الصلاة جماعة في المسجد
فقه المسجد
لقد أجزل الإسلام الثواب لمن يُقيم صلاته في المسجد، ولذا كان الثواب على الصلاة الّتي تُقام في المساجد أعظم، وذلك عبر الترتيب التالي1 :
عدد الزوار: 272
لقد أجزل الإسلام الثواب لمن يُقيم صلاته في المسجد، ولذا كان الثواب على الصلاة
الّتي تُقام في المساجد أعظم، وذلك عبر الترتيب التالي1 :
أ ـ المسجد الحرام في مكّة المكرّمة.
ب ـ مسجد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة المنوّرة.
ج ـ مسجد الكوفة في العراق قرب مدينة النجف الأشرف، والمسجد الأقصى في مدينة القدس
في فلسطين.
د ـ المسجد الجامع: والمراد منه المسجد الّذي لم يُبنَ لقوم بعينهم أو لأشخاص
خاصّين.
هـ ـ مسجد القبيلة وهو المسجد الّذي بُني لقوم بعينهم.
و ـ مسجد السوق وهو الّذي يُبنى داخل الأسواق.
الصلاة في المساجد بشكل منفرد لها فضل كبير، أمّا لو كانت في جماعة فالفضل أكبر،
وهذا ما سنُبيّنه من خلال استعراضنا لبعض الروايات الشريفة.
فضل صلاة الجماعة على الفرادى
ليس الفاصل في الفضل بين الصلاة جماعة والصلاة فرادى مرتبة أو مرتبتان فقط، بل إنّ
الروايات الشريفة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام أشارت إلى مراتب أعلى من ذلك
بكثير، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: "الصلاة في جماعة تفضل على كلّ صلاة
الفرد بأربعة وعشرين درجة، تكون خمسة وعشرين صلاة"2.
المشي إلى الجماعة
إنّ المشي إلى الجماعة كما المشي إلى المسجد لهما فضل عظيم وثواب جزيل، ففي الرواية
عن الإمام الصادق عن آبائه - في حديث المناهي - قال: "قال رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم: ومن مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة كان له بكلّ خطوة سبعون ألف
حسنة، ويُرفع له من الدرجات مثل ذلك، فإن مات وهو على ذلك وكّل الله به سبعين ألف
ملك يعودونه في قبره ويُبشّرونه ويؤنسونه في وحدته، ويستغفرون له حتّى يُبعث"3.
وفي رواية أخرى أنّه جاء نفرٌ من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فسأله أعلمهم عن مسائل فأجابه صلى الله عليه وآله وسلم: إلى أن قال: "أمّا
الجماعة فإنّ صفوف أمّتي كصفوف الملائكة، والركعة في الجماعة أربع وعشرون ركعة، كلّ
ركعةٍ أحبُّ إلى الله عزّ وجلّ من عبادة أربعين سنة، فأمّا يوم الجمعة فيجمع الله
فيه الأوّلين والآخرين للحساب، فما من مؤمن مشى إلى الجماعة إلّا خفَّف الله عليه
أهوال يوم القيامة، ثمّ يُأمر به إلى الجنّة"4.
صلاة الجماعة علامة خير
ففي الرواية عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام قال: "قال رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم: من صلّى الخمس في جماعة فظنّوا به خير"5.
وفي رواية أخرى عن الإمام الصادق عليه السلام: "من صلّى الغداة والعشاء الآخرة
في جماعة فهو في ذمّة الله عزّ وجلّ، ومن ظلمه فإنّما يظلم الله، ومن حقّره فإنّما
يحقّر الله عزّ وجلّ"6.
صلِّ الجماعة تُقضَ حاجتك
فقد جاء في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ الله يستحيي من
عبده إذا صلّى في جماعة ثمّ سأله حاجته أن ينصرف حتّى يقضيه"7.
لا تترك الجماعة من غير عذر
في الخبر أنّ ضريراً جاء إلى النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: "يا
رسول الله أنا ضرير البصر وربما أسمع النداء ولا أجد من يقودني إلى الجماعة والصلاة
معك، فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: شدَّ من منزلك إلى المسجد حبلاً
واحضرِ الجماعة"8.
وعن الإمام الباقر عليه السلام، قال أمير المؤمنين عليه السلام: "من سمع النداء
فلم يُجبه من غير علّة فلا صلاة له"9.
أيّ الصفوف أفضل؟
إنّ بين الصفوف تفاضلاً، وأفضلها كما في الروايات الصفّ الأوّل، فعن الإمام الباقر
عليه السلام قال: "أفضل الصفوف أوّلها، وأفضل أوّلها ما دنا من الإمام"11.
وأمّا فضل الصف الأوّل فهو كفضل الجهاد في سبيل الله، فقد جاء في الرواية عن الإمام
موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام: "إنّ الصلاة في الصفّ الأوّل كالجهاد في
سبيل الله عزّ وجل"12.
النظام صورة حضاريّة
تخيّل أنّك تُشاهد في التلفاز صورة لمصلّين في جماعة غير منتظمة الصفوف، وصورة
أخرى لمصلّين في صفوف منتظمة يتوحّد قيامهم وركوعهم وسجودهم، فأيّ الصورتين أفضل؟
لا شكّ أنّ الثانية أجمل من الأولى، وتنقل صورة حضاريّة عن أمّة منظّمة راقية،
ولهذا جاء في الروايات تأكيد على أهمّية رصّ الصفوف وانسجامها في صلاة الجماعة، ففي
الرواية عن الإمام جعفر الصادق عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: "قال رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم: سوّوا بين صفوفكم، وحاذوا بين مناكبكم لا يستحوذ
عليكم الشيطان"13.
من أحكام صلاة الجماعة
سنذكر بعض الأحكام اللازم معرفتها في صلاة الجماعة:
تنعقد صلاة الجماعة برجلين أحدهما المأموم والآخر الإمام، أو برجل وامرأة إذا كانت
هي المأمومة14.
ليس على الإمام أن ينوي أنّه الإمام للجماعة، ولكن أجر الجماعة لا يحصل عليه إلّا
بنيّته للإمامة في الصلاة، أمّا من يُصلّي خلفه فعليه أن ينوي نيّة الاقتداء به15.
تسقط الفاتحة والسورة عن المأموم فلا يجب عليه قراءتهما، بل يجب عليه الإنصات
لقراءة الإمام في الصلوات الّتي يجهر بها الإمام، أي الصبح والمغرب والعشاء،
ويُستحبّ في صلاة الظهر والعصر وهي الصلاة الّتي يخفت فيها الإمام أن يُردّد
المأموم الذكر إخفاتاً.16
خاتمة
لعلّ أفضل خاتمة لهذا الفصل هي الرواية عن الإمام عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام
قال: "إنّما جعلت الجماعة لئلّا يكون الإخلاص والتوحيد والإسلام والعبادة لله
إلّا ظاهراً مكشوفاً مشهوراً، لأنّ في إظهاره حجَّةً على أهل الشرق والغرب لله وحده،
وليكون المنافق والمستخفّ مؤدّياً لما أقرَّ به يظهر الإسلام والمراقبة، وليكون
شهادات الناس بالإسلام بعضهم لبعض جائزة ممكنة، مع ما فيه من المساعدة على البرِّ
والتقوى، والزجر عن كثيرٍ من معاصي الله عزّ وجل"17.
*فقه المسجد ، سلسلة الفقه الموضوعي ، نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
1- تحرير الوسيلة،
الإمام الخمينيّ قدس سره، ج 1، ص 151، بحث مكان المصلّي.
2- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج8، ص285.
3- م.ن. ج 8، ص 287.
4- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج 8، ص 287 و288.
5- م.ن. ج8، ص 286.
6- م.ن. ج 8، ص 295.
7- م.ن. ج 8، ص 289.
8-وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج8، ص 293.
9-م. ن، ج8، ص 291.
11-م.ن. ج 8، ص 306.
12-م.ن. ج 8، ص 307.
13-وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج8، ص 423.
14- تحرير الوسيلة، الإمام الخمينيّ قدس سره، ج 1، ص265.
15- م.ن. ج 1 ص 265.
16- م.ن. ج 1 ص271.
17- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج 8، ص 287.