يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئي في لقائه رؤساء الجامعات ومراكز التعليم العالي

2015

العلم هو أهم وسيلة للتقدم والاقتدار الوطني، هذا ما يجب أن نأخذه على نحو المسلّمات؛ حيث إنه هكذا في واقع الحياة. إن العلم لدى أي شعب هو أهم وسيلة لنيل الكرامة والتقدّم والاقتدار. الجامعة بدورها هي أهم مركز لإعداد مديري المستقبل في البلاد.

عدد الزوار: 35

كلمة الإمام الخامنئي في لقائه رؤساء الجامعات ومراكز التعليم العالي  ومراکز "رشد" وحدائق العلم والتقنية_11-11-2015

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمین، وصلّی الله علی محمد وآله الطاهرین.

أرحب بكم أجمل ترحيب أيها الإخوة والأخوات الأعزاء! مجلس العلم والعالم والجامعي، وهو بالنسبة لي أنا الحقير أفضل الاجتماعات وأجملها. وقد استمعت بدقة إلى كلمة الوزيرين المحترمين1 [وزير الصحة ووزير العلوم] واستفدت منها. نسأل الله أن يوفقكم وإيانا ليتسنى لنا أن نجني من هذه الاجتماعات والجلسات والحديث والكلمات وأمثالها فوائد ونتائج للبلاد، وأن لا تقتصر على مجرد اجتماع ولقاء وحديث.

العلم؛ وسيلة للاقتدار
لقد تحدثنا كثيراً عن أهمية العلم والجامعة. نحن تكلمنا وكذلك الآخرون؛ منذ سنوات - لحسن الحظ - والكلام يدور عن أهمية العلم، وعن أهمية الجامعة. وكما أشار الآن السيد الدكتور هاشمي [وزير الصحة]، فقد كان يحدونا الأمل أن تتبدّل أهمية العلم وضرورة التصدي له في البلد إلى خطاب، وقد أصبح على هذا النحو تقريباً في الوقت الحاضر، علينا أن نشكر الله على ذلك.

 العلم هو أهم وسيلة للتقدم والاقتدار الوطني، هذا ما يجب أن نأخذه على نحو المسلّمات؛ حيث إنه هكذا في واقع الحياة. إن العلم لدى أي شعب هو أهم وسيلة لنيل الكرامة والتقدّم والاقتدار. الجامعة بدورها هي أهم مركز لإعداد مديري المستقبل في البلاد. حسناً... هل هناك شيء أهم من هذا؟  إنكم الآن تعدّون [تربّون] المديرين لمستقبل البلد. فلو قمتم بهذا العمل على أفضل وجه - وهو كذلك بعون الله - سوف تتم إدارة مستقبل البلد بشكل جيد، وأما لو لم نتمكن من التصدي لهذه العمل بصورة مطلوبة وقصّرنا في ذلك، فبطبيعة الحال سوف يتعرض مستقبل البلاد للخطر من جراء هذا التقصير، وهنا تكمن أهمية الجامعات. بالطبع فالجامعة على شاكلتها الحالية هي ظاهرة غربية، وهذا ما نعلمه جميعاً، غير أن الجامعة بمعنى إعداد النوابغ والنخب وتربيتهم ليست  غربية على الإطلاق، وإنما لها تاريخ عريق في هذا البلد يعود إلى ألف عام. لقد تم استيراد الجامعة بشكلها المعاصر من الغرب، غير أن البلد كان يضم مجموعة من المدارس التي خرّجت أمثال ابن سينا والفارابي ومحمد بن زكريا الرازي والخوارزمي، وهؤلاء بالطبع مشهورون ومعروفون، ولكن هذه البلاد قد ربّت وعلّمت الآلاف من غير هذه الأسماء المشهورة، بمن فيهم الطبيب والمهندس والمخترع والأديب والفيلسوف والعارف.

تراثٌ علميٌّ عريقٌ، مشهودٌ له
أنقل لكم جملة عن "جورج سارتون"2، وإنما أنقل عنه لأن التصديق بما يقوله غيرنا أسهل مما نقوله نحن! وإلا فليس من عادتي أن أنقل عن هذا وذاك من الشخصيات الأجنبية والغربية. يقول جورج سارتون - الذي ألف كتاب تاريخ العلوم المعروف والمطبوع بالترجمة الفارسية، ولا بد أنكم جميعًا قد اطلعتم عليه - : إنّ للعلماء الإيرانيين السهم الأوفى والدور الأكبر في صناعة هذه الحضارة، وإذا ما أخرجنا آثار الحكماء الإيرانيين من هذه المجموعة، نكون قد تخلينا عن أجمل قسم فيها. وهو مؤرخ العلم. وهناك قول آخر - أنقله عن ذاكرتي، لأني طالعته قبل فترة طويلة، ولا أستطيع نقل كلماته بالدقة - يعود لبيار روسى، وهو الآخر من المؤلفين في تاريخ العلوم، وقد تُرجم كتابه قبل سنوات إلى اللغة الفارسية، وهو في متناول الجميع. وقد رأيته قبل أعوام وأردت الرجوع إليه ثانية، ولكن الوقت لم يُسعفني، وأتذكر بأني دوّنت الموضع الذي قال فيه هذه الكلمة من كتابه «تاريخ العلوم». فقد نقل فيه حواراً بين تاجر أوروبيّ - إيطاليّ أو فرنسي - وعالم خبير متخصص يومذاك، والفترة تعود إلى عهد القرون الوسطى. حيث أخذ التاجر يستشيره قائلاً: أريد لابني أن يتابع الدراسة ويصبح عالماً، ولكن لا أدري في أيّ بلد وفي أي جامعة أضعه. فأجابه ذلك الخبير بأنك إن كنت قانعاً في أن يتعلم ابنك الأعمال الرياضية الأربعة، فلا فرق في أن تضعه في أيّ مدرسة من المدارس الأوروبية، ولكنك إن كنت تريد مستوى أعلى من ذلك، فعليك بالذهاب إلى الأندلس. وكانت الأندلس حينذاك بيد المسلمين. وهذا هو تاريخ العلم في الإسلام، حيث تتعلق القضية الأولى بإيران، والثانية بالإسلام. وهذا يعني أننا نتمتع بمثل هذا التاريخ وهذا التراث، سواء في البيئة الإسلامية أو البيئة الإيرانية. وأضيفكم علماً - ولا يُحمل قولي هذا على النزعة القومية والعنصرية - بأن إيران تقف في قمة الإنتاج الفكري والإنتاج العلمي بين البلدان الإسلامية، أي أنها تتمتع بشخصيات لامعة لا يتمتع بها أي بلد آخر. فلو نظرنا إلى الكِنْدي مثلاً - وهو واحد فقط بين الفلاسفة - لوجدنا في إيران العديد من أمثاله. إضافة إلى أن إيران تحتل الصدارة في تاريخ العلوم الإسلامية أيضاً.. هذا هو تراثنا وماضينا وتاريخنا.

عدم استثمار التراث المعنوي في بيئتنا العلمية
 كذلك فقد كان للعهدين القاجاري والبهلوي تاريخ واضح. وإن من دواعي أسفي هو أنّ الطبقة العلمية والمطالِعة في بلدنا ليس لها اطلاع كبير على تاريخنا القريب المعاصر - سواء  العهد القاجاري أو العهد البهلوي - ومعلوماتها في هذا المجال غير واسعة. بل ومحدودة جداً، وغالباً ما تكون جاهلة بتفاصيل الأمور. فإنه منذ أواسط العهد القاجاري وحتى نهايته وبداية العهد البهلوي، كانت هناك أسباب خاصة أدّت إلى عدم الاستفادة من هذا التراث المعنوي إبان الازدهار العلمي في العالم بشكل صحيح.

إنّكم تعلمون بأن هذا الزمن المعاصر والقرن الأخير قد شهد ازدهاراً وتقدماً علمياً في العالم، وأيّما بلد حقّق في هذا الجانب شيئاً، فقد حقّقه خلال هذه الأعوام المئة أو المئة والعشرين. ونحن في هذه الفترة - حيث كانت قد بلغت جامعاتنا في البلد ثمانين عاماً ونيفاً من العمر - حين استوردنا الجامعات الغربية والأوروبية، كنا قادرين على استثمار ذلك التراث، وتلك الروح والمواهب والأرضيات والطاقات المودعة في بلدنا وبناء جامعة إيرانية؛ جامعة وطنية محلية، ولكنّنا لم نفعل ذلك لأسباب تختص بالحكومة البهلوية والقاجارية. وهذا يعني أنّه لم يتمّ استثمار ذلك التراث القيّم في زمان دخول المعارف الغربية إلى البلاد.

وأما اليوم في بلادنا، وفي بيئة جامعاتنا، وفي الأوساط العلمية، فإن روح البناء والاعتماد على النفس، والثقة بها، وامتلاك الفكر والكلمة، وإبداء الرأي، وكتابة المقالات التي يستند إليها الآخرون في العالم، وأمثال هذه المسائل كثيرة في بلادنا اليوم، ولكنها لم تكن يومذاك. ففي ذلك اليوم لم نتمكن من استثمار الأخلاق العلمية والطاقات العلمية لتراثنا وماضينا، ولم نتمكن من استثمار التراث المعنوي والأخلاقي في بيئتنا العلمية. وهذا حديث ذو شجون لا أريد الخوض فيه بأنه كيف كانت في الماضي أخلاقنا العلمية لبيئتنا وأجوائنا العلمية، وكيف أصبحت بعد أن دخل النمط الغربي إلى بلادنا. ففي الفترات الماضية كان التلميذ يجلس أمام أستاذه جلسة العبد، ولا يوجه إليه الإساءة، رغم أن الأوساط العلمية وأمثالها كانت تتسم بالحرية، وهذا هو حال الحوزات العلمية في الوقت الحاضر أيضاً، ففي الوقت الذي نقوم فيه بالتدريس، يحق لجميع الطلبة الذين يجلسون في حلقة الدرس توجيه الإشكالات، وهم يُشكلون بالفعل، ويتحدثون، ويرتفع صوتهم، ولا ضير في ذلك، ولا يرى أحدٌ في ذلك إشكالاً، والأستاذ بدوره مكلَّف بالإجابة بكل أدب. هذا ما كان سائداً في الماضي، ولكن في الوقت ذاته كان التلميذ خاشعاً وخاضعاً أمام الأستاذ. وهذا ما كنّا نتّسم به في الماضي القديم من أخلاق علمية وأخلاق جامعية، ولكن في الفترة المعاصرة، فإنّ عدد المعلمين الذين ضُربوا بواسطة تلامذتهم - سواء في الثانويات أو الجامعات - أو الأساتذة الذين طُعنوا من قِبَل طلاب الجامعات بالسكاكين، وقُتل البعض منهم، ليس بالقليل، وهذا يعني أن الأخلاق العلمية قد تغيرت بشكل جذري. فلم ينتقل تراثنا العلمي وطاقتنا العلمية، ولم تنتقل كذلك أخلاقنا العلمية وأخلاقنا الجامعية. على هذا النمط تشكلت جامعاتنا.

فعلت الهويّة الإيرانيّة فعلتها!
حسناً؛ لقد خطط الغربيون لجامعاتنا. وكلامي هذا نابع عن معرفة ودراسة، وليس كلام منبر وخطابة، وإنما هو قولٌ مدروس وعن تحقيق ومطالعة، قد تناوله بالدراسة والبحث أولئك الذين هم من أهل البحث والتحقيق في القضايا الاجتماعية وعلم الاجتماع أو شؤون السياسة الخارجية وأمثال ذلك. لقد خطط الغربيون لما يُطلقون عليه العالم الثالث، ووضعوا له البرامج وقاموا بإعداد أفراد في هذه البلدان يتربون على أخلاقهم وأساليبهم ونمط حياتهم، ويُمسكون بزمام الأمور ويديرون هذه البلاد. هذه هي الخطة التي وضعوها لهذه البلدان، ورسموها لجامعاتنا أيضاً، حيث كانوا يريدون أن يصنعوا من جامعاتنا معبراً يؤدي إلى الانزلاق في ما يريد الغربيون تحقيقه في إيران، ولكنهم لم يتمكنوا من تحقيق مبتغاهم؛ أي إن جامعاتنا لم تنخرط عملياً في خدمة الأهداف الغربية، وهذه هي واحدة من القضايا البالغة الأهمية والنقاط الكبيرة في بلدنا. فقد كانوا يریدون تبديل الجامعات إلى مركز لبثّ الأفكار الغربية ونمط الحياة الغربية، وقد نجحوا في بعض المواطن إلى حدّ ما، وهذا ما لا يعتريه شكّ وريب، فإن الذين كانوا قد تربعوا على سدّة الحكم، ولا سيما في فترة تأسيس الجامعة إبان عهد رضا خان، كانوا يؤمنون بالغرب وبالثقافة الغربية من قمة رأسهم إلى أخمص أقدامهم، وقد سمعتم كلماتهم، ولكنهم لم ينجحوا في نهاية المطاف، لأن الهوية الإيرانية قد فعلت فَعلتها. فإن الهوية الإيرانية في التاريخ لأمرٌ مذهل؛ ذلك أن جميع الذين هاجموا إيران بنحو من الأنحاء، قد اضمحلوا في هذا البلد بما في ذلك لغتهم وتقاليدهم وثقافتهم، والأمر الوحيد المستثنى من ذلك هو الإسلام الذي دخل إيران ولم يغرق فيها، بل حافظ على كيانه، وتقبّل الإيراني الإسلام من أعماق وجوده. وإلا فإن كل البلدان التي تعرضت لهجوم العرب المسلمين قد تبدلت لغتهم إلى العربية كما في مصر وفلسطين والشام،  لکن إيران لم تتغير لغتها، وحافظت على اللغة الفارسية، وهذا لأمرٌ مذهل في إيران، وهو سمة يمتاز بها بلدنا. وهذا ما تحقق هنا أيضاً، فقد فعلت الهوية الإيرانية فعلتها.

وذلك أولاً لوجود أفراد في داخل الجامعات كانوا قد حافظوا على  القيم والمظاهر الدينية، على الرغم من الرفض الشديد لهذه الامور من قِبَل الطرف الآخر، فقد كان رضا خان معارضاً للظواهر الدينية من الأساس، وكذلك حال أولئك الذين أسسوا الجامعة في إيران - ولا أريد ذكر أسمائهم - حيث كانوا يشابهون رضا خان في تفكيرهم، بل كانوا هم الذين زرعوا أغلب هذه الأفكار في ذهن رضا خان، ولم يكونوا أساساً يرغبون في أن يصلّي أحدٌ في الجامعة، وأن يُذكر فيها اسم الله، ولكن هذا ما تحقق بالفعل. وكما أشاروا فقد تشكلت اللجان الإسلامية، ووصل بعض المسلمين في الجامعة إلى مرحلة الأستاذ، فروّجوا للدين، ووقفوا في وجه الأفكار اللادينية، ومن هنا بدأت هذه الحركة. وبمضيّ الزمان أخذت هذه الروح الدينية والإيمانية تتجذر في الوسط الجامعي، حتى آلت إلى النهضة الإسلامية في سنة 1962، حيث انطلقت الجامعة من هنا للقيام بحركة عظيمة تتجه نحو الهوية الدينية والإيمانية، رغم وجود الشيوعيين والماركسيين ونشاطهم الكبير في ذلك اليوم. وهذا ما كنت أشاهده عن كثب في مدينة مشهد، حيث كانت لي بهذه المدينة صلة كبيرة، كما وكنت أرى حضور الفكر الماركسي في جامعات سائر المدن أيضاً، بما فيها طهران وغيرها من المدن التي كنت أقصدها وأتواصل فيها مع الطلاب الجامعيين. والأمر الذي يثير الاستغراب هو أن الذين كانوا يحملون الفكر الماركسي في الجامعات، كانوا يتعاونون مع الجهاز الحاكم لمواجهة الفكر الإسلامي المتنامي في الوسط الجامعي! فقد كانت تُطبع كتبهم وتُباع بكل حرية، في حين كانت كتب المسلمين من الثوريين والشباب - سواء التي ألفوها بأنفسهم، وهي قليلة بالطبع، أو التي يريدون قراءتها - تُجابَه بشدة وتمنع وتقمع، وكانوا يحصلون عليها بصعوبة بالغة. وفي الحقيقة فإن الجهاز البهلوي في عهد النهضة الإسلامية كان قد صبّ كل جهوده لمواجهة الحركة الإسلامية ومناوأتها، وفي الوقت ذاته كان يجاري اليساريين والماركسيين ومن لفّ لفّهم، وهم بدورهم قد استجابوا لهذه المجاراة، فأصبح الكثير منهم عضواً في مكتب فرح بهلوي! (إحدى زوجات الشاه) ودخل الكثير منهم في الإذاعة والتلفزيون. فإن نفس أولئك اليساريين المتطرفين في عقد الخمسينيات، أصبحوا يتعاونون مع الجهاز الحاكم في عقد الستينيات! غير أن حركة الجامعات باتجاه الفكر الإسلامي أخذت تقوى وتتأصّل وتتجذر يوماً بعد آخر.

لانتصار الثورة تأثيره في الجامعات
حتى وصلنا إلى انتصار الثورة الإسلامية. علماً بأن هذه الحركة كانت مقاومةً إسلاميةً متجذرة تحمل بين طياتها أفكاراً من قبيل الأفكار التي كان المرحوم مطهري ينشرها في الجامعة بين الطلبة الجامعيين. وبالتالي فإن الثورة التي انتصرت في سنة 1979، قد زلزلت العالم من دون مبالغة في الكلام. وحقاً، فإنّ انتصار الإسلام من خلال ثورة وتشكيل حكومة قائمة على أساس الإسلام، قد أحدث زلزالاً في العالم الغربي والشرقي، ومن الواضح أنّها ستترك - وقد تركت بالفعل - تأثيراً في الجامعات، فكان الكثير من العناصر الجامعية - سواء الأساتذة أو الطلاب - قد صاروا من  أنصار الثورة، ومن العناصر الأكثر تفانياً وإخلاصاً. وهذه هي من المراحل التاريخية لجامعاتنا التي لا ينبغي على الإطلاق أن تغيب في غياهب النسيان والضياع.. هذا بالنسبة إلى التاريخ الماضي.

وخلال هذه الأعوام السبعة والثلاثين التي مضت على تلك الأيام، شاهدنا الكثير من التقلّبات وحالات التعالي والتسافل، وأُنجزت الكثير من الأعمال، وتقدّمت الجامعة تارة، وتراجعت أخرى، وسادت في الجامعة في برهة من الزمن تيارات مختلفة، وشهدت الجامعات حالات من التأرجح والتقلب. وهذا أمرٌ طبيعي، فلو أمعنّا النظر، لوجدنا أنه ليس من المستبعد إذا ما أصبحت الحكومة إسلاميةً أن تخرج من داخل  أصحاب الفكر الإسلامي توجهات وتيارات متعددة ومختلفة، ما يتسبب في اندلاع أمواج متلاطمة مختلفة في البيئة الجامعية. علماً بأن المعارضين الفكريين وحتى الشيوعيين أيضاً بدأوا يمارسون أنشطتهم في الجامعة! وأنا لكوني أطالع الكثير من الكتب – أجلس وأقرأ  الكتب  التي تصل الى متناول يدي - وجدت عدداً من الكتب والمؤلفات التي تدل على أن البعض في داخل الجامعات يسعون الى استعادة الفكر الماركسي من جديد، ولكن متى؟ بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وانهيار المدرسة الشيوعية والحكومات الشيوعية! غير أن عملهم هذا لم يثمر ولم يحظَ بترحيب الجامعات. وعلى أي حال، فقد شهدت الجامعات خلال هذه الأعوام السبعة والثلاثين مراحل مختلفة وفترات متعددة، واليوم ها نحن وهذه هي الجامعة.

ابحثوا عن دور الجامعة في بناء المجتمع الإسلامي
فما الذي ينبغي علينا فعله لنتمكن من استخدام هذه الجامعة -بما تتسم به من سوابق، وماضٍ، ومجالات تاريخية، وتراث، وتجربة حسنة، وبما أدته من امتحان جيد في فترة الثورة، وما واجهته من مشاكل، وبوضع هذه الأمور جنباً إلى جنب- لبناء حضارة إسلامية حديثة؟ فإن هذا هو الهدف؛ الهدف إقامة حكومة إسلامية يكون بمقدورها تبديل المجتمع إلى ذلك المجتمع المنشود والمثالي في الإسلام. هذا ما نسعى لتحقيقه، حيث نريد أن يصبح بلدنا - في الدرجة الأولى، ولا نتكلم حالياً عن البلدان الأخرى والقضايا الدولية والعالمية - بلداً يبلغ تلك الأهداف الكبرى والخطوط المثالية التي رسمها الإسلام، وهي أهداف مطلوبة وجميلة لكل إنسان متفكر، ومعنى ذلك أنّ كل من يفكر في هذه المسألة ويتأمل ويفكر، يُسرّ ويشعر بمتعة حيال هذه الحالة المثالية التي يتسم بها المجتمع الإسلامي؛ المجتمع الذي يتحلى بالعلم والتقدم والعزة والعدالة والقدرة على مواجهة الأمواج العالمية والثروة، فإن مثل هذا المشهد هو الذي نُطلق عليه الحضارة الإسلامية الجديدة، وهذا ما نريد أن يصل  بلدنا إليه.

ولكن ما هو الدور الذي تستطيع الجامعة أداءه في هذا المضمار؟ وما الذي يجب عليها فعله؟ أولاً، يجب أن تؤدي الجامعة دورها في هذا المجال، وثانياً، السؤال هو: ما الذي يجب فعله؟ وما الذي ينبغي علينا القيام به للوصول إلى هذا الهدف؟ وليس هذا بالطبع موضوعي في هذا اليوم، لأنه ليس بالموضوع الذي يُمكن طرحه خلال جلسة ومحاضرة، وإنما يتطلب بحوثاً ودراسات علمية مفصلة، غير أني أردت تذكير الجامعة بالتفكير في هذه المسألة. فلا بد لكم باعتباركم رؤساء الجامعات ومسؤولي جهاز التعليم العالي في البلد أن تفكروا في ذلك، وأن تخططوا لكل أعمال وبرامج الجامعة على هذا الاساس، أن تحملوا المسؤولية على هذا الأساس. جامعة بهذه السوابق التي أشير إليها، وهذه الجذور التاريخية العميقة، وهذا الاختبار الكبير الذي أبدته خلال مرحلة الثورة، ما هو الدور الذي يمكنها أداؤه في بناء الحضارة الإسلامية الجديدة، وإيجاد مثل ذلك المجتمع ومثل ذلك البلد؟ هذا ما يجب عليكم أن تفكروا فيه وأن تضعوا كل مهامكم على أساسه.

لا يكفي مجرّد «إنّنا نريد تحقيقها»
سأكتفي هنا بطرح بعض الملاحظات. وبالطبع فإنّ ما يستنبطه المرء من التقارير التي قدّمها السادة، ولا سيما السيد الدكتور فرهادي [وزير العلوم]، هو أن كل طموحاتنا ومطالبنا، وكأنها قد تحققت في الجامعات، حسناً، هذا أمرٌ جيّد جداً، ويدل على وجود همة عالية، ولكن لا بد من النظر إلى النتائج. فقد اكتسبتُ بالتدريج تجربة في مسألة التقارير؛ ذلك أن التقارير ليست منحصرة ما يُعرض فيها عليّ أو على المدير العام ، بل ترافقها بعض الهوامش والجوانب التي تغيّر محتوى التقرير ومضمونه أحياناً!. فلو أردنا أن ندرك حقائق الأمور بشكل صحيح، علينا تحري القضايا بصورة ميدانية ومشاهدتها على أرض الواقع . فإنّ التقرير الذي رفعه السيد الدكتور فرهادي على سبيل المثال في مجال العلم والدراسة والبحث وحدائق التقنيات والمسائل الدينية والقيمية، لا بد وأن يكون مصحوباً بالنظرة الميدانية؛ فلينزلوا إلى الواقع،  وليروا كم من هذه الطموحات والتقارير قد تم تطبيقها على أرض الواقع، وهذا هو المهم. فقد تُرفع بعض التقارير التي يشك المرء في تحقق بعض ما ورد فيها من طموحات، وهذه نقطة هامة. وأغلب ملاحظاتي تدور حول هذه المسائل. فإن ما طرحه هو أو السيد الدكتور هاشمي، تعتبر من القضايا الضرورية التي يجب تحققها، ولكن لا يكفي مجرد «إننا نريد تحقيقها» أو «أمرنا بتطبيقها» أو «تفيد التقارير أنه تم تنفيذها». فلو علّق الإنسان آماله على مثل هذه التقارير، سيفتح عينيه فيما بعد، وإذا به يجد بوناً شاسعاً بين الواقع وبين ما كان يصبو إليه. ملاحظاتي تتعلق بهذه القضية.

وسوف أطرح هذه الملاحظات ضمن حقلين: الأول يتعلق بقضايا العلم، والثاني بالجوانب القيمية والأخلاقية، وفي الحقيقة ببناء الإنسان والطاقات الإنسانية التي تتّسم بأهمية بالغة. يوم أمس، قال لي أحد الأعزاء الحاضرين حالياً في هذا الاجتماع، وهو من ذوي الخبرة والاطلاع بأننا في عداد البلدان الأربعة أو الخمسة الأوائل بالنسبة لعدد الطاقات الإنسانية الجاهزة؛ أي إن البلدان التي يبلغ عدد سكانها ضعفين أو ثلاثة أضعاف سكان بلدنا، لا يوجد فيها هذا الكم [العددي] من الطاقات الإنسانية المتخرجة والمتعلمة المتخصصة بمقدار ما هو موجود في بلدنا، والذي قدّره بثلاثين مليون نسمة، وقد تتراوح الأعداد قليلاً في الزيادة والنقصان، وهذا غاية في الأهمية. فكيف نريد أن نسيّر ونوجه هذه الطاقات الإنسانية؟ التوجيه أمرٌ مهم. فلو كان العلم متوافراً ولكنه يسير في مسار واتجاه خاطئ، لآل الأمر إلى ما يشاهده المرء اليوم في العالم المتسم بالعلم والبحث والتقدم العلمي.

العلم أوجد الاستعمار!
ولكم أن تلاحظوا بأن الاستعمار يمثل تلك البلية الكبرى التي حلّت ببلدان منطقة آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وهو أمرٌ يثير الدهشة والذهول. ولكن ما هو الشيء الذي أوجد الاستعمار؟ العلم. فإن القوى الأوروبية قد حصلت على الأسلحة الآلية النارية مثلاً قبل البلدان الأخرى، وهذا ما أدى بدولة كإنجلترا - وهي جزيرة نائية - إلى أن تتمكن من فرض هيمنتها على بلد كبير كالهند. فاقرأوا كتاب «لمحات من تاريخ العالم» لمؤلفه "جواهر لال نهرو"3، لتعرفوا ماذا جرى على الهند. وليس هذا هو الكتاب الوحيد، بل أُلّفت في هذا المجال كتبٌ كثيرة. وكذلك الحال في بورما؛ ذلك البلد الذي اشتهر اليوم باسم ميانمار، فهو مركز الخيرات والثروات. ولكن كان الرجل الإنجليزي يأسر عشرات الأشخاص ببندقيته وسلاحه الشخصي ويجبرهم على أن يعملوا له من دون أن يجرؤ أحدهم على فعل شيء! كما ونهبوا من هذا البلد أشجار المطاط الكبيرة وأنواع الأخشاب الثمينة، وهذا ما هو مدوّن في الكتب التاريخية. ولقد أشرت بأن المجتمع المطالع للكتب عندنا قلّما يولي اهتمامه بالتاريخ المعاصر للأسف. فاقرأوا وانظروا ماذا جرى على الهند جرّاء الاستعمار؟ وماذا جرى على بورما؟ وماذا جرى على منطقة أفريقيا؟ وماذا جرى على أمريكا اللاتينية؟ وماذا جرى على الجزائر وتونس وأمثالهما من قِبَل الحكومة الفرنسية المتظاهرة بالصلاح والنظم والترتيب والأدب والأخلاق؟ وماذا فعل بها الاستعمار؟ وبالتالي ما هو الشيء الذي أوجد هذا الاستعمار؟ إنه العلم. فإن الاستعمار هو ثمرة العلم المنفصل عن الهداية والتوجيه الصالح، العلم الذي جرّع الملايين من الناس مرّ العلقم قتلاً وتشريداً وظلماً!. وهذه هي نتيجة العلم المجرد عن الهداية والمنطق الأخلاقي والمعنوي.

نحن بحاجة إلى إدارة  منظماتنا وأجهزتنا، وإدارة أنفسنا وهدايتها، والحذر من أن تتجه مسيرتنا العلمية بذلك الاتجاه، فإذا سار العلم في المسار الخاطئ، سيتبدل إلى قنبلة ذرية. والكرة الأرضية في الحال الحاضر تحمل هذه القابلية أن تتبدّد وتتلاشى عشرات المرات. أي إنّ الأمر الذي أشار الله سبحانه وتعالى إلى حدوثه في القرآن يوم القيامة، يمكن تحققه وتنفيذه بواسطة هذه القنابل الذرية المتوافرة في أمريكا وروسيا وبعض البلدان الأخرى. وهذا خطر كبير يهدّد البشرية والحضارة والإنسان والمادة والمعنى، وهذا كله بسبب العلم الذي قد يُفضي إلى هذه الأمور. ولذا يجب علينا أن نراقب جهازنا العلمي، وأن نعبّد مسيراً جديداً للعلم، وهو عبارة عن البناء الأخلاقي والمعنوي إلى جانب العلم. ومن هنا فإن ملاحظاتنا يختص جانب منها بالمسائل العلمية، ويتعلق الجانب الآخر بالقضايا الأخلاقية والبناء الأخلاقي والمعنوي للطاقات الإنسانية.

"العلم النافع"
أما المسائل العلمية فقد دوّنت هنا عدة نقاط طالما ذكرتها وكررتها فيما مضى، ولربما وردت في ثنايا كلمات السادة أيضاً، ولكني أؤكّد عليها، لشعوري بالحاجة إلى بيانها وضرورة تحققها.

 النقطة الأولى حول العلم النافع. فلنطلب العلم الضروري النافع، لا لحاضر البلاد فحسب، بل لما بعد عشرة أعوام وعشرين عاماً. إذ قد يتطلب الأمر أن نشرع من اليوم بالبحث والدراسة حول شيء سوف نحتاج إليه بعد عشرين عاماً. ولو تركنا البحث والدراسة في هذا اليوم ولم نعدّ أنفسنا من الآن، سوف نكون صفر اليدين في وقت الحاجة. فلا بد من تقدير المتطلبات وأن تؤخذ الاحتياجات الراهنة بنظر الاعتبار. ويجب أن يكون طلب العلم في الجامعات والمدارس وتعلّم العلم وتعليمه قائماً على أساس الفائدة منه والحاجة إليه.

تفيد التقارير التي تصلني في الوقت الحاضر بأن الكثير من هذه المقالات التي أشير إليها - وهي كثيرة - لا تعود بالنفع إلى البلاد، وهذا يعني أن كاتب المقالة قد أنجز بحثاً علمياً ولكنه لا يجدي للبلد نفعاً! أو أنه لا ينفع أي أحد أبداً! أو لا ينفع سوى تلك الشركة الأجنبية التي تطلب هذه المقالة بنحو من الأنحاء، ولعل كاتب المقالة أيضاً لا يعلم من هو الطالب لهذه المقالة! ولكن لا ثمرة من وراء ذلك. بل وحتى أطروحات الدكتوراه - كما تفيد التقارير، ولا أريد الاتكال على ذلك والبتّ به – حتى بنظرة متفائلة لا تنفع قضايا البلاد إلا بنسبة عشرة بالمئة!. والحال أن أطروحات الدكتوراه والرسائل الجامعية تعتبر ذخراً وكنزاً للبلد. فما الذي يجب تداوله في موضوعاتها ليكون نافعاً للبلاد؟ هذه هي القضية الأولى. وقد تم التأكيد في رواياتنا وأحاديث المعصومين أيضاً على "العلم النافع". هذا وإن عدداً من أساتذة الجامعات أنفسهم في هذه الجلسات الرمضانية - حيث تُعقد في كل عام جلسة مع السادة والسيدات من أساتذة الجامعات، فيجتمعون ويتحدثون فيها - قد حذّروا من أنّ بعض البحوث العلمية التي تُنجز في البلد غير مفيدة، وأنا بدوري قد نبّهت على هذه المسألة مراراً. إذاً فالنقطة الأولى هي ضرورة أن يلبّي العلم الحاجات الراهنة والمستقبلية، وعليكم بتقدير هذا المستقبل، وتقويم المتطلبات والاحتياجات.

اليورانيوم20% صفعة مذهلة!
و[النقطة الثانية]في قضية الطاقة النووية التي أصبحت مداراً للبحث والنقاش قبل عدة أعوام - حوالى ثلاثة أو أربعة أعوام - قال البعض بأننا نمتلك كل هذا النفط، وهذا ما قاله الأمريكيون أيضاً بأن إيران تمتلك هذا الكم الهائل من احتياطي النفط، فماذا تصنع بالطاقة النووية؟ فقلت بأننا اليوم لو أعرضنا عن إنتاج الطاقة النووية، سوف نضطر بعد اليوم إذا ما نفد نفطنا إلى استجداء الطاقة النووية من هذا وذاك.. هذه هي حقيقة الأمر، فإنهم إن كانوا يمتلكون شيئاً، ونحن نفتقده ونحتاج إليه، لألحقوا بنا في ذلك أذىً كبيراً. ألم تروا ماذا فعلوا في قضية اليورانيوم المخصّب بنسبة عشرين بالمئة؟ حيث كنا بحاجة إلى يورانيوم مخصّب بنسبة عشرين بالمئة لمفاعل طهران - تلك المحطة الصغيرة التي أُعدّت في طهران لإنتاج الأدوية النووية - وذلك لأن وقودها كان في طريقه إلى النفاد، وقالوا إنه سوف ينفد بعد عدة أشهر، فشمخ الغربيون بأنفهم، ووضعوا حقاً شروطاً مُذلّة. وأظن أن هذه القضية تعود إلى حوالي سنة 2010 أو 2011. علماً بأن الأمر قد انتهى لمصلحتنا، فإن شبابنا حينما شاهدوا مراوغة الغربيين وأذاهم في بيع الوقود المخصب بنسبة 20 بالمئة واستلام الثمن في قباله، بادروا بأنفسهم إلى إنتاجه، حيث بذلوا في ذلك جهوداً حثيثة ومضنية. والجهد الأكبر هو الوصول إلى هذه النسبة، ففي عملية التخصيب يعتبر تخصيب اليورانيوم إلى نسبة عشرين بالمئة طريقاً وعراً مرتفعاً، ومن 20 بالمئة إلى 99 بالمئة طريقاً معبَّداً. فمن توصّل إلى تخصيب اليوروانيوم بنسبة عشرين بالمئة، سيسهل عليه التخصيب بنسبة خمسين وثمانين وتسعين بالمئة، وهذا ما صدمهم وأذهلهم! حسناً، عميت أعينهم ولم يتحملوا رؤية هذا الإنجاز! ولكنهم هم المقصرون في ذلك، فلو كانوا قد باعوا لنا ذلك لما كنا نبادر إلى الإنتاج بأنفسنا.

لباعوه بالقوارير..!
أنا قلتُ بأن النفط المتوافر لدينا، لو كنا نفتقده ونحتاج إليه وكان بأيديهم، لكانوا يبيعونه لنا بالقنينة! نقطة نقطة! فيما نحن نبيعه بالبراميل وبالأطنان. ولو كنا بحاجة إليه، لباعوا لنا هذا النفط الأسود في القوارير.. هذا هو واقع الأمر. وفي ذلك اليوم الذي نحتاج فيه إلى الطاقة النووية لنفاد النفط أو بروز مشكلة فيه، كهبوط سعره مثلاً - وتشاهدون في الحال الحاضر كيف هبط سعره بكل سهولة - لدرجة لا تبقى قيمة لدفع كلفة إنتاجه، ماذا نصنع في هذه الحالة؟ سوف نُعرض عن النفط، وسوف نحتاج في مثل هذه الظروف إلى الطاقة النووية، ولكن من أين نأتي بها؟ ومن سيزوّدنا بها؟ هذا ما قد يحصل بعد خمسة أعوام أو عشرة أعوام أو خمسة عشر عاماً. وهو ما يجب عليكم أن تفكروا فيه من الآن، وأن تواصلوا تفكيركم في هذا المضمار، بمعنى أن تحددوا الاحتياجات للحاضر والمستقبل، وحينئذٍ يكون العلم علماً نافعاً ومفيداً لسدّ هذه الحاجات. هذه نقطة رأيت من الضروري طرحها عليكم.

التقدّم سريع.. ولكنّنا متأخرون!
والنقطة الثالثة هي قضية سرعة التقدم. فما تذكره المواقع من أن إيران تحتل المرتبة العالمية التاسعة عشرة أو السابعة عشرة في هذا المجال صحيح، حيث إننا نمضي قُدماً في المسيرة العلمية، وهذا من دواعي فخرنا واعتزازنا، وكل من ينكر ذلك إنما ینغص أحوالنا بإنکاره. وأقول هنا بين قوسين بأن بعض الاساتذة والمديرين الجامعيين وللأسف خلال كلماتهم في الجامعات وأمام الطلبة الجامعيين يكذّبون حالات التقدم العلمية في إيران! ولكن أيّ شيء تكذّبونه؟ فإن مراكز الأبحاث في الكيان الصهيوني تُعرب عن قلقها حيال التقدم العلمي في إيران، وهذا ما نُشر في العالم، وهو ليس قولنا، بل قول من تثقون به وهو الكيان الصهيوني، فثقوا بكلامه على أقل تقدير. ومع ذلك يقولون بأن ما يتحدثون عنه من حالات التقدم غير صحيح! كلا.. التقدم العلمي موجود لا محالة، وهو يسير بسرعة مطلوبة، ولكننا رغم هذا التقدم متأخرون! وهذا ما لا ينبغي أن نتغافل عنه، فإننا متأخرون كثيراً، وقد فرضوا علينا التخلف لسنوات طوال.

فإن أمريكا على سبيل المثال شرعت بإنتاج التقنيات الحديثة منذ حوالي 130 أو 140 عاماً، وذلك بعد انتهاء الحروب الداخلية فيها التي استمرت ما بين فترة 1860 و64 أو 65، حيث كانت قبل ذلك تستورد من أوروبا، واتّكلت بعدها على نفسها وبدأت بإنتاج التقنيات الحديثة. ومن هنا فإنهم يتقدمون علينا قرابة 140 عاماً! وهذا هو حال العلم أيضاً، فإذا قطع الإنسان في هذا المسير خطوة واحدة إلى الأمام، سيقطع الخطوة الثانية بسرعة مضاعفة. ولطالما ضربت هذا الـمَثَل وهو أنك إن كنت تسير بمعية شخص آخر، واتفق أن حصل ذلك الشخص على دراجة هوائية، فإنه بطبيعة الحال سيتقدم عليك بأشواط، حتى يصل إلى سيارة تاركاً لك الدراجة، فتصل إلى الدراجة في الوقت الذي حصل صاحبك على سيارة، وسرعة السيارة أضعاف سرعة الدراجة. وهكذا يتقدم عليك وتتضاعف سرعته وتزداد المسافة فيما بينك وبينه يوماً بعد آخر. وهذه المسافة موجودة في الحال الحاضر. فلا بد لنا أن نولي اهتماماً بالغاً بسرعة التقدم، إذ إن الذي بهر أعين العالم هو مسيرتنا العلمية المتسارعة، حيث قالوا بأن سرعة التقدم العلمي في الجمهورية الإسلامية تزيد عن معدل سرعة النموّ العالمي ثلاثة عشر ضعفاً! وهو صحيح، والكلام يعود إلى ما قبل ثلاثة أو أربعة أعوام، ولا أعلم كم بلغت هذه النسبة في الوقت الراهن. وهذا كلام لم يصدر من قِبَلنا، وإنما صرّحت به تلك المواقع الدولية. فلا بد إذاً من الحفاظ على هذه السرعة، ولو تباطأت هذه الوتيرة العلمية المتسارعة، سيكون المصير مجهولاً أمامنا، وسنتراجع إلى الوراء. ومن هنا فإن سرعة التقدم تتسم بالأهمية.

والنقطة الرابعة هي قضية البحث العلمي التي تقع على جانب كبير من الأهمية. فإن عندنا معاهد جيدة وذات مستوى عال، غير أن الجامعات بذاتها لا بد وأن تقوم على أساس محورية البحث العلمي، وأن تنطلق منها المعاهد ومراكز الأبحاث، وأن تكون هي المحور في البحوث العلمية. ولا يتنافى ذلك مع وجود المعاهد ومراكز الأبحاث في خارج الجامعات، ولكن يجب أن تتمحور الجامعات بمحورية البحث العلمي. وهذه نقطة أيضاً.

والنقطة الخامسة، هي مسألة الخارطة العلمية الشاملة. فإنه بالتالي قد تم التصويت عليها وإبلاغها وتنفيذها بعد اجتياز طرق طويلة وصعود وهبوط، ولكن يجب تنفيذ هذه الخارطة في المفاصل الهامة. وهي من الأمور التي لا يمكنكم تحديد نسبة تنفيذها إلا بالنزول إلى الساحة والبحث الميداني. ما هي الفروع الدراسية التي تحتل الأولوية؟ كم من طلاب الجامعات لا بد وأن يلتحقوا بالفروع ذات الأولوية، وكم منهم من يجب أن ينضم إلى الفروع التي لا تتسم بالأولوية؟ هذا ما ينبغي أن تتصدى لتحديده الخارطة العلمية الشاملة، كما وعليها أن ترى أي الفروع الدراسية وفي أيّ المناطق من البلاد يجب الاهتمام بها على أساس الحاجة؟ وهذا ما يتطلب تخطيطاً محلياً شاملاً لوزارة العلوم، حيث يجب على هذه الوزارة أن تتوافر على  هذا التخطيط لتعلم أنه في أي منطقة تحتاج الجامعة إلى أيّ شيء. وقد تحدّث السادة الأعزاء والوزراء المحترمون الذين رفعوا التقارير عن تقسيم الجامعات على أساس المهام والمسؤوليات، وهي فكرة جيدة، وأنا أؤكد على تنفيذها، بيد أن هذه العملية تحتاج إلى جملة من التمهيدات. فكيف يمكن التصدي لهذه العملية في المدينة الفلانية النائية أو القريبة، أو في مركز المحافظة الفلانية؟ هذا ما يجب تحديد تفاصيله بواسطة الخارطة العلمية.

والنقطة السادسة التي أحببت أن أطرحها عليكم هي نوعية التعليم العالي. فقد حققنا تقدماً مطلوباً في الجانب الكمي، ولكننا نعاني من ضعف في الجانب النوعي، ولا بد من تحديد المؤشرات لذلك. وهناك بالطبع مؤشرات عالمية، ولكن ليس بالضرورة أن تتطابق مع حاجاتنا، فإن بعض مؤشراتهم جيدة، والبعض الآخر لا يتطابق مع حاجة البلد وواقعه. فعلى المسؤولين في وزارة العلوم أن يحدّدوا معالم ومؤشرات التقدم في الجانب النوعي.

والنقطة السابعة التي سأتناولها اضطراراً باختصار واقتضاب، هي قضية فرص العمل لخريجي جامعاتنا. فإن واحدة من سبل توفير فرص العمل لهم هي الارتباط بين الصناعة والجامعة. فلا بد من إيجاد الترابط بينهما، وهو عملٌ ناجع للقطاع الصناعي، وللجامعات وإدارتها، وللطالب الجامعي كذلك. وما زالت هذه الحركة لم تنطلق في البلاد. فإنني على معرفة بالأعمال التي تم إنجازها، وقد أشار السيد الدكتور فرهادي إلى جملة منها. ففي القطاع الدفاعي الذي تربطني به صلة مباشرة على سبيل المثال، هناك تعاون جيد جداً في القضايا الدفاعية مع الجامعات المختلفة، حيث أُبرمت الاتفاقيات، وتم إنجاز أعمال جيدة، ولكنها غير كافية. ولقد سمعت, من دون أن أرى, بأن جلسات مناقشة الأطروحات الجامعية التي تعقد في البلدان المتقدمة، يشارك فيها أصحاب الصناعات للاستماع إلى دفاع الطالب، ثم يتفقون معه في نفس تلك الجلسة؛ أي إنهم يستقطبون الطالب الجامعي المتخرج المستعد للعمل بهذه الطريقة. فعلى القطاع الصناعي لدينا أن يهتمّ بهذا الجانب. وهذا ما يتطلب همة السادة الوزراء في الحكومة ونشاطهم لإبداء التعاون مع مسؤولي الصناعات في القطاع الخاص والحكومي، ولا بد أن يتم هذا التعاون بين الجامعة والصناعة بصورة حقيقية شاملة وبكل ما للكلمة من معنى. ولا يختص ذلك بالصناعة، بل إن مختلف القطاعات الإدارية الخاصة والحكومية بحاجة إلى البحوث الجامعية. فيجب التصدي لهذه العملية في كل مكان. وهذه نقطة بدورها.

والنقطة الثامنة حول أداء الدور في الاقتصاد المقاوم الذي يستند إلى الاقتصاد المرتكز على المعرفة. علماً بأننا تحدثنا كثيراً في هذا الجانب، وأدلى الأعزاء ببعض آرائهم، وتكلم الآخرون أيضاً، ولكن لم يتحقق حتى الآن ما كان يجب أن يتحقق على أرض الواقع. وأقولها منذ أيامٍ قلائلٍ وصلني للتو تقرير المسؤولين الحكوميين بشأن البرامج التنفيذية للاقتصاد المقاوم! منذ أيام ! وهذا يدل على أنه ما زالت هناك مسافة بيننا وبين ما يجب تطبيقه من الاقتصاد المقاوم على أرض الواقع. فعليكم في الجامعة أن تؤدوا دوركم في هذا المضمار؛ أي أن تحددوا حقاً هذا الدور، وتعملوا به بكل معنى الكلمة.

هذا ما يرتبط بالمسائل العلمية. علماً بأن هناك مسائل مختلفة أخرى. وقد أشرت إلى هذه الأمور مراراً، وأنتم على اطلاع بها، ولكن في الإعادة إفادة.

حقيقة العمل الثقافي الجامعي؛
1- تربية الشاب المؤمن الثوريّ
والحقل الثاني، يتعلق بالعمل الثقافي في الجامعات. فلقد خلط البعض واشتبه بين العمل الثقافي في داخل الجامعات وبين إقامة الحفلات الموسيقية والمخيمات المختلطة، زعماً منهم بأنهم يمارسون عملاً ثقافياً، ويتمسكون في ذلك بذريعة أن الطالب الجامعي يجب أن يشعر بالسرور والحيوية! والحيوية مطلوبة في كل مكان، ولكن كيف؟ وبأي ثمن؟ وما الذي جناه الغربيون من الاختلاط بين الشباب والفتيات حتى نجنيه نحن أيضاً؟ ذات يومٍ كانوا يقولون لنا ليس ثمة حجاب في أوروبا - حيث كانوا يطرحون أوروبا آنذاك - والرجال والنساء يعيشون فيها حياة مختلطة، وبطبيعة الحال فإن الأهواء والميول الجنسية هناك غير منفلتة. ولكم أن تلاحظوا اليوم هل هي حقاً كذلك؟ وهل الأهواء غير منفلتة أم أنها في جموح وانفلات؟ فكم من الجرائم الجنسية تُرتَكبُ اليوم في أمريكا وأوروبا، بل وراحوا لا يكتفون بالجنس المخالف حتى! وستسير الأوضاع إلى الأسوأ. بيد أن الإسلام قد عرف [ماهية] الإنسان حيث أمره بالحجاب وعدم الاختلاط بين الرجل والمرأة، وعرفنا أنا وأنتم؛ ذلك أن الإنسان بيد الله، وهو خالقه. فماذا تعني المخيمات المختلطة والرحلات المختلطة إلى الجبال وأحياناً إلى خارج البلاد؟! كلا، العمل الثقافي له حقيقة أخرى، ومفهوم آخر. فليعرف المسؤولون الثقافيون في الجامعات هذا وليفهموا ماذا يفعلون.

يجب أن يتم العمل الثقافي في الجامعات بالشكل الذي يربي إنساناً مؤمناً متخلقاً بالأخلاق الثورية الحميدة؛ هذا ما يجب أن ينتجه العمل الثقافي، وهو بالتحديد: بناء شباب ثوري. فقد ثار هذا البلد، ولا بد من الالتزام بهذه الثورة، وإدراج أسسها ومبادئها في صلب حياتنا ومتنها، حتى نستطيع المضي قُدماً.

2- تربية الانسان المعتقد بالأهداف؛ البصير
وكذلك يربي العمل الثقافي إنساناً معتقداً بالأهداف والـمُثُل، ومحباً للبلد والنظام حقاً، ومتحلياً بالبصيرة والرؤية الدينية والسياسية العميقة. فينبغي للشاب أن يحمل نظرة دينية وسياسية معمقة، لئلا تزل قدماه عند مواجهة أدنى شبهة صغيرة، وأن لا يُخطئ في القضايا السياسية. فإن الكثير من الناس قد زلّت أقدامهم في أحداث الفتنة التي اندلعت عام 2009، ولم يكونوا من الاشخاص الأشرار او السيئين ولكنهم انزلقوا لضعف البصيرة. فإنك لو رأيت رجلاً يهتف قائلاً: «الانتخابات ذريعة، والهدف الأساس هو النظام»، ما الذي يجب عليك فعله؟ إنك أنت المؤمن بالنظام، والمستعد لأن تضحي بنفسك في سبيله ومن أجل الحفاظ عليه، إذا ما شاهدت عدداً يرفعون هذا الشعار، ماذا يجب عليك أن تفعل؟ هذا هو فقدان البصيرة، وعدم الالتفات إلى التكليف في اللحظة المناسبة.

3- تربية الانسان الواثق بنفسه
ويجب أن يربي [العمل الثقافي] إنساناً واثقاً بنفسه، مندفعاً، مفعماً بالأمل. وصحيح ما قالوا بأن اليأس أكبر الأضرار. فلا ينبغي أن يستولي عليه اليأس والقنوط، بل لا بد أن يكون متفائلاً بالمستقبل. وهذا من مواطن التفاؤل والأمل، وليس من مواطن اليأس، وذلك لتوافر كمّ كبير من الطاقات والإمكانيات! ولقد قلت لأعضاء مجلس الوزراء في اجتماعي معهم قبل نحو شهرين - وصدّق السادة قولي بأجمعهم - بأن ما يقال من أن نسبة النموّ في البلد الأوروبي الفلاني مثلاً تبلغ واحداً أو واحداً ونصف الواحد بالمئة، وهو ليس بالأمر الغريب، في حين نتوقع أن ترتفع نسبة النموّ في بلدنا إلى 8 أو 9 بالمئة، فذلك لأنهم استثمروا إمكانياتهم كافة، وملأوا الفراغات واستنفدوها، بيد أن إمكانياتنا ما زالت غير مستثمرة، وبالإمكان أن تبلغ نسبة النمو عندنا 10 بالمئة. فلا بد من ملء هذه الفراغات واستثمار هذه الطاقات. أفلا يعتبر البلد الذي يتمتع بكل هذه الإمكانيات من مواطن الأمل؟

4- يربي انسانا ذا وعي وفهم صحيح
وأن يربي إنساناً يملك فهمًا صحيحًا ودقيقًا تجاه أوضاع البلد، ويدرك أيّ وضع تواجهه البلاد. فإنّ الدنيا بأسرها - أعداءنا بطريقة وأصدقاءنا بطريقة أخرى - تقول إنّ الجمهورية الإسلامية في إيران بلدٌ مقتدر، وإذا بالبعض في الداخل يرتقي المنبر، ويقول نحن لسنا على شيء ولا وزن لنا ونعيش في عزلة! وهذا هو احتقار الذات، فإنّه إنْ يحتقر نفسه، لماذا يحتقر الشعب؟ ولماذا يحتقر نظام الجمهورية الإسلامية والبلد؟ واحتقار الذات هذا ظاهرة خطيرة جداً. وهو الشعور بالحقارة والدونية، حيث تقول الدنيا بأجمعها إن إيران بلد عزيز مقتدر، وتعرب عن قلقها واستيائها إزاء نفوذ إيران في كل مكان، وإذا بالبعض في الداخل وفي الصحيفة أو المحاضرة في الجامعة الفلانية يقول لطلاب الجامعات بأننا لسنا على شيء ولا وزن لنا.

5- تربية الانسان المؤمن بالاستقلال الفكري والسياسي
على العمل الثقافي في الجامعات أن يربي إنساناً مؤمناً بالاستقلال الفكري والسياسي والثقافي والاقتصادي. فإن الشاب الذي يتربى، لا بد وأن يكون في العمل الثقافي مؤمناً باستقلال بلده بكل ما للكلمة من معنى، ومعتقداً بأسس الثورة والنظام، ومؤمناً بالثقافة الإسلامية، وأن يكون متفائلاً، ومتسماً بالنشاط والحيوية. هذا هو العمل الثقافي، وهو ليس بالأمر الهيّن، وإنما يتسم ببالغ الصعوبة، ويحتاج إلى تخطيط وبرمجة.

علماً بأن الأخبار التي تصلني عن بعض الجامعات لا تدل على ذلك. فافعلوا ما من شأنه أن يكون الشاب المؤمن الثوري المتسم بالحيوية والنشاط والاندفاع وصاحب النفس الأبيّة والمتدين هو الذي يمسك بزمام الأمور. وهذه هي واحدة من أكبر مهامكم. فاعملوا على أن تكون للمجموعات المؤمنة والمفعمة بالإيمان بالثورة والإسلام الكلمة العليا، وأن تكون الأجواء الغالبة تحت إشرافهم. وهذه هي واحدة من واجباتكم.
 
الجامعة والجامعي عرضة لأكبر المؤامرات
والتفتوا أيها الإخوة والأخوات والجامعيون الأعزاء إلى أني أحب الجامعة وأؤمن بها منذ البدايات، وأكنّ لها بالغ الودّ والمحبة. واعلموا أن الجامعة والطالب الجامعي قد أصبحا اليوم عرضة لأكبر المؤامرات، فأن تكون لنا جامعات يتّسم الطالب والأستاذ فيها بروح ثورية وروح هجومية في النزول إلى الساحة، واختراق الخطوط الحمراء التي رسمها الأعداء لها ، وحثّ الخطى نحو الأمام، وتسيير عجلة البلد، ورفع راية العلم، وتفعيل الشعارات الثورية، هذا ما يُرعب الأعداء، وهم يخطّطون ويبذلون الأموال للحؤول دون تحقق ذلك. إنّ الأعداء يعبّدون الطريق لفرض الهيمنة في المستقبل، فذلك النمط من الاستعمار القديم بات اليوم غير عمليّ وغير مجد؛ وكذلك ما كانوا يعبّرون عنه بـ«الاستعمار الحديث» هو آيل الى الزوال والانقراض أيضاً. وإن الأمر الذي هو بالنسبة لهم ضروري ويسعون إليه هو أن تصبح الأفكار والآراء في نفوس العناصر النشطة والواعية والنخبة في البلد على النحو الذي يحقق أهدافهم ، وهذا ما باتوا يوظفون إمكانياتهم وينفقون أموالهم في سبيل تحقيقه. فلا بد من التنبّه لهذه الهواجس.

ولحسن الحظ فإن لدينا اليوم الآلاف من الأساتذة القيمين الصالحين المؤمنين الثوريين الموالين، كما كانوا في الفترات الماضية أيضاً، وفي فترة الدفاع المقدس كذلك، ولكن تضاعف اليوم عددهم أضعافا والحمد لله، فلا بد من معرفة قدرهم. سائلين الله سبحانه وتعالى أن يمن علينا وعليكم بالتوفيق لإنجاز مثل هذه الأعمال.2015-11-18