وضوح الرؤية لديه عليه السلام
ولادة علي الأكبر(ع)
والموت مرّ وكريه مطعمه، لأنّه الباب المُفضي لما بعده من الأهوال والمشاق، ولكن هناك أشخاص استعذبوه من أجل الحقّ، وإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى، ولأنّه يؤدي بهم إلى رضوان الله وجنانه.
عدد الزوار: 202أوَلَسنا على الحقّ
والموت مرّ وكريه مطعمه، لأنّه الباب المُفضي لما بعده من الأهوال والمشاق، ولكن هناك أشخاص استعذبوه من أجل الحقّ، وإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى، ولأنّه يؤدي بهم إلى رضوان الله وجنانه.
وفي طليعة هؤلاء أصحاب الحسين عليه السّلام وأهل بيته، فقد كان سرورهم بالشهادة أعظم من سرور عدوّهم بالظفر والغلبة.
صحيح أنّ كلّ جندي في الجيش الإسلامي مستعدّ للموت،بل كلّ جندي في ساحة الحرب، ولكن هناك فوارق ومميّزات، فأصحاب الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وإن وطّنوا أنفسهم على الموت إيماناً بعدالة قضيّتهم وإعلاء لكلمة ربّهم، ولكنّهم كانوا يتأرجحون بين الموت والنصر، ولكن جنود سيّد الشهداء عليه السّلام لم يكن أمامهم سوى الموت المحتّم، فقد خطبهم الحسين عليه السّلام في صبيحة يوم عاشوراء قائلاً: إنّ الله قد أذن في قتلكم فعليكم بالصبر، وبذلك فضّلوا على غيرهم من الشهداء.
وفارق آخر بين أصحاب الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وأصحاب الحسين عليه السّلام، فقد كان فرار الأوّلين من الحرب النار، العار، ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ﴾، بينما أصحاب الحسين عليه السّلام أذن لهم بالانصراف فأبوا، فقد خطبهم عليه السّلام ليلة عاشوراء قائلاً: ألا وإنّي قد أذنت لكم فانطلقوا جميعاً في حلّ ليس عليكم منّي ذمام، هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً.
ولم يكن هذا بأوّل إذن لهم بالتفرّق والانصراف، ففي زبالة أخرج عليه السّلام للناس كتاباً فقرأه عليهم: بسم الله الرحمن الرحيم،أمّا بعد، فإنّه قد أتانا خبر فظيع، قتل مسلم بن عقيل، وهانئ بن عروة، وعبد الله بن يقطر، وقد خذلتنا شيعتنا، فمَنْ أحبّ منكم الانصراف فلينصرف، ليس عليه منّا ذمام.
كذلك الإعلام بالشهادة كان مسبقاً، فهو عليه السّلام من حين خرج من مكّة يلهج بذكر يحيى بن زكريا عليه السّلام وما أصابه، ويقول: إنّ من هوان الدنيا على الله أن يُهدى رأس يحيى بن زكريا لبغيٍّ من بغايا بني إسرائيل.
وفي طليعة الموكب الحسيني المستميت على الحقّ والعدالة ابنه علي الأكبر عليه السّلام. ذكر أهل المقاتل والسير عن عقبة بن سمعان قال: لمّا كان السحر من الليلة التي بات بها الحسين عليه السّلام عند قصر بني مقاتل، أمرنا عليه السّلام بالاستسقاء من الماء، ثمّ أمرنا بالرحيل ففعلنا، فلمّا ارتحلنا عن قصر بني مقاتل خفق برأسه خفقة ثمّ انتبه وهو يقول: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، والحمد لله ربّ العالمين.
ثمّ كرّرها مرتين أو ثلاثاً، فأقبل إليه ابنه علي بن الحسين، وكان على فرس له،فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، والحمد لله ربّ العالمين، يا أبتِ جُعلت فداك ! ممّ استرجعت وحمدت الله؟ فقال الحسين عليه السّلام: يا بُنيّ،إنّي خفقت برأسي خفقة فعنَّ لي فارس على فرس فقال: القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم، فعلمت أنّها أنفسنا نُعيت إلينا.
فقال له: يا أبتِ،لا أراك الله سوءاً،ألسنا على الحقّ؟
قال: بلى والذي إليه مرجع العباد.
قال: يا أبتِ،إذاً لا نبالي نموت محقّين.
فقال له: جزاك الله من ولد خير ما جزى ولداً عن والده.
﴿إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾.
* حياة علـي الأكبـر عليه السـلام / علي محمد علي دخيل
2012-06-28