واحدة خمس مرات كل يوم.. ويصومون فترة زمنية واحدة، هي شهر رمضان كل عام.. ويشارك القادرون منهم كل سنة، في مناسك حج موحدة، زماناً ومكاناً، وطريقة وشكلاً، في أروع مظهر للوحدة، يتجاوز الجغرافيا والعرق واللغة واللون والمستوى المادي والمكانة الاجتماعية..

وتاريخ الأمة وخاصة عصر انطلاقتها، يمثل سجلاً وحدوياً لا مثيل له في تاريخ الأمم، مما يبعث على التطلع للوحدة في وجدان أبناء الأمة.
وتراث الأمة الغني بالعلم والمعرفة والأمجاد، إنما هو نتاج شعوب ومجتمعات مختلفة، صهرتها أشعة التوحيد في بوتقة الوحدة.
فمن الطبيعي إذاً، أن يكون للوحدة هذا الوقع، والتأثير في نفوس أبناء الأمة ووجدانهم، بحيث تصبح تطلعاً تتوق إليه القلوب المؤمنة، وأمنيةً تطمح لتحقيقها الشعوب المسلمة، وأملاً يدغدغ مشاعر المخلصين، وشعاراً دائماً وخطاباً ثابتاً على ألسنة الدعاة والمصلحين 1.


1- الشيخ حسن الصفار.

2013-01-24