أدوات البحث العلمي (2) الملاحظة - الاستبيان
قواعد الكتابة
الملاحظة هي مشاهدة مقصودة دقيقة ومنظّمة وموجّهة وهادفة وعميقة، حيث يوجّه الباحث حواسه وعقله إلى طائفة خاصّة من الظواهر،
عدد الزوار: 267
الملاحظة
الملاحظة هي مشاهدة مقصودة دقيقة ومنظّمة وموجّهة وهادفة وعميقة، حيث يوجّه الباحث
حواسه وعقله إلى طائفة خاصّة من الظواهر، لكي يحاول الوقوف على صفاتها وخواصّها،
سواء أكانت هذه الصفات والخواصّ شديدة الظهور أم خفيّة يحتاج الوقوف عليها إلى بعض
الجهد.
وتُعدُّ الملاحظة إحدى الوسائل المهمّة في جمع البيانات والمعلومات. وتبرز أهمية
هذه الوسيلة في الدراسات الاجتماعية والنفسية والسياسية والاقتصادية والتعليمية
وجميع المشكلات التي تتعلّق بالسلوك الإنساني ومواقف الحياة الواقعية.
وتستخدم الملاحظة في جمع البيانات التي يصعب الحصول عليها عن طريق
المقابلة أو الاستفتاء، كما تستخدم في البحوث الاستكشافية والوصفية والتجريبية.
خطوات إجراء الملاحظة
هناك عدد من الإجراءات الضرورية لاستخدام طريقة الملاحظة كأداة لجمع
البيانات، ومن هذه الإجراءات ما يأتي:
1- الإعداد المسبق للملاحظة:
أ- تحديد الهدف، حيث من الضروري أن يحدّد
الباحث الهدف الذي يسعى للوصول إليه باستخدامه طريقة الملاحظة.
ب- تحديد الظاهرة أو الأشخاص الذين سيخضعون
للملاحظة، وعددهم، (شخص واحد، اثنان أو أكثر). ومن هنا، لا بدّ من الإشارة إلى
ضرورة الاختيار الجيّد والملائم للعناصر والأفراد المعنيّين بالملاحظة.
ج- تحديد الفترة الزمنية التي تخصّص للملاحظة،
كما ينبغي تحديد الوقت الذي تجري فيه الملاحظة، لأنّ أنماط السلوك قد تتغيّر من وقت
لآخر.
د- ترتيب الظروف المكانية والبيئية المطلوبة
لإجراء الملاحظة.
هـ- تحديد المجالات والنشاطات المعنية
بالملاحظة.
2- تحديد وحدات الملاحظة:
إنّ الباحث لا يستطيع ملاحظة كلّ ما يجري في الميدان، لذلك عليه أن
يركّز على أمور محدّدة يضعها على قائمة معدّة مسبقاً تتضمّن وحدات الملاحظة
للمتغيّر المقاس وتحديد السلوك بدقّة بحيث يسجّل الباحث بموضوعية ووضوح ما يجري في
كلّ وحدة. على سبيل المثال، حاول باحث أن يلاحظ ما يجري في الاجتماعات أثناء انعقاد
اللجان العلمية في الحوزة العلمية، فوضع القائمة الآتية لملاحظة تصرّفات المشاركين
في الاجتماع:
أ- المشاعر والانفعالات الشخصية: هل يبدي
الغضب أو العدوانية؟ أم يبدي القلق أو عدم الشعور بالأمان؟ أم يبدي الانتباه أو
الاستعداد؟ هل يبدي روح التعاون أم يتصرّف بسلبية؟...
ب- المبادرة وتقديم الاقتراحات: هل يعبّر عن
رأيه ويشخّص الموقف، أو يطرح تفسيرات معيَّنة؟ هل يطالب الآخرين بإبداء الرأي؟ وهل
يوافق على مقترحات الآخرين أو يستحسن كلامهم؟ هل يبادر بخطوات نحو حلّ المشكلة
ويتابع ذلك الحلّ؟...
ج- المجادلة والنزاع مع الآخرين: هل يجادل
الآخرين؟ وهل يُشعر الآخرين بالفشل؟ هل هو حادّ في كلامه وعنيف في طريقة الجدال مع
الآخرين؟...
د- ممارسة القيادة: هل يقدّم المعلومات حول
كيفية تنفيذ المهمّة؟ هل يحدّد دور الأفراد ويشرح لهم المهام بدقّة؟ هل يمدح
الآخرين، ويستحسن تصرّفاتهم ويمنحهم الإثابة؟...
3- تسجيل الملاحظات:
بعد أن يحدّد الباحث قوائم الملاحظة عليه، يقوم بتسجيل الملاحظات مع
الأخذ في الاعتبار الأمور الآتية:
أ- المدّة التي يستغرقها السلوك: يحدّد الباحث
المدّة التي يستغرقها المبحوث في ذلك السلوك، مثال: كم من الوقت يقضي مدير لجنة في
إقناع الآخرين للقيام بمسألة معيّنة؟
ب- تكرار السلوك: يستعمل هذا النوع من التسجيل
عندما يستغرق السلوك الملاحظ فترة قصيرة فقط، مثال: كم عدد المرات التي يقاطع فيها
مدير لجنة الآخرين أثناء النقاش؟
ج- تحديد الفترات الزمنية لتسجيل السلوك: لو
فرضنا أنّنا نحاول أن نصف ما يجري في الاجتماع من تفاعلات، فنسجّل ما يجري كلّ خمس
دقائق من أحداث، كأن يسأل رئيس اللجان أو يجيب المدير أو يبادر...
د- الملاحظة المستمرّة: يقوم الباحث بمراقبة
سلوك الشخص مراقبة مستمرّة إلى أن ينتهي ذلك السلوك. ويجري تسجيل الأحداث المهمّة
التي تستحقّ الملاحظة والتسجيل.
هـ- العيّنات الزمنية: يقرّر الباحث فترات
زمنية معيّنة عشوائياً، ثم يلاحظ مجريات الأمور خلال تلك الفترات.
4- شروط الملاحظة العلمية:
تعتمِد الملاحظة بالدرجة الأولى على مهارة الملاحِظ في إجراء الملاحظة
من جهة ومدى دقّة الوحدات في قوائم الملاحظة.
ويعدّ التحيّز مهدّداً خطيراً للملاحظة، لذا لا بدَّ للباحث أن يُحسن اختيار
الملاحظين الذين يساعدونه ويحسن تدريبهم. ولعلّ أفضل أسلوب هو قيام أكثر من ملاحظ
واحد بمشاهدة الحدث نفسه وتحليله، ثم مقارنة ما جاء به كلٌّ من الملاحظين، كما
يستحسن أن لا يعلم الملاحظ شيئاً عن فرضيّات البحث أو أهدافه.
وأبرز شروط الملاحظة العلمية:
أ- موضوعية الملاحظة، أي البعد عن الذَّاتية،
وحتَّى يتحقَّق ذلك ينبغي أن يبتعد الباحث عن أهوائه وميوله وأفكاره لكي يلاحِظ
الظَّواهر كما تبدو.
ب- كُلِّيَّة الملاحظة، أي عدم إهمال أيّ عنصر
من عناصر الموقف المُلاحَظ.
ج- استخدام الأدوات العلمية في الملاحظة بعد
التأكّد من سلامتها وكفاءتها.
د- تمسُّك الملاحِظ بالرُّوح العلميّة
والصِّفات العقليَّة والخُلُقُيَّة من حيث التَّحلِّي بروح النَّقد والتدقيق
والشَّجاعة مع الإيمان بالمبادئ العلمية.
الاستبيان
يعتبر الاستبيان أحد تقنيّات البحث العلمي المستعملة على نطاق واسع من
أجل الحصول على بيانات ومعطيات ومعلومات تتعلّق بأحوال الناس أو ميولهم أو
اتّجاهاتهم، ويحتاج من الباحث إلى وقت وجهد أقلّ، مقارنةً مع المقابلة والملاحظة،
فالاستبيان يتألّف من استمارة تحتوي على مجموعة من الفقرات، يقوم كلّ مشارك
بالإجابة عنها بنفسه، دون مساعدة أو تدخّل من أحد.
أنواع الاستبيان
يمكن تصنيف الاستبيان بحسب نوعية الإجابة المطلوبة الى أربعة أنواع هي:
1- الاستبيان المغلق: يحتوي على أسئلة تليها إجابات محدّدة، بمعنى تكون
فيه الإجابة مقيّدة، فما على المشارك إلا اختيار الإجابة بوضع إشارة عليها. ومن
حسنات هذا النوع أنّه يشجّع
المشاركين على الإجابة عليه، لأنّه لا يتطلّب وقتاً وجهداً كبيرين، كما أنّه يسهّل
تصنيف البيانات وتحليلها إحصائياً. ومن عيوبه أنَّ المشارك قد لا يجد جوابه المطلوب
بين الإجابات الجاهزة.
2- الاستبيان المفتوح: يحتوي على عدد من الأسئلة يجيب عنها المشارك
بطريقته ولغته الخاصّة، كما هو الحال في الأسئلة المقالية، أي تكون فيه الإجابة
حرّة مفتوحة، حيث يهدف هذا النوع إلى إعطاء المشارك فرصة لأن يكتب رأيه ويذكر
تبريراته للإجابة بشكل كامل وصريح. ومن عيوبه أنّه يتطلّب جهداً ووقتاً وتفكيراً
جاداً من المشارك ممّا قد لا يشجّعه على المشاركة بالإجابة.
3- الاستبيان المغلق - المفتوح: يحتوي على عدد من الأسئلة ذات إجابات
جاهزة ومحدّدة، وعلى عدد آخر من الأسئلة ذات إجابات حرّة مفتوحة، أو أسئلة ذات
إجابات محدّدة متنوّعة،
تتطلّب تفسير سبب الاختيار. ويعتبر هذا النوع أفضل من النوعين السابقين، لأنّه
يتخلّص من عيوب كلّ منهما.
4- الاستبيان المصوّر: وتقدّم فيه أسئلة على شكل رسوم أو صور عوضاً عن
العبارات المكتوبة، وقد تكون تعليمات شفهية، ويقدّم هذا النوع من الاستبيانات إلى
الأطفال أو الأميّين.
الخطوات الأولى لإعداد الاستبيان
حتى تصمّم استبياناً سليماً جاهزاً للتطبيق لا بدّ من أن تقوم بالخطوات
الآتية:
1- تحديد الموضوع العام للبحث.
2- تقسيم الموضوع العام إلى عدد من الموضوعات الفرعية حتى يتسنّى للباحث تغطية كلّ
فرع بمجموعة من الأسئلة التي تشكّل في مجموعها العام الأسئلة التي يتألّف منها
الاستبيان عند التطبيق.
3- تقويم الأسئلة بمراجعة أولية لها، والتأكّد من تغطيتها لكافّة الموضوعات الفرعية
والعامة.
4- عرض الأسئلة على مجموعة من الأفراد لتلقّي المزيد من الملاحظات.
5- طباعة الأسئلة بشكلها النهائي في نموذج خاصّ، ثم توزيعها على المشاركين في
البحث.
6- جمع الاستبيان والبدء بتحليل المعلومات الموجودة به وتصنيفها وتفسير نتائجها
للخروج بتوصيات مناسبة تتعلّق بمشكلة البحث.
خصائص الاستبيان الناجح
1- الأمور التي يجب مراعاتها في موضوع
الاستبيان:
- أن يكون الموضوع مميّزاً ومهمّاً، بحيث يدرك الشخص أهميَّته ولا
يتردّد في المشاركة بالاستبيان.
- أن يبحث في المعلومات التي لا يمكن الحصول عليها من مصادر أخرى.
- أن يتضمّن إرشادات واضحة وكاملة تبيّن الغرض منه بدقّة.
- تحديد المصطلحات المستخدمة وثباتها ووضوحها.
- سهولة الجدولة والمقارنة والتحليل والتفسير لاستخلاص النتائج بدقّة.
2- الأمور الواجب مراعاتها في أسئلة الاستبيان:
- قصيرة قدر الإمكان.
- صياغة الكلمات بوضوح في الدلالة على المطلوب بشكل لا غموض فيه، وبحيث لا تحتمل
التأويل والحمل على عدّة معانٍ غير مقصودة.
- البدء بالأسئلة السهلة التي تتناول الحقائق الأولية الواضحة المتعلّقة بالسنّ
والعمل والحالة الاجتماعية والدخل الشهري وغير ذلك.
- ترتيب الأسئلة بشكل منطقي متسلسل، فلا يجوز أن ينتقل المفحوص من موضوع إلى موضوع،
ثم يعود إلى الموضوع نفسه مرة أخرى، بل يحرص الباحث على أن يضع الأسئلة الخاصّة
بموضوع معيّن في وحدة واحدة متسلسلة في الاستبيان، وبعد انتهاء هذه الأسئلة يبدأ
بالانتقال إلى أسئلة أخرى مرتبطة بموضوع آخر.
- أن تكون الأسئلة موضوعية، بمعنى خلوّها من الاقتراحات الموحية بالإجابة المطلوب
ذكرها.
- أن تصاغ الأسئلة ذات الطابع الكمّي "الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة رقمية" بشكل
دقيق ومباشر، مثال: ما تاريخ ولادتك؟ كم يبلغ مصروفك الشهري؟
- أن يحوي السؤال الواحد فكرة واحدة فقط، فلا يجوز حشد أكثر من فكرة في السؤال
الواحد.
مزايا الاستبيان
1- قلّة التكاليف والنفقات اللازمة لجميع البيانات.
2- توفير الوقت والجهد وعدد الباحثين اللازمين لعملية جمع البيانات.
3- المساعدة في الحصول على بيانات قد يصعب على الباحث الحصول عليها إذا ما استخدم
وسائل أخرى.
4- يوفّر وقتاً للفرد للإجابة عن أسئلة الاستمارة أكثر ممّا لو سئل مباشرة وطلب منه
الإجابة عقب توجيه السؤال.
عيوب الاستبيان
1- إنّ كثرة أسئلة الاستبيان وطوله يدعو للملل وعدم الإجابة، وقلّة
أسئلته قد لا تفي بالغرض المطلوب، ولذلك لا يصلح عندما يحتاج البحث إلى قدر كبير من
الشرح.
2- يفتقر الباحث إلى اتّصاله الشخصي بأفراد الدراسة، وهذا يحرمه من ملاحظة ردود فعل
الأفراد واستجابتهم لأسئلة البحث.
3- لا يمكن استخدام الاستبيان (المفتوح أو المغلق، أو المغلق- المفتوح) إلا في
مجتمع غالبية أفراده يجيدون القراءة والكتابة.
4- لا يمكن للباحث التأكّد من صدق استجابات الأفراد والتحقّق منها بشكل تام.
5- يفتقد الاستبيان إلى المرونة، فإذا أخطأ المستجيب في فهم أو طريقة إجابة السؤال
فإنّه لا يجد من يصحّح له إجابته أو يعدّل له طريقة الفهم، وخاصّة في الاستبيان
البريدي.
الخطوات التي تحفّز على ملء الاستمارة
خطوات مهمة تساعد على ملء الاستمارة هي:
1- مراعاة الوقت المناسب للمبحوثين أثناء توزيع الاستمارة.
2- عدم كتابة الاسم على استمارة الاستبيان.
3- توضيح الأهداف الأساسية للمبحوثين من إعداد الاستمارة.
4- إحساس المبحوثين بأهمّية الاستبيان.
5- عدم تحمّل المبحوثين أيّة تكاليف مادّية أو بريدية أو غيرها.
قواعد تراعى لضمان صدق الإجابات
يراعي الباحث القواعد الآتية كوسائل تساعده على التأكّد من أنّ
المفحوصين يجيبون إجابات جادّة وصادقة على أسئلة الاستبيان:
1- وضع الأسئلة بنحو واضح لا تحتمل أكثر من إجابة، لتكون الإجابة فيه واضحة وتبرز
مدى صدق المفحوص.
2- وضع أسئلة خاصّة ترتبط إجاباتها بإجابات أسئلة أخرى موجودة في الاستبيان، فوجود
خلل أو تقاطع في إجابات هذه الأسئلة قد يكشف عن عدم دقّة المفحوص في الإجابة،
فالمفروض أن تكون إجابات هذه الأسئلة منطقية.
وهناك وسائل أخرى يمكن أن يستخدمها الباحث للتأكّد من صدق إجابات المفحوص، مثل:
مقارنة بعض الإجابات التي حصل عليها الباحث من الاستبيان بمعلومات أخرى موجودة في
السجّلات والوثائق...
* كتاب البحث العلمي - قواعده ومناهجه، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
2017-04-06