يتم التحميل...

سورة آل عمران

تفسير الكتاب المبين

سورة آل عمران

عدد الزوار: 211

(1): ﴿الم: تقدم في أول البقرة.

(2): ﴿اللّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ: لا ثالث ثلاثة ﴿الْحَيُّ الْقَيُّومُ: لم يصلب، تعالى الله عمّا يصفون.

(3): ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ: يا محمد ﴿الْكِتَابَ: القرآن ﴿بِالْحَقِّ: بكل ما يحويه ﴿مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ: من الكتب المنزلة على الأنبياء السابقين ﴿وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ: كلمة عبرانية بمعنى الشريعة ﴿وَالإِنجِيل: من كلمة يونانية وهي أونجيلون بمعنى البشارة.

(4): ﴿مِن قَبْلُ: القرآن ﴿هُدًى: بيان ﴿لِّلنَّاسِ: قوم موسى وعيسى (ع) ﴿وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ: قال الإمام الصادق (ع)، هو كل آية محكمة في الكتاب ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ: المنزلة ﴿لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ...:وكل بلاء دون النار عافية كما قال الإمام (ع).

(5): ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ: ونستغفره مما علمه منّا، وأحصاه علينا.

(6): ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ: من مني يمنى كما صورنا نحن أو من غير نطفة ومني كما صور آدم وعيسى.

(7): ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ: يا محمد ﴿الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ: بيّنات واضحات، لا تحتمل تأويلاً ولا تخصصًا ولا نسخًا. ﴿هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ: أصله ومعظمه، وبهنّ تفسّر غيرهن من الآيات. ﴿وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ:محتملات لأكثر من معنى. ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ: إنحراف وأهواء ﴿فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ:يتجاهلون الكلام الواضح. ويتشبَّثون بالمجمل يفسّرون بما يشتهون﴿ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ: يفسدون عقول الناس وقلوبهم، ليبتعدوا عن الحق وأهله ﴿وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ: بما تشتهي أنفسهم ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ: والتأويل: التفسير، أما الراسخون في العلم فهم الذين لا يقولون إلا عن علم، ويعترفون صراحة بالعجز عن فهم ما حجب الله علمه عنهم ولا يتعمقون ويتعسفون فيما لم يكلفهم الله بالبحث عن كنهه. كما جاء في الخطبة 98 من نهج البلاغة ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ: أي بالمتشابه، وفوّضنا أمره إلى الله حتى نلقى من هو أعلم منا وأرسخ بما أراد الله ﴿كُلٌّ: من المحكم والمتشابه ﴿مِّنْ عِندِ رَبِّنَاوَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الألْبَابِ: هذا مدح للراسخين بحسن التأمل والتفكر.

(8): ﴿رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَ: لا تبتلينا بمصائب تزيغ فيها القلوب ﴿بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَ: إلى الحق بتوفيقك وعنايتك﴿وَهَبْ لَنَا مِن لَدُنْكَ رَحْمَةً: وبالخصوص نعمة التوفيق ﴿إِنّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ: بلا عوض.

(9): ﴿ربّنا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ: إلا من دام عماه عن الحق.

(10): ﴿إ ِنَّ اَلَّذِينَ كَفَرُو: بالله وبالعدل والحق والإنسان وحقوقه ﴿لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ:رحمة ﴿اللّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ: أبدًا لا جاه ولا مال ولا أولاد ورجال ولا شيء يمجد إلّا العمل الصالح والقلب السليم.

(11): ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ: كدأب خبر لمبتدأ محذوف أي دأب هؤلاء مثل دأب آل فرعون ﴿وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ: كقوم نوح وعاد وثمود ﴿كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَ: وهي النذير المبين ﴿فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ: أخذًا وبيلاً.

(12): ﴿قُل: يا محمد ﴿لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ: لأنكم على ضلال، ولأن للحق سلاحًا لا تراه الأعين﴿وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ: والقرار.

(13): ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ
: واضحة الدلالة على صدق محمد (ص) وهي ﴿فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ: إشارة إلى وقعة بدر ﴿يَرَوْنَهُم: المشركون يرون المسلمين ﴿مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ: أي مثلي المشركين في العدد، وكان هؤلاء قريبًا من ألف، والمسلمون ثلاثمئة وبضعة عشر حقيقة وواقعًا، ولكنهم في أعين المشركين قريبًا من ألفين ﴿وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ: فليست العبرة بالقلة أو الكثرة، بل بالثبات والإخلاص من العبد والتوفيق من الله ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ: في الفئة القليلة تغلب الفئة الكثيرة ﴿لَعِبْرَةً: لعظة﴿لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ: الأبرار.

(14): ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ: للإنسان عقل وضمير، وله كذلك رغبات ومطامح إلى أشياء كثيرة أشارة سبحانه إلى أهمها بقوله: ﴿مِنَ النِّسَآءِ وَالْبَنِينَ: وليست كل زوجة ريحانة ولا كل ولد قرّة عين ولكن المسألة هي طبع وغريزة وكفى ﴿وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ: والقناطير كناية عن الكثرة، والذهب والفضة هنا، لكل النقود بشتى أنواعها ﴿وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ: المعلمة أو المرعبة أما اليوم فسيارات (وموديلات)﴿وَالأَنْعَامِ: الإبل والبقر والغنم، ﴿وَالْحَرْثِ: الزرع، والمراد بهما كل وسائل الإنتاج دون استثناء ﴿ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَ: وهو خير وكمال وقوة وجمال إلا أن يكون على حساب الآخرين، فإنه نار وجحيم ﴿وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ: ونعوذ به من سوء المرجع.
(15) –
(16): ﴿قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ: النساء والمال والأولاد﴿لِلَّذِينَ اتَّقَوْ: وأحسنوا ﴿عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ: من الجهل المميت والخلق المقيت لا من الحدث والخبث فقط﴿وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ: أكبر وأعظم.

(17): ﴿اَلصَّابِرِينَ: على الكفاح في سبيل الحق والعيال ﴿وَالصَّادِقِينَ: في الأقوال والأفعال ﴿وَالْقَانِتِينَ:المطيعين ﴿وَالْمُنفِقِينَ: من كدحهم ولا يعيشون كلًا على الآخرين ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ: لأنها أبعد عن شبهة الرياء علمًا بأن خدمة الإنسان لأخيه أفضل من عامة الصلاة والصيام وتلاوة القرآن الكريم بكرةً وعشيًا.

(18): ﴿شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ: شهد سبحانه بذاته لذاته على أنه الخالق الوحيد بصنعه وآثاره، وشهد محمد بذاته على نبوته برسالته وسيرته وسنته، وهكذا كل مبدأ ودين وعالم وعظيم، يشهد لنفسه بنفسه بما يترك للناس من ثمار وآثار ﴿وَالْمَلاَئِكَةُ: تؤمن بالله فطرة وطبيعة ﴿وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ: يؤمنون ويدعون إلى الإيمان بالحجة الكافية الوافية ﴿قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ: بالعدل في الدين والشريعة وسنن الطبيعة.

(19): ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ: حتى الدين الذي أُوحيَ إلى نوح والنبيين من بعده، لأن الإسلام يقرّ كل وحي سابق ويعترف به، ومعنى هذا أن دين محمد ينطوي على كل الأديان السماوية وزيادة ﴿وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ: من اليهود والنصارى ﴿إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ: بلسان موسى وعيسى ﴿بَغْيً:طلبًا لحطام الدنيا ﴿بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ: والويل لمن خفت موازينه.

(20): ﴿فإنْ حَآجُّوكَ: في دين الله ﴿فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ: اقطع النقاش مع الجهلة، السفلة، وقل: أدين بالواحد الأحد ﴿وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ: المشركين الذين لا كتاب لهم. ﴿أَأَسْلَمْتُمْ: بعد أن جائتكم البينات ﴿فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَو: حيث لاشيء بعد الإسلام إلا الضلال ﴿وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ: وبه تتم الحجة، وتنتهي وضيفتك.

(21): ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ: لا لشيء إلا لأنها حق ﴿وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ: بل قتلوهم لأنهم على حق ﴿وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ: وهذا هو ذنبهم الوحيد، وهو ذنب الكامل عند السافل والمحق عند المبطل.

(22): ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ: ملعونون في الدنيا على كل لسان، ومعاقبون في الآخرة بمقطعات النيران.

(23): ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ: هم أحبار اليهود، والكتاب هو التوراة ﴿يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ: دعاهم محمد (ص) إلى التوراة ﴿لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ: هل جاء في التوراة ذكر محمد (ص) بالاسم والصفات﴿ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ: مدبرين هاربين ﴿وَهُم مُّعْرِضُونَ: عن الحق.

(24): ﴿ذَلِكَ: إشارة إلى إعراضهم عن كتاب الله ﴿بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ: تقدم في الآية 80 من سورة البقرة، ﴿وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ: على الله في قولهم: نحن أبناء الله وأحباؤه.

(25): ﴿فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ: أي كيف يصنعون يوم الجزاء والحساب؟ ﴿وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ: هذا هو دين الحق لا شعب مختار عند الله ولا أبناء له، ولا أي شيء لأي إنسان كائنًا من كان إلا ما سعى.

(26): ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ: ولماذا يملك سبحانه وهو الغني في ذاته وصفاته عن كل شيء؟ الجواب ليس المعنى أنه يحتاج إلى الملك بل معناه أنه يخلق الملك ويمنحه ﴿تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ: لا أحد يملك شيئًا إلا أن يملكه الله إياه ﴿وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء: تسترده بعد العطاء ﴿وَتُعِزُّ مَن تَشَاء: بالتوفيق والعناية ﴿وَتُذِلُّ مَن تَشَاء: بالخذلان والتخلي ﴿بِيَدِكَ الْخَيْرُ: ويده تعالى قدرته، وكل ما ينتفع الناس به هو خير.

(27): ﴿تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ: تدور الأرض حول الشمس بالسنن التي أودعها الله في الطبيعة، فتتعدد الفصول ويأخد الليل من النهار في فصل حتى يصير 15 ساعة والنهار 9 ساعات ﴿وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ:وفي فصل آخر يأخد النهار من الليل حتى يصير 15 ساعة والليل 9 ﴿وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ: كخروج الشجرة من النواة ﴿وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ: كخروج النواة من الشجرة، وفيه إيماء لصراع الأضداد بمعنى تحول الشيء إلى ضده لا بمعنى الجمع بين الضدين ﴿وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ: ولكن مع السبب الموجب، لأن الله تعالى أبى أن يجري الأمور إلا على أسبابها.

(28): ﴿لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ: والذي نفهمه من الولاية هنا الصداقة الصادقة ومن الكافرين كل من كان عدوًا للإسلام والمسلمين، والقرينة على هذا المعنى قوله تعالى بلا فاصل:﴿وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ: أي أن صداقة المسلم للكافر معناها قطع الصلات بالكامل مع الله، قال الإمام أمير المؤمنين (ع) صديق عدوك عدوك ﴿إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً: هذه رخصة بالمداراة عن الخوف فقط، ثم أكد سبحانه ذلك بهذا التحذير: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ: تهديد بالعذاب الشديد لمن يتولى قومًا طاغين مجرمين.

(29): ﴿قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ....: لا تخفى عليه خافيه.

(30): ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ: لن يفوز بالخير – غدًا- إلا عامله، ولا يجزى جزاء الشر إلا فاعله ﴿تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدً: وكل مفرط نادم لا محال، ومرة ثانية ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ: عسى أن ينفع هذا التحذير.

(31): ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ: كل من يدعي الإيمان بالله والإخلاص له، يلزمه حتمًا الإيمان بأنبيائه والإخلاص لهم وإلا فهو كاذب في دعواه بحكم البديهة ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ: بشرط أن تؤمنوا بالله ورسوله معًا.

(32): ﴿قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ: ومعصيته معصية لله بالذات ﴿فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ: وفيه دلالة واضحة على أن الإيمان بالله دون الرسول كفر تمامًا كالجحود بالله.

(33): ﴿إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحً: وآدم أبو البشر الأول ونوح أبو البشر الثاني، لأن جميع أهل الأرض من نسله ﴿وَآلَ إِبْرَاهِيمَ: أي إبراهيم وأولاده إسماعيل وإسحق وأولادهما ومنهم محمد وآل محمد (ص) ﴿وَآلَ عِمْرَانَ: موسى وهارون ﴿عَلَى الْعَالَمِينَ: ومن اصطفاه الله واختاره على العالمين من خلقه يجب أن يكون معصومًا، ومعنى هذا أن المراد بالآل هنا من كان نبيًا أو إمامًا، وليس مطلق الآل.

(34): ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ: المعصوم اللاحق ينتهي في نسبة إلى المعصوم السابق.

(35): ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ: بن ماثان، وهو جد المسيح (ع)، وبين عمران أب موسى وعمران أب مريم 1800 سنة ﴿رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرً: معتقًا لخدمة بيت المقدس ﴿فَتَقَبَّلْ مِنِّي: نذري.

(36): ﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى: تحسرًا وتلهفًا على ما فاتها من النذر ﴿وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ: وله فيه سر عظيم ﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى: في خدمة المعابد ﴿وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ: قال الطبرسي في جوامع الجامع: ومريم في لغتهم هي العابدة. وفي قاموس الكتاب المقدس: مريم اسم عبري معناه:عصيان ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ: أجيرها بحفظك ﴿وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: فإنه يطمع كثيرًا بأولاد الأتقياء والعلماء.

(37): ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ: قبل سبحانه النذر مع الأجر ﴿وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنً: كناية عن صلاح التربية والإستقامة ﴿وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّ: زوج خالتها ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ: موضع العبادة ﴿وَجَدَ عِندَهَا رِزْق: لا يشبه أرزاق الدنيا ﴿قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَ: وما من أحد يراك غيري؟ ﴿قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ: فلا تستبعد ﴿إنَّ اللّهَ يَرْز ُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ: بغير عد ووزن، وأيضًا من غير إحتساب وترقب.

(38): ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ: لما رأى ما رأى من آيات ربه في مريم على صغر سنها تحركت في نفسه عاطفة الأبوية، ورجا أن يكون له مثلها في الكرامة عن الله و ﴿قَالَ: زكريا على شيخوخته وعقم امرأته لم ييأس من رحمة الله ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً: وهل في الكون كله من ثروة أعظم من نعمة الذرية الزاكية المباركة؟ أبدًا إلا مرضاة الله سبحانه.

(39): ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَآئِكَةُ: والأصل ملائك فزيدت التاء للمبالغة أو على معنى الجماعة 2015-12-10