">
"/>
يتم التحميل...

صدى الولاية - العدد 219 - رجب 1442 هـ

رجب

عدد الزوار: 22

 

1- عندما يعتبر الإنسان نفسه في محضر الله، سيلتفت أكثر إلى أعماله وحركاته وتصرّفاته.
2- إنّ دين الإسلام وحركته وبعثة النبيّ المكرّم (صلّى الله عليه وآله) كانت -بالدرجة الأولى وعلى رأس جميع أهدافها- تسعى نحو العدالة.

 
 

خطاب القائد

 

بسم الله الرحمن الرحيم

* شهر رجب وإصلاح النفس
في شهر رجب المبارك، أوّل شيءٍ ينبغي أن نلاحظه جميعاً، أينما كنّا -في هذه الأيّام، ثمّ في أيّام شعبان المبارك، ثمّ بدرجةٍ ثالثة أرفع في شهر رمضان المبارك- هو إصلاح أنفسنا، وإبعاد الغفلة والظلمات عن قلوبنا. هذا هو الأصل.

الأحداث والصراعات والنزاعات التي عايشتها البشريّة؛ والمواجهات والمجاهدات الاجتماعيّة والسياسيّة والعسكريّة، التي خاضها الأنبياء الإلهيّون أثناء بعثاتهم ضدّ أعداء الله، كلّ تلك المحَن والآلام والانتصارات والهزائم بأسرها، إنّما هي مقدّمةٌ يُراد منها أن يكون الإنسانُ عند اجتياز هذه الحدود التي هو مضطّرٌ لاجتيازها -أي الحدود بين الحياة الماديّة والحياة الأُخرويّة الدائمة -مسروراً، راضياً، غير متحسّرٍ؛ الكلام كلّه لأجل هذا الشيء. إذا قيل لكم: لتكن أخلاقكم أخلاقاً حسنة، وإذا قيل لكم: اعملوا بهذه الضوابط، وإذا قيل لكم: جاهدوا، وإذا قيل لكم: اعبدوا، فكلّ ذلك إنّما هو لكي تستحيل هذه المادّة الخامّ المودَعة لدينا إلى نوعيّة (كينونة) حسنة، ونتاجٍ أمثَل نخرجُ بها من هذه البوّابة؛ من أجل أن نملأ هذه الصفحة البيضاء التي استُودعت لدينا لننقشها بأعمالنا، من أجل أن نملأها بنقوشٍ جميلة ومطلوبة ونرفعها فوق رؤوسنا ونمضي.

* رجب شهر التطهير
يرى العلماء وأهل المعنى وأهل السلوك أنّ شهر رجب هو مقدّمة لشهر رمضان. فشهرا رجب وشعبان، هما محطة من أجل أن يتمكّن الإنسان من الدخول مستعدّاً إلى شهر رمضان الذي هو شهر ضيافة الله. الاستعداد لماذا؟ في الدرجة الأولى، الاستعداد لتوجّه القلب وحضوره، أن يعتبر نفسه في محضر العلم الإلهيّ، في محضر الله -«سبحان مَن أحصى كلَّ شيء علمُه»-، وأن يعتبر جميع حالاته، حركاته، نيّاته، خواطره القلبيّة في معرض العلم الإلهيّ ومحضره. وإذا ما حصل هذا، عندها سيزداد التفاتنا إلى أعمالنا، أحاديثنا، مخالطاتنا ومعاشراتنا، سكوتنا، كلامنا. سنلتفت إلى ما نقول، أين نسير، على ماذا نُقدم، ضدّ مَن نتكلّم، لمصلحة مَن نتكلّم. عندما يعتبر الإنسان نفسه في محضر الله، سيلتفت أكثر إلى أعماله وحركاته وتصرّفاته.

إنّ أساس مشاكلنا هو بسبب غفلتنا عن تصرّفاتنا وأفعالنا. عندما يخرج الإنسان من حالة الغفلة، يلتفت إلى أنّه يُرى، يُحاسَب على جميع تحرّكاته، ﴿إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (الجاثية: 29).

* أدعية شهر رجب
أدعية شهر رجب بحارٌ من المعرفة. حينما يدعو الإنسان، فإنّه لا يقرِّب قلبه من الله فحسب؛ فهذا موجود، وهناك أيضاً التعليم. ثمّة تعليم في الدعاء، وفيه أيضاً تزكية. الدعاء ينير الذهن -هذه الأدعية المأثورة عن الأئمّة عليهم السلام- ويعلّمنا حقائق ومعارف نحتاج إليها في حياتنا، ويوجّه القلوب أيضاً نحو الله. ينبغي اغتنام ذكر الله إلى أقصى حدّ. صلاة جمعتكم هذه هي ذكر لله؛ ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ (سورة الجمعة: 9). ما يجب أن يغلب على قلوبكم وألسنتكم وحركاتكم هنا هو ذكر الله. القلب يذكر الله، واللسان يذكر اسم الربّ المقدّس، وحركات الأيدي والأرجل والأجسام تتّجه كلّها إلى ذكر الربّ وطاعة أوامره؛ هذا ما يحتاج إليه كلّ فرد منّا.

* التوحيد: المقصد الأساس
عندما ينظر الإنسان في أدعية شهر رجب المأثورة عن الأئمّة (عليهم السلام)، يرى أنّ أكثر (مضامين) هذه الأدعية ناظرة إلى المسائل التوحيديّة، التوجّه للعظمة الإلهيّة، للصفات الإلهيّة، أن يرى الإنسان نفسه أمام هذه العظمة الالهيّة، معرفة الطريق الواضح إلى الله، المعرفة به وتحصيل الميل والرغبة فيه. إحدى خصوصيّات أدعية شهر رجب هي: الالتفات إلى التوحيد، الالتفات إلى الله، إلى الأسماء والصفات الالهيّة.

* شهر الدعاء والتوسّل والاستغفار
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ (سورة العصر: 2). معنى الخُسر هو احتراق رأس المال وضياعه. نحن جميعاً وفي كلّ لحظة نخسر رؤوس أموالنا. ما هو رأس المال؟ هو عمرنا. في كلّ لحظة نخسر- أنا وأنتم- هذا الرصيد. لقد خسرنا اليوم قياساً إلى الأمس جزءاً آخر من رأس مالنا. لحظات هذا العمر الذي يستمرّ بضعة عقود مثلاً، إنّما هو فترة احتراق لهذه الشمعة، فترة اضمحلال رأس المال هذا. حسناً، ما الذي نكسبه مقابل ذلك؟ هذا هو المهمّ، ﴿إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ (سورة العصر: 3). إذا كان ثمّة إيمان وعمل صالح -والجزء الأهمّ من العمل الصالح، هو التواصي بالحقّ والتواصي بالصبر- فلن يذهب ذلك الرصيد، ليحلَّ مكانه شيءٌ أفضل منه؛ كما لو أنّكم خرجتم بأموالكم إلى السوق وحينما ترجعون منه تجدون أنّكم قد فقدتم أموالكم، وأنّ جيوبكم عادت فارغة، بيد أنّ المهمّ هو ما رجعتم به بدلاً منها، وعدم عودتكم من السوق صفر اليدَين. شهر رجب فرصة جيّدة؛ إنّه شهر الدعاء والتوسّل والتوجّه والاستغفار. يجب أن نستغفر دائماً، ولا يظنّنّ أحد أنّه في غنًى عن الاستغفار. عن رسول الله (ص): «إنّه ليغان على قلبي، وإنّي لأستغفر الله في كلّ يوم سبعين مرّة». ممّا لا شكّ فيه، أنّه حتّى الرسول الأكرم (ص) كان يستغفر الله سبعين مرّةً في اليوم. الاستغفار مطلوب للجميع؛ خصوصاً نحن الغارقين في هذه الأعمال الماديّة، والملوّثين بالدنيا الماديّة. يغسل الاستغفار جزءاً من هذه الأدران ويمحوها. إنّه شهر الاستغفار.

* هدف الإمام عليّ (عليه السلام): إيصال الناس إلى الجنّة
يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا أطعتموني فسأحملكم إلى الجنّة. وعبارة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة نهج البلاغة هي: «فَإن أَطَعتُموني فَإنّي حامِلُكم، إن شاءَ اللهُ، عَلى ‌سَبيلِ الجَنَّة»، يقول (عليه السلام): إذا سمعتم ما أقوله لكم، وعملتم به، فإنّني سوف آخذكم إلى الجنّة، إن شاء الله. «وإِن كانَ ذا مَشَقَّة شَديدَة ومَذاقَة مَريرة»، مع أنّ هذا الأمر صعب جداً ومرّ جدّاً. هذه المسيرة ليست بالمسيرة الصغيرة أو السهلة. هذا هو هدف الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): إيصال الناس إلى الجنّة، سواء على الصعيد الفكريّ، أو على الصعيدَين الروحيّ والقلبيّ لهم، أو على صعيد حياتهم الاجتماعيّة.

* عيد المبعث أعظم المناسبات
إنّ عيد المبعث يُعدّ أعظم المناسبات التاريخيّة الباقية؛ من حيث إنّه أوجد مقطعاً حسّاساً استثنائيّاً في تاريخ البشريّة، وقدّم لها مساراً وطريقاً لو سلكه أفرادها لتأمّنت جميع مطالبهم الفطريّة والطبيعيّة، وكذلك رغباتهم التاريخيّة الطبيعيّة. لو نظرتم إلى التاريخ كلّه، لرأيتم البشرية تئنّ من انعدام العدالة؛ لأنّ العدالة هي المطلب الكبير لجميع أبناء البشر على مرّ التاريخ. واليوم، لو رفع أحد راية العدالة، فهو بذلك حقّاً يطرح مطلباً إنسانيّاً طبيعيّاً فطريّاً تاريخيّاً ممتدّاً.

إنّ دين الإسلام وحركته وبعثة النبيّ المكرّم (صلّى الله عليه وآله) كانت -بالدرجة الأولى وعلى رأس جميع أهدافها- تسعى نحو العدالة.

* الإسلام داعي الأمن والسلام
البشر يحتاجون في عيشهم ونموّ فكرهم وتطوير أعمالهم وراحة نفوسهم إلى الهدوء، وإلى البيئة والجو الآمن، سواء على مستوى الباطن والذات أو على مستوى بيئة الأسرة أو المجتمع أو البيئة الدولية. إنّ الهدوء والأمن والسلام تُعدّ من المطالب الأساس للبشر. والإسلام هو داعي الأمن والسلم والأمان. وعندما نقول تبعاً للقرآن وتعاليمه: إنّ الإسلام دين الفطرة، فهذا ما نعنيه. وهكذا تحقّقت البعثة النبوية الشريفة من جانب ربّ العالمين، بهذه الجامعيّة والدقّة والاهتمام، والنبيّ يبشّر بفلاح البشرية ﴿بَشِيرًا وَنَذِيرً﴾ (سورة فاطر: 24).

ففي الدرجة الأولى، البعثة هي بشرى بهذه الحياة الهادئة المتلازمة مع العدالة والمنسجمة مع خلقة الإنسان. وبالتأكيد تبع هذه البشرى البشارة بالثواب الإلهيّ الذي يرتبط بالحياة الدائمة للإنسان. لهذا، فإنّ بعثة النبيّ في الواقع هي بعثة الرحمة. فبفضلها شملت الرحمة الإلهيّة عباد الله، وفُتح هذا الطريق أمام البشر, وطُرحت العدالة والأمن، ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ (سورة المائدة، الآيتان: 15-16).

 
 

من وصايا الإمام الخامنئيّ (دام ظله)

 

مراعاة التقوى والتوجّه إلى الله

أوصي جميع الإخوة والأخوات الأعزّاء، وأدعوهم إلى مراعاة تقوى الله، والتوجّه إليه تعالى، وعقد آمال القلوب على الرحمة والفضل الإلهيّين في الأحوال كلّها.

إذا انتهجنا تقوى الله، وإذا وجّهنا قلوبنا نحو الله في كلّ حال، ولم ننسَ وجودنا ووقوفنا أمام الذات الربوبيّة المقدّسة -وهذا هو المعنى الحقيقي للتقوى-، فلا مراء أنّ البركات والرحمة والعون الإلهيّ ستشملنا.

 

 
 

من توجيهات القائد (دام ظلّه)

 

هداية الناس وإرشادهم
يُسمع أحياناً، هنا وهناك، عندما يجري الحديث عن الهداية والإرشاد وبيان حقائق الدين وما إلى ذلك، مَن يقول: يا سيّدي، وهل من واجبنا أن نأخذ الناس إلى الجنّة؟ نعم، نعم، هو كذلك. هذا هو الفرق بين الحاكم الإسلاميّ وسائر الحكام: يريد الحاكم الإسلاميّ أن يعمل لكي يوصل الناس إلى الجنة، ويتمتّعوا بالسعادة الحقيقيّة والأخرويّة؛ لذلك عليه أن يمهّد الطرق.

إنّ فطرة البشر ميّالة إلى السعادة، ويجب أن نفتح الطريق ونسهّل الأمور للناس؛ ليستطيعوا إيصال أنفسهم إلى الجنّة. هذا هو واجبنا؛ وهذا هو العمل الذي حمل الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أعباءه على كاهله، وشعر بواجب أخذ الناس إلى الجنّة.

أحد معالم شخصيّة أمير المؤمنين (عليه السلام) هو المراتب (المقامات) المعنويّة؛ مرتبة المعرفة التوحيديّة، ومرتبة عبادته، ومرتبة تقرّبه إلى الله، ومرتبة إخلاصه -وهذه أشياء تخرج أعماقها وحقيقتها عن متناول أيدينا-. ولقد أظهر كبار العلماء من شيعةٍ وسنّة، وحتّى من غير المسلمين، كلّهم أظهروا عجزهم أمام هذا الجانب من شخصيّة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، فهو جانب موغل في العلوّ والشموخ والإشراف والسطوع في عين كلّ ناظر، فيعجز ولا يستطيع إدراك أبعاده.

حين يتحدّث ابن أبي الحديد -وهو عالم سنّيّ معتزليّ- عن خطبة من خطب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) حول التوحيد في نهج البلاغة، يقول: «إنّه لجديرٌ بأن يفخر إبراهيم خليل الرحمن بمثل هذا الابن»، وقد ولد من ذريّة إبراهيم جميع هؤلاء الأنبياء، لكنّه يقول هذا عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) فقط. يقول: «من الجدير أن يقول إبراهيم خليل الرحمن لابنه هذا: «إنّك ذكرت في التوحيد كلاماً في جاهليّة العرب لم أستطع ذكره في جاهليّة النبط، ولم أستطع التعبير عن هذه الحقائق». إنّ قائل هذا الكلام هو عالم سنّيّ معتزلي. هذا جانب من حياة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ذات الأبعاد (المغمورة) غير المعروفة، والتي تُعدّ بحقّ محيطاً عميقاً.

 
 

من فقه الوليّ

 

بيع ما يحرم أكله لمَن يستحلّه

س: هل يجوز بيع ما يحرم أكله من اللحوم وغيرها لمَن يستحلّه من غير المسلمين.
ج: يجوز بيع ما يحرم أكله من اللحوم وغيرها لمَن يستحلّه ما عدا الخمر. والأحوط وجوباً عدم جوازه في لحم الخنزير.
 

2021-02-25