يتم التحميل...

قاعدة المؤمنون عند شروطهم

القواعد الفقهية

المعنى: معنى القاعدة بشكل موجز هو لزوم الوفاء بالشرط، واما معناه على التفصيل، فيقال: أن القاعدة تتكون من شطرين: الشطر الأول: تسلط المؤمنين

عدد الزوار: 37

المعنى: معنى القاعدة بشكل موجز هو لزوم الوفاء بالشرط، واما معناه على التفصيل، فيقال: أن القاعدة تتكون من شطرين: الشطر الأول: تسلط المؤمنين على الاشتراط فيتسلط المتعاملان على جعل الالتزام والتعهدات التي نسميها بالشروط. والشطر الثاني: وجوب العمل بمقتضى الشرط فيجب على المتعاملين العمل بما تعهدا به، من الشروط السائغة.

المدرك: يمكن الاستدلال على اعتبار القاعدة بما يلي:
1-قوله تعالى: والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون. هذه الاية الكريمة تكون في جهة بيان الاوصاف للمؤمنين فتبين أن رعاية العهد والوفاء به من صفات المؤمنين اللازمة عليهم، وبما أن العهد ينطبق مع الشرط يتم المطلوب وإذا فتكون خلاصة معنى الاية: "المؤمنون على" عهدهم راعون. وهي عبارة أخرى عن قوله عليه السلام: المؤمنون عند شروطهم. وما أحسن هناك أن نقول: نعم الوفاق وحسن الاتفاق.

2-الروايات الواردة في مختلف الأبواب. منها صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول: من إشترط شرطا مخالفا لكتاب الله فلا يجوز له، ولا يجوز على الذي إشترط عليه، والمسلمون عند شروطهم مما وافق كتاب الله عزوجل. صرحت على مدلول القاعدة وعلى نوعية الاشتراط. ومنها صحيحة عبد الله بن سنان الثانية في الباب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: المسلمون عند شروطهم إلا كل شرط خالف كتاب الله عزوجل فلا يجوز. والدلالة تامة. ومنها موثقة إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عليه السلام إن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يقول: من شرط لأمرأته شرطا فليف لها به، فإن المسلمين عند شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو حلل حراما. والدلالة تامة. وهناك روايات كثيرة يمكننا أن نقول: إن العدد يبلغ مستوى التواتر: كما قال المحقق صاحب الجواهر رحمه الله: والنصوص مستفيضة فيه "الاشتراط" أو متواترة. وقال الشيخ الأنصاري رحمه الله: والاصل فيه "الاشتراط" الاخبار العامة المسوغة لاشتراط كل شرط إلا ما استثنى، والاخبار الخاصة الواردة في بعض أفراد المسالة، فمن الأولى الخبر المستفيض الذي لا يبعد تواتره: أن المسلمين عند شروطهم. فالقاعدة متخذة من النصوص بنفس الصياغة. ما هو الشرط السائغ: الشرط الذي أطبق أقوال الفقهاء على مشروعيته هو الشرط السائغ وهو عبارة عن الشرط الذي لم يكن مخالفا للكتاب والسنة.

قال المحقق الحلي رحمه الله: وضابطه: ما لم يكن مؤديا الى جهالة المبيع، أو الثمن، ولا مخالفا للكتاب والسنة. وقال المحقق صاحب الجواهر رحمه الله في أن الأمر يكون كذلك: ضرورة وضوح بطلان الثاني "مخالف الكتاب والسنة" وكذا الأول "موجب الجهالة" بعد ما عرفت من إعتبار المعلومية فيهما بل هو مندرج في الثاني. وقال الفاضل النراقي:

غير الجائز "من الشرط" في عباراتهم أربعة:
1 - الشرط المخالف للكتاب والسنة.
2 - والشرط الذي احل حراما وحرم حلالا.
3 - والشرط المنافي لمقتضى العقد.
4 - والشرط المؤدي الى جهالة أحد العوضين.

والتحقيق: أن الشرط السائغ هو الذي لم يكن مخالفا للكتاب والسنة فحسب. والموارد الثلاثة الاخرى "جهالة المبيع، تحليل الحرام وتحريم الحلال، خلاف مقتضى العقد" كلها تندرج في مخالفة الكتاب والسنة ويكون كل واحد من تلك الموارد من مصاديق المخالفة للكتاب والسنة كما ألمح المحقق صاحب الجواهر رحمه الله الى ذلك الاندراج ببيانه الذي مر بنا ذكره آنفا في نطاق الشرط. قال الفاضل النراقي رحمه الله: مقتضى العمومات وجوب الوفاء بالشرط مطلقا سواء كان قبل العقد أو بعده، بل لو لم يكن عقد أيضا، إلا فيما كان شرطا للخيار المستلزم للعقد مقارنا للشرط أو قبله أو بعده، وقد خرج من ذلك ما كان قبل النكاح بالأجماع واما غيره فلا دليل على خروجه. والأمر كما أفاده. وقال سيدنا الاستاذ: لا شبهة في جواز جعل الشرط في العقود ولا خلاف فيه بين الأصحاب سواء كان متصلا بالعقد أو منفصلا عنه الى أن قال يستدل على مشروعية الشرط بالرواية المستفيضة بل المتواترة بين الفريقين: المؤمنون عند شروطهم إلا شرطا خالف كتاب الله وسنة نبيه، فانها تدل باطلاقها على لزوم الوفاء بكل شرط، غاية الأمر خرج عنها الشروط الابتدائية وبقي الباقي.

والمقصود من الشروط الابتدائية هناك الشروط التي لم تكن في ضمن العقد، كما قال الشيخ الأنصاري رحمه الله في أن الشرط السائغ لا بد: أن يلتزم به في متن العقد، فلو تواطيا عليه قبله لم يكف ذلك في التزام المشروط به على المشهور، بل لم يعلم فيه خلاف فقال: الزام الشرط على نفسه قبل العقد كان الزاما إبتدائيا لا يجب الوفاء به قطعا إلى أن قال: أن الخارج عن عموم: المؤمنون عند شروطهم هو ما لم يقع العقد مبنيا عليه. وذلك لعدم تحقق العلاقة بين الشرط وبين العقد في صورة عدم التقارن الزماني بينهما، وها هو المتفاهم عند العرف والمتيقن من السيرة العقلائية. وتبين لنا أن الشرط الذي لم يتعلق بالعقود كان بنفسه موردا للقاعدة، وأما الشروط التي تتعلق بالعقود فلا بد أن تكون في ضمن العقد ومقارنة له حتى يكون بناء العقد على الشرط مفهوما عند العرف، وتبين لنا أيضا أن الشرط في العقد لا يختص بالبيع بل يتحقق في جميع العقود اللازمة.

فروع الأول: قال شيخ الطائفة رحمه الله: والذي يقتضيه مذهبنا أنه إذا شرط في الصداق الخيار كان العقد صحيحا، والمهر لازما، والخيار ثابتا، لقوله عليه السلام: المؤمنون عند شروطهم.

الثاني: قال العلامة رحمه الله: عقد الكفالة يصح دخول الخيار فيه فان شرط الخيار فيها مدة معينة صح، لقوله عليه السلام: المؤمنون عند شروطهم.

الثالث: قال المحقق الحلي رحمه الله: ويجب أن يأتي بما شرط عليه "في الحج" من تمتع أو قران أو إفراد. وقال المحقق صاحب الجواهر رحمه الله بأن الحكم يكون كذلك: لقاعدة المؤمنون عند شروطهم.

الرابع: قال سيدنا الاستاذ: ولا يضمن "المستعير" مع عدمه "عدم التعدي" إلا أن يشترط عليه الضمان. وذلك على اساس قاعدة: المؤمنون على شروطهم. ما هو شرط النتيجة وشرط الفعل؟ المقصود من شرط النتيجة هو الشرط الذي يتحقق نتيجة للعقد، كقولك: بعتك هذا بهذا، بشرط أن اكون وكيلك على كذا. فإذا يتواجد الشرط بتواجد العقد. والمقصود من شرط الفعل تواعده ضمن العقد كقولك: بعتك هذا بهذا بشرط أن توكلني بكذا، فإذا يتحقق الوعد بالشرط في ضمن العقد، ولم يتحقق الشرط نفسه، فتحقق الشرط "الوكالة" يحتاج إلى إنشاء مستقل يختص به. وها هو المصطلح عند الفقهاء1.


1-القواعد الفقهية / العلامة مصطفوي..
 

2012-10-08